icon
التغطية الحية

الشمال السوري.. ارتفاع أسعار السلع الأساسية يضيق الخناق على الأهالي

2022.03.25 | 06:46 دمشق

adlb7.jpg
سوق في مدينة إدلب شمالي سوريا ـ رويترز
تلفزيون سوريا ـ حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

شهد ريفا حلب الشمالي والشرقي، ارتفاعاً متفاوتاً بأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية التي تعتمد عليها الأسر السورية في تحقيق أمنها الغذائي، متأثرةً باستمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، وانخفاض الواردات من المعابر الحدودية، وعمليات التهريب والاحتكار التجاري في المنطقة، رغم انعدام مقومات الاكتفاء المعيشي الذي يعاني منه أكثر من ثلثي سكان المنطقة.

وتشكل موجة ارتفاع أسعار السلع الأساسية تحديات معيشية مضاعفة تلقي ظلالها على قاطني ريفي حلب الشمالي والشرقي، مع انعدام مصادر الدخل وانخفاض الأجور في القطاعين العام والخاص ما جعل إمكانية التعافي من هذه الأزمات أمرا غير وارد في ظل تكرارها واشتداد وقعها على السكان.

الأجور لا تكفي القوت اليومي

لم يكن أبو محمود يحتار في اختيار طبخة بيته اليومية كون خياره يقع في معظم الأحيان على البطاطا الموجودة بوفرة في معظم منازل السوريين، والتي تطهى ضمن وجبات طعام متنوعة، لكن بعد الآن لم يعد ذلك الخيار موجوداً بعدما ارتفع سعر الكيلوغرام من البطاطا إلى 8 ليرات تركية، وليتر الزيت النباتي إلى 50 ليرة تركية، حيث وجد نفسه أمام تحد إضافي جديد يحتم عليه البقاء ضمن خيارات معدودة لإطعام أسرته.

يقيم أبو محمود في مدينة مارع، ويعمل الرجل بنّاءً، قال خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "إن اختيار طبخة اليوم تشكل حالة معظم الأهالي هنا، ونحن أمام خيارات معدودة أقل كلفة لها تصل إلى 100 ليرة تركية، لكن ما في جيبي لا يكفي لتغطية الكلفة فأنا أعمل بشكل يومي مقابل أجر مالي يتراوح بين 50 و60 ليرة تركية".

وأضاف أنه "لم تعد لديه القدرة على توفير احتياجات أسرته فضيق الأحوال المادية وصل إلى مستويات عالية، ولا يمكن أن يغطي عامل واحد نفقة أسرة كونها تحتاج إلى عمل أكثر من شخص في مهن متعددة لتوفير احتياجاتها المعيشية بشكل متوسط وما يبقيها على قيد الحياة".

وتأثر أصحاب الدخل المحدود بتداعيات ارتفاع أسعار السلع الغذائية ما دفعهم إلى العزوف عن شرائها كونها ذات تكاليف عالية، بينما يلجأ البعض إلى شراء حاجته منها بكميات محدودة وحبات معدودة على غير عادة السوريين في شراء حاجيات أسرهم.

ارتفاع أسعار المواد الغذائية

ارتفعت أسعار المواد الغذائية، بشكل ملحوظ خلال الأيام القليلة الماضية، ما تسبب في موجة استياء حادة من الأهالي الذين يكابدون ظروف معيشية صعبة للغاية.

عبد الرحيم عبد الجليل، صاحب مركز لبيع المواد الغذائية في ريف حلب، قال لـموقع تلفزيون سوريا " يعتبر الزيت النباتي والسمنة والسكر من أبرز الأنواع التي ارتفعت أسعارها كونها تدخل من المعابر الحدودية مع تركيا، التي خفضت نسبة التصدير إلى المنطقة، وتهريب جزء كبير منها إلى مناطق سيطرة قسد والنظام".

وأضاف: "أن الكميات المتوافرة في الأسواق غير كافية علماً أن العديد من الأهالي عزفوا عن الشراء منها كون سعرها ارتفع بشكل كبير وباتت مسألة توفير السمنة والزيت في المنزل ليست سهلة، ويوضح الجدول التالي، تسعيرة المواد الأساسية، حيث يساوي الدولار هنا 14.80 ليرة تركية.

الأسعار 1.PNG

ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة

كما شهدت الخضراوات والفاكهة ارتفاعاً نسبياً بأسعارها خلال الأيام القليلة الماضية، لأسباب متعددة ما تسبب بانخفاض حركة الشراء من قبل الأهالي، وقال علي الخطيب بائع خضراوات خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "إن معظم الخضراوات والفاكهة ارتفع سعر الكيلوغرام منها بين 1 و 2 ليرة تركية عن سعرها السابق، ما تسبب في انخفاض عدد الزبائن واقتصار حركة البيع على بعض الأنواع الضرورية من الفاكهة والخضراوات، حيث يلجأ البعض إلى شرائها بعدد الحبات".

وأضاف: "يكمن السبب وراء ارتفاعها نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات وأجور النقل، إضافة إلى تصديرها نحو مناطق سيطرة قسد ومناطق سيطرة النظام ما جعل الكميات الموجودة منها في الأسواق قليلة بعدما ازداد الطلب عليها في أسواق خارج المنطقة".

الأسعار 2.PNG

ارتفاع أسعار المحروقات

بالتزامن مع ارتفاع السلع الغذائية الأساسية شهدت أسواق المحروقات ارتفاعاً مماثلاً وكانت سبباً أيضاً في ارتفاع عدد من السلع، لا سيما المحروقات المستوردة من البنزين والمازوت، والتي سجلت ارتفاعاً ملحوظاً عن المحروقات المكررة محلياً. ويوضح الجدول التالي تسعيرة المحروقات في ريفي حلب الشمالي والشرقي.

الأسعار 3.PNG

ما أسباب ارتفاع الأسعار شمالي سوريا؟

يضع معظم الباعة الذين التقى بهم موقع تلفزيون سوريا، أسباباً متعددة لارتفاع السلع الغذائية الأساسية، أبرزها تأثر المنطقة بالسوق العالمية ومجريات الحرب الروسية على أوكرانيا ما دفع عدد من الدول إلى تخفيض نسبة الصادرات من المواد الأساسية كالسكر والزيت والسمنة والحبوب والبقوليات، نتيجة توقف وصولها من أوكرانيا.

وأصدرت مديرية الجمارك العامة التابعة لوزارة التجارة التركية، قبل أيام، قراراً يقضي بمنع تصدير عدد من السلع والمنتجات خارج تركيا، ونشر موقع تلفزيون سوريا تقريراً يوضح فيه أنواع التي يمنع تصديرها إلى خارج الأراضي التركية، ما يرجح أن تأثيرها تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في ريف حلب، حيث سيضطر التجار إلى استيرادها من دول أخرى ونقلها ترانزيت عبر الأراضي التركية ما سيؤدي إلى رفع تسعيرتها نتيجة أجور النقل.

من جانبه وزير المالية والاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري، قال خلال حديثه لـموقع تلفزيون سوريا: "لا تمنع الحكومة السورية دخول أي نوع من أنواع السلع لا سيما السلع الأساسية، وتشجع التجار على استيرادها من الداخل التركي إلى الأراضي السورية للحفاظ على حاجة المنطقة من السلع الأساسية، كما حاولت منع توريد المواد الأساسية إلى خارج المنطقة كون المنطقة أولى في الحصول على المواد".

وأضاف: "أوصت الحكومة في وقت سابق منع تصدير المواد الأساسية إلى خارج المنطقة وضرورة الحفاظ عليها في الشمال السوري، كما أن دوائر التموين تعمل على منع الاحتكار ومراقبة الأسعار والسماح بدخول معظم المواد الأساسية لخلق نوع من أنواع التنافس ما يسهم في انخفاض أسعار المنتجات".

وفي وقت سابق نشر موقع تلفزيون سوريا تقريراً يتحدث عن خروج كميات كبيرة من المواد الأساسية نحو مناطق سيطرة قسد عبر المعابر الفاصلة بين منطقة منبج والباب بريف حلب الشرقي، إلى جانب احتكار التجار لعدد من أنواع السلع لبيعها بأسعار مرتفعة.

ورجح المصري أن الأسباب التي تسببت في رفع أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية: "ارتفاع سعر البترول عالمياً، وارتفاع أجور الشحن البحري، إضافة إلى الحرب الروسية على أوكرانيا لأن معظم الدول تعتمد على استيراد السلع الأساسية منها، الاحتكار في الأسواق وتصدير عدد من أنواع السلع الأساسية إلى خارج المنطقة".

وأضاف: "هذا العام شهد تضخما عالميا في الغذاء، ووصل إلى مستويات عالية، ومن الطبيعي أن يكون وقع تأثيره على الشمال السوري كبير كون المنطقة تعتمد على استيراد معظم السلع الأساسية من الأسواق العالمية، وتعاني أصلاً من انخفاض مستوى الدخل المعيشي وانعدام فرص العمل، في ظل تردي معيشي متواصل".

ورغم توافر مختلف أنواع السلع الأساسية وغير الأساسية في أسواق الشمال السوري إلا أن القدرة الشرائية لدى الأهالي ضعيفة جداً وهذا ما أوضحه التجار وأصحاب المتاجر الغذائية، كون معظم الأهالي يعيشون في ظروف اقتصادية متردية نتيجة انخفاض الأجور وانعدام فرص العمل وعدم مقدرتهم على الشراء النقدي واعتمادهم على الديون الشهرية التي تفرض شراء كميات محدودة من المواد الأساسية، بما يتناسب مع الدخل المعيشي العام.