icon
التغطية الحية

الذهب قرش السوريين الأبيض من يقتنيه في سوريا؟

2022.06.23 | 11:15 دمشق

dhhb.jpg
يبيع السوريون ما يملكون من ذهب حتى وصلت حال بعضهم إلى بيع محابس الزواج ـ إنترنت
دمشق ـ علي أحمد
+A
حجم الخط
-A

الذهب هو "القرش الأبيض" لمن يملكه من السوريين هذه الأيام، فلم تعد الحلي والأساور تلبس للزينة إلا لدى طبقة اجتماعية صغيرة محسوبة على كبار التجار ورجال الأعمال وأيضا أمراء الحرب، في حين درجت لدى السوريين إعارة "أطقم الذهب" أو استئجارها من أجل ارتدائها في المناسبات مثل الخطوبة والزواج.

من يقتني الذهب في سوريا؟

اعتاد الصاغة والعاملون في مجال الذهب على بيع الذهب وشرائه من الناس كعملية تداول مستمرة، وبتغير الأحوال في سوريا اختلفت التعاملات التجارية. فبحسب مفيد صاحب محل صياغة، فإن العاملين في الجمارك أو نساء الضباط بالإضافة إلى التجار هم الأشخاص الأكثر توافداً لمحال الذهب وأكثر من يقتني ذهباً هذه الأيام. في حين برزت شخصيات جديدة في سوق الذهب كنساء عناصر الأمن والشبيحة الجدد ومن ظهروا كأصحاب رؤوس أموال خلال سنوات الحرب.

وينحصر بيع الذهب اليوم بأصحاب الدخل المحدود ممن يضطرون إلى بيع ما يملكونه من ذهب ليستطيعوا تدبر أمور حياتهم. يلاحظ مفيد غياباً لطبقة من الناس اعتادت أن تشتري قطعاً خفيفة كخواتم أو أساور أو أحلاق صغيرة، ولكنهم اليوم يبيعون ما يملكون من ذهب حتى وصلت بهم الحال إلى بيع محابس الزواج ما يعتبر محزناً أن يصل بهم الأمر لبيع رمز حبهم.

حالات البيع لا تنحصر ببيع المحابس لتأمين العيش، فهنالك أشخاص يبيعون ذهب نسائهم أو ما يدخرونه من ليرات ذهبية لشراء سيارة أو منزل أو إتمام صفقة لحاجة إلى سيولة مادية، كما فعل مازن وهو رجل أربعيني، باع كل ما تملك زوجته من ذهب ليكمل المبلغ الذي ينقصه لشراء سيارة. بالنسبة لمازن وزوجته ادخروا نقودهم سابقاً واشتروا ذهباً، وكانوا كلما وفروا مبلغاً من النقود يشترون به قطعة من الذهب، واليوم احتاجوا إلى هذه النقود فباعوا كل الذهب. يقول لموقع تلفزيون سوريا: "أغلبنا من ذوي الدخل المتوسط قمنا بشراء الذهب عندما كان سعره أقل من اليوم بكثير، أي قبل الحرب، وكل رفاقي باعوا ذهب نسوتهم ليسافر أولادهم خارج سوريا أو لشراء منزل أو تجهيز مشروع بعد التقاعد".

أما بالنسبة لشراء الذهب فينحصر بين فئتين، فئة ميسورة الحال تشتري الذهب المشغول بحرفية والذي يخسر بحسب مفيد مبلغاً عند البيع نتيجة لصياغته، ولا يهتمون بارتفاع او انخفاض سعر الذهب وكل فترة يقصدون محال الذهب لاستبدال قطع الذهب خاصتهم أو يقتنون قطعاً جديدة. أما الفئة الأخرى التي يصادفها مفيد في محله فهم من يريد توفير نقوده وادخارها باعتبار الذهب ملاذا آمنا لا يتأثر كما الدولار وتبقى قيمة النقود محفوظة، فهؤلاء يقتنون ليرات ذهبية أو أونصات فوصل سعر الليرة أخيراً لما يفوق المليون وثلاثمئة ألف للواحدة، وهذه القطع بحسب مفيد لا تخسر صياغة وتحافظ على سعرها إلى حد ما.

يضيف مفيد أنه وبحكم عمله وزبائنه الذين لم يتركوه فما زال في بعض الأوقات يبيع ذهباً بالتقسيط وعلى دفعات ولكن لأناس محددين فقط.

الصاغة مرهقون.. غش وسرقة

يعتبر مفيد ورفاقه من الصاغة أن حياتهم صعبة، خصوصاً مع خوفهم الدائم من السرقة وضياع حصيلة عمرهم. فرغم أنهم يحصنون محالهم بكاميرات مراقبة داخل وخارج المحل ونظم إقفال حديثة وأجهزة إنذار، ويتركون أشخاصا تحمي محالهم في وقت العمل كمراقبة المحل من الخارج أو وجود عدة أشخاص في المحل لمنع حدوث أي عملية سرقة للذهب، ولكن كل هذا لا يكفي، فكثيراً ما تحدث عمليات سطو مسلح لمحال ذهب في قلب دمشق أو اللاذقية، وعند حدوث عملية سرقة سيضطر الصائغ إلى دفع رشاً كثيرة للشرطة والأمن، فضلاً عن أنه في حال القبض على السارق لن يحصل الصائغ على كل قطعه المسروقة نتيجة لتعفيشها من قبل شرطي أو ضابط أو بيعها من قبل السارق.

مفيد يتحسر على تغير حرفة صناعة الذهب في سوريا ولكنه يجد أنها ما زالت محافظة على نوعيتها، ولكن هنالك حالات في الآونة الأخيرة يتم فيها محاولة الغش بمعدن الذهب، وخاصة في أونصات الذهب، فكثيراً ما يجد الصاغة أونصات ليست ذهباً، أي تكون معدناً مطلياً بالذهب أو يدخل في ترطيبها نسبة معدن آخر غير الذهب، وخاصة بعد الحرب فبحكم سعرها المرتفع الذي يزيد على خمسة ملايين ليرة فهي مكسب لمن يحترف الغش بهذه القصص.

معظم الصاغة لا يشترون اليوم قطع ذهب أو يستبدلون قطعاً من دون فاتورة شراء، فكثيراً ما حصلت في سنين الحرب حالات سرقة ذهب ودخل بسببها أصحاب محال ذهب السجن نتيجة شرائهم ذهباً مسروقا من دون علمهم. ومن جديد تم الاشتراط على محال الذهب إعطاء فاتورة بمواصفات القطعة المباعة وسعرها للشاري.

 الذهب في سوريا بات أكثر من رفاهية!

رنا، فتاة تزوجت منذ شهرين بعد تأجيلها وخطيبها الزواج لعدة سنوات، اضطرت أن تتزوج من دون أن تلبس محبسا في إصبعها، فسعر المحبس اليوم لا يقل عن سبعمئة ألف ليرة سورية، وما يعتبر مبلغاً كبيراً بالنسبة لوضع زوجها المادي. "اضطررت أن أتخلى عن الذهب، حتى المحبس الذي يمثل رابط الزوجية لم ألبسه، بالنهاية اكتشفت أن هذه القصص شكليات لن تقدم أو تؤخر".

الموضوع نفسه أخبرنا به مفيد عن تغير كميات الذهب التي يشتريها المتزوجون عما قبل، فسابقاً اعتاد أن يشتري الخاطبون عدة أساور ومحبس وحلق أو طقم ذهب كامل، أما اليوم فلا يشتري الشاب لخطيبته وزوجته أكثر من محبس في أغلب الأحيان. وحتى الكمية التي تباع حالياً أقل بكثير عما قبل.

أحمد شاب في الأربعينيات متوسط الدخل وعند زواجه استطاع شراء ذهب لزوجته كما ترغب ولكن عند زواج أخيه العام الفائت اضطر إلى استعارة ذهب من متجر صديقه ليلبسه لزوجته وأعاده مباشرة بعد حفل الزفاف.