icon
التغطية الحية

الخطف والفدية في درعا.. مصدر لتمويل الميليشيات ودوافع خفية للنظام

2023.11.22 | 07:25 دمشق

آخر تحديث: 23.11.2023 | 11:11 دمشق

ارتفاع وتيرة عمليات الاختطاف في درعا - AFP
ارتفاع وتيرة عمليات الاختطاف في درعا - AFP
درعا ـ أيمن أبو نقطة
+A
حجم الخط
-A

سجّلت محافظة درعا ارتفاعاً ملحوظاً في حوادث الخطف مؤخراً، في ظل فوضى أمنية تعيشها المحافظة من دون وجود رادع، مع غياب تام لفرع الأمن الجنائي التابع للنظام السوري عن تتبع عمليات الخطف، على الرغم من كشف العديد من عصابات الخطف التي تنشط في المنطقة.

وتحصل عمليات الخطف في الغالب بهدف حصول العصابات على الفدية المالية، وفي كثير من الأحيان لا يتمكن ذوو المخطوفين من دفع الفدية، الأمر الذي يدفعهم لإطلاق مناشدات إنسانية عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ويتخوّف السكان في محافظة درعا من تحول ظاهرة الخطف إلى ظاهرة عامة بعد دفع الأموال لعصابات الخطف، وسط اتهامات لمجموعات مسلحة مرتبطة بأجهزة النظام السوري الأمنية وتواطؤ تلك الأجهزة في ملاحقة تلك العصابات.

تصاعد عمليات الخطف

وفي صباح أمس الثلاثاء، أفرج مسلّحون عن الطفل محمد حسان النوفل (13 عاماً)، بعد نحو شهر على اختطافه من مزرعة والده الواقعة جنوبي مدينة إنخل، عندما كان هنالك مع عدد من العمال في المزرعة.

ويوم الإثنين الماضي، أفرجت عصابة خطف عن الشاب شريف فريد الجهماني، عقب شهر على اختطافه من منطقة صحنايا في ريف دمشق وسرقة سيارته، وذلك بعد دفع ذويه فدية مالية كبيرة للعصابة الخاطفة.

ينحدر الجهماني من مدينة نوى غربي درعا، وكانت عائلته أخبرت مخفر الشرطة التابع للنظام في المدينة، غير أن المخفر لم يساعد العائلة في الكشف عن مصير ابنهم.

كما أطلق مسلّحون سراح الطفل عبد الله قتيبة شباط (14 عاماً)، في الـ 16 من تشرين الثاني الجاري، بعد أسبوعين على خطفه في أثناء ذهابه إلى المدرسة في مدينة الشيخ مسكين بريف درعا الأوسط.

مصادر محلية في الشيخ مسكين، قالت لموقع "تلفزيون سوريا"، إن رجلا وامرأة أقدما على اختطاف الطفل ووضعه في سيارة من نوع "كيا 4000"، زرقاء اللون، واقتادوه إلى بلدة إبطع المجاورة حيث تركه الخاطفون.

وبحسب المصادر، فإن مدينة الشيخ مسكين سجّلت العديد من عمليات الخطف والاعتقال بحق المدنيين، أشرفت عليها قوات تابعة لفرع "المخابرات الجوية"، التي تحكم سيطرتها على المدينة من خلال مقار أمنية وأربعة حواجز عسكرية في محيطها.

النظام السوري متوّرط

الصحفي سمير السعدي المنحدر من درعا، قال لموقع "تلفزيون سوريا"، إن "جرائم الخطف باتت تحصل في محافظة درعا بشكل شبه يومي من خلال ابتزاز ذوي المخطوفين بمقاطع فيديو تظهر التعذيب، جزء من تلك العمليات بهدف الحصول على الفدية المالية وجزء آخر بحق معارضين للنظام السوري أو مقرّبين منه".

وتتركز عمليات الخطف بالغالب على ميسوري الحال وذوي رؤوس الأموال والمغتربين من أبناء المحافظة، بحسب السعدي.

وبيّن أن "الفروع الأمنية جنّدت منذ سيطرة النظام على درعا مجموعات محلية في مختلف مناطق المحافظة، وسلّمتهم البطاقات الأمنية لتسهيل تنقلهم والسلاح لتنفيذ عمليات خطف، من أجل تمويلها ذاتياً مقابل تنفيذ مهام أمنية للعمل في الاغتيالات وتهريب المخدرات".

وأضاف أن "عمليات الخطف تنشط أحياناً بسبب الوضع الاقتصادي المتردي وانتشار السلاح في مناطق سيطرة النظام، لكن ذلك لا يعني عدم تورط فروع النظام الأمنية في حماية مجموعات وعصابات الخطف".

"جهاز الأمن الجنائي لا يتدخل في اعتقال أفراد عصابات الخطف رغم معرفة أسماء الكثير منهم وأماكن وجودهم، وسجلت شكاوى على عدد من تلك العصابات من دون تدخل أمني من قبل النظام"، بحسب السعدي، الذي أوضح بأن الجهود في ملاحقة تلك العصابات تكون من قبل المجتمع المحلي.

ما دوافع النظام من وراء انتشار عمليات الخطف؟

مدير مكتب توثيق الانتهاكات في "تجمع أحرار حوران"، المحامي عاصم الزعبي، أفاد لموقع "تلفزيون سوريا"، بأن "النظام السوري يتعمد إحداث فلتان أمني في محافظة درعا، من خلال عمليات الخطف والقتل الممنهج، لأسباب عديدة أبرزها أن هناك عقدة لدى النظام هي درعا، والأمر يعود إلى أنها كانت مهد انطلاقة الثورة السورية عام 2011".

ولفت الزعبي إلى أن النظام اعتمد بعد التسوية بشكل خاص   فكرة إثارة الفوضى في درعا من خلال عمليات الاغتيال والخطف وإثارة الخلافات لبقاء الوضع غير مستقر أمنياً واجتماعياَ.

وأوضح بأن عمليات الاغتيال لها عدة أهداف أو أسباب أبرزها، التخلص من المعارضين وهو الأهم، إضافة لضرب النسيج الاجتماعي للمحافظة، حيث إن النظام يستخدم أدواته الإجرامية من أبناء المحافظة لضرب ذويهم.

وبحسب الزعبي، فإن "النظام يستغل عمليات الاغتيال من أجل إثبات وجود مجموعات مسلّحة وهو سبب يقوم بترويجه خارجياً أمام الدول لتبرير الانتهاكات من جهة، وتبرير عدم قدرته على القيام بأي إصلاحات كما حاول الترويج على مدار السنوات الخمس الماضية".

وتابع: "أما الخطف، فهناك هدفان الأول هو الحصول على مبالغ مادية كفدية مقابل المخطوفين وهذه الأموال في الأصل تستخدم لتمويل المجموعات الإجرامية التابعة للنظام، وأيضاً لتعزيز الشعور بعدم الأمان وضرب النسيج الاجتماعي".

وسبق أن كشف الزعبي بأنّ هناك مجموعات تابعة لأجهزة النظام الأمنية وخاصة "المخابرات الجوية"، تقوم بعمليات خطف من خلال استدراج الضحايا، وتتركز في منطقة اللجاة ومدينة إزرع شمال شرقي درعا.

من جهته، كشف مصدر قيادي سابق في فصائل المعارضة بدرعا، عن تسجيل 9 حوادث خطف وسلب أموال ومواد عينية بالقرب من مقر "المخابرات الجوية" الواقع داخل مجمع الغزالي في بلدة قرفا بريف درعا الأوسط، منذ مطلع العام الجاري.

وأشار إلى أن معظم عمليات تبادل المخطوفين بمبالغ مالية طائلة تحصل ضمن مواقع مسيطر عليها فعلياً من قبل قوات النظام قرب حواجز عسكرية وحواجز مؤقتة "طيّارة" وطرق إمداد خاصة بالنظام، يتركز بعضها بين مدينتي الشيخ مسكين ونوى، ومدينتي إزرع والشيخ مسكين.

مختطفون ما يزال مصيرهم مجهول

وتستمر عصابة خطف باحتجاز الشاب، عمر حسان العلي السويدان (18 عاماً)، منذ 11 تشرين الثاني الجاري، حيث تعرضت سيارة كانت تقله مع شقيقه ووالدته لإطلاق نار من قبل مسلّحين يرتدون لباس قوات النظام السوري، وهم في طريق عودتهم من العاصمة دمشق على أوتوستراد "دمشق - درعا" في المنطقة الواصلة بين بلدتي خربة غزالة والغارية الغربية.

وكان المسلّحون قد أقدموا على ضرب شقيق السويدان ووالدته ثم اختطافه ونقله إلى جهة مجهولة، من دون أن تتواصل عصابة الخطف مع ذويه حتى ساعة إعداد التقرير، بحسب ما صرح أحد أقرباء العائلة لموقع "تلفزيون سوريا".

ينحدر السويدان من بلدة الجيزة شرق درعا، وهو مدني عاد من دولة الكويت مؤخراً ولا ينتمي لأي جهة عسكرية.

وفي منتصف الشهر الجاري، تعرّض إبراهيم يوسف الرفاعي لعملية خطف من قبل مسلّحين مجهولين في بلدة صيدا شرقي درعا، واقتادوه من أمام مزرعة يعمل في البلدة إلى جهة مجهولة.

والرفاعي يبلغ من العمر 60 عاماً، وذكرت مصادر محلية أنه مرتبط بضباط من النظام السوري ما يجعل ذلك سبباً مباشراً في عملية الخطف، دون ورود تفاصيل جديدة.

وقبل يومين اختطف مسلّحون سائق أجرة من مدينة نوى، أحمد الجنادي، وذكرت مصادر مقرّبة منه أنه كان متوجهاً إلى مدينة الحراك عندما تعرض لعملية الخطف.

وفي تشرين الأول الفائت، سجل مكتب توثيق الانتهاكات في "تجمع أحرار حوران" 11 حالة اختطاف بينها طفلان في محافظة درعا، أفرج عن رجل وطفلة، وقتل 7 أشخاص بعد اختطافهم بعمليات متفرقة.