icon
التغطية الحية

الحسينية بريف دمشق.. تضييق أمني ومخدرات وثلاث بلديات تتقاذف مسؤولية الخدمات

2024.03.03 | 05:34 دمشق

الحسينية بريف دمشق
تباع المخدرات بأسعار رخيصة في الحسينية ما أسهم بإدمان عشرات الشبان المراهقين في المرحلة الثانوية والإعدادية - تلفزيون سوريا
إسطنبول ـ هاني العبدلله
+A
حجم الخط
-A

يشتكي قاطنو بلدة الحسينية في ريف دمشق، من التضييق الأمني الذي تفرضه عليهم قوات النظام السوري، في حين يزداد واقعهم سوءاً من جرّاء تدهور الخدمات في البلدة، رغم تبعيتها لثلاث بلديات تتقاذف المسؤولية فيما بينها.

وسيطر النظام السوري على بلدة الحسينية بعد معارك عنيفة مع فصائل المعارضة، منذ تشرين الأول 2013، إلا أنه لم يسمح للنازحين بالعودة إلى منازلهم حتى آب 2015، حينئذ فتح باب العودة بشرط الحصول على موافقة أمنية.

وفرضت قوات النظام والميليشيات الإيرانية الرديفة لها تضييقاً أمنياً على سكان البلدة بعد عودتهم، وأُنشئت سواتر ترابية في محيطها ونُشرت الحواجز الأمنية في مداخل شوارعها وأحيائها الرئيسية، وذلك لقربها من تجمع السيدة زينب، الذي يعتبر معقل الميليشيات الإيرانية الأبرز في ريف دمشق.

"الأمن العسكري" يخنق الأهالي

ورغم الشكاوى المتكررة من الأهالي بسبب انتشار السواتر الترابية حول البلدة، فإن التضييق الأمني ازداد على البلدة مع الوقت، حيث أزال فرع الأمن العسكري جزءاً من الساتر الترابي الذي يفصل مخيم الحسينية عن بلدة الذيابية المجاورة له، واستعاض عنه بكتل إسمنتية بارتفاع يقارب المترين، لحصر حركة السكان بالحواجز.

وقال عضو "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا"، محمود زغموت، لموقع تلفزيون سوريا، إن "الجهة الأمنية المسؤولة عن مخيم الحسينية والحواجز المحيطة به، هي فرع الأمن العسكري في بلدة السيدة زينب، التي تبعد عن المخيم قرابة الثلاثة كيلومترات شمالاً، بالإضافة إلى عناصر من قوات النظام يتبعون لثكنة الحرب الإلكترونية الموجودة في بلدة البحدلية المجاورة، بينما ليس هناك وجود للميليشيات الإيرانية داخل المخيم أو في محيطه، إنما توجد خارجه".

ويدير عناصر الأمن العسكري وقوات النظام حاجزين، أحدهما على مدخل الحسينية الشمالي من جهة المشروع، والآخر يقع على مفرق طريق المطار.

وأوضح زغموت أن "الحاجزين يقومان على الدوام بتأخير دخول السكان، بحجة تدقيق الهويات والبحث عن مطلوبين أو مواد ممنوعة، ولا يستطيع أحد إدخال أي بضائع إلى المخيم من دون دفع مبلغ مالي لعناصر الحاجز، الأمر الذي يرهق تجار المنطقة ويرفع أسعار السلع".

كما أن العناصر المسؤولة على الحاجزين، يدخلون بشكل دائم إلى مخيم الحسينية، ويتسلطون على الباعة فيأخذون ما يشاؤون من بضائع من دون دفع ثمنها.

وأكدت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" أن معظم سكان مخيم الحسينية، يعيشون تحت خط الفقر، ولا يستطيعون تأمين احتياجاتهم الغذائية والصحية الأساسية، ما يزيد من مخاطر التعرض للجوع والأمراض.

وسيلة لابتزاز وإذلال الأهالي

وفي إطار حملة التضييق الأمني على بلدة الحسينية، فرض فرع الأمن العسكري على الأهالي، نهاية 2022، تجديد البطاقات التي يستعملونها للدخول إلى البلدة.

وقالت "مجموعة العمل" إن أهالي المشروعين الجديد والقديم في مخيم الحسينية، قاموا بتجديد بطاقات الدخول لدى بلدية المخيم التابعة لمحافظة دمشق ومكتب المختار، تفادياً لحدوث إشكالات عند المرور على حواجز النظام المنتشرة عند مداخل المخيم.

أبو قاسم، أحد سكان مخيم الحسينية، عبّر عن استيائه من التضييق الأمني على السكان، وقال لموقع "تلفزيون سوريا"، إن "فرع الأمن العسكري كل فترة يطالب سكان الحسينية بتجديد بطاقات الدخول، بحجة أن هذه الإجراءات لدواعٍ أمنية، لكن في الحقيقة يهدف النظام إلى إذلال الناس وجعلهم ينتظرون طويلاً عند مكتب البلدية لتجديد البطاقات، إضافةً إلى التعامل السيئ والألفاظ النابية التي يوجهها عناصر النظام للسكان خلال تنظيم الدور".

وأضاف أبو قاسم أن "البطاقات الأمنية تهدف أيضاً إلى فتح باب لنهب الأموال، من خلال تقاضي الرشى من الأهالي مقابل تسريع عملية تجديد بطاقاتهم، ومن لا يدفع يضطر للانتظار على الدور لساعات، وربما لعدة أيام".

المخدرات تنتشر في الحسينية

من جانب آخر، انتشرت ظاهرة تعاطي الحبوب المخدرة في الحسينية، ولا سيما بين المراهقين والشباب، حيث أصبحت متاحة للجميع بسبب توافرها وسعرها المنخفض، وبات من الطبيعي رؤية الشبان يتعاطون المواد المخدرة في شوارع البلدة.

وقالت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا" إن سعر علبة الحبوب المخدرة من نوع "بوغابلين"، كانت تُباع العام الماضي، بسعر 5 آلاف ليرة فقط، وهو ما أسهم بإدمان العشرات من الشبان المراهقين في المرحلة الثانوية وبعض طلاب المدارس الإعدادية.

وأرجع محمود زغموت انتشار المخدرات بشكل كبير في مخيم الحسينية، إلى "الفقر والبطالة وانسداد الأفق أمام شريحة الشباب"، موضحاً أن "بيع المخدرات يتم بسهولة في أزقة وشوارع الحسينية من دون حسيب أو رقيب، ومن يأتي بالزبائن يحصل على حصته مجاناً".

وأضاف زغموت أن السكان يُرجحون ارتباط مروجي المخدرات بالأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري، بسبب سهولة إفلاتهم من الملاحقة، وعدم تعرّض عناصر الأمن لهم.

الحسينية بريف دمشق

ثلاث بلديات وواقع خدمي تحت الصفر

وتضم بلدة الحسينية مخيماً يقطنه لاجئون فلسطينيون ونازحون من الجولان ودمشق وريفها وعدة محافظات سورية، إضافةً إلى ضاحيتين في محيطها.

وعلى الرغم من تبعيتها لثلاث بلديات، هي بلدية ريف دمشق ودمشق والقنيطرة، يعاني السكان من انعدام الخدمات، في ظل الإهمال الكبير والمتعمّد من قبل هذه البلديات.

وخلال المعارك مع فصائل المعارضة، تعرضت الحسينية لقصف عنيف، ما تسبب بدمارٍ كبير في البنية التحتية، حيث تضررت شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي.

ويعتبر غياب المياه المشكلة الأكبر التي يعاني منها سكان البلدة، يقول فؤاد، أحد سكان الحسينية، إن "المياه شبه معدومة، وأحياناً لا تصل سوى مرة كل شهر أو أكثر، وكل بلدية نشتكي لها ترمي المسؤولية على الأخرى"، مشيراً إلى أنه ذهب مع مجموعة من وجهاء البلدة لمقابلة محافظ ريف دمشق لوضعه في صورة واقع البلدة لكنه رفض مقابلتهم.

وأشار فؤاد إلى أن القائمين على أعمال تشغيل لوحات مضخات المياه، تذرعوا بضعف الجهد الكهربائي للوحات المضخة، ما يعيق ضخ المياه إلى أحياء الحسينية، إضافةً إلى تضرر كثير من شبكات المياه وعدم تخصيص النظام الأموال اللازمة لصيانتها.

ويضطر سكان الحسينية لشراء المياه من الصهاريج المتنقلة، حيث تبلغ كلفة الخزان الذي يعادل 5 براميل، نحو 20-25 ألف ليرة سورية.

وتسبب اعتماد السكان على مياه الصهاريج في تسجيل عشرات حالات التسمم، وانتشار الالتهابات المعوية والتهاب الكبد، حيث تبين أن السيارات الجوالة تعبئ مياه الشرب التي تبيعها للأهالي، من منهل ماء ملوث في منطقة خربة الورد بريف دمشق، وفق ما ذكرت "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا".

أما الكهرباء فليست بأفضل حالاً، حيث أكد عدة أشخاص من سكان الحسينية لموقع "تلفزيون سوريا"، أن الكهرباء لا تأتي لأكثر من ساعة واحدة كل 24 ساعة، وتحديداً في الثالثة بعد منتصف الليل، حيث لا يستفيد السكان منها في شيء، فضلاً عن سوء شبكتي الهاتف الأرضي والإنترنت.

مكب نفايات

وتصف السيدة أم عدي، من أهالي بلدة الحسينية، منطقتهم بأنها "أشبه بمكب للنفايات"، في ظل كثرة الأوساخ المتراكمة والمياه الآسنة في الحارات والأزقة والشوارع العامة، ما أدى إلى انتشار الروائح الكريهة وتكاثر الحشرات والقوارض، ما جعل المنطقة بيئة خطرة لانتشار الأمراض.

وأكدت السيدة أم عدي، في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا" أن معظم الأهالي يدفعون ضرائب للنظافة، ومع ذلك تملأ الأوساخ البلدة.

الحسينية بريف دمشق

وذكرت أم عدي أن "الواقع الخدمي في الحسينية تحت الصفر، فبدلاً من أن تتكاتف البلديات الثلاث لتحسين أوضاع البلدة، تسارع كل بلدية لرمي مسؤولياتها على الأخرى، ما يدفع الأهالي للتطوع من أجل خدمة أنفسهم".

كما يشكو أهالي الحسينية من رداءة مادة الخبز، وأكدت أم عدي أن الخبز الذي يوزعه النظام في البلدة "يصبح غير صالح للأكل بعد 3 ساعات من شرائه"، مشيرة إلى أنهم "يتعرضون لاستغلال الموزعين المعتمدين بصورة مستمرة".

وعلى صعيد المواصلات، ذكر عضو "مجموعة العمل"، محمود زغموت، أن سائقي السرافيس مرتبطون بحواجز النظام السوري، ولذلك تكون تسعيرة الركوب وفق ما يريدون وتختلف بحسب الازدحام، ولا يجرؤ أحد من الأهالي على الاعتراض، فضلاً عن الطرق غير المعبدة وانتشار الكلاب الضالة.