icon
التغطية الحية

رمضان 2024 قد يكون الأقسى.. سوريون يبحثون عن خيارات تؤمن لهم إفطارهم

2024.02.29 | 09:52 دمشق

آخر تحديث: 29.02.2024 | 11:36 دمشق

رمضان 2024 قد يكون الأقسى.. سوريون يبحثون عن خيارات تؤمن لهم إفطارهم
جسر الرئيس وسط العاصمة بدمشق ـ رويترز
دمشق ـ فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

"الله يعينا على رمضان هي السنة"؛ الجملة الأكثر تداولاً بين الناس في شوارع دمشق، عند الحديث عن الأسعار المرتفعة مع اقتراب حلول شهر رمضان، حيث بدأت الأسر باكراً هذا العام في البحث عن حلول وبدائل لأطباقهم اليومية المعتادة في الشهر الفضيل، في حين تعقد بعض الأسر الأمل على بعض المساعدات التي قد تأتيهم مع بداية الشهر كصدقة أو زكاة، وآخرون بدؤوا يبحثون من الآن عن مطابخ خيرية ستوزع وجبات إفطار في رمضان.

الطلب أكثر من التبرع في الجمعيات

بدأت جمعيات مثل ساعد وكنا وسنبقى، بالإعلان عن مبادراتهم الرمضانية لتأمين الطعام للمحتاجين كما كل عام. تأمل تلك الفرق بأن تستطيع تأمين أكبر عدد ممكن من الوجبات اليومية التي انخفضت خلال الأعوام الماضية، بسبب انخفاض قيمة التبرعات وتراجع عدد المتبرعين نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة.

يؤكد متطوعون في الجمعيتين للموقع، أن عدد الذين يتواصلون ويزورون الجمعيات يومياً للاستفسار عن مواعيد تسليم وجبات الإفطار في رمضان وآلية التسجيل للحصول على وجبات، أكبر بكثير من الذين يتواصلون للتبرع، مشيرين إلى أن ذلك يشير إلى تفاقم الوضع المعيشي بشكل يحتاج إلى منظمات دولية لتغطيته وليس إلى فرق تطوعية تابعة لجمعيات.

لم يستطع المتطوعون حصر عدد الوجبات التي يمكن أن يتم توزيعها يومياً، لأن ذلك يعتمد على حجم التبرعات قبل وخلال شهر رمضان، مؤكدين أنه مهما ارتفع حجم تلك الوجبات سيبقى غير كاف لتغطية كل الطلبات التي تأتي للجمعيتين الأشهر بدمشق.

 إجبار الأطفال على الصيام وتوجه النساء للعمل

أم بلال أم لطفلين وزوجها موظف في مؤسسة الإسكان العسكرية براتب هزيل ويعمل حارساً ليلياً في بعض الأبنية قيد الإنشاء، تقول إنها بدأت تتصل بكل من هو في قائمة هاتفها للبحث عن عمل سواء بتنظيف المنازل أو درج الأبنية أو تقديم القهوة والشاي في المكاتب، فهي "بحاجة إلى أي عمل بأي شكل من الأشكال لتأمين طعام عائلتها بظل ارتفاع الأسعار الحالي والذي بدأ يزيد أكثر مع اقتراب شهر رمضان، وتضيف "هذا أسوأ رمضان سيمر علينا، سأضطر لدفع أطفالي للصوم غصباً لتوفير وجبات طعامهم خلال النهار، لكن قد لا أستطيع تأمين ما يسند جسديهما النحيل على الإفطار في حال لم أقم بتأمين عمل".

قد لا تحصل أم بلال على عمل، لذلك فهي تبحث أيضاً "عن أولاد الحلال" لتأمين مساعدات دورية أو شبه دورية لها عبر وضع بوستات في مجموعات فيسبوك من حساب وهمي، قائلةً "الوضع معدم وليس باليد حيلة".

فدوى أم لـ5 أولاد في المدرسة، أكدت أيضاً أنها ستدفع طفليها 5 – 7 سنوات للصيام لتقوم بتوفير بعض من النفقات في شهر رمضان الذي ترتفع فيه الأسعار كثيراً، وأكدت أنها تعاقدت مع 3 بائعي خضار في حيها الشعبي بجرمانا، من أجل تأمين طعام لائق لأسرتها في رمضان، وقالت "أحصل ما بين 1000 – 2000 ليرة عن كل كيلو حفر أو تقطيع أو تحضير بشكل عام، لكن الزبائن التي تطلب هذه الخدمة من محال الخضار قليلة، لذلك أقوم أيضاً بأخذ بضع من الكميات التي تأتيني للعمل، لتأمين وجبة الطعام، فمثلاً عند حفر الكوسا أخذ 5 قطع إضافةً إلى اللب لطهي وجبة، وهذا بالاتفاق مع الزبون وصاحب المحل.

أسعار مرتفعة ودخل محدود

قد لا تقوى كثير من الأسر على تحضير صحن سلطة بعد ارتفاع الأسعار الأخير الذي طال الخضار وغيرها من المواد الغذائية، حيث وصل سعر كيلو البندورة إلى 8000 ليرة والخيار إلى 7000 ليرة، والبقوليات الضمة بـ1000 ليرة، بينما وصل سعر كيلو البطاطا إلى 8000 ليرة، وكيلو الرز المصري بـ17 ألف ليرة، ولتر الزيت النباتي بـ27500 ألف ليرة.

وصل سعر كيلو العدس إلى 20 ألف ليرة، والسكر بـ14 - 15 ألف ليرة، وسعر كيلو زيت الزيتون الأول بـ100 ألف ليرة، والتمر يبدأ بأنواع رخيصة بنحو 30 ألف ليرة للكيلو ويرتفع حتى 200 ألف ليرة للأنواع الفاخرة، وكيلو المعكرونة وصل إلى 18 ألف ليرة، والطحين إلى 10 آلاف ليرة (تختلف الأسعار صعوداً أو هبوطاً تبعاً للسوق والنوعية).

ورغم انهيار سعر صحن البيض من 64 ألف ليرة إلى 40 ألف ليرة دفعة واحدة مؤخراً، لسبب ضعف الإقبال وتراجع القدرة الشرائية، من المتوقع أن يعاود الصعود من جديد مع دخول شهر رمضان وزيادة الطلب عليه.

علي أب لطفلين يعمل في سوبر ماركت بمساكن برزة نحو 9 ساعات في اليوم، ويقول إن راتبه لا يكفي لطهي شوربة عدس أو مجدرة يومياً، نتيجة ارتفاع الأسعار، مضيفاً أنه بدأ بالعمل في توصيل الطلبات عند محل آخر للحصول على مال كاف في شهر رمضان لتأمين متطلبات عائلته ويقول "هل يعقل ألا أستطيع أن أدخل قطعة حلوى للمنزل، أو بعض العصائر أو أوقية لحمة؟ الصائم يشتهي ويريد وجبة تساعده على استعادة قوته، لذلك بدأت بعمل إضافي وسأستمر به حتى بعض رمضان".

مهرجانات رمضانية من دون جدوى

قال عضو غرفة تجارة دمشق ياسر اكريم لصحيفة البعث التابعة للنظام السوري، إن هناك اتفاقات تتمّ مع محافظة دمشق لإقامة سوق خيري في مدينة الجلاء الرياضية، طوال شهر رمضان للبيع بسعر الكلفة، لكنه أشار إلى ضرر الأسعار المرتفعة، وأضاف "المواد كلها متوفرة والمخازن جيدة، لكن تبقى مشكلة الأسعار المرتفعة نتيجة الانغلاق بالاقتصاد، وخاصة بقضايا التوريد والدفع، وارتفاع سعر الطاقة المتكرّر، وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية المعمول بها، فراتب الموظف لا يكفي احتياجاته الأساسية، وهو لا يعادل أكثر من 10-20% من مصروفه، إذ يحتاج هذا الأمر حلاً جذرياً من الحكومة، وإلا فالمشكلة دائمة وستتسبّب بمشكلات أخرى اجتماعية، ولا جدوى من توفر المواد كلها، معتبراً أنه طالما الرواتب ضعيفة لا يمكن توقع حركة جيدة كما كانت العادة".

لكنه أشار أيضاً إلى ارتفاع الأسعار مؤكداً أنه "يعود لارتفاع التكاليف، وليس لزيادة أرباح التجار، فتكاليف الاستيراد أصبحت متعبة جداً، فضلاً عن الضرائب والرسوم المكلفين بها".

وأكدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التابعة للنظام، بدء إجراءاتها استعداداً لشهر رمضان عبر تخصيص مجمعات السورية للتجارة بالمحافظات لمنتجي جميع المواد التي تحتاجها الأسرة للبيع بسعر الكلفة، إضافة إلى طرح سلل غذائية خاصة بأسعار أرخص من السوق على حد قولها.