icon
التغطية الحية

الإنتربول في سوريا.. كيف سيستغله الأسد ضد معارضيه؟

2021.10.07 | 05:56 دمشق

whatsapp_image_2021-10-06_at_3.05.44_pm.jpeg
إسطنبول - خالد سميسم / أ. مصطفى القاسم
+A
حجم الخط
-A

قبل أيام وفي إجراء غير مسبوق، أتاحت منظمة الشرطة الجنائية الدولية "إنتربول" منح نظام الأسد حق الولوج لشبكة الاتصال الخاصة به وبالتالي الوصول إلى قاعدة بياناته بحسب ما أعلنته قناة "تي آر تي وورلد" التركية ما يشكل خطراً على الآلاف من السوريين في دول الجوار ودول اللجوء الأوروبية وملاحقتهم دولياً واستغلال هذه الخطوة للإيقاع بمعارضيه.

قاعدة بيانات أمنية أمام نظام معاقب دولياً

خطوة الإنتربول الجديدة تتيح للنظام حق الوصول إلى قواعد البيانات لدى المنظمة، حيث تربط الإنتربول جميع البلدان الأعضاء من خلال نظام اتصالات، يمّكن كل عضو من الوصول إلى قاعدة البيانات والخدمات في الوقت الفعلي، كما تنسق الأمانة العامة للإنتربول أنشطته اليومية، وتدير المنظمة حاليا 18 قاعدة بيانات للشرطة، تتراوح بين معلومات حول الأسماء وبصمات الأصابع وجوازات السفر المسروقة، بحسب ما كشفه القاضي السابق والمستشار مصطفى القاسم في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا.

ويرى الصحفي السوري ومدير مكتب سوريا في صحيفة العربي الجديد، عبسي سميسم أن إتاحة قاعدة بيانات الإنتربول أمام النظام هو أمر مستغرب جداً ويبدو أشبه ما يكون بفتح سجلات الشرطة أمام المجرمين والمتهمين، فالنظام، نظام مجرم بما لا يدع مجالا للشك ومن خلال أدلة مثبتة لدى منظمات المجتمع الدولي.

وأكد "سميسم" أن النظام لن يتوانى عن استغلال هذه البيانات في إضافة من يشاء من الأسماء على اللوائح الحمراء للإنتربول فبالنسبة للمعارضين داخل سوريا بإمكانه بسهولة إضافة أرقام جوازات سفر من يجد أنه يشكل خطراً منهم إلى اللوائح الحمراء للإنتربول بهدف منع حركتهم خارج القطر واللعب بهذا الأمر كورقة مساومة أو وسيلة للاعتقال إذا تطلب الأمر، وهذا أشبه بما حدث لمعارضي النظام خارج سوريا قبل خمس سنوات، وبيع النظام للمعارضين جوازات سفر وعمم أرقامها على الإنتربول الدولي على أنها جوازات سفر تمت سرقتها من قبل تنظيم الدولة بعد سيطرته على محافظة الرقة ما تسبب بمشكلات لدى العديد منهم.

الإنتربول يتعاون مع النظام لمراقبة اللاجئين السوريين

يقول "القاسم" إن خطوة الإنتربول الدولي الجديدة ومن قبلها إعادة افتتاح مكتبه في دمشق تتيح لنظام الأسد الحق في مراقبة اللاجئين السوريين حول العالم، وتعرض المعارضين للنظام في الخارج لخطر التوقيف وحتى التعذيب.

ويعتقد الصحفي "سميسم" أن وصول النظام إلى قاعدة البيانات سيمكنه من دراسة كل ملفات خصومه بشكل أدق وسيحاول رفدها بمعطيات لن يصعب عليه تزويرها بهدف عرقلة حركة معارضيه أو التسبب باعتقالهم، مؤكداً أن النظام قد يستخدم هذه الورقة لملاحقة بعض اللاجئين المعارضين له، كما أنّ ولوج النظام لشبكة الإنتربول ووصوله لقاعدة البيانات، لها مخاطر على طلبات لجوء السوريين في الخارج.

 

 

تأثير إجراء الإنتربول على طلبات اللجوء للسوريين

  • بالنسبة للحاصلين على حق اللجوء:

يقول "القاسم" إن التصنيف "الإرهابي" الذي غالباً ما تعلقه دمشق على خصومها هو أمر مزعج بشكل خاص للاجئين.  إلى جانب إلقاء الأعلام الحمراء في عمليات الفحص الأمني ​​الشاقة في كثير من الأحيان لحالات اللجوء، يمكن أن يؤثر ذلك أيضاً على وضع اللاجئين الذين مُنحوا حق اللجوء بالفعل.

  • بالنسبة لطالبي اللجوء:

وبالنسبة لتلك الدول التي لا ترغب في استقبال مزيد من اللاجئين، يقول "القاسم" يمكن أن تكون النشرة الحمراء ذريعة مناسبة لرفض قضايا اللجوء، إذ إن اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين، التي توفر الإطار العالمي العام لحماية اللاجئين ، لديها استثناء لا تلتزم بموجبه الدول بتوفير الحماية لطالبي اللجوء، وبالتحديد إذا ارتكب طالبو اللجوء "جريمة ضد الإنسانية" أو أولئك الذين ارتكبوا أعمالاً تتعارض مع أعمال الأمم المتحدة، فيمكن استبعادهم من حماية اللاجئين.

إذاً يمكن أن يؤثر الإدراج في قاعدة بيانات الإنتربول أيضا على اللاجئين السوريين والذين يلتمسون اللجوء حالياً، فنحو 6.8 ملايين سوري هم حالياً من اللاجئين وطالبي اللجوء، وقال برونو مين، المدير القانوني الدولي للمحاكمة العادلة، لصحيفة The New Arab: "النشرات الحمراء كان لها تأثير استبعاد أفراد من وضع اللاجئ في بعض البلدان، حيث يعد وجود النشرة الحمراء إثباتاً لكون شخص ما يمثل تهديدا للبلاد، وعلى هذا الأساس، قرروا استبعادهم من وضع اللاجئ". ورغم أنه في عام 2015، أعلن الإنتربول صراحة أنه لن يساعد البلدان في احتجاز اللاجئين وطالبي اللجوء.

إلّا أن إدراج إشعار أحمر للاجئين في قاعدة بيانات المنظمة قد يؤدي إلى اعتقالهم وإلحاق الضرر بطلبات اللجوء الخاصة بهم، حتى إنه في الولايات المتحدة "ما يزال الأشخاص الذين يطلبون اللجوء السياسي يتعرضون للاعتقال لأنهم مدرجون على قائمة الإنتربول للمطلوبين، التي وضعتها هناك دول تعتبر على نطاق واسع غير ديمقراطية". وذلك وفقا ليوري نيميتس.

بينما يتخوف معارضون للنظام في دول شتى من قدرة النظام على الوصول لقاعدة البيانات الخاصة بالإنتربول الدولي ويضيف "سميسم" أن النظام قادر على إدراج معارضيه في النشرة الحمراء لكونه فعلها حتى قبل أن يكون لديه وصول لبيانات الإنتربول أما الآن فمن الطبيعي أن تزداد قدرته على تكرار الأمر خاصة أنه من أكثر الأنظمة قدرة على التحرك من خلال الألاعيب كهذه.

تحرك يشكل خطراً على المعارضين لنظام الأسد في سوريا وخارجها

يشكل هذا القرار خطورة شديدة على ملايين اللاجئين السوريين المنتشرين في شتى أصقاع العالم، وذلك نتيجة إصدار النظام عشرات الألوف من الأحكام القضائية، الصادرة عن محاكم استثنائية وقضاء غير مستقل، بحق السوريين الذين تركوا ديارهم بتهم زائفة وملفقة وذات أبعاد سياسية، وبالتالي مطالبة الإنتربول بوضع أسماء هؤلاء اللاجئين على النشرة الحمراء، مما سيؤدي إلى تقييد حركتهم ولربما تسليمهم للنظام فيما لو قامت الدول المستضيفة بذلك، مما يشكل تهديدا لحياتهم وحياة عائلاتهم.

وإذا أخذنا في الحسبان أن بعض الدول مثل لبنان - حيث يوجد عدد كبير من اللاجئين السوريين - كانت لديها محاولات دائمة لتسليم لاجئين سوريين إلى النظام، فإن فتح بوابة الإنتربول اليوم سيسمح للسلطات في هذا البلد - وغيره من البلدان الشبيهة - بتسليم دفعات كبيرة من اللاجئين بحجج النشرة الحمراء والمذكرات القضائية وأحكام القانون... وغيرها، وبالتالي سيدفع هذا كثيرا من اللاجئين الموجودين في تلك الدول للمخاطرة بحياتهم مجددا وركوب البحار هربا من العذاب والتصفية في حال تسليمهم لنظام الأسد.

إدراج أسماء جديدة في القائمة الحمراء للإنتربول الدولي

يتولى الإنتربول إدراج أسماء المطلوبين في  النشرات الحمراء بناء على طلب البلد العضو، ويتم إصدار النشرات الحمراء بحق الفارّين المطلوبين إما للمحاكمة أو لقضاء عقوبة محكوم بها في البلد الذي تتقدّم بالطلب.

وينبغي أن تمتثل النشرات الحمراء للقانون الأساسي للإنتربول ونظامه. ويجب تقديم النشرات الحمراء من خلال الأمانة العامة للإنتربول وخضوعها لعملية فحص مصممة لمنع إصدار أوامر قضائية ذات دوافع سياسية.  ومع ذلك، يصف الخبراء القانونيون العملية بأنها معيبة للغاية ويدّعون أن النشرات الحمراء نادراً ما يتم رفضها.

وبالتالي فإن مكتب الإنتربول في دمشق يستطيع من خلال مخاطبة الأمانة العامة أن يستغل الثغرات الموجودة في تطبيق الأنظمة لدى الإنتربول لإدراج كثير من أسماء السوريين في النشرة الحمراء.

كيف سيستفيد النظام من افتتاح مكتب الإنتربول في دمشق؟

تُستغل هذه الخطوة لاستهداف السياسيين المعارضين، والمنشقين، والثوار الذين طالبوا بحقهم في الحرية والكرامة، الموجودين في الخارج.

وسيكثف  نظام الأسد محاولاته لإصدار مذكرات توقيف وقبض وأحكام قضائية في محاكمات غير عادلة بحق المعارضين، مع الحرص على إظهارهم كمرتكبين لجرائم غير سياسية عبر تزوير تهم جديدة لهم، من أجل تسليمهم أو الحد من حريتهم في التنقل والإضرار بمصالحهم  باستخدام أنظمة النشرات الحمراء الخاصة بالإنتربول ونشرها على نطاق واسع.

ورغم أنه ينبغي أن تتوافق طلبات النشرات الحمراء والتوقيف التي ترسلها الدول الأعضاء مع قواعد الإنتربول وقوانينه قبل نشرها، إلّا أنه لا بد من التنبّه إلى الثغرات التي قد تفيد نظام الأسد وكذلك النظر بجدية متزايدة إزاء الخطر الذي تشكله هذه النشرات على المنشقين  والمعارضين السياسيين، الذين وقفوا بوجه منظومة الأسد المجرمة، خاصة أن الأفراد الذين سيطلب تسليمهم للنظام سيواجهون خطراً مباشراً لعدم تمكنهم من الحصول على محاكمة عادلة، حيث سينتهي الأمر باعتقالهم وتعريضهم للتعذيب الجسدي والنفسي والذي غالبا ما يؤدي لإحداث عاهات دائمة من أجل الحصول على اعترافات، وغالبا ما تستخدم ضدهم في المحاكمات الشكلية، وتنتهي بتصفيتهم جسديا أو إخفائهم قسرياً.

بينما يرى "سميسم" أن النظام يستفيد من هذه الخطوة بشكل كبير لكونها بالدرجة الأولى تحوله من مجرم إلى مساهم في محاربة الجريمة كما أنها تشكل فرصة كبيرة له للتحكم بمعارضيه الأكثر خطورة والأهم أنها تعد خطوة على طريق إعادة تأهيل النظام دوليا.

وسبق أن أعلن نظام الأسد قبل أيام إعادة الإنتربول الدولي فتح مكتبه في العاصمة دمشق بعد أن رفعت اللجنة التنفيذية في أمانته العامة الحظر عن سوريا، وسبق أن اتهم تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا منتصف آذار 2021، نظام الأسد بشن اعتقالات تعسفية و عمليات تعذيب وإعدام فوري للسجناء في أثناء الاحتجاز. ويقول إن العديد من الانتهاكات تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.