icon
التغطية الحية

استبعاد عاصمتين أفريقية وإقليمية.. ما مستقبل اجتماعات اللجنة الدستورية السورية؟

2024.03.03 | 05:35 دمشق

 ما مستقبل اجتماعات اللجنة الدستورية السورية؟
تتم أعمال اللجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة ضمن إطار الحل السياسي - إنترنت
تلفزيون سوريا - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

خلال الفترة الممتدة من شهر تشرين الأول عام 2019، وحتى تموز 2022، عُقدت 8 جولات من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية برعاية الأمم المتحدة، في جنيف، بمشاركة ثلاثة وفود سورية (المعارضة السورية - النظام السوري - المجتمع المدني)، ومنذ ذلك الحين، أي منتصف 2022، فشل المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن بالتوصل إلى اتفاق مع الأطراف لاستئناف المباحثات وعقد الجولة التاسعة، بسبب تعنت النظام ومن خلفه روسيا بالدرجة الأولى.

بدأت ملامح التعنت الروسي بالظهور في عام 2022، عندما تسلّم الرئيس السابق المشترك للجنة الدستورية السورية، هادي البحرة، عن وفد هيئة التفاوض السورية، رسالة رسمية من بيدرسن، تُفيد بتأجيل انعقاد الدورة التاسعة لاجتماعات اللجنة الدستورية، مرجعاً السبب إلى إخطاره من قبل الرئيس المشترك للجنة الممثلة للنظام السوري، أن وفده سيكون مستعداً للمشاركة في الدورة التاسعة فقط عندما تتم تلبية ما وصفه بالطلبات المقدمة من الاتحاد الروسي، دون أن يذكرها.

لم يذكر وفد النظام بوضوح المطالب الروسية، لكن مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، ذكر أن بلاده "ترى ضرورة باختيار مكان جديد لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية بدلاً من مدينة جنيف"، معتبراً أنها "فقدت وضعها المحايد"، على خلفية موقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا.

ما الجديد؟

في 27 شباط الماضي، قال بيدرسن في إحاطة بمجلس الأمن الدولي: "منذ أكثر من ثمانية عشر شهراً، وجهت الدعوة لعقد الدورة التاسعة للجنة الدستورية في جنيف، ولم تُعقد تلك الدورة لأن روسيا، كما أكد وزير خارجيتها سيرغي لافروف، لم تعد تعتبر سويسرا مكاناً محايداً، ولم يقبل النظام السوري بالحضور إلى جنيف نتيجة لذلك".

وأضاف: "لقد كنت واضحاً منذ البداية فيما يتعلق بعدة نقاط، أولاً، ذكّرت الجميع بأن الحكومة السورية (النظام) وهيئة التفاوض السورية (المعارضة) اتفقتا بموجب وثيقة المعايير المرجعية والعناصر الأساسية للائحة الداخلية على جنيف كمقر للجنة، وشددتا على أن العملية ينبغي أن تسير دون تدخل خارجي".

وتابع: "ثانياً، وبوصفي ميسراً قلت إنني سأبحث عن حلول خلاقة لإيجاد طريقة للمضي قدماً، بما في ذلك من خلال استكشاف جميع البدائل الممكنة؛ ثالثاً، قلت بأنه إذا توصلت الحكومة السورية وهيئة التفاوض السورية إلى توافق حول مكان آخر غير جنيف، فسوف أدعم ذلك التوافق. ورابعاً، قلت إنه يجب التغلب على هذه القضية لضمان استمرار العملية بقيادة وملكية سورية وبتيسير من الأمم المتحدة".

يختصر المبعوث الأممي ويؤكد أن الأطراف لم تتفق حتى الآن على مكان لعقد اجتماعات اللجنة، قائلاً: "استرشاداً بهذا النهج، وعلى مدى ثمانية عشر شهراً، وبدعم من مختلف الأطراف الخارجية الرئيسية، بما في ذلك الدول الضامنة لعملية أستانا ولجنة الاتصال العربية، تم طرح أماكن مختلفة، ولكن للأسف فإن الواقع هو الآتي: لم يتمتع أي منها حتى الآن بالحد الأدنى من التوافق المطلوب – أي موافقة الطرفين السوريين أو الدولة المضيفة– وكنت قد حذرت من أننا سنصل إلى هذه النقطة عندما تم طرح مسألة تغيير المقر للمرة الأولى منذ 18 شهراً".

اقترح بيدرسن بالفعل عقد الاجتماعات في العاصمة الكينية نيروبي، لكن الأمور لم تسر على ما يرام، مردفاً: "اقترحت بديلاً آخر، وهو إمكانية عقد الدورة التاسعة في مكتب الأمم المتحدة في نيروبي، وأعرب عن تقديري لزملائي في نيروبي على إبدائهم الاستعداد للقيام بكل ما هو مطلوب للاستضافة. وقد أثنيت على هذا المخرج للأطراف السورية، كما قمت بنقل اقتراح آخر من طرف سوري إلى الطرف الثاني بشأن عاصمة إقليمية بديلة (أكدت مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا أنها العاصمة العراقية بغداد بطلب من النظام الذي رفض مقترح نيروبي) ولكن يؤسفني القول إنه لم يتم التوصل إلى توافق بين الأطراف السورية حول أي من الموضوعين، كما لم يتم التوصل إلى توافق حول الاقتراحات السابقة".

جنيف الخيار النهائي.. الباب مفتوح للبدائل

وقال بيدرسن: "وبما أنني لم أدخر جهداً لإيجاد مكان بديل، أعتقد أن الطريق الوحيد للمضي قدماً في هذا التوقيت هو العودة للاجتماع مرة أخرى في جنيف على الأقل كمقترح توفيقي طالما لم يتم التوافق على مقر بديل – مع إبقاء الباب مفتوحاً أمام بدائل أخرى لمقار بديلة للدورات القادمة إذا ما تم التوافق عليها - وكنت قد أشرت إلى هذا الأمر منذ بعض الوقت على أنه قد يكون السبيل الوحيد للمضي قدماً إذا لم يتم الوصول إلى بديل".

واتخذ المبعوث الأممي قراراً بإصدار الدعوات الرسمية لعقد الدورة التاسعة في جنيف نهاية نيسان المقبل، وبالفعل أرسل بيدرسن الدعوات إلى الأطراف السورية، معرباً عن أمله بالاستجابة بشكل إيجابي، ومناشداً الأطراف الدولية الرئيسية لدعم جهود الأمم المتحدة كميسر والامتناع عن التدخل في مكان اجتماع السوريين، إذ إنه "من المهم أن تنعقد اللجنة الدستورية في أقرب وقت ممكن وأن تواصل عملها، فتعليق عمل اللجنة إلى أجل غير مسمى لن يؤدي إلا إلى تقويض مصداقيتها وعملها" حسب وصفه.

ما ردود الأطراف؟

أبدت المعارضة السورية قبولاً لدعوة بيدرسن من أجل استئناف أعمال اللجنة الدستورية في جنيف، حيث قال عضو هيئة التفاوض السورية، طارق الكردي، في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، إننا في "هيئة التفاوض نرى أنه لا يمكن التوصل لحل سياسي مستدام في سوريا، من دون التنفيذ الصارم للقرار 2254، كما نعتبر أن اللجنة الدستورية مدخلاً للحل السياسي المذكور أعلاه".

وأشار الكردي إلى أن الهيئة "تتعاطى مع أي مقترح من بيدرسن، سواء بما يخص اللجنة الدستورية أو غيرها من السلال، من خلفية المصلحة الوطنية العليا للشعب السوري، وكما أعلنا سابقاً، نحن متمسكون بمرجعية الأمم المتحدة للعملية السياسية برمتها واللجنة الدستورية كإحدى تفاصيل هذه العملية، وبالتالي نحن متمسكون بعقد اجتماعات اللجنة في جنيف".

وتابع: "وأيضاً نحن في هيئة التفاوض متمسكون بمقترحات السيد بيدرسن الخاصة بتطوير منهجية العمل داخل اللجنة الدستورية، والتي أرسلها لأطراف اللجنة بعد انتهاء الجولة الثامنة، نريد لهذه العملية - أي لجنة صياغة الدستور - أن تُنتج وأن تحقق ولايتها في صياغة دستور جديد لسوريا، ولذلك لدينا محددات لتطوير عمل اللجنة".

وختم الكردي بالقول: "النظام السوري، وروسيا، أعلنوا منذ فترة ليست بقصيرة أن جنيف لم تعد أرضاً محايدة نتيجة موقف سويسرا من الحرب في اوكرانيا، وأنهم لا يريدون أن تبقى جنيف مقراً للجنة الدستورية، من جهتنا وكما ذكرت سابقاً، متمسكون بمرجعية الأمم المتحدة للعملية السياسية وفق القرارات والبيانات الدولية".

ولم يصدر عن النظام السوري أي موقف رسمي، لكن صحيفة "الوطن" المقربة منه، نقلت عن مصادر دبلوماسية، أن "موقف بيدرسن بخصوص الدعوة لانعقاد تاسع جولات الدستورية في مدنية جنيف بدا مفاجئاً"، مضيفة: "موقف بيدرسن الذي ظهر مصمماً ومستعجلاً على المضي في الخيار الأميركي، والدعوة لعقد الجولة المقبلة من الدستورية في جنيف، يبدو أنه لإحراج روسيا وإظهارها بموقف الرافض لإجراء هذه المحادثات".

من جهتها، رحّبت الولايات المتحدة الأميركية بتوجيه بيدرسن دعوات لعقد الجولة التاسعة للجنة الدستورية السورية في مدينة جنيف، داعية "جميع الأطراف لقبول هذه الخطوة، وحضورها لتنشيط العملية السياسية مع مرور الذكرى الـ 13 للانتفاضة السورية".

الجدير بالذكر أن أعمال اللجنة الدستورية تتم برعاية الأمم المتحدة، ضمن إطار الحل السياسي للملف السوري، ووفقاً للقرار الأممي 2254 الصادر عام 2015، الذي ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالي وكتابة دستور يسبق إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما قسّم المفاوضات إلى 4 فروع، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب، إلا أنه ومنذ تموز 2022، تعرقل روسيا، عبر النظام السوري، انعقاد الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، بدعوى أن سويسرا دولة غير محايدة بسبب موقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا.