icon
التغطية الحية

"مشروع خطير" وموقف ثابت.. ما مصير مباحثات اللجنة الدستورية؟

2023.10.09 | 09:46 دمشق

المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن ـ الأناضول
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن ـ الأناضول
تلفزيون سوريا ـ ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

زعمت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام السوري، نقلاً عن مصادر دبلوماسية في جنيف، أن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، يدرس تقديم "مشروع خطير" بشأن اللجنة الدستورية السورية "بهدف إحراج جميع الأطراف".

ونقلت الصحيفة عن المصادر، التي لم تكشف عن اسمها، أن بيدرسن "مصمم على انعقاد اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف، وقد يتقدم بمشروع خطير بهدف إحراج جميع الأطراف"، إذ "يدرس مشروع بيان يرسل من خلاله الدعوة للوفدين المفاوضين من دون حضور أي دولة أجنبية، وذلك للقفز فوق الفيتو الروسي على انعقاد الاجتماعات في جنيف".

ورأت الصحيفة أن بيدرسن "مدرك مسبقاً أن مشروعه لن يحظى بموافقة موسكو ولا دمشق وداعميها"، معتبرة أن المبعوث الأممي "يغامر من خلال مشروع القرار بمصير هذه اللجنة، ومن خلال تصميمه على انعقادها في جنيف".

وتوقفت أعمال اللجنة الدستورية السورية، منذ أكثر من عام، وحينذاك تسلّم الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية، هادي البحرة، عن وفد هيئة التفاوض السورية، رسالة رسمية من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، تُفيد بتأجيل انعقاد الدورة التاسعة لاجتماعات اللجنة الدستورية.

وجاء في الرسالة أن سبب التأجيل هو، إخطار بيدرسن من قبل الرئيس المشترك للجنة الممثلة للنظام السوري، أن وفده سيكون مستعداً للمشاركة في الدورة التاسعة فقط عندما تتم تلبية ما وصفه بالطلبات المقدمة من الاتحاد الروسي، دون أن يذكرها.

في ذلك الوقت، أكد مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، أن بلاده "ترى أنه من الضروري اختيار مكان جديد لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية بدلاً من مدينة جنيف"، معتبراً أنها "فقدت وضعها المحايد"، على خلفية موقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا.

لا اتفاق على المكان والزمان

في منتصف العام الماضي، قال لافرنتييف، إن روسيا "اقترحت نقل اجتماعات اللجنة الدستورية السورية إلى أبو ظبي ومسقط والمنامة"، بسبب أن مرافقة الوفد الروسي لعمل اللجنة في جنيف أصبح "مرهقاً بشكل متزايد".

وقال لافرنتييف: "أعتقد أنه من السابق لأوانه التحدث عن اتفاقات محددة تم التوصل إليها بشأن هذه المسألة، لكننا حددنا موقفنا"، مضيفاً أن روسيا "أوضحت موقفها لمبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، غير بيدرسن، ولأصحاب المصلحة الآخرين الذين يرافقون عمل اللجنة، وهم تركيا وإيران".

ومجدداً، نقلت صحيفة "الوطن" عن مصدر دبلوماسي عربي، دون أن تكشف هويته، قوله إن فرص انعقاد الجولة التاسعة للجنة الدستورية السورية في العاصمة العمانية مسقط "شبه معدومة".

وأكد المصدر أن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، "مصمم على انعقاد الجولة المقبلة للجنة الدستورية في جنيف، خلافاً لما سبق وتم الاتفاق عليه بأن يكون انعقاد الجولة التاسعة في سلطنة عمان".

ولفت إلى أن "انعقادها في مسقط بات شبه مستحيل، نتيجة لتصميم بيدرسن على أن تكون جنيف مكان انعقادها"، مضيفاً أن "المفاوضات ما تزال قائمة للاتفاق على مكان محايد، لأن موسكو ما تزال متمسكة بقرارها بعدم الذهاب إلى جنيف".

من جانب آخر، قالت "الوطن"، إن "هناك نشاطاً ملحوظاً للدبلوماسية المصرية باتجاه دعوة كل الأطراف لعقد الجولة المقبلة من اللجنة الدستورية في القاهرة بدلاً من مسقط وجنيف"، مضيفة أن "الجهود المصرية ما تزال في بداياتها ومن غير المعروف مدى قابلية الأطراف على الموافقة على الطرح المصري".

ونقلت الصحيفة عن المصادر العربية، دون أن تكشف عنها، أن "عواصم عربية أخرى قد تتقدم كذلك بطلب لاستضافة هذه المباحثات"، مشيرة إلى أن "كل الخيارات مفتوحة حتى الآن، لكن احتمال عقدها في جنيف مستحيل، وكذلك في مسقط بالوقت الحالي".

النظام السوري يرفض الذهاب إلى جنيف

قال غير بيدرسن، إن "المناخ الدولي اليوم قد يجعل الحل الشامل في سوريا مستحيلاً"، مشيراً إلى أن النظام السوري لن يشارك في اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف طالما لن تحضر روسيا.

من جهتها أعلنت وزارة الخارجية الروسية عن تأييدها استضافة سلطنة عُمان للاجتماع المقبل للجنة الدستورية السورية قبل نهاية العام الجاري، معتبرة أن العُمانيين "أثبتوا أنفسهم كوسطاء موثوقين وغير متحيزين".

وفي تصريحات نقلتها وكالة "سبوتنيك" الروسية، قالت الخارجية الروسية إنه "كان هناك توقف طويل في عمل اللجنة، لأن سويسرا تخلّت عملياً عن حيادها التقليدي، واتخذت موقفاً مناهضاً لروسيا في سياق الأزمة الأوكرانية".

وأوضحت أن ذلك "أدى إلى صعوبات حقيقية بشأن ضمان وصول المسؤولين الروس إلى جنيف، وحضورهم اجتماعات اللجنة"، مضيفة أنه "في ظل الوضع الراهن، رفض وفد النظام السوري السفر أيضاً إلى سويسرا".

"لا جديد وموقفنا ثابت"

قال رئيس هيئة التفاوض السورية، بدر جاموس، إنه "لا جديد فى المسار الدستوري، حيث لا يريد النظام تفعيل أي دور أممي أو مفاوضات سورية، كما أنه مستمر برفضه أي مفاوضات حقيقية".

وأكد "جاموس" في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن هيئة التفاوض السورية لم تتلق رسائل حتى الآن من المبعوث الأممي، سواء حول موعد الجولة القادمة للجنة الدستورية، أو إمكانية عقدها خارج جنيف، أو ما يتعلق بما نشرته وسائل إعلام النظام عن مشروع لعقد المباحثات دون حضور الأطراف الأجنبية.

وذكر "جاموس" أن "هذا النظام للأسف لا يقبل إلا بالبقاء فى الحكم على جماجم السوريين، ونحن موقفنا واضح وناقشناه مع المبعوث الدولي والأمين العام وطلبنا منهم أن لا يبقى الملف السوري رهينة للنظام وهو من يقرر أين تعقد اجتماعات اللجنة الدستورية ويمنع فتح أو مناقشة بقية البنود الخاصة بالقرار 2254، وأهمها هيئة الحكم الانتقالي التى تضمن الانتقال السياسي وبناء دولة جديدة بعيداً عن الدكتاتورية والإجرام يكون فيها العدل والقانون أساس الحكم".

وأردف مسؤول هيئة التفاوض: "نحن موقفنا ثابت وطالبنا المبعوث الأممي بفتح المسارات وعدم الركض وراء الدول ودعوة الأطراف المذكورة بالقرار 2254، وليس من يحدد مكان المفاوضات، سواء الدول أو النظام، خاصة أن المفاوضات اعتمدت فى جنيف منذ عام 2014 ولا يحق لأحد نقلها من جنيف التي تحتضن مقر الأمم المتحدة وتتمتع بالحيادية".

مطالب بإحالة الملف لمجلس الأمن  

ومن "المهم أيضاً توفير الإجراءات التي تضمن الإنجاز، فالنظام خلال 8 جولات لم يقدم شيئاً، وكان يستغل جنيف للحضور والتسوق على حساب الشعب السوري"، حسب "جاموس".

اقرأ أيضا: بعد اجتماعها بنيويورك.. الدول الضامنة تؤكد دورها الرئيسي في التسوية السورية    

وطالبت هيئة التفاوض بضمانات حول آلية تضمن الإنجاز والوقت، ولكن "للأسف كما قلنا ونقول هذا النظام غير معني بالحل السياسي"، وفق" جاموس"، الذي طالب أيضاً المجتمع الدولي والأمم المتحدة بمناقشة الأمر بمجلس الأمن بوجود هيئة التفاوض وتبيان سبب عدم التقدم بأي خطوات بالعملية السياسية منذ عام 2015، وسبب عدم تحمّل الأمم المتحدة مسؤولياتها عبر المطالبة بوضع القرار على طاولة مجلس الأمن وفرضه على كل الأطراف.

"لا نركّز على المكان"

شدد عضو اللجنة الدستورية، طارق الكردي، أن غير بيدرسن لم يرسل لهم أي دعوة رسمية فيما يخص انعقاد الجولة التاسعة من اللجنة الدستورية، كما أنه لم يرسل أي كتاب يفيد بنقل أعمال اللجنة إلى سلطنة عمان أو غيرها.

وأفاد الكردي لموقع تلفزيون سوريا، بأنهم لا يركّزون على مكان عقد مباحثات اللجنة الدستورية بأهمية كبرى، بغاية ما يتم التركيز على المضمون، مضيفاً: "إذا دعانا غير بيدرسن إلى جولة تاسعة في جنيف، وفق نفس المنهجية والمعطيات، سيؤدي ذلك إلى جولة فاشلة، فلماذا أذهب إلى جولة فاشلة؟ هذا ما قلناه للمبعوث الأممي، كما قدّمنا له متطلبات لسير العملية قدماً".

وحول فرص عقد جولة جديدة للجنة الدستورية، في ظل هذه الظروف والمعطيات، قال الكردي: "من ناحية الاستعداد، نحن إيجابيون مع الملف ومع أي مبادرة أو محاولة أممية أو دولية أو عربية لتطبيق القرار 2254، لكن القضية تتمثل في جدية الوفد الذي يمثل نظام الأسد في السماح للجنة بتنفيذ مهامها وكتابة دستور جديد للبلاد، ولدينا شك في هذا الأمر".

اللجنة الدستورية السورية

الجدير بالذكر أن أعمال اللجنة الدستورية تتم برعاية الأمم المتحدة، ضمن إطار الحل السياسي لـ "الأزمة السورية" الممتدة منذ العام 2011، ووفقاً للقرار الأممي 2254 الصادر عام 2015.

وينص القرار على تشكيل هيئة حكم انتقالي وكتابة دستور يسبق إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وهو ما قسم المفاوضات إلى 4 فروع، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب.

ويقود المبعوث الأممي غير بيدرسن، تسيير المفاوضات بين أطراف اللجنة الدستورية، في حين قاد سلفه ستيفان دي ميستورا، جولات عديدة في جنيف، وامتدت لفترات طويلة دون تحقيق تقدم.

ومنذ تموز 2022، تعرقل روسيا، عبر النظام السوري، انعقاد الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية في جنيف، إذ أبلغ الرئيس المشترك للجنة الممثلة للنظام السوري، المبعوث الأممي إلى سوريا، أن وفد النظام سيكون مستعداً للمشاركة فقط عندما تتم تلبية ما وصفه بالطلبات المقدمة من الاتحاد الروسي، من دون أن يذكرها.

وانعقدت أولى جولات اللجنة الدستورية في شهر تشرين الأول من عام 2019 بمشاركة ثلاثة وفود سورية (المعارضة السورية - النظام السوري - المجتمع المدني) تنفيذاً لأحد بنود قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (لعام 2015)، على اعتبار أنها بوابة للانتقال السياسي في سوريا، عبر صياغة دستور جديد، وتأمين البيئة الآمنة والمحايدة لإجراء استفتاء على مسودة دستور، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، بناءً على دستور جديد، إلا أن اللجنة لم تحقق نتائج ملموسة منذ ذلك الوقت.