icon
التغطية الحية

إعادة تدوير أنقاض الزلزال.. خطة لتأهيل البنية التحتية في الشمال السوري

2023.06.20 | 06:44 دمشق

رؤلا
أطنان من الأنقاض والأبنية المتصدعة والآيلة للسقوط تركها الزلزال في كل مكان شمال غربي سوريا – الدفاع المدني السوري
إدلب - عمر حاج حسين
+A
حجم الخط
-A

بعد مضي ما يزيد على 4 أشهر على وقوع الزلزال المدمر الذي ضرب شمال غربي سوريا، في السادس من شباط الماضي، يعمل الدفاع المدني السوري، منذ مطلع حزيران الجاري على إعادة تدوير مئات آلاف الأمتار المكعبة من الأنقاض- التي عملت فرقه على ترحيلها من المناطق المتضررة إثر الزلزال- بهدف تسهيل الطرقات الزراعية وخاصة إلى المخيمات التي أنشئت في غالبيتها على أراضٍ زراعية غير مؤهلة، في خطوة لاقت تشجيعاً وتعاوناً من قبل السكان.

وتعتبر فكرة إعادة تدوير الأنقاض من الأفكار الحديثة في العالم والتي تهدف إلى الحفاظ على البيئة، وتتلخص الفكرة في استعمال آليات خاصّة مهامها طحن الكتل الإسمنتية الضخمة لفصل الحديد وتحويل الكتل إلى حصى صغيرة، للاستفادة منها مجدداً، ومن ثم طحن الحصى بكسارات ثانوية بهدف تحويلها إلى حبات أصغر، قبل نقل الناتج إلى غربال يفرز الحصى في أكوام بحسب قياسها، ثم يستخدم الناتج النهائي إما في فرش الطرق أو تحت الأبنية أو كحصى للإسمنت، كما يؤكد المهندس المدني "مصطفى سليمان".

تدوير الأنقاض شمالي سوريا

وقال عضو مجلس إدارة مؤسسة الدفاع المدني، أحمد يازجي، لموقع تلفزيون سوريا، إن هدف الدفاع المدني من مشروع إعادة تدوير الأنقاض شمالي سوريا، هو إصلاح البنية التحتية الأساسية والمباني والمرافق العامة المتضررة في محاولة لإعادة الحياة إلى المناطق المتضررة وتسهيل عودة المدنيين إلى حياتهم الطبيعية في أقرب وقت ممكن، بما يحفظ حقوق مالكي العقارات المهدمة وممتلكاتهم، مشيراً إلى أن الخطة تستهدف جميع المدن والبلدات المنكوبة في شمال غربي سوريا بالتعاون مع الإدارات المحلية.

وأضاف يازجي أنه بعد أكثر من 4 أشهر على كارثة الزلزال، اقترب الانتهاء وبشكل شبه كامل من أعمال الترحيل للأبنية المنهارة، حيث تم ترحيل نحو من 420 ألف متر مكعب في أكثر من 120 تجمعاً سكنياً (مدينة وبلدة وقرية) إلى اليوم، في حين ما تزال أعمال هدم الأبنية الآيلة للسقوط مستمرة".

وأشار إلى أن الدفاع المدني نجح إلى اليوم في فتح طرق بطول أكثر من 180 كم في 197 تجمعاً سكنياً، كما تم تنفيذ أكثر من 500 عملية إزالة جدران وأسقف متصدعة في 100 تجمع سكني، بالإضافة إلى تجهيز أكثر من 340 ألف متر مربع من الأراضي (مخيمات) والطرق وفرشها بالحصى والأنقاض التي خلفها الزلزال بعد إعادة تدويرها ضمن 250 تجمعاً.

 

 

ومن أبرز الصعوبات التي واجهت فرق الدفاع المدني بحسب يازجي، هو حجم الأنقاض الهائل التي خلفها الزلزال، موضحاً أنه ما يزال هنالك مئات الأبنية الآيلة للسقوط والتي تحتاج لهدم بعد الموافقات من قبل الأهالي، وخاصة في حالات الورثة، وهو الأمر الذي يؤخر عمل فرق الدفاع، إضافة إلى بعد المسافات لأماكن تجميع الأنقاض وهو أمر طبيعي لإبعادها قدر المستطاع عن التجمعات السكانية.

وأكد يازجي أن مسألة تقييم الأبنية عملية (ليست سهلة) وتحتاج لجهود كبيرة من الفرق الهندسية بالمؤسسة، إضافة لمقاطعتها مع جهات أخرى مثل نقابة المهندسين.

وبخصوص كمية الأنقاض المراد إعادة تدويرها، بيّن يازجي أن حجم الأنقاض التي تم ترحيلها تجاوز 420 ألف متر مكعب، وأن جزءا كبيرا من هذه الأنقاض تم ترحيلها لمكبات تم تحديد أماكنها بالتنسيق مع المجالس المحلية، مؤكداً أن جزءا من هذه الأنقاض تم تدويرها في أماكنها فوراً وإعادة فرشها بمناطق قريبة أو ملاصقة، في حين تم نقل الكميات الكبرى لأماكن مخصّصة، وما تزال العملية مستمرة ولم تتوقف حتى الآن، ويتم إعادة تدويرها واستخدامها في عمليات فرش الطرقات وأرضيات المخيمات، مشيراً إلى أن الأراضي التي تم فرشها بأنقاض معاد تدويرها موزعة في مناطق "حارم وسلقين وريف حلب الشرقي وجنديرس وجسر الشغور وجبل الزاوية".

 

 

محددات قانونية

وحول المحددات القانونية لحفظ الملكيات العامة، حمّل يازجي هذه القضية على عاتق المجالس والسلطات المحلية بشكل كامل، أمّا بخصوص الملكيات الخاصة فقد شدد على وجود إجراءات أخرى كالحصول على الموافقة الرسمية من أصحاب العقارات لترحيل الأنقاض بالتنسيق مع المجالس والتحقق من الملكية الخاصة لأصحاب العقار، إذ يتم تسليم أصحاب العقارات الخاصة الأغراض من تحت الركام وبعدها يتم ترحيل الأنقاض بعد عملية العزل، وفق قوله.

ولفت إلى أن ترحيل الأنقاض وتدويرها يهدف بالدرجة الأولى إلى ضمان عدم انتشار الأوبئة والقوارض والحشرات مع اقتراب فصل الصيف، ومن ناحية أخرى يهدف إلى تعزيز تعافي المجتمعات المتضررة بسرعة، بالتنسيق مع المجالس المحلية، حيث تمت إزالة جميع الشوائب في أثناء التدوير منها (أخشاب وحديد وغيرها) ومن ثم تمت إعادة استخدامها.

ما دور المجالس المحلية؟

بدوره، أكّد مسؤول المكتب الإعلامي لمدينة جنديرس شمالي حلب، رياض جاسم، لموقع "تلفزيون سوريا"، أن قضية فرش الطرقات والترحيل والآليات هي بإشراف الدفاع المدني بشكل كامل، وأن دورهم في المجلس المحلي يقتصر على تحديد أماكن نقل الأنقاض "مخيمات أو طرقات" حسب الاحتياج والأولويات، مشيراً إلى أن معظم الطرق الرسمية المؤدية إلى المخيمات الرسمية التي يتراوح عددها بين 40 إلى 55 تم فرشها بالكامل.

ولفت إلى أن مشروع تدوير الأنقاض خفف من معاناة السكان في المخيمات، مسترسلاً بقوله: "لقد كانت ردّة فعل السكان إيجابية تماماً، وأبدى كثير منهم عن سعادته لهذه الخدمة".

وفي السياق، رأى رئيس المجلس المحلي لمدينة حارم غربي إدلب، محمد نواف السيد علي، أن مشروع إعادة التدوير خفّف عن المجلس مشاريع خدمية عدّة، إذ تمكن الدفاع المدني بالتنسيق مع المجلس المحلي من إعادة تأهيل أكثر من 20 طريقا زراعيا في المدينة بينها طرق رئيسية تصل إلى 14 مخيماً، وهو ما وصفه "السيد علي" بالأمر المكلف جداً لولا هذا المشروع، مقدراً أن كلفة تأهيل طريق زراعي واحد فقط يحتاج إلى أكثر من 1500 دولار أمريكي.

وأبدى السيد علي امتنانه لهذا المشروع، معتبراً أنها خطوة جيدة بسبب وعورة الطرقات في المنطقة وخاصة المؤدية للمخيمات، وعدم قدرة الأهالي على تنفيذها بسبب كلفتها المادية.

أهمية تدوير الأنقاض

خلال إعداد هذا التقرير، استضفنا المحلل الاقتصادي، حيان حبابة، ليُطلعنا عن أهمية هذا المشروع؛ ليؤكد أن هذه الخطوة ليس لها تأثير مهم نظراً لقلة حجمها مقارنة بالحجم الكبير للخدمات المطلوبة بالمناطق المحررة بشكل عام، لكن في المقابل رأى حبابة أنها خطوة إيجابية تسهم في تقليل التكاليف عن جميع العاملين والمدنيين وحتى السلطات الموجودة المعنية بالدرجة الأولى في تقديم هذه الخدمات.

وأشار حبابة إلى أن إعادة تدوير الأنقاض ستساهم في تخفيف التكاليف على المنظمات العاملة في تقديم نفس الخدمة، من خلال ربط الطرق بعد تقطيعها وتشييد البنى التحتية التي دمرها الزلزال، مشيرا إلى أن كمية التوفير من هذه التكاليف ستكون قليلة نظراً لحجم الحاجة الكبير لهذه الخدمات.

وأوضح أن الاستفادة ستكون بشكل غير مباشر، من خلال توفير البنية التحتية للمنظمات قبل تشييدهم الأبنية والمكاتب العامة لاستثمارها، فضلاً عن تشييد المدارس والمستوصفات والمشافي لإعادة استثمارها من قبل المنظمات، وهذا سيوفر على الأخيرة إعادة بناء تلك المباني بتكاليف أقل.

بدوره يرى الناشط الإعلامي، عبدالله رشيد، أن مبادرة "تدوير الأنقاض" ساهمت بشكل كبير في مساعدة الأهالي ممّا تبقى من أنقاض منازلهم التي دمرت، ومنها الحديد وبيع الأنقاض، مشيراً إلى أن العديد من العائلات لا تزال إلى اليوم تعتمد على القضبان الحديدية التي استخرجها الدفاع المدني من أنقاض منازلها كمصدر دخل لها.

وفي آخر حصيلة نشرها فريق "منسقو استجابة سوريا" في 11 نيسان، فإن عدد الأسر المتضررة من الزلزال في مناطق شمال غربي سوريا بلغ 334 ألفاً و821 أسرة، في حين تجاوز عدد أفراد هذه الأسر 1.8 مليون، فضلاً عن تضرر 2171 مبنى من جرّاء الزلزال، كما بلغ عدد المباني غير الآمنة للعودة وغير القابلة للتدعيم 5344 مبنى.