icon
التغطية الحية

أساسيات تتصدر الأزمات.. لائحة أسعار جديدة للأدوية تزيد آلام السوريين

2023.01.26 | 06:25 دمشق

أسعار الأدوية في سوريا
أسعار جديدة للأدوية في سوريا (أ ف ب)
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

لا يعاني سكان مناطق النظام السوري من أزمة واحدة في اليوم، إنما أزمات متتالية على جميع الأصعدة، من انقطاع الكهرباء وغلاء أسعار السلع إلى انهيار قيمة الليرة السورية وفقدان الأساسيات من تدفئة وأمن غذائي واستقرار، لتأتي "مصيبة" ارتفاع أسعار الأدوية بنسب تصل إلى 80 في المئة في وقت لا يجد فيه المواطن السوري قوت يومه.

ورغم ارتفاع أسعار الأدوية في كانون الأول الماضي بنسبة 30 في المئة وقبل ذلك في آذار 2022 بنسبة تتجاوز 40 في المئة، أعلنت مديرية الشؤون الصيدلانية في وزارة الصحة التابعة للنظام السوري، رفع أسعار معظم أنواع الزمر الدوائية، بنسب مختلفة تصل إلى 80 في المئة.

وبررت المديرية رفع أسعار الدواء بحجة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية بشكل رسمي في مصرف سورية المركزي، وزيادة تكاليف حوامل الطاقة مع ارتفاع أسعار المحروقات.

وفي إطار ذلك، أوضح عضو مجلس نقابة الصيادلة في سوريا محمد نبيل القصير، أن نسب رفع الأدوية بموجب قرار الوزارة وصلت إلى نحو 50 في المئة، وشمل معظم أنواع الزمر الدوائية، بينما وصلت نسبة رفع بعض الأنواع إلى 80 في المئة، بحسب ما نقلته صحيفة "الوطن"، المقربة من النظام السوري.

وأضاف القصير أن تعديل أسعار الأدوية يدعم السوق الدوائية وعجلة الإنتاج، لكن لا تزال هناك نسبة خسارة لبعض المستحضرات التي تحتوي على تركيز المادة الفعالة بنسبة عالية والتي تشكّل نحو 60-65 في المئة من سعر الدواء، بحسب قوله.

لا تأثير للعقوبات على لائحة الأسعار

وحصل موقع "تلفزيون سوريا" على لائحة أسعار الأدوية الجديدة في مناطق سيطرة النظام السوري، حيث شملت ارتفاع الأسعار 12826 صنفاً دوائياً، معظمها ارتفعت أسعاره الجديدة بنسبة 50 في المئة على الأقل.

وتشمل لائحة الأسعار الجديدة كل الشركات الدوائية المصنعة في سوريا، ولا تقتصر على الأدوية العلاجية إنما تشمل حليب الأطفال ومستحضرات التجميل والعناية بالبشرة والزيوت الطبية والأعشاب الطبيعية ومختلف أنواع الشاي.

أسعار أدوية ومستحضرات في سوريا 2023
أسعار أدوية ومستحضرات في سوريا 2023

يمكن الاطلاع على لائحة أسعار الأدوية في سوريا من هنا:

وقال خليل رامي، أحد الصيادلة بدمشق، إن زيادة أسعار الأدوية صعب جداً على الناس في هذه المرحلة، ولكن الشركات مضطرة لفعل ذلك لأنه ليس لديها أي دعم يذكر.

وأضاف الصيدلاني الذي يعمل في أحد معامل الأدوية بريف دمشق، لموقع "تلفزيون سوريا"، أنه لا تأثير للعقوبات الاقتصادية على صناعة الأدوية في سوريا، لأن الأدوية والمعامل الدوائية خارج نطاقها تماماً، ويمكن استيراد أي مستحضرات لصناعة الأدوية من دون أي مشكلات.

أسعار أدوية ومستحضرات في سوريا 2023
أسعار أدوية ومستحضرات في سوريا 2023

سوق سوداء للأدوية

وأردف رامي أن مشكلة الدواء بسوريا، هو عدم وجود خدمات تصنيعية، من ناحية الكهرباء والمحروقات التي تساعد في تشغيل المختبرات.

وأشار إلى أن الشركات الدوائية تربح بشكل كبير ولكن هذه شركات خاصة، تشتري العديد من موادها الخام من خارج سوريا، وتدفع بالدولار لذلك هي مضطرة للتسعير وفقاً لأسعار الصرف الرسمية على الأقل.

ولفت إلى أن الصيادلة ليس لهم أي دور في تسعير الأدوية، لأنها تسعر من قبل وزارة الصحة ومديرياتها في المحافظات.

ويرى أن الزيادة الجديدة سترهق كثيراً من العائلات التي لديها مرضى يعانون من أمراض مزمنة مثل ارتفاع السكري والضغط ونوبات الصرع والسرطانات والفشل الكلوي والحساسية وغير ذلك.

وأكّد أن أسعار هذه الأدوية بالأساس مرتفع لأن الطلب عليها كثير وقد تفقد من الأسواق من حين لآخر، ما يجعل ارتفاع أسعارها ممكناً، حيث إن الصيدليات بات فيها أسواق سوداء بسبب الفساد المستشري في كل مكان، والأسعار تصل إلى أربعة أو خمسة أضعاف أحياناً.

وأكمل أن بعض مرضى السرطان يموتون فعلياً بسبب غلاء جرعات الأدوية، ولا توجد جمعيات تساعدهم لأن لديها أعداداً كبيرة جداً من طلبات المساعدة وأموالها قليلة في مواجهة الغلاء.

ويعاني العديد من المرضى في مناطق سيطرة النظام السوري، من عدم وجود كثير من أصناف الأدوية في الصيدليات، ما يدفعهم للبحث عنها في السوق السوداء أو في صيدليات لا تعرضها لأنها مهربة ولا تخضع للتسعير النظامي، الأمر الذي يجعل أسعارها مرتفعة جداً. 

أسعار أدوية ومستحضرات في سوريا 2023
أسعار أدوية ومستحضرات في سوريا 2023

معاناة لا يمكن تحملها

وأزمة الدواء في سوريا ليست وليدة اللحظة، إنما تتكرر من حين إلى آخر لعدم وجود أي حلول لدى حكومة النظام السوري في تأمين الأساسيات، خصوصاً مع المعاناة اليومية للباحثين عن الأدوية خصوصاً كبار السن والذين يعانون من أمراض مزمنة.

وتشهد مئات الصيدليات في دمشق وريفها فقدان العديد من الزمر الدوائية الأساسية منذ نحو 6 أشهر، حيث كانت ترفض معامل الأدوية توزيعها لحين رفع أسعارها.

وقالت زينب الفضلي التي تعاني من عدة أمراض مزمنة وهي بحاجة إلى أدوية مستمرة كانت تصل كلفتها إلى 75 ألف ليرة شهرياً بينما هي الآن بحاجة لدفع ما يتجاوز 140 ألف ليرة على أقل تقدير.

وأضافت الفضلي لموقع "تلفزيون سوريا" أنه لا يمكنها أن تعيش من دون هذه الأدوية لأن ارتفاع السكر أو الضغط لديها قد يؤدي إلى أعراض أكبر وذهاب إلى المستشفى وقد تصل إلى مخاطر الوفاة.

وأشارت السيدة البالغة من العمر 65 عاماً، أن ابنها يرسل إليها شهرياً مساعدة مالية ولكن تكاليف الحياة لا تكفيها، لأن كل شيء مرتفع الآن.

موسم أمراض وأدوية مرتفعة الأسعار

من جانب آخر، قال الدكتور فادي حنين الاختصاصي بطب الأطفال، إن ارتفاع أسعار الأدوية مصيبة جديدة حلت على السوريين الآن، معظمهم لن يتمكن من التعامل معها بسهولة.

وتابع الدكتور فادي لموقع "تلفزيون سوريا" أنه يلتقي بعشرات المرضى وذويهم يومياً، هناك ضائقة واضحة على الناس، الرواتب لا تكفي شيئاً، حتى معاينة الطبيب مكلفة، ولكن نبذل جهدنا في المساعدة عبر الأدوية المجانية القليلة التي تأتينا أو التي قد تكون بديلاً قريباً مما قد يعانون منه.

وأشار إلى أن الجميع يسأل عن الأدوية المجانية، والشركات ليست مثل قبل توزع علينا بكميات، إنما عدة كراتين صغيرة كل شهر، بوجود واسطة ومعارف في تلك المعامل.

ولفت إلى أن هذا الشتاء مع غياب التدفئة الجيدة، يعاني الأطفال من أمراض كثيرة في مقدمتها "الغريب والزكام والحمى والتهاب الحلق" وهذه بحاجة لأدوية ليست رخيصة أبداً عليهم قد تصل أسعارها إلى 50 ألف ليرة على الأقل.

ورغم أن مناعة الأطفال قوية، لكن الدواء ضروري لتجاوز الطفل لأوجاعه، فهو غير قادر على الحصول على الفيتامينات والمقويات والعلاج من الأطعمة والمشروبات الساخنة كما يفضل السوريين، إنما الحل الأسرع والأنجع بتناول الدواء في مواعيده الصحيحة وبجرعاته الكاملة، وفق حنين.