icon
التغطية الحية

أزمة المحروقات.. مؤسسات القطاع العام والخاص في سوريا مهددة بالانهيار

2022.12.05 | 08:33 دمشق

أزمة المحروقات في مناطق النظام
مؤسسات القطاع العام والخاص في سوريا مهددة بالانهيار بسبب أزمة المحروقات - تعبيرية
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

"وصلت مؤسسات الحكومة إلى مرحلة الشلل. هذه أقوى أزمة محروقات تمر بها البلاد"، هكذا عبر أحد الموظفين في  إحدى الشركات التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان، مضيفاً "أن الشركة أوقفت المبيت لعدم توافر المحروقات، وأوقفت المولدات الكهربائية ما أوقف أجهزة الحاسوب والطابعات والشبكات الضرورية للعمل".

شلل القطاع العام

مشكلة الموظف حسام (اسم مستعار) مشكلة باتت عامة في الجهات الحكومية التي لم يستطع الموظفون الوصول إليها بسبب توقف المبيت الخاص بدوائرهم، وعدم توافر مواصلات عامة نتيجة أزمة المحروقات التي تعاني منها البلاد، إضافة إلى توقف وسائل العمل ضمن تلك الجهات، ما جعلها مشلولة. الشركة السورية للاتصالات، بررت علناً الأسبوع الماضي، توقف عدد من مراكزها الهاتفية للهاتف الأرضي والإنترنت، لصعوبة تأمين الوقود اللازم لعمل المولدات الكهربائية، والضرورية لتأمين استمرارية تشغيل هذه المراكز خلال فترات التقنين بالتيار الكهربائي".

بعد موجة الاستقالات من القطاع العام التي بدأت تشتد منذ بداية العام نتيجةً لضعف الراتب أمام استمرار التضخم وعدم جدوى هدر ساعات الدوام يومياً مقابل 100 ألف ليرة شهرياً، بدأت الموجة تزداد حدةً أكثر منذ بدء أزمة المحروقات التي دفعت المترددين سابقاً، للتفكير الجدي حالياً بالاستقالة، وفقاً لحسام.

القطاع الخاص يعاني أيضاً

 يقول مرعي 35 عاماً وهو من سكان جديدة عرطوز في ريف دمشق، ويعمل في مكتب سياحة وسفر في منطقة المرجة بدمشق، أنه متوقف عن العمل منذ أسبوع تقريباً، ولا يستطيع الوصول إلى عمله، مشيراً إلى أن المكتب الذي يعمل به نحو 8 موظفين، اقتصر على موظفين اثنين أحدهما من سكان دمشق ويملك دراجة هوائية. 

المحال التجارية، والمنشآت الصناعية بدأت بحسب استطلاع للموقع، بتخفيض الإنتاج أو ساعات العمل أو أيام العمل الأسبوعية وحتى الموظفين والعمال، لعدم قدرتها على تأمين المحروقات سواء بالطرق الرسمية أو غير الرسمية، إضافة إلى تهديدهم من قبل وزارة التجارة بإنزال العقوبات عليهم في حال اشتروا المحروقات من السوق السوداء، ما جعل تشغيل المولدات "شبهة" بحسب ما أكده البعض.

شوارع خالية وأسعار مرتفعة

تبدو الشوارع شبه خالية من السيارات فرسائل البنزين المدعوم باتت تصل للسيارات السياحية الخاصة كل 20 – 22 يوماً، والبنزين المباشر بالسعر الحر كل 30 يوماً أو أكثر، وسط أزمة حادة على محطات بنزين الأوكتان 95. 

ووصل سعر لتر البنزين في السوق السوداء بدمشق إلى 18 ألف ليرة وهو شحيح جداً وغير متوافر بسهولة، والبنزين اللبناني المهرب 20 ألف ليرة، وعلى الشق الآخر وصل سعر لتر المازوت إلى 16 ألف ليرة، وهو سعر فاق كل التوقعات التي أشارت إلى إمكانية وصول اللتر إلى 10 آلاف ليرة في الشتاء.

ويباع البنزين والمازوت بمزادات عبر مجموعات مغلقة في "فيسبوك"، وغالباً من يبيعها أصحاب سيارات قاموا بتوقيفها لعدم قدرتهم على تحمل نفقاتها بشكل عام أو استخدامها بشكل يومي. 

ارتفاع أسعار المحروقات وشحها، ساهم برفع أسعار كل شيء سواء سلع أو خدمات، ما زاد من حدة التضخم وفاقم سوء الوضع المعيشي بشكل حاد سريعاً وخلال أيام فقط. 

العملية التعليمية في خطر

أزمة النقل تسببت بتضرر العملية التعليمية، حيث عجز كثير من الطلاب والمدرسين بجميع مراحل التعليم من الوصول إلى المدارس والجامعات سواء الخاصة التي تؤمن المواصلات لطلابها، أو العامة، ورغم المطالب عبر وسائل التواصل الاجتماعي بضرورة توقيف العملية التعليمية حتى تحل الحكومة مشكلاتها كي لا تكون هناك فجوة تعليمية بين الطلاب، إلا أن وزارة التربية، أكدت أن "الدوام المدرسي مستمر بشكلٍ طبيعي في جميع المدارس، ولا وجود لخطة أو دراسة في الوقت الراهن لإيقاف الدوام الرسمي للطلاب والعاملين في قطاع التربية"، بينما لم يصدر شيء عن وزارة التعليم العالي

محاولات خجولة

يحاول السوريون عبر مجموعات وسائل التواصل الاجتماعي التخفيف من حدة المشكلة بقيام أصحاب السيارات الذين وصلتهم رسائل البنزين بعرض خدماتهم لتوصيل آخرين على طريقهم، لكن وفقاً لأحد القائمين على إحدى المجموعات الشهيرة بهذا الصدد، والذي فضل عدم ذكر اسمه خوفاً من ملاحقته من قبل فرع الجرائم الإلكترونية، فإن "التفاعل ضعيف جداً، ومن النادر أن نجد شخصاً يعرض خدماته".

وعن السبب في ذلك برأيه، قال "إن كثير من أصحاب السيارات لا يضمنون توجههم يومياً إلى العمل بسياراتهم، ويحاولون الحفاظ على البنزين تحسباً من أي طارئ يستدعي التحرك الفوري بالسيارة، خاصةً وأنه من غير المضمون حصولهم على البنزين بوقت محدد".

وأضاف "البعض يجد بنقل الناس يومياً بالمجان استنزافاً لمواردهم المادية التي تتآكل يوماً بعد يوم بينما يمكنهم استغلال طريقهم اليومي بعائد مادي، ولذلك يحجمون عن التوصيل المجاني مقابل التوصيل بمقابل، ومجموعتنا غير مخصصة لهذا النوع من الخدمات". 

أزمة حلفاء

وقالت وزارة التجارة الداخلية يوم الجمعة الماضي إن "توقف توريدات النفط تعود إلى ظروف الأصدقاء (لم يسمهم) الذين يزودون سوريا بالمشتقات النفطية"، موضحة أنه يجري العمل على حل الأزمة لمعالجة هذا الظرف القاهر ومن دون ضجة إعلامية" بحسب قولها.

وكانت إيران قد وعدت بزيادة كميات النفط الخام من 2 إلى 3 ملايين برميل شهرياً، بعد زيارة بشار الأسد، طهران في أيار الماضي، والتوقيع على خط ائتماني جديد بقيمة مليار دولار، لكن ذلك لم يتم.

وتعصف الاحتجاجات الشعبية بإيران المصدر الرئيسي للنفط في سوريا، منذ أن توفيت الشابة البالغة من العمر 22 عاماً، مهسا أميني، بعد اعتقالها بسبب عدم التزامها بارتداء الحجاب أيلول الماضي. 

وبالتزامن، تعيش روسيا حالة من العزلة وتشديد العقوبات على صادراتها النفطية والغازية بعد فرض سقف سعر للبرميل من قبل الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع عند 60 دولاراً، مع تهديد الناقلات التي تنقل نفطاً تم شراؤه من روسيا بسعر أعلى من عدم تقديم خدمات التأمين والشحن بشكل عام، لتعلن روسيا أنها لن تبيع النفط بهذا السعر لو اضطرت لخفض إنتاجها.

الحكومة خفضت مخصصات المحافظات من المحروقات ومخصصات الجهات الحكومية بين 40 – 50%، وبرر وزير النفط والثروة المعدنية، بسام طعمة ذلك، بأنه "لتأمين الاحتياجات من المشتقات النفطية اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية للمواطن، كاشفاً عن استمرار أزمة شح المشتقات النفطية منذ  50 يوماً بسبب تأخر التوريدات". 

وتشهد سوريا في الفترة ذاتها من العام منذ عامين أزمة بالمحروقات، ما جعل البعض يربطها بقرار حكومي متعلق بضبط الإنفاق مع نهاية العام قبل بداية العام المقبل بميزانية جديدة، في حين ربطها آخرون بنية الحكومة بتحرير سعر المحروقات أو رفعها بنسبة كبيرة استناداً لشدة الأزمة الحالية، فقد عهد السوريون قيام الحكومة برفع سعر المحروقات بعد كل أزمة أخف من التي يعيشونها اليوم.