سلطة أوسلو تمد يد الإنقاذ لنظام مافيا الكبتاغون

2023.02.01 | 07:44 دمشق

سلطة أوسلو تمد يد الإنقاذ لنظام مافيا الكبتاغون
+A
حجم الخط
-A

نشرت مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا، وهي منظمة تتابع أحوال اللاجئين الفلسطينيين في سوريا وفي مناطق النزوح واللجوء بعد الثورة السورية، نشرت تحديثاً يتعلق بتجديد جوازات سفر اللاجئين الفلسطينيين الذين لجؤوا من سوريا إلى تركيا بعد انطلاق الثورة السورية، يفيد ذلك التحديث بأن قنصلية فلسطين في تركيا قد وضعت شروطاً جديدة لتجديد جواز السلطة للفلسطيني السوري في تركيا.

عند الوهلة الأولى يتبادر للذهن أن الحديث يتجه نحو تسهيلات لاستخراج الوثيقة المطلوبة بعد الإحصاءات التي تم تداولها بأن أكثر من مئة طفل من فلسطينيي سوريا ممن يقطنون في منطقة أسنيورت بمدينة إسطنبول خارج العملية التعليمية، نتيجة عدم حصولهم على الإقامة القانونية، بالإضافة لعشرات الأطفال في مناطق اللاجئين الفلسطينيين في تركيا، وذلك بسبب تأخير إصدار جوازات السفر.

لكن القرار جاء ليصعب مسألة إصدار الوثيقة المطلوبة، حيث اشترط لتجديد جواز سفر السلطة للفلسطيني السوري، إحضار شهادة ميلاد، وصورة لجواز سفر الأم والأب، وصورة لعقد الزواج، وبيانات عائلة محدثة، بالإضافة لصورة بطاقة الأونروا، واشترط أن تكون كل هذه الأوراق مصدقة من خارجية النظام في دمشق أو قنصلية النظام السوري في تركيا، وتصل كلفة حجز موعد لدى قنصلية النظام إلى مئات الدولارات، بالإضافة للانتظار الطويل في الحصول على الأوراق، مما يحرمهم من عملية تجديد إقاماتهم في تركيا، وانقطاع أبنائهم عن المدارس بسبب تأخر الحصول على الوثيقة.

تستمر رغم كل هذه المعطيات بتقديم الدعم لمافيا النظام في المحافل الدولية، كما حصل عند التصويت على تجريم نظام الأسد باستعمال الأسلحة الكيماوية

ليست هذه أول قرارات السلطة الفلسطينية التي تعكس عدم اكتراثها بأحوال فلسطينيي سوريا من اللاجئين إلى دول الجوار أو النازحين داخل سوريا، يكفي ما تقوم بهِ وفودها الرسمية من لقاءات وحوارات مباشرة مع مافيا نظام الكبتاغون،  التي لا تخلو معتقلاتها من عشرات الفلسطينيات والفلسطينيين من فلسطينيي سوريا، والذين لا تطالب بهم السلطة، وتستمر رغم كل هذه المعطيات بتقديم الدعم لمافيا النظام في المحافل الدولية، كما حصل عند التصويت على تجريم نظام الأسد باستعمال الأسلحة الكيماوية حين جردت الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في 21 نيسان/أبريل 2021 نظام الأسد من حقه في التصويت داخل المنظمة، في إجراء وصف بأنه غير مسبوق وخطوة رمزية، وجاء القرار في أعقاب صدور تقرير عن المنظمة ذاتها يتهم نظام الأسد باستخدام غازات سامة في العام 2018 في شمالي سوريا.

عارضت حينها 15 دولة تصدرتها سوريا وروسيا والصين وإيران، ومندوبة السلطة الفلسطينية روان سليمان، حينها القرار في خطوة مستفزة لفلسطينيي سوريا ممن هم ضحايا لنظام الكيماوي، ولم تكن هذه آخر محاولة إنقاذ تقوم بها سلطة أوسلو لنظام مافيا الكبتاغون، ومن الواضح أنها مستمرة في التمادي بالتعامل مع فلسطينيي سوريا على أنهم مادة ابتزاز سياسي ومادي لا أكثر.

سلطة أوسلو التي لم يردعها تطابق جرائم مافيا الكبتاغون مع جرائم الاحتلال الإسرائيلي، من اتخاذ خطوات باتجاه إعادة تأهيل نظام الأسد في محيطه عبر تطبيع العلاقات مع النظام السوري، وإظهاره حليف لنضال الفلسطينيين، وهذا مخالف للواقع بالكامل، لا تنظر أنها بذلك تشبه في منطقها الأعوج من يقيمون علاقات التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي الذي استخدم أسلحة كيماوية في حروبه على غزة، وتفنن في تقتيل الفلسطينيين وتهجيرهم، وكل عمليات التطهير العرقي اليومي المستمرة.

تأمين مصدر دخل للنظام السوري من عملية تعقيد حياة فلسطينيي سوريا في مناطق نزوحهم والشتات، يقول كل شيء عن تحالف النظم الأمنية في المنطقة، والتي تستغل الشعوب وقضاياها الإنسانية في سبيل الجباية الداخلية والخارجية، وقد تبادلت النظم الأمنية خبرات الجباية حتى باتت تكون نسخة مطابقة لبعضها البعض في حلب جيوب ضحايا الاحتلال ووكلائه والديكتاتوريات العربية.

تستمر سلطة أوسلو عبر سياساتها في الجباية من فلسطينيي الداخل والخارج باستفزاز الرأي العام الفلسطيني، كذلك استفزاز ضحايا النظام السوري القاتل من فلسطينيي سوريا

لن يكون هذا آخر صيحات الجباية التي تبتكرها الأنظمة الأمنية والشمولية، فبعد أن ابتكر السيسي نظام الخاوة صبح على مصر بجنيه، ألهم سلطة أوسلو بنظام جباية جديد عبر شبكات المحمول الفلسطينية حيث أصدر الرئيس أبو مازن قرارا باقتطاع شيكل شهرياً من كل خط محمول بادعاء توجيهها لتعزيز صمود أهالي القدس،  وهذا الأمر سبب تأجيجاً واسعاً للرأي العام الفلسطيني الذي اعترض على التفنن في عمليات الجباية، في حين هم يشهدون على ضخامة رؤوس أموال شخصيات السلطة الفلسطينية، وكل معطيات الفساد العام.

تستمر سلطة أوسلو عبر سياساتها في الجباية من فلسطينيي الداخل والخارج باستفزاز الرأي العام الفلسطيني، كذلك استفزاز ضحايا النظام السوري القاتل من فلسطينيي سوريا، ولا يوجد ما هو أدل على تدني ثقة الفلسطيني بنزاهة الذمة المالية لسلطة أوسلو من ردات الأفعال الغاضبة على أساليب الجباية عنوة، عبر قرارات رئاسية تقترب من كونها صدامية مع وعي الشعب الفلسطيني المدرك بالكامل أن سلطة أوسلو، تتعامل معه كمادة لاستمرار حكمها، ورفده بالتمويل الداخلي والخارجي، أكثر مما هي منشغلة بتعزيز صموده في الداخل المحتل أو في الشتات.

يظل التساؤل قائماً حول مستقبل عشرات الفلسطينيين من أبناء فلسطينيي سوريا في تركيا، وحول أفق التحاقهم بالعملية التعليمية، حيث كان من المأمول عوضاً عن إرهاق عائلاتهم بتحصيل الأوراق الثبوتية من سفارة النظام، أن يتم تحريك قضيتهم عبر السفارة الفلسطينية في تركيا بالتعاون مع منظمة اليونيسكو ووكالة الأونروا لتسهيل التحاقهم بالعملية التعليمية، لكن شيئاً من هذا لم يحصل، فالسلطة الفلسطينية وأوسلو التي أتت بها لم تكن بقرار جمعي فلسطيني، بل كان قراراً تجاوز فلسطينيي الشتات والجزء الأكبر من فلسطينيي الداخل المحتل، وهي مستمرة في سياسات أمنية واقتصادية لا تعكس تطلعات فلسطينيي الداخل أو الخارج.