حان وقت إخراج اللاجئين السوريين من "البازار" اللبناني

2021.03.13 | 05:44 دمشق

thumbs_b_c_da3bed07a7bb77e6c142b1636eecfc4f.jpg
+A
حجم الخط
-A

مَلّ السوريون من متابعة التنظير والتحليلات، التي رافقت ثورتهم منذ انطلاقتها قبل عشر سنوات عجاف، ذاق السوريون خلالها كل أنواع القهر والإذلال، التي مارسها خصومهم، و"المتلطين" بها على اختلاف مشاربهم. 

بعد عشر سنوات، حان وقت إعادة النظر بآليات العمل المعمول بها، والتي أثبتت فشلها، وعجزها عن إيصال الثورة إلى بر الأمان، وحان وقت انتهاء الاكتفاء بالتنظير والتحليل، وطرح اقتراحات وخطط عملية، تساعد على حل مشكلات السوريين، أينما كانوا، بعيداً عن ضوضاء التبشير بقرب انتهاء الأزمة، وصار لازماً الذهاب إلى الاعتماد على عمل "استراتيجي صبور" يلاقي العالم، الذي سلمناه التخطيط لمستقبلنا، في منتصف الطريق.

بغض النظر عن مواقفنا من "ائتلاف قوى المعارضة السورية"، ورفضنا للفساد الذي ينخر فيه، وموقفنا من بؤس أدائه السياسي، و"المراهقة السياسية" التي طغت على أدائه، لا يمكننا أن ننكر أنه الجهة التي "اعتمدتها ...!" دول العالم، لتمثيلنا، ومخاطبتنا عبرها، وبعد أن فشلنا في ضبط أدائه، وتحويله إلى جسم سياسي يقدم قضيتنا للعالم، ويساهم في تخليصنا من الوجع الفظيع الذي نعيشه، حان الوقت للمشاركة في تقديم الاقتراحات العملية، أولاً بأول، بما يتوافق وقدرته الفعلية، التي لا تتعدى نقل الرسائل إلى العالم، ووضعه أمام مسؤولياته الإنسانية والأخلاقية اتجاه الشعب السوري. 

بعد عشر سنوات، حان وقت إعادة النظر بآليات العمل المعمول بها، والتي أثبتت فشلها، وعجزها عن إيصال الثورة إلى بر الأمان

يبدو وضع اللاجئين السوريين في لبنان من أكثر القضايا الملحة، التي تحتاج إلى حلول عملية، لا تكتفي بالمناشدات وإصدار البيانات الموسمية، بل وضع وتنفيذ خطط تخلصهم من حالة الخوف والرعب اليومي الذي يعيشونه، بسبب الممارسات القذرة من حلفاء نظام الأسد في لبنان، وأجهزته النافذة، والموجات العنصرية المتتالية، إذ كلما "دق الكوز بالجرة" - وما أكثر دقاته - بين اللبنانيين، فإنهم يرمون كل مساوئهم، وخطاياهم اتجاه شعبهم، على ظهر أهلنا اللاجئين في لبنان.

يسرقون أموال كهربائهم، ويحملون "اللاجئ" السوري المسؤولية للتغطية على تقصيرهم، وسرقاتهم.

تنخفض قيمة عملتهم نتيجة سياساتهم، ومواقفهم السياسية، وتغطيتهم على تدخل حزب الله في شؤون الدول العربية، تنفيذاً للمخطط الإيراني، فلا يجدون إلا السوري "مكسر عصا"، يحملونه الأسباب، ويغتالونه بسكاكينهم الجبانة.

يعجزون عن "لم زبالتهم" من الطرقات، فيغطوا عجزهم برمي المسؤولية على "اللاجئ السوري"، كي يسرقوا إعانته...! 

إن الحالة التي يعيشها السوريون في لبنان، تحتاج من الائتلاف مقاربة مختلفة، تستبدل المناشدات، وإصدار بيانات الشجب، بتشكيل لجنة دائمة من الحقوقيين والمتابعين، تعمل على وضع خطة عمل واضحة، تساعد على إيقاف عملية ابتزاز العالم، وسرقة المساعدات المقدمة للاجئين السوريين في لبنان.

على اللجنة أن تعمل على رصد واقع الحال الذي يعيشه اللاجئ السوري، وحال المخيمات التي لا تقي من برد وتحمي من حر، وتفتقد أبسط متطلبات العيش الإنساني، ومتابعة سرقة المخصصات التي تقدمها دول العالم ومنظمات الأمم المتحدة، والتأكد من وصولها إلى مستحقيها، وكشف زيف الأرقام التي تقدمها الحكومة اللبنانية عن أعداد اللاجئين، إذ خلافا للأرقام التي يقدمونها، وتتبدل من سياسي لبناني لآخر، ومتوسطها مليون ونصف المليون، خلافا لهذا فإن الأرقام الواقعية المسربة عن بعض مصادر الأمم المتحدة، تؤكد أن العدد الفعلي للاجئين السوريين في لبنان لا يتعدى الستمئة ألف لاجئ.. إنهم يقومون بتضخيم عدد اللاجئين، ليسرقوا فارق عدد المخصصات، وليس أدل على هذا من فضيحة سرقة السبعة ملايين دولار من مخصصات إحدى الهيئات الدولية لتعليم اللاجئين، والتي جرى "لفلفتها" والتكتم على السارقين، وهم في مواقع المسؤولية في لبنان.

على اللجنة أن تقدم تقارير دقيقة وموثقة للهيئات العالمية، وتخاطبها يوميا، وتقترح الحلول، وتلح على الأخذ بها، وأبرزها – في اعتقادنا – ضبط الأموال التي تسرقها الجهات اللبنانية، وتحويلها لبناء مخيمات إسمنتية في المناطق السورية المحررة، على غرار المخيمات التي نفذتها السلطات التركية، ونقل اللاجئين السوريين من لبنان إليها، وتوفير فرص عمل لهم في الداخل السوري، من خلال بناء منشآت صغيرة زراعية وصناعية، يديرونها، وتحقق لهم مردودا يقيهم من العوز، ويساعد – وهذا هو الأهم – على إيقاف عمليات التغيير الديمغرافي العنصرية، التي تقوم بها الوحدات الكردية الإرهابية التي تحتل جزءا من الشمال السوري. إضافة إلى الطلب من أطراف الصراع، والأمم المتحدة، تأمين هذه المخيمات بحماية دولية تفرض على أطراف الصراع عدم قصفها، وتهجير ساكنيها.

بموازاة ذلك، على الائتلاف وضع هذه المشكلة أمام الأمم المتحدة، ومتابعتها بشكل دائم، لإيجاد الحلول العملية لها، وكلنا يعلم، أن رئيس الائتلاف يؤمن لنفسه، وبعض المقربين منه، دعوة لحضور الاجتماعات السنوية للهيئة العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث يمكنه شرح واقع حال أهلنا اللاجئين في لبنان، والمطالبة بتوفير ما يتطلبه نقلهم إلى وطنهم، وتأمين متطلبات الاستقرار والأمان لهم، وهذا أجدى وأنفع من كسب موقف مطربٍ أميركي وأمه، يقطنان في ضواحي نيويورك...!   

لقد حان الوقت للبحث عن حل نهائي لمشكلة اللاجئين السوريين في لبنان، وعدم الاكتفاء بتذكرهم، في المناسبات، وحين تطمر الثلوج خيمهم البائسة، وتقتلعها العواصف، ويملأ الطين والمياه شوارعها الترابية، أوحين نقع على صورة طفل يمشي حافيا فوق الثلج، بخدوده المتوردة من شدة البرد، لنتركهم بعدها "لقمة سائغة"، وتحت رحمة ثلة من العنصريين اللصوص اللبنانيين.

الاقتراح بسيط، وعملي، ويسحب البساط من بين "أنياب...!" جبران باسيل، وحزب الله، وبقية حلفاء النظام السوري، في وقت يعيش فيه لبنان اليوم "على كف عفريت"، والاحتقان بلغ مداه، فلننقذ السوريين من نصال سكاكينهم، ولنسحب ورقتهم من الاستغلال، قبل وقوع "الفأس على الرأس"، وقبل أن يصطادهم نظام الإجرام، وحلفاؤه اللبنانيون صيد العصافير...!

اللاجئون السوريون في لبنان يحتاجون - اليوم أكثر من أي وقت مضى – ما يؤمن لهم الأمان، والحماية من القتل اليومي الذي يطول الأبرياء منهم، فهل من مجيب ...؟!