icon
التغطية الحية

يركبون الأهوال.. سوريون قرروا الهجرة من تركيا إلى أوروبا.. لماذا؟

2022.08.18 | 06:28 دمشق

2
صورة تعبيرية، مجموعة من الشباب من طالبي اللجوء في طريقهم إلى أوروبا (الإنترنت)
أنقرة - وضحى عثمان
+A
حجم الخط
-A

عبارة "ضبوا الشناتي" التي لم تنفك ملازمة للسوريين لما يزيد على عقد كامل، كأنها قدر يحكمهم لمواصلة البحث عن الاستقرار والأمان، في ظل استمرار الحرب وتداعياتها في سوريا، وحملات التضييق في بلدان الجوار، إضافة لأزمة غلاء عالمية.

وتشهد الحدود التركية مع كل من اليونان وبلغاريا، منذ عام تقريباً، زيادة في طالبي اللجوء، من جنسيات متعددة أبرزهم السوريون، في موجة كبيرة تشبه ما حدث 2015 إلا أن سياسة "الباب المفتوح" الأوروبية أغلقت.

في حين ما تزال مجموعة من طالبي اللجوء السوريين عالقة في جزيرة صغيرة بنهر إفروس اليوناني على الحدود مع تركيا، في أثناء سعيهم للوصول إلى أوروبا.

يمثل اللاجئون العالقون، والذين يبلغ عددهم 32 بالغاً و8 أطفال، منذ ثلاثة أسابيع، جزءاً من المصاعب التي يواجهها اللاجئ السوري في أثناء عبوره من تركيا إلى أوروبا الغربية، قد تصل إلى الموت جوعاً وغرقاً أو تيهاً.

وعلى الرغم من ذلك، تخطط العديد من العائلات السورية، اللاجئة في تركيا، لخوض غمار رحلة لجوء أخرى ممتلئة بالمشاق إلى أوروبا، بعد حملات تضييق سببها الدعاية الانتخابية لأحزاب سياسية تركية تدعو لإعادة اللاجئين، وهرباً مما قد تحمله خطة "العودة الطوعية" الحكومية، فضلاً عن غلاء المعيشة وارتفاع معدلات التضخم.

بين مطرقة الغلاء وسندان العنصرية

يقول الناشط السوري كريم سليمان، مقيم في تركيا، إن الأسباب الاقتصادية هي من أهم الأسباب التي تدعو اللاجئين السوريين في تركيا لمغادرتها باتجاه أوروبا التي ما تزال الخيار الأفضل والأمثل لهم.

ويضيف الناشط في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، إن هناك ارتفاعاً جنونياً خلال العامين الماضيين في إيجارات  البيوت بنسبة 100%، بل وصلت ببعض المدن كإسطنبول إلى ثلاثمئة بالمئة.

وبحسب سليمان، علاوة على ذلك هناك صعوبات في الحصول على بيت للإيجار بالنسبة للأجانب الذين يُواجهون بعبارة "يابنجي يوك" (أي لا نؤجر الأجانب)، وإن وجد هناك شروط ومطالب يعجز عنها الكثيرون.

ويقدر متوسط دخل العامل السوري في تركيا بمقدار 250 دولار شهرياً، في حين تشير التقارير الحكومية إلى أن أسرة مكونة من أربعة أفراد تحتاج نحو 1000 دولار شهرياً للعيش فوق خط الفقر.

كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية في نهاية العام الماضي بنسبة 160 في المئة وفقاً لدراسة وحدة البحث والتطوير التابعة لاتحاد الأعمال العام المتحد في تركيا “KAMUAR".

ويشكل التسرب المدرسي للأطفال السوريين أحد الأسباب التي تدعو اللاجئين السوريين لترك تركيا والبحث عن ملاذ آخر.

ويرجع سبب التسرب المدرسي إما إلى الممارسات العنصرية التي يلقونها من أقرانهم الأتراك أو بسبب اضطرار الوالدين لزجهم في سوق العمل لإعالة الأسرة في ظل الضائقة الاقتصادية، الأمر الذي يدخل في ضمن عمالة الأطفال المحرمة دولياً.

البحث عن الاستقرار

وائل المحمد، شاب سوري من مدينة إدلب وصل اليونان حديثاً قادماً من تركيا التي عاش فيها سنوات، يقول إن الشعور بعدم الاستقرار وانعدام الأمل بالمستقبل أسباب كافية تدفعني للرحيل من تركيا مرغماً.

ويضيف اللاجئ الشاب، نحن مهددون في كل لحظة بالترحيل من  تركيا مع ارتفاع أصوات العنصرية ضد أي مهاجر عربي وخاصة السوريين، فضلاً عن الظروف الاقتصادية الصعبة، كل هذا جعلني أفكر جدياً بالهجرة.

ويشير وائل إلى أن قرار المغادرة "ليس سهلاً"، بعد أن عشت سنوات هنا وعلمت أولادي لغة جديدة (التركية)، عليّ الآن أن أنسف كل خطوات الاستقرار السابقة في تركيا وأبدأ من جديد.

ويستدرك قوله، لكن القرارات الصعبة تأتي من الظروف الأكثر صعوبة، وهي التي أجبرتني على الرحيل تاركاً خلفي بناتي وزوجتي، ولا أعلم متى سأحصل على الإقامة وأوراق لم الشمل.

ينتظر وائل الآن في اليونان أن يزوده المهرب بجواز سفر شبيه ليصل إلى أوروبا الغربية وبالتحديد ألمانيا.

ويشكل عدم الاستقرار هاجساً مقلقاً لوائل الذي يعبر عن حالة الكثير من السوريين بالقول، أصبحت أفكر كل يوم عندما أضع رأسي على وسادتي إلى أين ستؤول رحالنا أخيرا.

هرباً من سوء معاملة

ولا تختلف قصة اللاجئ السوري "س . ع"، الذي ينحدر من مدينة حماة، كثيراً عن قصة وائل، حيث قرر بيع كل ما يملك في تركيا لتأمين تكاليف للمهرب على الرغم من حصوله على الجنسية التركية مؤخراً.

ويقول "س. ع"، لم أستطع ترك زوجتي التي فقدت كل عائلتها وأبنائها، لذلك كان القرار أن نذهب معاً، وقمت ببيع كل ممتلكاتي لأنني لم أعد أشعر بالأمان والاستقرار، أشعر بالخوف وأنا أمشي بالشارع، فقد يحدث معي شيء مخيف ولا أعود إلى بيتي وأسرتي كما يحدث مع الكثير من السوريين الذين يتعرضون لسوء المعاملة.

ويضيف في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، أن القرار الأمثل في الوقت الحالي هو الوصول إلى أوروبا هربا من موجة العنصرية في تركيا.

ويتابع حديثه، يبدو أنه قدرنا كسوريين أن نكون متأهبين دوماً لتجهيز حقائب السفر، لست واثقا من أن أوروبا ستحقق الاستقرار النهائي لي، ربما أعود إلى إحدى الدول العربية بعد حصولي على جنسية أوربية.

قلة فرص العمل

أما أحمد عليان، صحفي سوري من مدينة كفرزيتا، يقول إن هدفي من الهجرة من تركيا إلى أوروبا هو للقاء أخوتي وللمّ شمل العائلة من جديد.

بحسب عليان يواجه الصحفيون في تركيا مشكلات تحول دون الاستقرار الوظيفي بسبب قلة وسائل الإعلام السورية أو نقص التمويل.

ويضيف عليان، أن القلق من الغد المجهول، لا سيما البقاء من دون عمل ودخل في ظل غلاء المعيشة، واستخدام اللاجئين كورقة انتخابية من قبل الأحزاب التركية، تخففان من وطأة مغامرة ركوب طرق التهريب الشاقة للوصول إلى أوروبا.

ويعيش نحو 4 ملايين لاجئ سوري في تركيا يتوزعون على عدة ولايات أبرزها إسطنبول وعنتاب وأورفة، في حين حصل نحو 200 ألف منهم على الجنسية الاستثنائية.

في حين يقدر مجموع عدد اللاجئين السوريين في جميع أرجاء العالم بنحو 10 ملايين سوري، يتوزعون في العديد من الأماكن على سطح الأرض، في أعقاب القمع الدموي الذي واجهوه من قبل نظام الأسد بعد 2011.

وتشير إحصائيات أعداد اللاجئين السوريين في دول العالم بحسب مركز "بيو للأبحاث"، في عام 2018، إلى الشكل التالي:

أكثر من خمسة ملايين لجؤوا إلى الدول المجاورة، تركيا 3.4 ملايين، ولبنان مليون، والأردن 660 ألفاً، والعراق 250 ألف لاجئ، ونسبتهم في الدول الأربعة قرابة 41% من عدد اللاجئين السوريين المنتشرين في العالم.

وأكثر من 150 ألفاً يعيشون في دول شمال إفريقيا مثل مصر 130 ألفاً وليبيا.

أما في أوروبا، فيعيش نحو مليون سوري كلاجئين أو طالبي لجوء، في ألمانيا 530 ألفاً يمثلون خامس أكبر نسبة لاجئين في العالم، والسويد 110 آلاف، والنمسا 50 ألفاً).

ويعيش نحو 100 ألف لاجئ سوري في أميركا الشمالية، أي أقل من 1% من إجمالي اللاجئين السوريين في العالم، حيث أعادت كندا توطين نحو 52 ألف سوري، وفي الولايات المتحدة وطنت نحو 21 ألفاً.