icon
التغطية الحية

"وفاتيل" ذراع إيران لاختراق اتصالات السوريين المدنية والعسكرية

2023.08.30 | 06:24 دمشق

آخر تحديث: 30.08.2023 | 14:43 دمشق

"وفاتيل" ذراع إيران لاختراق اتصالات السوريين المدنية والعسكرية
مديرية الاتصالات في حلب، أحد عناصر الحرس الثوري الإيراني (تعديل: تلفزيون سوريا)
 تلفزيون سوريا ـ خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • إيران تنشئ بنية تحتية للاتصالات في سوريا تساعدها في اختراق اتصالات السوريين المدنية والعسكرية.
  • تقرير استخباري إسرائيلي يكشف نقل طهران معدات وأجهزة إرسال خاصة بشبكات الاتصال إلى سوريا عبر ميناء اللاذقية.
  • التقرير يكشف انخراط شركتي "PASNA" و "IEI" الإيرانيتين الحكوميتين، المدرجتين على قائمة العقوبات الأميركية لارتباطهما بالحرس الثوري، في التأسيس لبنية تحتية للاتصالات في سوريا تمكنها من التنصت على الاتصالات المدنية والعسكرية.
  • تهدف إيران وبدعم من الأسد السيطرة على سوق الاتصالات لتعزيز مكاسب استخبارية واقتصادية كنوع من تعويض فاتورة تدخلها إلى جانب النظام في الحرب.
  • التقرير الإسرائيلي يؤكد ما جاء في التحقيق الدولي لـ "OCCRP" في أن المشغل الثالث للهاتف المحمول "وفاتيل" هو ذراع إيرانية ويحظى بدعم نظام الأسد.

كشف موقع "ألما" الإسرائيلي، الخاص بالتسريبات الاستخبارية، الخطوات والخطط الإيرانية لاختراق اتصالات السوريين المدنية والعسكرية بعد سيطرتها على سوق الاتصالات عبر المشغل الثالث "وفاتيل" الذي يخضع لسيطرة الحرس الثوري.

ويؤكد التقرير الإسرائيلي، الذي نُشر يوم الأحد الماضي، على المعطيات التي قدمها تحقيق استقصائي سابق لشبكة "مكافحة الجريمة المنظمة والفساد" (OCCRP) العالمية، والذي خلص إلى أن "وفاتيل" ذراع إيران للهيمنة على سوق الاتصالات السورية.

والجديد في التقرير الإسرائيلي هو أن إيران فضلاً عن امتلاكها "وفاتيل" شرعت بخطوات عملية لتأسيس بنية تحتية تمكنها من التنصت على المكالمات في سوريا سواء المدنية والعسكرية عبر نقل معدات خاصة ومصنوعة في إيران باستخدام شركات دولية وهمية.

إيران تؤسس بنى تحتية للاتصالات في سوريا

ذكر موقع "ألما" أن ظهور "وفا" لأول مرة في قطاع الاتصالات السورية يأتي بعد عدة سنوات من الضغوط الإيرانية على نظام الأسد، ويتوافق دخول إيران إلى سوق الاتصالات مع تغلغلها في عدة قطاعات من الاقتصاد السوري.

وأضاف التقرير الإسرائيلي أن إيران تركز على السيطرة على البنية التحتية للاتصالات المدنية والعسكرية، عبر الهيمنة وبدعم من الأسد على أبراج تشغيل الاتصالات الخاصة بعملاقي الاتصالات السابقين في سوريا "MTN" و"سيرتيل" لصالح شركة "وفاتيل" التي تحتكر امتياز تشغيل شبكات "5G".

وبحسب التقرير، فإن إيران فضلاً عن سيطرتها على "وفاتيل" نقلت معظم المعدات والتكنولوجيا المستخدمة لبناء البنية التحتية الجديدة للاتصالات من أراضيها إلى سوريا عبر ميناء اللاذقية.

وتشمل هذه الأجهزة أجهزة إرسال وهوائيات وأجهزة اتصالات ومعدات أخرى إيرانية الصنع.

وتسعى طهران إلى إنشاء بنية تحتية تمكنها من اختراق الاتصالات المدنية والعسكرية لتعزيز قبضتها على الساحة السورية استخباريا واقتصادياً، وفقاً لما يذهب إليه التقرير الإسرائيلي.

كما أن تغلغلها في سوق الاتصالات الرابحة في سوريا يمكنها من استرداد بعض من استثماراتها العسكرية التي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات في سوريا على مدى العقد الماضي.

شركات وهمية للتهرب من العقوبات

كشف التقرير الإسرائيلي أن شركة "فراز تجارت إرتبات" الإيرانية، مقرها طهران وتستخدم كغطاء لشركة "PASNA" التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، هي التي زودت الجزء الأكبر من معدات الاتصالات المذكورة آنفاً.

وذكر التقرير أن "PASNA" تستخدم شبكة من الشركات الوهمية المسجلة والعاملة في إيران وماليزيا والصين وهونغ كونغ لشراء مكونات مهمة لصناعات الطائرات من دون طيار والصواريخ الإيرانية لتجنب العقوبات الأميركية.

وفي بداية العام الجاري، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على "PASNA" ومسؤوليها وشبكة الشركات الوهمية التي تعمل تحتها.

وأوضح التقرير الإسرائيلي أن "PASNA" ومن خلال شركاتها الوهمية المتعددة ترسل معدات اتصالات إلى جيش النظام السوري ووزارة دفاعه كجزء من الاتفاقيات المبرمة بين إيران وسوريا.

شعار شركة "وفاتيل" المشغل الثالث في سوريا لخدمة الهاتف المحمول
شعار شركة "وفاتيل" المشغل الثالث في سوريا لخدمة الهاتف المحمول (وفاتيليكوم)

 

شركة " IEI" الإيرانية

شركة "PASNA" ليست الوحيدة وإنما هناك شركة أخرى تستخدمها طهران للتغلغل في سوق الاتصالات السورية وهي شركة إيران للصناعات الإلكترونية "IEI" تابعة لوزارة الدفاع الإيرانية أيضاً.

تختص "IEI" بتصنيع الأنظمة والمكونات الإلكترونية وشراء المكونات الأساسية لمختلف صناعات الأسلحة في إيران، ولها ارتباطات مع معظم الوكالات الحكومية التي يسيطر عليها الحرس الثوري.

بحسب التقرير الإسرائيلي، فإن شركة "IEI" طورت برنامجاً يسمح بمراقبة الرسائل النصية عبر الهاتف المحمول وتمريره إلى النظام في طهران، الأمر الذي جعلها على قائمة العقوبات الأميركية هي والشركات التي تعمل بموجبها.

كما شاركت "IEI" في تطوير وإنتاج أنظمة الاتصالات والبصريات والإلكترونيات وأنظمة المعلومات وغيرها من المنتجات، ولها مساهمات في تطوير أنظمة "المسيرات الإيرانية" وبرنامج الصواريخ.

أما في سوريا، فقد ساهمت "IEI" في تطوير البنية التحتية لـ "وفاتيل" من خلال توفير أنظمة مراقبة ورصد الشبكة، بالإضافة إلى المكونات اللازمة لإنشاء شبكات الاتصالات، فضلاً عن تصنيعها 500 ألف شريحة هاتفية لمشتركي المشغل الثالث، وفقاً للتقرير الاستخباري الإسرائيلي.

وعلى خطى مثيلاتها، تستخدم هذه الشركة الحكومية مثل العديد من المؤسسات الإيرانية طرقاً ملتوية لتجنب العقوبات الأميركية عبر الاعتماد على شركات وهمية في ماليزيا والصين وغيرها للحصول على المعدات اللازمة، وفقاً للتقرير الاستخباري الإسرائيلي.

لماذا يدعم الأسد قبضة إيران على اتصالات السوريين

على الرغم من محاولات النفي المبكر من قبل نظام الأسد وإخفاء الهوية الحقيقة لمالكي المشغل الثالث "وفاتيل"، يكشف التقرير الإسرائيلي أن المشغل الإيراني يحظى بدعم من الأسد.

ويذكر التقرير أن وزارة الاقتصاد التابعة للأسد أوعزت لموظفي الجمارك بالإسراع في إدخال أجهزة الخليوي التابعة لشركة "وفاتيل".

وتضمنت هذه الشحنات هوائيات ومعدات اتصالات أخرى مُنحت إلى وزارة دفاع النظام السوري، بالإضافة إلى المعدات اللازمة لإنشاء شبكات خلوية مدنية.

وخلص التقرير إلى أن إيران تنشر شبكة واسعة من الشركات الوهمية لاختراق صناعة الاتصالات السورية والسيطرة على البنى التحتية الحيوية للاتصالات، الأمر الذي يعزز ترسيخ الوجود الإيراني في سوريا.

وتحقق هذه الخطط للإيرانيين مكاسب استخبارية عبر اختراق مكالمات الهاتف المحمول في سوريا والاتصالات العسكرية، فضلاً عن الأرباح المالية عبر الاستحواذ على المشغل الثالث والهيمنة على سوق الاتصالات.

كما أن التغلغل الإيراني في سوق الاتصالات السورية يعد نوعاً من التنافس والتسابق الإيراني مع الروس الذين أبرموا العديد من الصفقات مع الأسد مقابل تدخلهم العسكري لصالحه في الحرب.

ويتساءل التقرير الإسرائيلي هل إحكام طهران قبضتها على سوق الاتصالات يمثل تحولاً من قبل نظام الأسد إلى تغليب لحصة الحرس الثوري من "الكعكة السورية"، أم أنه مجرد خطوة ضرورية ناشئة عن حاجة الأسد لتسديد الفاتورة للإيرانيين.

تحقيق استقصائي عالمي: "وفاتيل" تديرها شركات تابعة للحرس الثوري

في 9 كانون الأول/ديسمبر 2022، كشف تحقيق  لمؤسسة "مكافحة الجريمة المنظمة والفساد" (OCCRP) أن إيران وخاصة شركات خاضعة لتنظيم "الحرس الثوري" تملك 52% من أسهم مشغل الخليوي الثالث "وفاتيل" تحت اسم شركة "أريبيان بزنس" (ABC).

" OCCRP" هي شبكة عالمية من الصحفيين الاستقصائيين العاملين في ست قارات، أسست عام 2006 وهي متخصصة في مكافحة الجريمة المنظمة والفساد.

وبحسب التحقيق الاستقصائي، فإن "ABC" على الرغم من أنها تبدو شركة عالمية إلا أن لها ارتباطات عديدة مع إيران والحرس الثوري الإيراني.

وخلص التحقيق إلى أن "ABC" تعمل كشركة وهمية تعمل كجزء من شبكة أكبر من المنظمات التي تستخدم كغطاء للأنشطة الإيرانية في العديد من الصناعات.

ووصل التحقيق الاستقصائي إلى نتيجة وهي أن ترخيص "وفاتيل" في سوريا كان يبدو في الظاهر على أنه محاولة من نظام الأسد للهيمنة على سوق الاتصالات المربح، ولكن الأسد ربما استخدم الترخيص أيضا لتعويض حلفائه الإيرانيين الذين سندوه في الحرب.

شركات الاتصالات في سوريا

قبل نحو عامين، اقتصر تزويد خدمات الاتصال الخليوي في سوريا على شركتين فقط الأولى شركة "سيرتيل" المملوكة لرامي مخلوف، ابن خال الأسد، والثانية “MTN سوريا" المملوكة لشركة " MTN الجنوب أفريقية"، كانت تقدمان خدمات لأكثر من 12 مليون مستهلك وهناك أرقام تشير إلى 16 مليون مشترك.

لكن منذ أربعة سنوات، مارس نظام الأسد، الذي يعاني من ضائقة مالية، ضغوطاً على شركات الهاتف المحمول في سوريا للسيطرة عليها وعلى سوق الهواتف المحمولة، انتهت باستيلائه على الشركتين وتعيين مقربين منه في إدارتهما في منتصف 2021.

تضمنت هذه الضغوط اعتقال واستجواب المسؤولين التنفيذيين في الشركة، والتهديد بإلغاء العقود والتراخيص، ومطالبات بدفع عشرات الملايين من الدولارات (أتاوات).

وابتداءً من منتصف عام 2020، اتهم النظام شركتي "سيريتل" و"MTN" بأنهما مدينتان بعشرات الملايين من الدولارات كضرائب متأخرة، وعندما رفضتا الدفع، وضعتهما تحت سيطرة "الأوصياء" المعينين من قبل "الدولة".

وفي شباط/فبراير 2022، أعلن النظام الأسد عن منح رخصة للمشغل الثالث لشركة خلوية تدعى “وفا تيليكوم”، المعروفة اختصاراً بـ "وفاتيل"، ورئيسها التنفيذي هو غسان سابا، الذي شغل سابقاً عدة مناصب عليا في وزارة الاتصالات.

وضمن إعلان الترخيص، صرح وزير الاتصالات السوري إياد الخطيب، أن “وفاتيل” مُنحت الحقوق الحصرية لتشغيل شبكات "5G" في البلاد لمدة عامين، كما طلب من الشركتين المخضرمتين (MTN سوريا وسيريتل) للسماح لـ “وفاتيل" باستخدام بنيتها التحتية ومعداتها وأبراج الاتصالات القائمة حتى تنتهي الأخيرة من إنشاء بنية تحتية مستقلة.

يذكر أن تأسيس شركة "وفاتيل" يعود إلى عام 2017،  ويديرها اليوم في الواجهة يسار إبراهيم ، مساعد بشار الأسد، ولكن تخضع لسيطرة فعلية من خلال شبكة من الشركات الواجهة الدولية، وفقاً للعديد من التقارير.