icon
التغطية الحية

واقع قطاعي الطب العام والخاص في ريف حلب.. العلاج على حساب لقمة العيش أو الانتظار

2022.09.17 | 07:03 دمشق

العيادات الطبية في ريف حلب
واقع قطاعي الطب العام والخاص في ريف حلب
حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

لا يحصل المرضى في ريفي حلب الشمالي والشرقي على الرعاية الصحية الكافية، نتيجة الازدحام الكبير الذي تشهده المشافي والمستوصفات المجانية المدعومة من المنظمات الطبية وما يعرف بالمشافي التركية، في حين يكون العلاج في القطاع الطبي الخاص على حساب لقمة عيش العائلة.

ويقبل المرضى والمراجعون على المشافي والمستوصفات المجانية منذ ساعات الصباح الأولى لتسجيل أسمائهم على الدور المخصص في دوام العيادات الطبية في المشافي المجانية، التي تشهد ازدحاماً كبيراً، حيث يحاول المرضى الحصول على مراجعة واحدة للطبيب علها تساعدهم في التخلص من تكاليف المعاينة في العيادات الخاصة.

فاطمة واحدة من المراجعات اللواتي يجلسن في غرفة الانتظار، بهدف الدخول إلى طبيب العظمية، حيث جاءت السيدة من قرية تلالين إلى مستشفى مدينة مارع في الساعة السادسة صباحاً كي تسجّل اسمها لدى مسؤول تنظيم دخول المرضى إلى طبيب العظمية، رغم أن دوام العيادات يبدأ في الساعة الثامنة والنصف، لكنها حاولت القدوم مبكراً للحصول على موعد لمراجعة الطبيب، حيث طلب منها مسؤول التسجيل الانتظار حتى وصول دورها.

وقالت خلال حديثها لموقع تلفزيون سوريا: "رغم أنني جئت مبكرة إلى المستشفى إلا أن رقم دوري كان السادسة عشر، وهناك العديد من المرضى الذين وصلوا قبلي، يرغبون بمراجعة طبيب العظمية، ما دفعني إلى الانتظار لأكثر من 7 ساعات وأدخل للطبيب في الساعة الواحدة مساء".

واشتكى مراجعون من وجود محسوبيات حيث يعمد موظفون على إدخال أقاربهم دون دور، كما أكدوا أن الدوام ينتهي في المستشفى قبل أن ينتهي عدد الأدوار الممنوحة للمراجعين.

ئءرلا
العيادات الطبية في ريف حلب

أجور المعاينات في العيادات الخاصة ترهق المرضى

يشكل ارتفاع أجور المعاينات الطبية في العيادات والمشافي الخاصة في منطقة ريفي حلب الشمالي والشرقي، عائقاً إضافياً يمنع المرضى من حق الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، التي لم يجدوها في المشافي المجانية.

ويضطر المرضى الفقراء للذهاب للعيادات والمستشفيات الخاصة عندما تكون أمراضهم وآلامهم لا تستحمل انتظار الدور أو سوء الخدمة الطبية، وتبلغ أجور معاينة الطبيب الخاص وسطياً في المنطقة 50 ليرة تركية، وهو مبلغ يزيد عن متوسط الأجور البالغ 30 - 40 ليرة تركية، أما أسعار الدواء فلا تقل الراشيتة الرخيصة عن الـ 20 ليرة تركية.

وهذا يعني أن علاج مريض في العيادات الخاصة سيكون على حساب قوت يوم العائلة، ويزيد من مأساوية الوضع أن المريض إذا كان معيلاً فسيتوقف عن عمله حتى يُشفى، وبالتالي انعدام المورد المالي للعائلة التي تعيش كما يقول أهل المنطقة: "كل يوم بيومه".

وحدد فريق منسقو استجابة سوريا حد الفقر في شمال غربي سوريا عند 4354 ليرة تركية، حيث بلغت نسبة العائلات الواقعة تحت حد الفقر  87.11 بالمئة.

أسعار غير مسبوقة للأدوية

لا تتوقف معاناة المرضى في تشخيص وتحديد حالته المرضية، وإنما العلاج المرهق مادياً والذي يفوق طاقة المريض وعائلته في بعض الأحيان عندما تصل تكاليف العلاج إلى عشرات الدولارات، بعدما أصبحت الأدوية في الصيدليات تباع بالدولار الأميركي عوضاً عن الليرة التركية، ما جعلها تتضاعف مع انخفاض الليرة التركية وسط انخفاض الأجور، اليومية التي لا تتجاوز دولارين أميركيين.

وقال صيدلاني لموقع تلفزيون سوريا، إن بعض المرضى يطلبون إلغاء أدوية من الوصفة الطبية لتخفيف الفاتورة، في حين يحاول الصيدلاني توضيح أن الدواء مكمل لبعضه ولا يمكن الاستغناء عن قسم منه.

وقال أحد المرضى لموقع تلفزيون سوريا، إن العلاج الذي يحتاجه يبلغ ثمنه نحو 400 ليرة تركية، ومكون من عدة أدوية ضرورية لأن حالته الصحية ليست مستقرة وفي حال لم يشتر الدواء المناسب فإنها تتفاقم، ما دفعه إلى الاستدانة من أقاربه لشراء الدواء.

وأضاف: "لا تنتهي الآلام على الإطلاق وكلما انتهى الدواء أدخل في حالة مرضية متفاقمة وأقع بين خيارين أولهما تحمل الألم المضاعف أو الاستدانة مجدداً دون وجود حلول جذرية للمرض، وأنا لا أستطيع تغطية تكاليف العلاج الدائمة، بسبب دخلي المحدود في عملي التعليمي".

وارتفعت أسعار الأدوية خلال الآونة الأخيرة إلى أضعاف أسعارها الحقيقية كونها تدخل من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة شمالي حلب، حيث يتم الاستثمار في تجارة الأدوية من قبل تجار الحرب ما يجعل أسعارها ترتفع باستمرار، بحسب ما أوضح الصيدلاني فادي أبو جعفر.

رر
الصيدليات في ريف حلب

وقال خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "العديد من المرضى يعرضون وصفة الطبيب عليه لمعرفة الكلفة المالية، ونسبة كبيرة منهم يحجمون عن شراء الدواء لأن الفاتورة قد تبلغ  20 دولاراً أميركياً.

وأوضح أبو جعفر أنه لا يمكن مساعدة المرضى إلا من خلال تقسيط الفاتورة على دفعات شهرية أو أسبوعية بما يتناسب مع دخلهم لتغطية العلاج، لكن بعض المرضى تبلغ بهم الحالة السيئة للتخلي عن العلاج.

العمليات الجراحية بين العام والخاص

تعتبر العمليات الجراحية الصغيرة والكبيرة من أكثر التحديات التي تواجه المرضى في القطاع العام أي المشافي المجانية، كونه سيضطر المريض إلى انتظار دوره لإجراء العملية في حال كانت غير مستعجلة، وفقاً للأيام المحددة لإجراء العمليات الجراحية.

ويعاني قسم العمليات الجراحية من تدني الخدمة نتيجة الازدحام والإقبال الكبير من المرضى أصحاب الدخل المحدود، ما يدفعهم إلى الانتظار لأيام قد تصل في بعض الحالات إلى أسابيع حتى يحصل المريض على دوره في العمل الجراحي.

وتحدث عمر قسوم لموقع تلفزيون سوريا عن تجربته في أحد المشافي التركية في ريف حلب، وأكد أن المواعيد المتوافرة تكون بعيدة وقد يتغير الموعد أكثر  من مرة لأسباب تقنية أو أخرى تتعلق بإجازات الأطباء.

ؤرلا
المستشفى التركي في مدينة مارع

أما المشافي الخاصة فلا تقتصر المشكلة فيها على التكاليف الكبيرة، بل إنها تفتقر للمعدات والتجهيزات الطبية المتوافرة في المشافي التركية، كما أنها لا تخضع لرقابة حقيقية.

وتتراوح كلفة العمليات الجراحية الصغيرة في المشافي والمراكز الصحية الخاصة بين 150 دولارا أميركيا و500 دولار أميركي، بحسب ما أوضح الطبيب الجراح عبد الرحمن حافظ خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا.

وقال: "إن العمليات الجراحية أسعارها منخفضة مراعاةً مع الوضع المادي العام للسكان، حيث كنت آخذ في السابق 15 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 300 دولار أميركي لعملية الفتاق، أما الآن فآخذ 200 دولار أميركي".

وأضاف: "يلجأ بعض الأهالي إلى القطاع الخاص نتيجة عدم ثقتهم في المشافي العامة ويحملون تكاليف مادية مرهقة لكن التسعيرة مخففة في محاولة لمراعاة المرضى والحالة المادية".