icon
التغطية الحية

"واتساب".. شريان حياة للسوريين مع أطبائهم في ألمانيا‎‎

2022.11.14 | 13:03 دمشق

الأطباء السوريون في ألمانيا
طبيب سوري في مشفى بألمانيا ـ العربي الجديد
برلين ـ سامي جمعة
+A
حجم الخط
-A

"ابني حرارته فوق الأربعين، وما عنا خافض حرارة شو أعمل دكتورة" "بنتي معها إسهال شديد وتقيؤ وألم في البطن والصدر معقول يكون كوليرا" "بنتي راسها ما صحي من أربعة أيام وشربتها حب تاميرين بس ما فادها بشي لازمها تحليل".. هي نبذة عن رسائل كثيرة تصل إلى الهاتف المحمول للطبيبة لينا بأوقات مختلفة من اليوم.

أطباء سوريون في ألمانيا

وصلت الطبيبة لينا إلى برلين العام الماضي وأرادت الاحتفاظ برقم هاتفها لفترة قصيرة كالتزام أخلاقي تجاه أهالي مرضاها من الأطفال ريثما يعلمون أنها انتقلت إلى خارج البلد وأن عليهم مراجعة طبيب آخر، لكن هذا الشهر امتد إلى يومنا هذا.

تقول الطبيبة لينا لـموقع تلفزيون سوريا: "أحاول تخصيص ساعة كل يوم في فترة المساء للرد على الرسائل التي تصلني خلال النهار حيث من غير الممكن الرد خلال الدوام على مدرسة تعلم اللغة الألمانية، وخلال فترة بعد الظهر تكون هناك التزامات منزلية وتحضير الطعام للعائلة، لكن قد أضطر أحيانا للرد على مكالمة فيديو في النهار لأن حالة إسعافية تطرأ هناك ولا يمكن تأجيلها حتى المساء".

ويعاني السوريون في مناطق سيطرة نظام الأسد من خدمات صحية متردية، فاقمها تفشي بعض الأوبئة مثل الكوليرا، وتصل معاينة بعض الأطباء في دمشق إلى خمسين ألف ليرة، بالتزامن مع تدهور بقيمة العملة المحلية حيث أصبح متوسط الرواتب في القطاع لا يتجاوز 27  دولارا، في حين أن الحد الأدنى للأجور -بعد الزيادة الأخيرة في كانون الأول الماضي- توقف عند عتبة 92 ألف ليرة سورية (14  دولارا).

اجتازت الطبيبة لينا مستوى اللغة الألمانية للحد المطلوب للالتحاق بكورس مخصص للأطباء الأجانب ومن ثم تتحضر للحصول على تصريح مزاولة مهنة الطب في ألمانيا Approbation، لكنها تؤكد أنها ستسمر في تقديم المشورة الطبية لكل أهالي الأطفال الذين كانوا يراجعونها في عيادتها في سوريا، وتناشد كل زملائها في ألمانيا بتقديم ما بمقدورهم تقديمه لكل من بقي في الداخل.

وبحسب التقرير السنوي لمجلس الخبراء الألماني، المخصص لموضوع الهجرة والصحة، فقد وصل عدد الأطباء السوريين في ألمانيا إلى 5 آلاف طبيب، وباتوا يشكلون أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في ألمانيا، زادت نسبتهم بأكثر من ستة أضعاف منذ عام 2010".

فائدة عملية للأطباء أيضا

تقول الطبيبة أسماء والتي تعمل في مشفى Marien Hospital Düsseldorf في مقاطعة شمال الراين وستفاليا، بأنها لا تزال تتواصل حتى اليوم وبشكل متقطع مع مرضى في سوريا وهي الواصلة إلى ألمانيا منذ ثمانية أعوام.

تقول الطبيبة أسماء لـموقع تلفزيون سوريا "بعد وصولي إلى ألمانيا كانت الخطوة الأولى دراستي للغة الألمانية والتي استمرت لقرابة العامين ونصف العام، وكان تواصلي مكثفا مع المرضى داخل سوريا وهو ما كان له فائدة عظيمة بعدم نسيان المعلومات الطبية وسهّل الانخراط بالمجال الطبي بسهولة بعد إتمام مستويات اللغة المطلوبة".

وتضيف الطبيبة أسماء بأن "الالتزام الأخلاقي للأطباء السوريين مع أهلنا في سوريا يأخذ أشكالا مختلفة ولا شك بأن الاستشارات الطبية تعتبر من أهمها لأنها أحيانا تحفظ أرواحا وأحيانا بوصفات طبيبة يتفادى المريض مضاعفات قد تكون خطيرة لا سيما في المناطق البعيدة عن مراكز المدن الكبيرة".

اقرأ أيضا: في سوريا.. أطباء ومهندسون صباحاً وفي الليل مهن أخرى    

وتختم أسماء كلامها بالقول إنه "خلال الثورة السورية، تعرضت البنية التحتية للنظام الصحي في بلدنا لأضرار جسيمة تمثلت بتدمير طيران نظام الأسد والطيران الروسي عددا كبيرا من المستشفيات والمراكز الصحية ومعامل الأدوية، علما بأن الأمم المتحدة سلمت روسيا خريطة بالمناطق المحرم قصفها دوليا، كما اعتقل الأسد وقتل عشرات الضحايا من العاملين في المجال الطبي، ما دفع الأغلبية للفرار حفظاً لأرواحهم وخوفا من الاعتقال ما دفع بالقطاع الطبي إلى الهاوية، ولكن تواصل الأطباء مع الداخل يخفف من وطأة هذا الخلل الحاصل".

تحلم الطبيبة لينا بالعودة إلى عيادتها التي تركتها في مدينة حماة ولا يزال اسمها ورقم هاتفها موجودا فوق مدخلها، ولكن ليس قبل سقوط نظام الأسد، وهو السبب الذي أدى لتهجيرها وستة ملايين سوري غيرها، ولكن "نظام الأمر الواقع يجب أن لا يقف حائلا أمام استمرار وقوفنا مع أهلنا كل لحظة وبكل الإمكانات المتاحة" تختم كلامها.