هوكستين يرمي كرة مزارع شبعا بين سوريا ولبنان

2024.01.22 | 09:16 دمشق

آخر تحديث: 22.01.2024 | 09:49 دمشق

هوكستين يرمي كرة مزارع شبعا بين سوريا ولبنان
+A
حجم الخط
-A

غادر المستشار الرئاسي الأميركي أموس هوكستين لبنان، بعد سلسلة لقاءات عقدها مع مسؤولين لبنانيين، حيث صب جل تركيزه على إيقاف الضربات من جنوبي لبنان، في وقت قام فيه وزير خارجية الولايات المتحدة أنطوني بلينكن بجولة على العواصم الشرق أوسطية مستثنيا لبنان، ليظهر بأن هوكستين قد تحول للمتخصص الأول في الشأن اللبناني خاصة أن طائرته قد حطت في بيروت لبضع ساعات منذ شهرين في وقت لا تبدو فيها علاقته مع بلينكن صافية، وهو الذي يعتبر هوكستين ينازعه الصلاحيات والدور.

تخصص هوكستين "الحدودي" فتح سؤالا رئيسيا قبل وصوله للبنان عن الطرح الذي يمكن أن يقدمه الأخير لحزب الله، لا لثنيه عن توسيع الحرب فقط، بل لإغرائه لوقف عمليته في الجنوب.

اتجهت الأفكار مباشرة لمزارع شبعا ومعها السؤال حول إذا كانت هذه المنطقة ستكون حجر زاوية في فرط عقد أي اتفاق بري مستقبلي، ليس لكونها منطقة استراتيجية عسكرية يصعب على الكيان الإسرائيلي التخلي عنها فحسب بل لكون المنطقة المحتلة إسرائيليا مختلَفٌ على هُويّتها بين سوريا ولبنان.

الخلاف على ملكية مزارع شبعا

منذ قرن تقريبا، ولكون لبنان وسوريا تحت الانتداب الفرنسي، لم تكن ملكية الأرض مهمة طالما أنها تحت الانتداب نفسه خصوصا أن الخرائط الفرنسية كانت تنقلها بين البلدين، فاعتبرتها عام 1932 لبنانية وعام 1946 سورية.

المنطقة التي كانت تحت الإدارة السورية حتى سقوط الجولان في حرب عام 1967 حيث سيطر الجيش الإسرائيلي عليها. بعدها اجتاحت إسرائيل عام 1982 لبنان بقيت مسيطرة على جنوبه كاملا وحتى عام 2000 عندما أرغمت على الانسحاب من الجنوب وتحديدها ما عرف بـ- "الخط الأزرق" الفاصل العملي بين لبنان والكيان، من دون أن يكون عليه موافقة لبنانية أو أن يكون له أي أهمية قانونية غير أهمية الميدان والواقع.

لكن قرار مجلس الأمن، الشهير وكثير التداول هذه الأيام، الذي حمل الرقم 1701، دعا لبنان وإسرائيل إلى احترام الخط الأزرق المرسّم عام 2000، كما أنه طلب من الأمين العام للأمم المتحدة بحث قضية مزارع شبعا واقتراح طرق لحلها، ليعود بعدها الأمين العام ليؤكد أن ذلك يحتاج لتواصل واتفاق لبناني-سوري وهو ما وعده رئيس النظام السوري بشار الأسد ببحثه مع رئيس الحكومة اللبناني فؤاد السنيورة.

عُمق اللبس في ملكية مزارع شبعا ظهر في تصريحات سورية متقلبة، فقد قال نائب رئيس النظام السوري السابق فاروق الشرع في تصريح له في أيار 2000 للأمين العام للأمم المتحدة، كوفي أنان، إن "سوريا تدعم ادّعاء لبنان بأن مزارع شبعا لبنانية". هذا الأمر تلاقى معه تصريح للأسد نفسه مطلع العام 2006 يقول بلبنانية مزارع شبعا، مع التأكيد على أن ترسيم الحدود يكون بعد انسحاب إسرائيل من هذه المنطقة. من دون تقديم شيء رسمي في ذلك.

الاعتراف السوري المتكرر بلبنانية المزارع عارضَه تأكيد رئيس النظام السوري بشار الأسد للديبلوماسي الأميركي، فريدريك هوف، في 28 شباط 2011 بأن "مزارع شبعا وتلال كفرشوبا سورية" وهو ما نقلته مجلة "Newline Magazine" في نيسان عام 2021 ما فتح النقاش من جديد حول ملكية المزارع. في حين، رفضت إسرائيل لبنانية المزارع وأكدت أنها عندما احتلتها كانت تحت الإدارة السورية.

أهمية ملكية مزارع شبعا في الفترة المقبلة

أهمية ملكية مزارع شبعا جوهريةٌ اليوم، وهو ما ظهر بشكل جليّ في زيارة هوكستين، فقد فتح الأخير الباب للترسيم البري بين لبنان وإسرائيل وإمكانية حل النقاط المتنازع عليها في الشريط الأزرق، ولكنه استخدم النزاع اللبناني السوري على ملكية مزارع شبعا لسحبها من التفاوض على اعتبار أن مثل هذا الأمر يحتاج لنقاش مع سوريا كذلك. فتكون لديه ذريعة لتحييد مزارع شبعا عن التفاوض اللبناني-الإسرائيلي، غير المباشر، ليس لمصلحة سوريا ولا لبنان طبعا، بل لمصلحة إسرائيل كون المنطقة اليوم تحت الحكم الإسرائيلي وقد أقامت فيها مراكزَ إستراتيجية عسكرية وأمنية، نظرا لارتفاعها ومراكزَ سياحية.. وبالتالي من غير الوارد لإسرائيل التخلي عنها.

وفي سبيل إتمام اتفاق سريع مع لبنان يُوقف الحرب يحاول هوكستين سحبَ الملف تماما من التداول والتركيز على ما يريد التركيز عليه ويمكن إنجازه بلا تقديمات كبيرة من إسرائيل، مقابل مكاسب كبيرة بضبط حدودها الشمالية أقلّها قانونيا في خط الحدود كاملا.

موقف النظام السوري غائب تماما عن كل ما له علاقة بالحرب الدائرة وقد كان ينتظر أن يطلق موقفا أقلّها فيما يخص مزارع شبعا لكونها محورية بالنسبة لاشتباكات لبنان الجنوبية ولكنه لم يفعل لكونه حتى اللحظة، "غير مجبور"، فحزب الله لم يصل بعد لمرحلة التفاوض في التفاصيل ويضع قاعدة عامة تربط وقف التحركات العسكرية من لبنان بوقف العمليات الإسرائيلية على غزة قبل البحث في أي تفصيل سياسي.

ولكن عند فتح الملفات السياسية ماذا سيكون رأي النظام السوري وتصرفاته بما يخص المنطقة المذكورة؟ هل سيظل الصمت سيّد الموقف وبالتالي تظل الأمور على ما هي عليها من سيطرة إسرائيلية؟ أم إنه سيقول بأن ملكيتها لسوريا، الأمر الذي يريح إسرائيل لبنانيا ويُحرج حليفه حزب الله؟ أم إنه سيقول بأنها لبنانية ويتسبب بتعطيل مغانم يسعى لها في فترة الصمت المستمرة؟