icon
التغطية الحية

هل أصدر النظام السوري قراراً باعتقال "أبو علي خضر"؟

2024.01.15 | 06:14 دمشق

هل أصدر النظام السوري قراراً باعتقال "أبو علي خضر"؟
خضر طاهر المعروف بـ "أبو علي خضر"
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A

بدأت منذ يومين تقريباً بعض الحسابات على فيس بوك من إعلاميين ومقربين من النظام السوري بالتلميح إلى صدور توجيهات من بشار الأسد لتوقيف أسماء معروفة "من الفاسدين". بالتزامن مع ذلك كتب وضاح عبد ربه رئيس تحرير صحيفة الوطن المقربة من النظام على صفحته الشخصية في فيس بوك منشوراً غير واضح قال فيه "يمهل ولا يهمل"، ثم نشر الخبير الاقتصادي المقرب من النظام عامر شهدا بوستا كتب فيه "الرئيس الأسد يضرب بيد من حديد شبكة فساد في سوريا طالت رؤوسا معروفة".

أيضاً، قام الصحفي الحلبي صهيب المصري بنشر بوستات غير مباشرة لكنه ألمح إلى المشار إليه برموز مثل "الأخضر" وأبو الفقراء". الكثير من الحسابات ومنهم شخص يدعى رامز صالحة ويعرف على نفسه في فيس بوك بأنه "مدير عام وشريك مؤسس في شركة دلتا للاستثمار والمقاولات"، أشار بشكل أكثر دقة إلى الشخص الفاسد المعروف الذي طالته يد الأسد وفقاً للحملة التي يشنها المؤيدون على فيس بوك، وقال "صار أسمو المدعو (خ ط) مبارح كان راعبكم اليوم صرتو شجعان؟" في إشارة لعدم تداول اسم "خضر طاهر" علماً أنه هو نفسه لم يذكره صراحةً.

تشير كل المعلومات التي توصل إليها موقع تلفزيون سوريا عبر مصادر مطلعة، إلى وجود حملة تمهيد لإذاعة خبر حول المدعو خضر طاهر علي المعروف بـ"أبو علي خضر"، واستدعائه للتحقيق بتهم فساد كبيرة وتجاوزات وصلت حد اعتقال بعض التجار وابتزازهم بالتعاون مع ضباط في وزارة الداخلية والجيش في سبيل الحصول على إتاوات بالمليارات وإجبارهم على العمل لصالحه لدعم إمبراطوريته الاحتكارية.

لا أحد يجرؤ على ذكر اسمه

تقول المصادر إن أحداً من الإعلاميين المقربين من النظام لا يستطيع ذكر اسمه حالياً حتى يتم تأكيد الخبر رسمياً لعدة أسباب أهمها أن شائعات مشابهة طالت خضر منذ سنتين لكنه عاد للعمل بعدها، إضافةً إلى أن أبو علي خضر كان ينفق على عدد كبير منهم لضمان تبييض صورته، بينما تعرض بعضهم الآخر للتهديد بسبب مسهم ملفات تتقاطع وعمله خلال السنوات الماضية، وبالتالي لا يزال الخوف يحيط بالجميع.

ومن أسباب عدم الإشارة لاسم خضر صراحةً ضمن حملة الترويج، هو الخوف من انتقامه عبر تشعباته الأمنية، لعدم وجود المدعو في البلاد أصلاً ما يعني أنه قادر على الانتقام من أي شخص. وتضاربت معلومات أكثر من 3 مصادر حول تاريخ هروب أبو علي خضر من سوريا، فمنهم من أكد أنه خارج سوريا منذ عام 2022، واثنان أكدا أنه خرج منذ أسبوعين فقط تقريباً، في إشارة إلى علمه بما سيحصل واستطاعته الفرار قبيل صدور أي قرار اعتماداً على نفوذه.

الإشارة للحادثة إعلامياً

شبكة نور حلب، أكدت أن توجيهاً من بشار الأسد صدر مؤخراً، بمنع التعامل نهائياً مع أبو علي خضر من أي جهة حكومة كانت، ومنع دخوله للمؤسسات والوزارات الرسمية، مع استدعائه للتحقيق الفوري، إضافةً إلى توقيف شبكة فساد كان يديرها خضر تتألف من ضباط برتب رفيعة.

موقع هاشتاغ المقرب من النظام، قال إنه علم من مصادر مطلعة، أن أبو علي خضر الذي أشار إليه بـ (خ ط) وأنه أحد أثرياء الحرب المعروف لعموم السوريين من دون ذكر اسمه صراحةً، متوار خارج سوريا منذ أكثر من أسبوع، في ظل صدور تعليمات بالتدقيق في أعماله واستعادة الأموال التي اكتسبها بطريقة غير مشروعة.

وقال الموقع إنه صدر في وقت سابق قرار بمنع التعامل مع خضر لكن سرعان ما أوقف العمل به، لكنّ القرار الحالي نهائي وحاسم ولا رجعة عنه، وقد يبرر ذلك خوف الجميع من ذكر اسمه صراحةً.

تتطابق معلومات هاشتاغ مع المعلومات التي حصلنا عليها والمعلومات التي قدمها نور حلب، حيث قال هاشتاغ إنه "خلال البحث في ملفاته، تبين أن المذكور يستخدم أحد المسؤولين في جهاز أمني كذراع لأعماله الانتقامية وغير الشرعية، ليصدر قرار أيضا بإعفاء رئيس الجهاز وكف يده عن العمل بشكل مفاجئ إلى حين الانتهاء من التحقيقات" بحسب نور حلب فإن المشار إليه في الجهاز الأمني هو قائد السرية 215 أسامة صيوح.

يشار إلى أن حملة انتشرت على السوشيال ميديا والصحافة المقربة من النظام، بعد اجتماع الأسد باللجنة المركزية بحزب البعث، أن الأسد عازم على نهج "تصحيحي وضرب الفساد"، ومن المروجين للإصلاحات كان موقع هاشتاغ نفسه.

وليس غريباً على النظام حرق الأسماء التي تطفو على السطح بين الحين والآخر لتهدئة الشارع ونقمة المواطنين لمنحهم بعض الأمل بتحسن الأوضاع، أو لإبعاد تلك الأسماء من الواجهة للسيطرة على ما جنوه طوال السنوات التي أطلقت بها أيديهم في الاقتصاد، ومنهم أحد أشهر رجال أعمال حلب هاني عزوز، وأيمن جابر، ومحافظ ريف دمشق علاء إبراهيم، لكن أبرز القرارات التي صدرت كانت الإطاحة برامي ومخلوف والسيطرة على إمبراطورية الاتصالات التي استخدم خضر ذراعاً فيها مؤخراً.

ليست المرة الأولى

في نيسان 2022، نقل موقع "صوت العاصمة" عن مصادر خاصة، من دون أن يسميها أن أحد الفروع الأمنية استدعى أبو علي خضر للتحقيق، إلا أنه لم يمتثل، ما أدى إلى حملة دهم قامت بها الفروع الأمنية في حي الفيلات الغربية بمنطقة المزة.

وأسفرت حملة المداهمات حينها بحسب الموقع، عن اعتقال ثلاثة من أبرز رجال خضر، من بينهم صهره إيهاب الراعي، المعروف بإدارته للحواجز العسكرية التابعة لـ "الفرقة الرابعة". في ذلك الوقت أيضاً، نشرت صفحات تواصل اجتماعي موالية بأن الاستخبارات أصدرت برقية استدعاء لخضر، للتحقيق بملفات مرتبطة برجاله المعتقلين وهو ذات الملف الذي يقال إنه أثير هذه المرة، فما كان من خضر إلا أن استشعر الخطر وقرر الهرب من البلاد قبل أن يتم اعتقاله، في حين ذكرت مصادر أخرى أنه غادر البلاد برفقة 3 مليارات دولار.

هذه المرة تفتح ذات القضية بعد عامين تقريباً، ويتم الترويج لذات السيناريو، فإما استطاع أبو علي خضر سابقاً "لفلفة الموضوع" بأساليبه وعلاقاته، أو أنه لا يزال بالفعل خارج البلاد منذ حينها، وما يتم حالياً لا يتعدى كونه سيناريو إعلامياً لتبييض صورة الأسد.

من هو أبو علي خضر؟

ينحدر من مدينة صافيتا بمحافظة طرطوس، تقرب من ماهر الأسد بعد حمايته لقافلة للفرقة الرابعة عام 2016، ليصبح مسؤولاً عن هذه المهمة باستخدام بعض مسلحي بلدته، ويرأسها صهره إيهاب الراعي، جميعهم حملوا بطاقات أمنية من "الفرقة الرابعة".

أنشأ خضر شركة "القلعة للحماية والحراسة والخدمات الأمنية" في العام 2017 لذات السبب، وباتت لها امتيازات أمنية نتيجة تقربه من ماهر الأسد وقيادته لفرقة مسلحة، حتى إن قناة "السورية الإخبارية" اضطرت إلى حذف مقابلة لرئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، فارس الشهابي، بعد أن قام بتسمية "أبو علي خضر" صراحة بمسؤوليته عن فرض إتاوات على المصانع الحلبية، بالإضافة إلى حادثته الشهيرة مع وزير داخلية النظام محمد خالد الرحمون في شباط من العام 2019.

أنشأ خضر الكثير من المشاريع الاحتكارية، في قطاعات الاتصالات والمقاولات والمعادن والنقل والسياحة وتحويل الأموال والأمن، منها شركة إيلا للدعاية والإعلان التي استولت على اللوحات الإعلانية الطرقية التي كانت سابقاً مستثمرة من قبل "المجموعة المتحدة للنشر والإعلان والتسويق "UG" (كونكورد)، إضافةً إلى تأسيسه شركة إيماتل للاتصالات بدعم من أسماء الأسد.

في تشرين الأول من العام 2020، تم إدراج طاهر ضمن قائمة العقوبات الأميركية، ضمن "قانون قيصر"، لتوجيهه عناصر ميليشياته لتحصيل الرسوم على الحواجز والمعابر الداخلية، التي تسيطر عليها "الفرقة الرابعة"، وتربط بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة المعارضة، بالإضافة إلى المعابر مع لبنان، فضلاً عن إدراج شركاته كلها ضمن قائمة العقوبات.