icon
التغطية الحية

هجرة من نوع آخر في اللاذقية.. سكان القرى يبحثون عن الخدمات

2022.11.28 | 06:15 دمشق

شوارع مدينة اللاذقية (فيسبوك)
شوارع مدينة اللاذقية (فيسبوك)
تلفزيون سوريا - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

على مدى سنوات نشطت هجرة سكان الريف في الساحل السوري إلى المدينة للبحث عن فرص عمل أفضل وفي سبيل الدراسة والوظيفة الحكومية. لكن قرى اللاذقية اليوم باتت تشهد هجرة من نوع آخر بحثاً عن أساسيات العيش لاسيما الماء والكهرباء.

في قرى ريف اللاذقية باتت مشاهد يومية تتكرر وعدة نداءات مستمرة وشكاوى تتشابه  حول معاناة أهالي عدد من القرى البعيدة عن مركز مدينة اللاذقية من سوء الخدمات، وربما انعدامها في بعضها الآخر بدءاً من أهمها ألا وهي معاناة عدم توفر مياه الشرب، ليليها معاناة المواصلات حيث تشهد ساحات القرى حالات الركض الجماعي خلف مركبات النقل (السرافيس)، ويتبعها الكهرباء.

هذا الواقع أفقد صبر الكثير من أهالي هذه القرى ودفعها للهجرة باتجاه مركز المدينة بحثاً عن أساسيات استمرارية الحياة لا سيما المياه التي باتت لا تصل لبعض القرى إلا مرة واحدة شهريا، كما هو الحال في قرية حبيت التابعة إدارياً لمنطقة الحفة والتي شهدت بحسب صحيفة "الوحدة" المحلية حركة نزوح لأكثر من ١٢ أسرة باتجاه مركز المدينة خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

وتضيف الصحيفة في تعدادها للأسباب التي أدت إلى هجرة عدد كبير من سكان القرى إلى اللاذقية افتقاد هذه المناطق لوجود الأطباء والمراكز الصحية وصعوبة تأمين المواصلات في حال المرض والمبالغ الكبيرة التي يطلبها سائقو التكاسي لنقلهم (تصل إلى 50 ألف ليرة).

إهمال حكومة النظام

وبحسب الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني المقيم في المدينة تفتقد عشرات القرى في الحفة وجبلي الأكراد والتركمان حتى اليوم للكهرباء والماء رغم أن المعارك متوقفة في هذه المنطقة منذ عام 2016 موضحا أن هذه القرى تضم آلاف السكان بعضهم عاد لمنطقته لفترة ثم فضل السكن في مدينة اللاذقية بسبب عدم توفر أي مقومات للحياة.

ويضيف اللاذقاني في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أن سوء الأوضاع في الريف يشمل حتى ريف جبلة ومناطق لم تتعرض لأي معارك موضحا أن إهمال حكومة النظام للبنية التحتية في هذه المناطق أدى لمشكلة مياه كبيرة ما زالت تتفاقم، وزاد مؤخرا من المعاناة أزمة المواصلات وصعوبة توفر المحروقات وغلاء التنقل إلى المدينة.

أبو هيثم من سكان قرية جنكيل بريف منطقة الحفة انتقل قبل نحو شهرين للسكن في مدينة اللاذقية. اضطر الرجل الأربعيني كما يروي لموقع تلفزيون سوريا لاستئجار منزل في منطقة الرمل الجنوبي (حي شعبي) وترك منزله فارغا في قريته.

يبرر أبو هيثم سبب انتقاله إلى عدة أسباب أولها أزمة توفر المواصلات التي هددت استمرار عمله كموظف حكومي وغلائها. مضيفا أنه خلال الشهرين الماضيين اضطر لدفع مبالغ تفوق راتبه الشهري.

ويضيف في جملة حديثه عن الأسباب:" أصبح الوضع لا يطاق الماء لا تصل إلينا إلا مرة كل ثلاثة أسابيع والكهرباء ساعتين في اليوم صحيح أن الوضع في المدينة ليس أفضل كثيرا لكن يمكن الاشتراك بالأمبيرات لتوفير الكهرباء، والماء وضعها هنا أفضل كما أن المواصلات متوفرة".

أبو علي من سكان قرية عرب الملك بريف مدينة جبلة لديه سبب آخر للهجرة من قريته إلى المدينة. تكبد أبو علي العام الفائت خسائر مالية فادحة وصلت إلى 15 مليون ليرة في البيوت البلاستيكية التي زرعها بالبندورة بسبب العواصف والأمطار ليقرر بعدها ترك عمل الزراعة بشكل نهائي والانتقال مع عائلته للسكن في المدينة حيث يعمل في فرن لإنتاج الخبز.

ما النتائج؟

من جانبه أوضح الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي أن الهجرة في الساحل السوري لطالما ارتبطت بالعوامل الاقتصادية ورغم أنها انخفضت بشكل كبير في العقدين الماضيين بسبب تحسن الوضع في الريف إلا أن الأشهر الأخيرة وما رافقها من أزمات خانقة في الكهرباء والماء وتردٍ للوضع الزراعي الذي يشكل أساس اقتصاد سكان هذه القرى دفع عدداً كبيراً من العائلات لترك قراها والبحث عن وضع أفضل.

ويوضح جبلاوي في حدثيه لـ "تلفزيون سوريا" أن إهمال حكومة النظام للزراعة والخسائر المتلاحقة لمزارعي المنطقة التي تشكل عصب الاقتصاد لأهالي الساحل أسهمت بشكل كبير في تشكيل موجة هجرة جديدة سواء نحو المدن أو حتى خارج البلاد.

وحول النتائج المحتملة لهذه الهجرة وتأثيراتها يرى الناشط المقيم في الساحل السوري أن هذا الأمر سيخلق ضغطاً على المدن المنهكة أصلاً ويزيد من حالة البطالة، كما ستنعكس آثاره بشكل واضح على الإنتاج الزراعي.

يشار إلى أن مزارعي الساحل السوري يتلقون منذ عدة أعوام خسائر اقتصادية فادحة بسبب أزمة تصريف فائض الحمضيات وانخفاض أسعارها مقارنة مع ارتفاع المعيشة ومستلزمات الزراعة، في حين أسهمت أعاصير العام الماضي في اقتلاع مئات البيوت البلاستيكية وسط تعويضات خجولة صرفتها حكومة النظام لهم.