icon
التغطية الحية

هجرة الأطباء تزيد معاناة من تبقى بسبب استغلال المشافي الحكومية في دمشق

2022.07.29 | 07:20 دمشق

المواساة
مرضى في مشفى المواساة بدمشق ـ AFP
دمشق ـ جوان القاضي
+A
حجم الخط
-A

تعاني معظم الكوادر الطبية "المتدربة والمقيمة" في المشافي الحكومية التابعة لوزارة الصحة في حكومة النظام من كثرة المناوبات التي تصل إلى (4 أو 5) مناوبات أسبوعياً، ما يحرم معظمهم من إمكانية العمل والتمرين في المشافي الخاصة وتأمين دخل إضافي، فضلاً عن انتشار الفساد والمحسوبية في تأمين المسكن لهم.

وفي وقت لم تقتصر خسائر القطاع الصحي في سوريا على مدار سنوات الحرب على بنيته التحتية من جراء تعرض قسم كبير منها للقصف والتدمير، تعيش المنظومة الصحية حالة نزيف في كوادرها، واستمرار معاناة من تبقى من تلك الكوادر الطبية بسبب المناوبات المتعددة وانخفاض الدخل، بحسب علاء 27 عاماً، وهو اسم مستعار لطبيب مقيم يعمل في مشفى المجتهد بدمشق.

ويواجه المئات من الأطباء المقيمين والمتدربين انخفاضاً في الدخل وحرمانا من العمل في القطاع الخاص وسط إلزامهم من قِبل المشافي الحكومية بالعمل لأيام متواصلة عبر ما يعرف بنظام المناوبات اليومية.

ومن أصل 70 ألف طبيب كانوا موجودين في سوريا، هاجر ما يقارب الـ 50 ألفا منهم خلال سنوات الحرب بحسب تصريحات صحفية لنقيب الأطباء السابق كمال عامر في شباط من العام 2021. كما اعترفت حكومة النظام السوري بوجود  نقص كبير في عدد أطباء التخدير، مشيرةً إلى حاجتها إلى ما لا يقل عن 1500 طبيب لتغطية النقص الحاصل من جراء هجرة الأطباء.

محاولات فاشلة

رغم زيادة رواتب الأطباء الطلاب (مقيمون ومتدربون) في المشافي الحكومية 3 مرات خلال أقل من سنتين منعاً للهجرة وتحسين مستوى معيشتهم، إلا أن ذلك لم يوفر للطبيب علاء حياة كريمة، كما قال لموقع تلفزيون سوريا. مضيفاً أنَّ مشفى المجتهد ألزمه بأربعة أيام مناوبات ضمن قسم القثطرة القلبية.

وفي حين يبلغ راتب الطبيب المختص في المشفى الحكومي نحو 300 ألف ليرة سورية، بحسب الطبيب علاء، لا يتجاوز راتب الطبيب المتمرن ضمن اختصاصه 150 ألف ليرة. ويشير الطبيب علاء إلى أن الزيادات التي حصلت على رواتب الأطباء ضمن المشافي الحكومية لا تتجاوز في أحسن الأحوال الـ 50 ألف ليرة وسط انخفاض القدرة الشرائية لليرة مقابل الدولار.

ولا تقتصر معاناة الأطباء المقيمين والمتدربين على ضعف رواتبهم الشهرية، بل تتعداها إلى "منعهم من العمل في المشافي الخاصة أو فتح عيادات خاصة بهم قبل انتهاء فترة التخصص"، حسب قول الطبيب علاء لموقع تلفزيون سوريا.

كما يحظر المرسوم التشريعي 12 لعام 1970 "قانون مزاولة المهن الطبية" في المادة (11) على الأطباء وأطباء الأسنان مباشرة الأعمال الطبية والجراحية التي تستوجب الاختصاص، إلا في حالات الإسعاف الضرورية التي تعرض حياة المريض للخطر بشرط عدم وجود الاختصاصي في المنطقة.

أطباء يعملون بلا عقود في دمشق

لكن رغم ذلك تمكن الطبيب علاء وغيره من الأطباء نظراً لظروفهم المادية السيئة من التحايل على القانون والعمل في مشاف خاصة بلا عقود. ويقول علاء لموقع تلفزيون سوريا "اتفقت على العمل مع مشفى خاص يومين أسبوعياً بدون عقد لحين الانتهاء من فترة التخصص"، وينتهي تخصص علاء في نهاية العام الجاري، وبعدها يتخلص من العمل "بالسخرة" كما وصف مناوبته لأربعة أيام في مشفى المجتهد.

وتدفع المشافي الخاصة رواتب بنحو عشرة أضعاف ما يحصل عليه الطبيب المتدرب في القطاع الحكومي، وذلك بحسب كلام منير، 30 عاماً، وهو طبيب متدرب في مشفى المواساة بدمشق.

ويقول منير لموقع تلفزيون سوريا "ما زلت بحاجة لسنتين كي أنهي تخصصي الطبي في مشفى المواساة"، وبعدها يفكر منير في السفر بعد حصوله على شهادة التخصص وإكمال كل الإجراءات الأخرى. ويعمل منير في مشفى خاص ثلاثة أيام في الأسبوع إضافةً لثلاثة أخرى يقضيها كمناوبات في مشفى المواساة.

سكن بالواسطة وتقنين بالطعام

ومقابل ذلك توفر حكومة النظام للأطباء المقيمين والمناوبين المسكن والذي يحتاج الحصول عليه إلى واسطة وبعض وجبات الطعام فقط للطبيب المناوب بعد أن ألغت وجبة الطعام للطبيب المقيم. ويقول الطبيب علاء لموقع تلفزيون سوريا "هناك ما يقارب من 400 طبيب متدرب في مشفى المجتهد، يحصل أكثر من نصفهم على السكن والباقي يعيش تحت وطأة ارتفاع الإيجارات في دمشق والضواحي القريبة منها".

ويوضح الطبيب علاء، أنه اضطر وثلاثة أطباء متدربين لاستئجار شقة في منطقة المزة بـ 250 ألف ليرة لكونهم لم يظفروا بالسكن الحكومي مثل غيرهم من الأطباء المتدربين.

أما وجبات الطعام فهي "متل قلتها" بحسب قول علاء لموقع تلفزيون سوريا، مضيفاً أن معظم المشافي الحكومية بدأت بتقليص وجبات الطعام إلى حدها الأدنى من جراء الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها حكومة النظام السوري.

وتسعى المشافي الحكومية والخاصة بدرجة ما إلى استغلال من تبقى من الأطباء المختصين ومن هم قيد التخصص في مناوبات طويلة من جراء هجرة الكوادر الطبية وتحميل ضغط وحجم العمل الطبي على الأطباء المتدربين والمقيمين.