icon
التغطية الحية

نساء سوريات يؤلفن كتاباً عن معاناتهنّ عقب زلزال شباط

2024.04.06 | 14:10 دمشق

يوم 6 فبراير 2023
"عندما ترتجف الأرض" كتاب ألفته نساء سوريات لسرد قصصهن
تلفزيون سوريا ـ علا المصري
+A
حجم الخط
-A

بعد كارثة الزلزال المدمر الذي أصاب شمال غربي سوريا العام الفائت؛ لا يزال السوريون يذكرون كثيراً من المآسي التي لم ينتهِ أثرها النفسي عليهم، لا سيما النساء اللواتي شهِدنَ هلع وخوف أطفالهنَّ، مما دفع مجموعة من النساء إلى تأليف كتابٍ يؤرخٌ بعض القصص والأحداث التي شهِدنَها في ليلة الزلزال.

"عندما ترتجف الأرض"

بعنوان: عندما ترتجف الأرض؛ جمعت السيدة يسرى حيدر مديرة منظمة (Release me) قصصاً لعشر نساءٍ عشنَ أحداثاً مريرة ومشاعر متخطبِة خلال فترة الزلزال، وما يميز الكتاب أن القصة كُتبت من قِبل صاحبتها، حيث قالت السيدة يسرى لموقع تلفزيون سوريا: "تعتبر كتابة هذه القصص علاجاً للنساء وتفريغاً للمشاعر التي عاشوها خلال الكارثة".

جمع كتاب (عندما ترتجف الأرض) نساءً من مختلف الانتماءات والأعمار والجنسيات، جمعهنَّ الألم والذكرى المريرة والتعب النفسي الذي تركه الزلزال في نفوسهن، ليقمنَ أخيراً بتفريغ تلك المشاعر عن طريق القلم ولتخليد نضال المرأة السورية في كتاب تتداوله الأجيال.

النساء يسردن قصصهن

تؤمن الكاتبة والباحثة (هوازن خداج) إيماناً مطلقاً بدور المرأة وقدرتها على الخوض في جميع المجالات منها الفكرية والأدبية، والتي تؤمن أيضاً بضرورة سرد النساء لقصصهنَّ بنفسهنَّ من دون اللجوء إلى كاتب/ة تؤرِّخ الأحداث نيابة عنهنّ، هذا ما دفع الكاتبة هوازن إلى دعم فكرة الكتاب وتأييدها، كما أضافت بأن النساء اللواتي شاركن قصصهن في الكتاب اعتبروا الكتابة أسلوباً للتشافي من ألم الحدث.

وقد أفادت السيدة روعة حيدر، التي شاركت قصتها في الكتاب بأن تعبيرها عن مشاعر الألم التي رافقتها خلال فترة الكارثة قد أزال كثيراً من الأعباء النفسية عنها، وأزاح عنها بعض التأثيرات وخفف من استذكارها لتفاصيل المأساة.

انتشر الكتاب في مناطق ريف حلب وعفرين، وتقول السيدة يسرى إن هناك خطة لنشر الكتاب القصصي قريباً في مناطق إدلب وأريافها، إذ إن كثيراً من القراء ينتابهم الفضول لقراءة القصص التي عاشتها تلك النساء في الزلزال.

وبالرغم من أن الكتابة القصصية هي التجربة الأولى في الكتابة لمعظم المُشارِكات؛ فإن الكتاب منظَّم بفهرس وعناوين مناسبة لكل قصة ومقدمة أكاديمية وتعابير أدبية ضمن القصص.

الكتابة للاستشفاء

أشارت السيدة (يسرى حيدر) إلى أن الكتاب كان يهدف إلى معالجة النساء من ذكرى الزلزال بطريقة مستحدثة ومختلفة، في حين أن معظم العيادات النفسية مأجورة اختارت مع زميلاتها طريقة جديدة للتشافي؛ وأضافت: "في بداية الرحلة كانت النساء لا تطيق تذكّر لحظات الرعب التي عايشوها، ولكن بعد التفريغ والتدوين أصبحت النساء أكثر مرونةً تجاه الأمر، كما أن هناك عدة معتقلات سابقات كانت مشاركتهن في الكتاب تحريضاً لتدوين وتأريخ ما شهدوه من تعذيب، فقد كانت مشاركتهن في الكتاب بمنزلة نفض الغبار عن أقلامهنّ للكتابة عن كل ما شهدوه من أذى وأسى".

وفي الكتاب تذكر السيدة المُعتقلة سابقاً في سجون النظام وفاء نجيب، في قصتها أن حدسها كان صائباً عندما تنبَّأت بحدوث أمر سيقلب الأمور رأساً على عقب، قائلة: "هذا الشعور أتاني قبل أن أخرج من المعتقل".

كذلك الأمر عند عهد العربيني التي ذكرت في قصتها أنها عانت من الأرق ليلة الزلزال ورافقها الشعور بالذعر والخوف من شيء تجهله، لتتفاجأ فجراً بأصوات الصراخ والاستيقاظ على كارثة مدمرة.

عبّرت النساء في هذا الكتاب عن مشاعر الدهشة والرعب الأولى التي عشنها قبل إدراكهن بالذي يحدث، وبالرغم من أن السيدة إيمان دياب قد استصعبت استذكار المواقف في البداية؛ فإنها نجحت أخيراً في تدوين ما عاشته من دون الشعور بالألم، وقد أفادت: "كل جلسة يكون الحديث فيها عن الزلزال كنت أشعر أن جراحنا تتفتح وكنا نعترض على الحديث ولا نريد الخوض فيه بسبب الذكريات الأليمة التي تراودنا، لكن بعد تجربة الكتابة بدأت أشعر أنني أهدأ، وأنني تقبّلت الأمر وتشافيت من ألم الذكرى".

زلزال سوريا وتركيا المدمر

يوم 6 من شباط/فبراير 2023، ضرب زلزلال مدمر بقوة 7.8 درجات تركيا وشمال غربي سوريا، أعقبه زلزال آخر بالقوة نفسها تقريباً. وتسبب الزلزالان بواحدة من أكبر الكوارث التي عصفت بالمنطقة مؤخراً، حيث قُتل عشرات الآلاف وجُرح عدد كبير آخر، ودمرت المدارس والمستشفيات. وتسببت انهيارات المباني في تشريد عدد لا يُحصى ممن باتوا في مواجهة ظروف الشتاء القاسية.

ووقع هذان الزلزالان في وقت بلغت فيه الأزمة الإنسانية في شمال غربي سوريا ذروتها منذ بدء النزاع في سوريا، وغدا ما يزيد على أربعة ملايين فرد في حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.