ميليشيات قسد وعباءة الأسد.!

2022.08.09 | 07:04 دمشق

ميليشيات قسد وعباءة الأسد.!
+A
حجم الخط
-A

من المعروف أنه ومنذ قيام الثورة السورية في 2011 ومن خلال الاطلاع على سلوكيات وسياسات وخط سير حزب الاتحاد الديموقراطي السياسي والعسكري، نجد أن هذا الحزب وبلا شكوك أنه فرع من فروع حزب العمال الكردستاني، وآثر منذ بدايات الحراك الشعبي والمظاهرات السلمية التي اجتاحت كل المحافظات والمناطق السورية، الوقوف الفاضح ضد الثورة السورية، بل ومعاداتها بكل الطرق والأساليب، حيث نجد أن هذا الحزب وميليشياته المسلحة دعوا جماهيرهم وكوادرهم لعدم المشاركة في ركب الثورة أو مساندتها، بل لم يقف الأمر عند هذا فقط فلقد شارك أفراد هذا الحزب فروع النظام الأمنية بكل مسمياتها في قمع المظاهرات وأذية المتظاهرين في المناطق التي يوجدون فيها مثل (الحسكة والقامشلي وعين العرب وعفرين) وغيرها من المدن والبلدات، وبدأ وبلا تردد أو خجل أيضا مشاركة النظام المجرم بتنفيذ حملة قذرة  من الاعتقالات والتغييب والتصفيات للكوادر السياسية الكردية ورموزها الوطنية السورية، من الذين ساندوا وساروا في ركب الثورة فكان من أبرز الذين تم اغتيالهم وتصفيتهم الشهيد مشعل تمو .! 

عمليا ومع اقتراب محطة الثورة السورية من إتمام عامها الـ 12، فالملاحظ أنه ورغم الوجود الأميركي وقواعده المنتشرة في شرقي الفرات _هذا الوجود _الذي اتخذ ومنذ تشكيل التحالف الدولي من ميليشيات قسد شريكا لهم في محاربة الإرهاب، إلا أن هذه الميليشيات على ما يبدو، وكما تشير كل الدلائل والمؤشرات، لم تنقطع علاقاتها الإستراتيجية مع "روسيا" ونظام وجيش الأسد رغم وجود بعض المنغصات أحيانا على المستوى التكتيكي، بل ويمكننا الجزم والتأكيد بأن هذه الميليشيات لم تخرج من تحت ظل عباءتهم أساسا. وحقيقة الأمر أنه لولا الوجود الأميركي في شرقي الفرات لقامت ميليشيات "قسد" منذ وقت طويل بتسليم عهدتها وأماناتها و"الجمل بما حمل" لنظام وشبيحة الأسد.

هذه الحدود والأراضي لا تصبح سورية من وجهة نظر تلك الميليشيات وقياداتها إلا في حالة واحدة فقط ألا وهي عند تعرضهم للضغط ولرفع العصا التركية الغليظة

في الواقع بعد كل تهديد تركي بالقيام بعملية عسكرية تبعد من خلالها ميليشيات "قسد" عن المناطق الحدودية فإن مسؤوليها وقياداتها يهرولون مسرعين مرعوبين إلى نظام الأسد ويطالبونه بوجوب حماية الأراضي والحدود السورية. هذه الحدود والأراضي لا تصبح سورية من وجهة نظر تلك الميليشيات وقياداتها إلا في حالة واحدة فقط ألا وهي عند تعرضهم للضغط ولرفع العصا التركية الغليظة التي ذاقوا مرات عديدة "ويلها ووبال أمرها" أما في الأحوال العادية فبات من المعلوم والبديهيات إطلاقهم على مناطق نفوذهم وسيطرتهم شرقي الفرات والجزيرة السورية وفي كل لقاءاتهم الإعلامية والفضائيات التي يخرج منظروهم عليها بـ "إقليم غربي كردستان" ومنطقة "روج آفا". 

عمليا وبعد التهديدات التركية التي جاءت على لسان كبار المسؤولين والقيادات السياسية والعسكرية وتعبيرها الواضح عن انتهاء استعداداتها القتالية من كل نواحيها والاقتراب من الإعلان عن ساعة الصفر للقيام بعملية عسكرية جديدة تستهدف ميليشيات قسد بغية إبعاد خطرها عن الحدود الجنوبية التركية، والعمل وفقا لذلك على زيادة تأمين الأمن القومي للبلاد .وبالطبع يأتي هذا كله بعد صبرٍ تركيٍ طويل، لا بل وبعد أن قامت كل من موسكو وواشنطن بخذلان أنقرة نتيجة لعدم إيفائهما بالتزاماتهما وتعهداتهما التي تصديا لها، وذلك بالعمل على نزع الأسلحة الثقيلة لـ "قسد" وإبعادها عن الحدود التركية إلى عمق ومسافة 35 كم، طبعا أتت هذه التعهدات حينها بعد موافقة تركيا على وساطة موسكو وواشنطن وإيقافها لعملية "نبع السلام" التي سيطرت بموجبها القوات المسلحة التركية مع الجيش الوطني وخلال أيام ثمانية فقط، على مدن "تل أبيض ورأس العين" ومحيطهما، وبتلك السيطرة فقد تم إجهاض حلم قسد الذي كان مخططا لتواصل كانتونات الجزيرة مع "عين العرب"، أتى هذا الأمر ثانيةً بعد أن أُجْهِضَ هذا الحلم للمرة الأولى من خلال عمليتي "درع الفرات وغصن الزيتون" اللتين قطعتا الطريق على قسد  نهائيا من إمكانية حتى مجرد التفكير بوصل مناطق نفوذها شرقي الفرات بغربه.. 

"مظلوم عبدي" قد أعلن قبل أيام أنهم قد سمحوا لقوات النظام بالانتشار والتموضع في مناطق "عين العرب ومنبج"، وفي مناطق حدودية أخرى

في الفترات القليلة الماضية وبعد تسيير الدوريات المشتركة ما بين ميليشيات قسد وجيش الأسد، بل وخاصة بعد التهديدات التركية الأخيرة فقد ظهرت وطفت على السطح ودون "خجل" علائم التقارب السياسي والعسكري الواضح بين الطرفين (الأسد وقسد)، وباتت واقعا ملموسا ومفضوحا، حيث إنّ قائد "قسد" "مظلوم عبدي" قد أعلن قبل أيام أنهم قد سمحوا لقوات النظام بالانتشار والتموضع في مناطق "عين العرب ومنبج"، وفي مناطق حدودية أخرى، وذلك تحسبا من أي هجوم تركي مفاجئ. حيث إنّ قوات النظام وبحسب "عبدي" لديها القدرات والأسلحة النوعية لتأدية واجبها في الدفاع عن الأراضي السورية. وأضاف أنه لم يبق لنا _أي لميليشياته_ مكان لننسحب إليه، بل ستكون المعارك في الشمال السوري شاملة (أي غير محدودة الجغرافيا)، ولن نكون وحدنا في هذه المعركة، بل سيشارك فيها جميع مكونات الشعب السوري، ومما يؤكد التقارب العسكري الذي لم يعد سرا أو بالخفية هي المناورات والتدريبات البرمائية الأخيرة التي حدثت قبل أيام تحت إشراف ضباط روس وكانت ساحاتها المناطق القريبة من نهر الفرات والواقعة في محيط مدينة منبج حيث اشترك في هذه المناورات سلاح الدبابات والمدفعية والقوات الخاصة، وسلاح الهندسة من كلا الطرفين بمرافقة من سلاح الجو الروسي، ووجود منظومات الدفاع الجوي المحمولة على عجل من نوع "بانتسيير" .  

ختاماً.. مع الأسف في الثورة السورية على حال الكثير من الأكراد السوريين الذين ظُلِمُوا في الثورة مرتين أولاها لأنهم سوريون والثانية لأنهم أكراد. هؤلاء الأكراد الذين غيبهم ومنذ سنوات إعلام ميليشيات قسد وحزب العمال الكردستاني، وعملوا على تهييج مشاعر قومية أكل الزمان عليها وشرب، هذه المشاعر التي لن تنعكس وحسب كل الدلائل والوقائع لتكون واقعا ملموسا في يوم من الأيام، فأميركا عمليا تضحك وتحتال عليهم وعلى قيادات قسد ومسد من خلال وصفهم أنهم شركاء لها في محاربة الإرهاب، ولكن حقيقة الأمر وفي أدبيات الإدارات الأميركية جميعها فهؤلاء في نظرهم ليسوا بأكثر من مرتزقة رخيصون بلا كلفة تذكر ، وفي النهاية وبعد تحقيق أهدافها سترحل وتتركهم لمصيرهم الأسود ومهما آلت اليه الأمور في سوريا.