icon
التغطية الحية

منهاج التربية الجنسية يقسم الشارع السوري.. هل أنت مع أم ضد؟

2022.12.15 | 09:51 دمشق

مدارس دمشق
أكد الموجّه التربوي أنه لا يوجد أي توجّه أو تعميم رسمي لمناهج خاصة بالتربية الجنسية وما تم الحديث عنه موجود سابقاً - رويترز
دمشق - فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

"التربية الجنسية حاجة ملحة". هذا ما بررت فيه رئيسة البحوث في مديرية التربية التابعة لوزارة التربية والتعليم في حكومة النظام السوري، إلهام محمد، الإعلان عن البدء بإدخال محتوى خاص بالمفاهيم الجنسية إلى المدارس، متسائلة "لماذا نركز على كل المعارف ونهمل هذا الجسد؟".

لم تشر المسؤولة في مديرية التربية إلى تخصيص كتاب أو حصة درسية أو شيء مستقل ضمن سياق المنهاج المدرسي بما يتعلق بالتربية الجنسية، كما لم توضح "الضرورة الملحة" لإدخال هذا المنهاج، لكنها أكدت بأنه "يساعد في الحماية من التحرش".

أجرى موقع "تلفزيون سوريا" استطلاعاً للرأي حول إدخال التربية الجنسية ضمن منهاج التعليم في المدارس، ورفض غالبية من استطلعنا آراءهم إدراج المنهاج بشكل صريح ومستقل ضمن المنهاج الدراسي للأطفال، في حين تباينت الآراء حول طريقة إدراجه في المرحلة الإعدادية والثانوية.

لا داعي لاقتحام الطفولة

أثارت تصريحات رئيس البحوث بمديرية تربية دمشق الرأي العام، وقسمته بين مؤيدين لكن بشروط، ومعارضين بشدة، يقول ملهم، 32 عاماً ولديه طفلة بعمر ست سنوات، إنه يرفض رفضاً قاطعاً أن يتم إدراج حصة درسية أو منهج للتربية الجنسية للأطفال بعمر ابنته.

ويرى ملهم، وهو جامعي تخرج في كلية الهندسة الإلكترونية، أن "للأطفال عالماً بريئاً وخاصاً، وأي اقتحام لهذا العالم يحرف ذهن وتفكير الطفل باتجاه أمور سيبدأ البحث عنها والتوسع بها، وهي ليست ضرورية له، فالموضوع الجنسي المجرد غير ضروري نهائياً للأطفال".

أيضاً تعارض رهام، وهي أم لثلاثة أطفال بين 5 و10 سنوات، إدراج منهاج التربية الجنسية للأطفال، مؤكدة على أن "الحديث عن الأعضاء التناسلية ووظيفتها الجنسية للتكاثر على سبيل المثال، غير مهم نهائياً بالنسبة للأطفال، بينما قد يكون من المهم توجيههم إلى الاختلاف الفيزيولوجي بين الذكر والأنثى بشكل عام فقط".

تشير رهام، وهي خريجة قسم المكتبات في جامعة دمشق، أن "الأسر التي فيها أطفال من ذكور وإناث يتجاوزن ذلك في المنزل دون الحاجة للتوسع بالوظائف أمام الأقران"، ولا ترى رفضها لمنهاج جنسي صريح "تأخراً ثقافياً"، بل ترى فيها "احتكاماً للأعراف والثقافة المجتمعية".

الأسرة أهم وأكثر خبرة

دور الأهل في التوجيه غير المباشر لملكية الطفل لجسده وخصوصيته وحماية نفسه أهم من دور المدرسية التي قد تعرض ذلك أمام الأقران، ودون النظر للاختلافات في البيئات وخصوصيات كل طفل بشكل منفرد، وذلك قد يثير فضول بعض الأطفال ويجعلهم ينحرفون لعدم أهليتهم وقدرتهم على الإدراك الواعي، وفقاً لحسام وهو أبٌ لطفلتين.

ويقول حسام إن "الضرورة الوحيدة للتوعية بهذا الجانب هي ما يجعل الطفل يفهم أن ليس للغرباء حق في جسده، منعاً من أي حوادث تحرش أو اغتصاب"، مضيفاً أن "رقابة الأهل على أبنائهم أهم، فهم أكثر خبرة من أي طرف آخر، ومتابعتهم لتحركات أبنائهم وتصرفاتهم عن بعد، وكسر الحواجز بينهم ليصارحوهم بكل ما يحدث معهم، كافٍ لمنع ذلك".

ويشدد حسام على أنه "لا ضرورة للحديث عن آلية الزواج مثلاً، وكيفية إنجاب طفل بين ذكر وأنثى، إلا في عمر معين، حينما يبدأ الطفل بالبلوغ".

مؤيدون ولكن

وكما رفض البعض بشكل قاطع إدراج منهج التربية الجنسية في المدارس للأطفال، وافق البعض، بل شجع ذلك، لكن في الأعمار الأكبر، وتحديداً في سن المرحلة الإعدادية أو الثانوية، ولكن بشروط.

يقول خالد وهو أبٌ لأربعة أولاد، اثنان منهم في المرحلة الثانوية واثنان في الإعدادية، إنه "يشجع على إدراج منهاج للتربية الجنسية يتدرج بحسب عمر الطلاب من الأول الإعدادي وحتى البكالوريا، دون أن يكون المنهاج صريحاً جداً منذ البداية، بل يتناسب مع كل مرحلة عمرية"، إلا أنه شكك بأن "المراهقين سيتناقلون الكتب بين بعضهم للاطلاع، لكن ذلك ليس خطأً كونه منهجاً دراسياً علمياً".

يشترط خالد أيضاً أن "يتم شرح الأمور الجنسية من ناحية علمية أو بإطار ديني، حتى يبقى الأمر محاطاً بالضوابط، ولا يكون مفتوحاً كما هو الحال في أوروبا فيما يتعلق باكتشاف الميول الجنسية أو ما يسمونه الهوية الجنسية، وكأن الأمر مجرد كعملية جنسية ونقطة".

من جهته، يرى عماد، وهو أبٌ لطفلة في التاسعة من عمرها، أن "الاسم الذي يحيط بالمنهج المقترح ربما يرعب البعض، لأن كلمة الجنس مرتبطة في ثقافتنا بأمور لا يجب الحديث عنها"، موضحاً أنه "من هنا يجب أن تكون البداية عبر وضع اسم مناسب آخر يتناسب مع ثقافتنا، أو أن يتم إدراج ما يجب إدراجه ضمن كتب الأحياء، وهذا مناسب جداً، وباقي الأمور ذات الإطار الديني ضمن كتب الديانة، وبهذا الشكل يتم السيطرة على الموضوع بما يتناسب مع مجتمعنا".

يشير عماد إلى أن "مصطلح محتوى جنسي له مدلولات غير محببة في مجتمعنا، ولذلك يمكن لوزارة التربية إدراج ما ترغب ضمن الكتب الموجودة في المنهج الحالي والقادرة على احتواء تلك المفاهيم، بالإضافة إلى دور المرشدين النفسيين في المدارس الإعدادية والثانوية".

المنهاج العلمي أفضل من الأفلام الإباحية

"بيعرفوا أكتر مني ومنك"، هكذا قال مدرس للمرحلة الابتدائية في دمشق، مضيفاً أنه "ستتفاجأ كثيراً عندما تجد طلاب الصف السادس يعرفون الكثير والكثير جنسياً، إما من أسرهم، أو من أقرانهم الأكبر منهم، أو من الإنترنت الذي بات متاحاً أمامهم".

ويؤكد المدرس على أن "تحصين الأطفال بمنهج علمي مناسب لأعمارهم، أفضل بكثير من الحصول على معلومات خاطئة من أفلام إباحية، أو مواقع هدفها الحصول على المشاهدات بغض النظر عن المحتوى السليم، أو الشارع".

لا يوجد أي مادة تربية جنسية

وعلى الرغم من الاختلاف في وجهات النظر حول القضية، إلا أن موجّهاً تربوياً في مديرية تربية دمشق أكد لموقع "تلفزيون سوريا" على أنه "لا يوجد أي توجّه أو تعميم رسمي بخصوص مناهج خاصة بالتربية الجنسية، وما تم الحديث عنه من قبل رئيسة البحوث، موجود سابقاً وهو دور المرشدين، لكن المرشدين يهملونه إلى اليوم".

وأضاف الموجّه التربوي أن "الناس فهمت القضية بأنه سيكون هناك حصة درسية أو كتاب جنسي، وسيتم شرح العلاقات الجنسية فيه، بينما كل القضية تتعلق بجسد الأطفال وتثقيفهم حوله، فمثلاً: كيف سيتبدل شكلهم في مرحلة عمرية، ولماذا جسدهم خاص بهم فقط، وبعض أمور الاختلاف بين الذكور والإناث، إضافة إلى توعيتهم بالأمور التي يحتاجون معرفتها وتقديم إجابات بأسلوب علمي ومدروس لبعض الأسئلة التي لا يجدون إجابة عليها، كي لا يبحثوا عنها في الشارع أو الإنترنت ويصلوا إلى ما لا يجب أن يصلوا إليه في هذه الأعمار".

ولفتت رئيسة البحوث في مديرة تربية دمشق إلى أن "هناك توجيهاً من كل دوائر البحوث، بهدف التعرف على خصائص كل مرحلة عمرية لتقديم التعليم الجنسي"، موضحة أنه "تم التواصل مع مجالس أولياء الأمور وأُطلقت مبادرة تحت عنوان جسدي ملكي".

ووفق المسؤولة في مديرية تربية دمشق فإنه "من خلال حصص التوجيه الجمعي والتي تكون بحسب الحاجة، سيتم تمرير أفكار حول التحرش الجنسي، سواء داخل المدرسة أو خارجها، من خلال تعلم أجزاء الجسد وكيفية حمايتها"، مضيفة أنه "في حال حدوث ظواهر وقضايا مستعجلة يتم توفير وقت لحصة إرشاد".