icon
التغطية الحية

مع اقتراب فصل الشتاء.. هل ستتكرر المعاناة في مناطق الشمال السوري؟

2022.09.28 | 07:58 دمشق

mshahd_mn_manat_almhjryn_alywmyt_fy_mkhymat_alshmal_alswry_wst_amtar_alshta.jpg
معاناة المهجّرين في مخيمات الشمال السوري خلال فصل الشتاء
+A
حجم الخط
-A

أيام قليلة تفصل الشمال السوري عن دخول فصل الشتاء القاسي بكل تفاصيله على قرابة أربعة ملايين نسمة يعيشون في تلك المناطق، أكثر من مليون ونصف المليون منهم يقطنون في مخيمات على الحدود التركية، إذ تزيد الأوضاع المعيشية المتردية وسوء الأحوال المادية وارتفاع نسبة البطالة من معاناتهم المستمرة والمتكررة في هذا الفصل على مدار عشر سنوات؛ بالرغم من وجود حكومتين في تلك المناطق والعشرات من المنظمات الإغاثية.

ما يزيد الأوضاع سوءاً هذا العام هو انخفاض نسبة الاستجابة للمنظمات الإنسانية العاملة في مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، إلى جانب سعي روسيا لعرقلة دخول المساعدات الأممية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، إذ سينتهي العمل بالقرار الدولي الخاص بدخول هذه المساعدات إلى مناطق المعارضة في كانون الثاني 2023، أي في ذروة فصل الشتاء، فما هي الخطط والبرامج التي وضعتها المنظمات الإغاثية العاملة في الشمال السوري لمواجهة الشتاء في ظل هذه الظروف؟

تحذيرات ومناشدات

أطلقت العديد من الفرق الإغاثية تحذيرات ومناشدات للمنظمات الأممية العاملة في المجال الإنساني قبل بدء الشتاء، حيث ناشد فريق "منسقو استجابة سوريا" في الرابع من أيلول الجاري المنظمات الإغاثية لدعم القطاعات الإنسانية وتغطية الحد الأدنى من التمويل الخاص لكل قطاع.

وقال الفريق في بيانه "إن مناطق شمال غربي سوريا شهدت خلال الفترات الأخيرة زيادة كبيرة في الاحتياجات الإنسانية للمدنيين في المنطقة، بالتزامن مع اقتراب فصل الشتاء وارتفاع أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية إلى أكثر من 3.7 ملايين نسمة".

وحثّ "منسقو الاستجابة" المنظمات على العمل على إصلاح الأضرار السابقة ضمن تلك المخيمات وإصلاح شبكات الصرف الصحي والمطري، وتأمين العوازل الضرورية لمنع دخول مياه الأمطار إلى داخل الخيام والعمل على رصف الطرقات ضمن المخيمات والتجمعات الحديثة والقديمة بشكل عام.

من جانبه أعدَّ فريق الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) دراسة في بداية هذا العام، حذّر فيها من سوء الأوضاع الخدمية في 192 مخيماً شملتها الدراسة.

وفي تصريح لموقع تلفزيون سوريا أكد منير المصطفى - نائب مدير الدفاع المدني - أن نسبة 81% من المخيمات المقيَّمة تعرضت للفيضانات والغرق إضافة إلى عدم وجود وسائل تدفئة، وصعوبة الوصول إلى قسم كبير من هذه المخيمات بسبب سوء حالة الطرق المؤدية لتلك المخيمات.

اقرأ أيضاً.. لمواجهة البرد والغلاء.. نازح سوري يبتكر مادة للتدفئة عملية واقتصادية |فيديو

وشدد "المصطفى" أنه بالرغم من تدخل الجهات الإنسانية الفاعلة في مجال المخيمات إلا أن ذلك لم يوجد الحل لأكثر من 42% من هذه الصعوبات، في حين أن 58% من هذه الصعوبات ما زال مستمراً، مما يدل على عدم وجود حلول دائمة، ويضطر الجهات الإنسانية الفاعلة ومتطوعي "الخوذ البيضاء" للتدخلات الإسعافية سنوياً ومنع وقوع كوارث إنسانية.

 

تحضيرات في فصل الصيف

تحاول عدد من المنظمات استغلال الظروف الجوية الملائمة في الصيف لاتخاذ الإجراءات المتاحة التي تحاول منع تكرار حوادث الغرق والفيضانات في المخيمات.

فادي الديري مدير  منظمة "يداً بيد" أوضح في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا أنهم "أطلقوا حملة منذ شهر آب الفائت، لجمع التبرعات وتجهيزات للشتاء، إلا أن التحدي يكمن في تحفيز المتبرعين سواء أكانوا هيئات أو أفرادا للتبرع في أثناء فصل الصيف".

وبحسب "الديري" فإن أغلب التبرعات لا تصل إلا في فصل الشتاء، وذلك بعد أن تتناقل وسائل الإعلام صور المعاناة للنازحين في المخيمات، مشيراً إلى أن هذا الأمر يقتصر فقط على المنظمات العاملة خارج تركيا، أما بالنسبة للمنظمات السورية المسجلة في تركيا فإنها لا تستطيع جمع التبرعات من الأفراد داخل تركيا؛ لذا تعتمد هذه المنظمات على التبرعات الفردية من خارج تركيا عن طريق جمعيات أخرى وتعاون مشترك بينها".

ولا يقتصر الأمر على التبرعات، إذ يؤكد "الديري" على وجود تجهيزات شتوية كالأغطية والألبسة، إلا أنه للأسف لاتوجد مواد تدفئة كالحطب والمازوت".

وحول التحضيرات في الصيف يشير منير المصطفى - نائب مدير الدفاع المدني - إلى أن فرقهم تعمل طوال العام لمساعدة المدنيين في المخيمات والبلدات وتقديم جميع الخدمات الممكنة وفق المتاح.

ويكمل "المصطفى" حديثه بالقول: "بالنسبة لفصل الشتاء نعمل وفق مشاريع أو في مخيمات عشوائية بحسب الحاجة ووفق الإمكانيات من أجل فرش وتسوية الطرقات لتلك المخيمات، لتفادي انقطاعها في الشتاء، كما نفرش أرضيات الخيام لتفادي غرقها، إضافة إلى محاولة نقل المخيمات التي نُصبت في مجاري السيول إلى أماكن مرتفعة، وفتح بنية تحتية لتصريف مياه الأمطار لتلك الخيام، ولكن الإمكانيات محدودة والحاجة كبيرة".

أما مدير منظمة "إحسان" في ريف حلب الشمالي وليد عليطو فيذكر لـ موقع تلفزيون سوريا أنهم "يحاولون دعم العائلات بمواد تدفئة، وبعض مستلزمات الشتاء"، مردفاً: "إننا بحاجة إلى دعم لتأمين هذه المواد خاصة مع تردي الأوضاع المعيشية للسكان، وقلة مصادر الدخل، ومارافقها من ارتفاع كبير في الأسعار".

منازل سكنية بدل الخيام

مهما تم تقديم الدعم للمخيمات في فصل الشتاء إلا أنها تبقى في النهاية عبارة عن خيم قماشية لا تصمد أمام موجات الثلج والصقيع؛ لذا بدأت بعض المنظمات والفرق الإغاثية العمل على بناء منازل - مسبقة الصنع - ونقل سكان الخيم الأكثر تضرراً إليها.

فريق "ملهم التطوعي" كان من أبرز الناشطين في هذا المجال، إذ يؤكد مديره عاطف نعنوع في حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا أنه كـ"فريق ملهم" نعمل ومنذ عام 2020 بالتجهيز لفصل الشتاء من خلال قسم المأوى، في بناء منازل سكنية للنازحين ونقلهم من الخيام إليها، بالتالي الحل يكون جذريا لكثير من العائلات، حيث يبدأ الفريق بناء منازل سكنية في عدة مشاريع تابعة له في الصيف و يقوم بإسكان العائلات في أثناء فصل الشتاء".

ويردف: "بما أن هناك عشرات الآلاف من العائلات في المخيمات، ولا يمكننا نقل أكثر من ألف عائلة سنويّاً، فتكون الاستجابة لباقي للعائلات التي لم يتم نقلها لمنازل، بتأمين مواد التدفئة لها والملابس وبعض الحاجيات الأساسية".

وفي ذات السياق يشير مدير منظمة "يداً بيد" على أن "مطلبهم كمؤسسة هو مطلب استراتيجي، يتجلى باستبدال الخيم بمنازل سكنية ضمن خطة متكاملة، بحيث لا تؤدي هذه الخطة إلى توطينهم الدائم، وخسارتهم إلى بيوتهم التي هجرهم منها النظام وروسيا".

كذلك الحال بالنسبة لـ"منظمة إحسان" التي يشير مدير مكتبها في الشمال السوري وليد عليطو، إلى أن هناك العديد من القرى حالياً إن -صح التعبير- ما زالت بطور البناء من قبل المنظمات، ولكن الاحتياج مازال أكبر والتخطيط للمشاريع مستمر مع البحث عن التمويل الكافي".

مشاريع مرتبطة بالدعم

إن وجود حملات أو مشاريع خاصة في المخيمات مرتبط بالإمكانيات الموجودة لدى الدفاع المدني السوري وباقي المنظمات العاملة في المجال الإنساني والدعم الأممي والإنساني، بحسب منير المصطفى الذي يقول أيضاً: "ليس الأمر بتلك السهولة وخصوصاً مع وجود 1500 مخيم يقطنها أكثر من مليون ونصف إنسان في تجمعات قماشية لا تقيهم حر الصيف أو برودة وأمطار الشتاء وبالتالي المأساة تتكرر صيفاً شتاءً إذا لم يكن هناك دعم دولي".

ويرى "المصطفى" أن الحل الوحيد يتمثل بعودة المدنيين إلى منازلهم وبلداتهم ومحاسبة نظام الأسد وروسيا على جرائمهم بحق المدنيين.

إنّ تخفيض نسبة الاستجابة للمنظمات الإنسانية العاملة في مناطق المعارضة السورية أثّر بشكل كبير على عمل هذه المنظمات، مما يعني أن المعاناة مستمرة في تلك المناطق، وهذا ما يوضحه مدير فريق "ملهم" التطوعي بقوله: "مهما قدمت المنظمات للعائلات النازحة في المخيمات، بالنهاية هم يسكنون الخيام وبالتالي المساعدات دائما لا تكفي، وخصوصاً أن عدد المخيمات بالآلاف وبالتالي المشكلة ليست فقط بمواد التدفئة، وإنما بالسكن والطرقات والبنية التحتية، و هذه الأمور بحاجة لتدخل ودعم دولي".
يذكر أنّ الأمم المتحدة أطلقت احتياج تمويل 25 مليون دولار لتغطية نشاطات الشتاء الفائت، إلا أن التجاوب كان ضمن الحد الأدنى، وذلك بحسب بيان لـ"منسقو استجابة سوريا"، والذي يقدر أعداد المحتاجين للمساعدات الإنسانية بأكثر من 3.7 ملايين نسمة، نسبة 85% منهم يعيشون في المخيمات.