icon
التغطية الحية

مساع إيرانية للتمدد وحراك شعبي رافض.. ماذا تريد طهران في الحسكة؟

2022.06.28 | 18:27 دمشق

ثغثقف
صور مناهضة لإيران وحزب الله في شوارع الحسكة - تلفزيون سوريا
غازي عنتاب - عبد العزيز الخليفة
+A
حجم الخط
-A

شهدت مدينة الحسكة نشر ملصقات ومنشورات مطبوعة مناهضة لمحاولات إيران و"حزب الله" المدعوم من قبلها، التوسع في محافظة الحسكة، وتجنيد أبناء المحافظة وشراء ولائهم.

وبعد ازدياد نشاط إيران وحزب الله في مدينتي الحسكة والقامشلي وافتتاح مقار جديدة بإشراف القيادي في حزب الله الحاج مهدي اللبناني وسعي إيران لكسب ود أبناء العشائر؛ قرر عدد من أبناء العشائر من المقيمين في المربع الأمني في مدينة الحسكة التحرك لمواجهة هذا التمدد ووضع حد له حفاظاً على هوية المنطقة وتاريخها من التهديد الإيراني المستمر بفرض إيدلوجيتها.

ولصق الناشطون فجر اليوم الثلاثاء أكثر من 200 نسخة من منشورات مناهضة لإيران وحزب الله في منطقة المربع الأمني الخاضع للنظام في الحسكة وشملت الحملة مناطق (باب الحارة حديقة الواحة، وجانب المالية، وشارع القامشلي، وشارع القضاة، وشارع الماركات) وسط المربع الأمني. كما تمكنوا من لصق بعضها على جدران المقار الإيرانية وبنايات يقطنها عملاء لإيران في المنطقة.

sdfgsdf

‏ومنذ الصباح استنفرت دوريات الأمن التابعة للنظام وميليشيات الدفاع الوطني المدعومة من إيران لجمع هذه المنشورات في محاولة لمنع تداولها بين المدنيين.

النشاط الإيراني في الحسكة

وفي الفترة الأخيرة زادت إيران نشاطها في محافظة الحسكة، بهدف الحصول على موطئ قدم في المنطقة التي تتزاحم فيها القواعد العسكرية والقوات الأجنبية فضلا عن الوجود العسكري المتمثل بـ "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)"، التي تسيطر على نصيب الأسد من المحافظة، وقوات النظام التي تحتفظ بمربعين أمنيين في القامشلي والحسكة إضافة إلى قطعتين عسكريتين في كوكب بريف الحسكة وطرطب قرب القامشلي التي تسيطر على نحو 30 قرية بمحيطها والمطار والأخير تحول إلى قاعدة عسكرية روسية عززتها موسكو أخيرا بطائرات وأنظمة دفاع جوي متطورة.

وتنشر في المحافظة قواعد عسكرية أميركية في إطار حرب التحالف الدولي على تنظيم "داعش"، كما تسيطر القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري على منطقة "نبع السلام" التي تضم رأس العين شمالي المحافظة وتل أبيض شمالي الرقة، وتنشر بمحيطها قوات النظام ونقاط عسكرية روسية، وسط كل ذلك تحاول إيران أن تجد لميليشياتها مكانا يطلق يدها بالمنطقة.

وقالت مصادر لتلفزيون سوريا، إن الميليشيات الإيرانية، افتتحت بقيادة الحاج مهدي اللبناني من ميليشيا حزب الله، عدة مكاتب لتجنيد أبناء العشائر العربية في الحسكة. وذكرت أن المكتب الرئيسي لعمليات التجنيد يعرف باسم "مكتب الاستقطاب" ويقع داخل المربع الأمني للنظام في مدينة الحسكة.

وأشارت المصادر إلى وجود العديد من المراكز في مدينة الحسكة تعمل لصالح إيران، أبرزها مكتب كتائب البعث بقيادة رائد الخلف المقرب من "حزب الله" اللبناني، ومكاتب تتبع لميليشيا الدفاع الوطني بإشراف عبد القادر حمو.

أما في القامشلي، فيعد المركز الرئيسي هو مكتب النقل الواقع بعد دوار زوري في مدخل القامشلي، والذي يتخذه (الحاج مهدي) كمركز قيادة، إضافة إلى مركز ثان داخل مشفى الوطني القديم بقيادة خطيب الطلب، وهو من وجهاء عشيرة البو عاصي أحد فروع قبيلة طي، كما تتماهى الميليشيات الإيرانية مع ميليشيا الدفاع الوطني التابعة للنظام في عدة مراكز بالقرى جنوبي القامشلي أبرزها حاجز مفرق تل حميس، وهو نقطة مهمة اتصال الريف الجنوبي بالقامشلي (تل براك وتل حميس) مع القامشلي وبالنهاية السيطرة على المثلث العربي الذي يمتد من شمالي تل حميس وإلى شمالي تل براك ورأسه في مدينة القامشلي ونقطة استراتيجية ما يمنح الميليشيات الإيرانية أفضلية تحكم بجزء من الطريق الدولي (إم 4).

كيف تمكنت إيران من دخول المنطقة؟

يرى الباحث والصحفي المستقل سامر الأحمد، أن عدة أسباب ساعدت إيران في النفوذ إلى المنطقة، أولها استغلال الانشغال الروسي بالحرب الأوكرانية والتهديدات التركية لقوات "قسد"، وانشغال موسكو وأنقرة بصياغة اتفاق ما حول المنطقة الآمنة التي تعتزم تركيا على إقامتها في الشمال السوري بعمق 30 كيلومترا، مشيرا أن الأمر ذاته تسبب بتركيز اهتمام "قسد" على المنطقة الحدودية أيضا، ومن ثم أهملت الأطراف الثلاثة عمق الجزيرة السورية الأمر الذي سمح لطهران بالولوج إليها. 

وأوضح "الأحمد" في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن إيران تستغل مشاعر الرفض لدى العشائر العربية، لسلطة قوات "قسد" واستمرارها بسلطتها الأمنية والتمييزية، التي يهيمن عليها حزب العمال الكردستاني "بي كي كي".

ويشير إلى أن خذلان الروس للعشائر العربية قبل عامين في معركة حارة طي بالقامشلي التي سيطرت عليها "قسد" بعد اشتباكات مع مجموعات مسلحة قريبة من إيران، واستمرار إهمال مناطق العشائر العربية والاهتمام فقط بالمناطق الحدودية ذات الأغلبية الكردية دفع جزءا من وجهاء هذه العشائر للارتماء في الحضن الإيراني.

في حين يرى الباحث سعد الشارع، أن التمركز الإيراني حصل في الحسكة على مرحلتين واحدة قبل العملية التركية "نبع السلام" التي حصلت في تشرين الأول 2019، حين بدأت إيران باستقطاب شيوخ العشائر واستقبلت وفدا يمثلهم في طهران، والثانية بعد العملية التركية، حين تماهت ميليشيات إيران وخاصة "حزب الله" مع قوات النظام واستقلت الاتفاق بين النظام وروسيا و"قسد" على نشر قوات من النظام ونقاط عسكرية روسية في المنطقة الحدودية وبمحيط "نبع السلام" لوقفها. 

وأكد "الشارع" لموقع تلفزيون سوريا، أن النظام يرى التوسع الإيراني لصالحه لأنه يمهد لعودته، في حين تحرص موسكو على وجود "قوات أرضية" مدربة تحمي قاعدتها بمطار القامشلي، وقد مثلت الميليشيات الإيرانية المعروفة بخبرتها القتالية قوة مناسبة لذلك، خاصة مع الفشل المتكرر للقوات المدعومة من روسيا مثل الفيلق الخامس وقوات النمر (الفرقة 25) واللواء الثامن.

الأهداف الإيرانية 

لفت الصحفي سامر الأحمد إلى وجود هدف ديني، في محاولة إيران فتح ما يسمى "طريق السبايا"، الممتد من بغداد إلى الموصل في العراق ثم القامشلي والرقة وحلب، وفقا للرواية الإيرانية فهذا "طريق جيش يزيد".

ويرى "الأحمد" إن لإيران هدفا اقتصاديا يتمثل في السيطرة على المنطقة النفطية السورية التي توجد فيها حقول النفط والغاز، ليس لمطامع إيرانية فهي ليست بحاجة إلى النفط والغاز السوري، بل لإمساك النظام من اليد التي توجعه وامتلاك أوراق قوة أكثر تستخدمها في التنافس مع موسكو في التحكم بقرارات النظام.

كما أن لطهران هدفا سياسيا، يتمثل في محاولة إزعاج القوات الأميركية التي توجد بالمنطقة، فهي تريد نقاط تماس جديدة مع القوات الأميركية هي نقاط اشتباك جديدة تضاف إلى النقاط الأخرى في دير الزور وكردستان العراق. 

ومن جهته يرى الباحث سعد الشارع أن هذه المنطقة لم تشهد أي حالة اشتباك بين ميليشيات إيران والقوات الأميركية، التي تفضل أن يكون موقفها من هذا التوسع "هو لا موقف"، ويأتي في إطار السماح لـ "قسد" بالقيام ببعض المناورات في المنطقة بشكل منفصل، مع النظر إلى أن روسيا تنسق بشأن هذا التوسع الإيراني. 

كما أشار الشارع إلى أن طهران تملك علاقات قديمة مع حزب "العمال الكردستاني" الذي يهيمن على "قسد".

مخاوف من حملات "تشييع" بالمنطقة

يقول مصدر عشائري من قبيلة طي في القامشلي، إن الحضور الإيراني لا يمكن أن يكون إلا في إطار محاولة "تشييع" عشائر المنطقة وخاصة تلك التي تنتسب إلى "آل البيت" بداية. 

ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لموقع تلفزيون سوريا، أن ملامح النيات الإيرانية ظهرت حين حاولت إيران فصل عشيرة "بني سبعة" التي تنسب إلى "آل البيت" في تشرين الأول الماضي، عبر تنظيم مؤتمر في قرية "أبو توين" قرب القامشلي، لفصلها عن تحالف قبيلة "طي" حملت الدعوة له رموز طائفية غريبة عن ثقافة قبائل المنطقة.