icon
التغطية الحية

مزارعو التبغ في الساحل السوري تحت رحمة أسعار "لجان التخمين"

2020.11.23 | 05:34 دمشق

72366436_2835940779802539_423797355242848256_n_770x440-1200x900.jpg
اللاذقية - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

بعد سبعة أشهر متواصلة من الرعاية والسقاية والتنظيف يجمع أبو علي نتاج محصوله المنشور على حبال طويلة تكاد تغطي منزله، يتأكد الرجل الخمسيني من جودة أوراق التبغ التي حصل عليها، ويتغنى بجودتها قبل أن يعبئها في أكياس "خيش" كبيرة بانتظار تسليمها للجان الحكومية.

يستعرض أبو علي وهو من سكان مدينة جبلة الساحلية متاعب العام أثناء جمع محصوله، فمن تهيئة مساكب التبغ في كانون الأول، وتسوية قسم من الأرض بشكل جيد، وتغطية هذه المواقع بشرائح النايلون كي لا تتضرر الأرض بالأمطار، ثم زراعتها في كانون الثاني، وما يحمله المزارع من هموم  بين طقس ماطر وطقس حار، وتغطيته المساكب أو تكشيفها، ثم فلاحة الأرض في أكثر من مرة وحراثتها وتسميدها، والانتباه إلى الشتل في نيسان بعد أن تكبر البذرة ورعايتها بالأدوية، ثم قطفه ورقة ورقة بعناية وإحكام، يعايش المزارع كل هذه المراحل وكأنها جزء من أسرته.

مهنة خاسرة:

رغم كل هذه المتاعب التي يستعرضها أبو علي إلا أن تعبه يبخس من قبل من يطلق عليها لجان التخمين التابعة لمؤسسة الريجة (الدخان) في اللاذقية التي تلزم الفلاحين بيع محصولهم لها منذ سنوات طوال مقابل منحهم البذار. ويوضح أبوعلي كلامه بالقول: "تشتري المؤسسة الكيلو الممتاز بـ ١٥٠٠ ليرة، والوسط بقرابة 1200 ليرة، ولجان التخمين تخضع لمزاجية الموظفين، الأسعار الحالية لا تتوافق أبدا وتعب كل هذه الأشهر وتكاليف والمعيشة، فالمزارع لا يحصل على واحد بالألف من تعبه، لأن كل أفراد العائلة تعمل بهذه الزراعة على مدار عام كامل، وفي غالب الأحيان يكون إنتاج الدونم الواحد ما بين ٢٥٠ و٣٠٠ كيلو إذا لم يتعرض المحصول لأي ضرر.

ويكمل أبو علي كلامه بالقول:" بعملية حسابية بسيطة لعمل عائلة مؤلفة من خمسة أفراد في زراعة التبغ، ٣٠٠ كيلو يباع الكيلو بـ ١٥٠٠ ليرة، يكون المبلغ ٤٥٠ ألف ليرة وبهذا الشكل فإن أجور العمال اليومية جميعها لا تتجاوز1000 ليرة هذا دون حساب التكاليف وأجور النقل والتلف وتلاعب لجان التخمين بالنوعية.

ويتساءل أبو علي في ختام حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "الدولة رفعت سعر الدخان الوطني هنا لأضعاف باكيت الحمراء تباع محليا في السوق السوداء بما لا يقل عن 1000 ليرة، وجزء من منتجاتنا يصدر إلى الخارج بالعملة الصعبة فلماذا يشترون منا بأبخس الأسعار؟ أليس الأولى أن تكون غاية الدولة دعم الفلاحين؟!

من جانبه قال مزارع آخر من المنطقة فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية أن الفلاحين يلجؤون إلى "دفع رشاوى إلى لجان التخمين لتحسين تصنيفه وبالتالي سعره، وأن معظمهم اضطر للدفع خشية من إلحاق الضرر به". وأوضح أن تسليم الفلاحين لحقوقهم من المصارف يتأخر لأشهر طويلة مما يؤخر عمليات الزراعة الجديدة وتفقد العملة مزيدا من قيمتها.

الزراعة في الساحل نحو المجهول:

رغم أن زراعة التبغ في جبال الساحل السوري تعتبر قديمة وشعبية ويعتمد عليها النظام في التصدير وتحصيل قطع أجنبي، إلا أن هذه الزراعة كما غيرها تعاني من صعوبات كبيرة لاستمرارها، وفق ما يؤكده المهندس الزراعي أحمد نجم من اللاذقية.

ويقدم "نجم" العديد من الأسباب التي وصفها بالمنطقية لهذا الأمر ومنها تراجع قيمة العملة باستمرار، واعتماد الفلاحين على المواسم مثل الحمضيات والتبغ، وهما الزراعتان الأساسيتان في منطقة الساحل السوري. ويضيف المهندس الزراعي خلال السنوات الأخيرة توجه الأهالي نحو أعمال أكثر فائدة وربحية، مثل صناعة الفحم التي تدر أرباحا أكبر وأسرع، رغم خطورتها الكبيرة على المنطقة، ولجأ بعضهم لقطع أشجاره وإحراقها بدلا من زراعتها، وهناك الكثير من المبررات التي تدفعهم لذلك فموسم البرتقال بقي لدى كثيرين معلقا على الأشجار، بسبب ضعف التسويق، وفائض الإنتاج، ورخص الأسعار. وهذا الأمر تتحمل حكومة النظام مسؤوليته لأنها "لم تسع إلى الاستفادة منه وتصديره كما حلفاء النظام لم يوفوا بعهودهم في استيراده".

أما بنسبة لزراعة التبع فيوضح الخبير الزراعي:" زراعة التبغ مهنة شاقة تحتاج لرعاية دقيقة وتعب تسعة أشهر سابقا كانت تدر أرباحا على الفلاح لا بأس لها، لكن اليوم حكومة النظام تشتريها بأبخس الأسعار تحول المزارعون لعمال بالمجان".

ورأى "نجم" أن "تدمير" الزراعة في الساحل السوري وما رافقه من حرائق مفتعلة، من شأنها إلحاق خسائر كبيرة بالاقتصاد السوري "لأن غياب هذه المنتجات سيدفع حكومة النظام لاستيرادها بالقطع الأجنبي وسيزيد سعرها على المستهلك أيضا".

اقرأ أيضاً.. زيادة مرتقبة على أسعار الدخان في سوريا

اقرا أيضاً.. إعفاء مسؤولين من النظام بسبب افتعال حريق مستودع التبغ بالقرداحة