icon
التغطية الحية

مختصون اقتصاديون: "اقتصاد السوق الحر" ولى زمنه والفريق الاقتصادي لم يتغير

2023.11.21 | 09:56 دمشق

آخر تحديث: 21.11.2023 | 11:26 دمشق

الاقتصاد السوري
النظام السوري أقام نموذجاً استهلاكياً على نمط إنتاج متخلف مما أثر على الخدمات الاجتماعية - رويترز
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

ملخص

  • نموذج "اقتصاد السوق الحر" في سوريا نموذج مشوّه ولم يستفد من فرص تحقيق اقتصاد أقوى.
  • النظام السوري أقام نموذجاً استهلاكياً على نمط إنتاج متخلف، مما أثر على الخدمات الاجتماعية.
  • ضرورة التساؤل حول نجاح النموذج الاشتراكي، وعلى استمرار الفريق الاقتصادي نفسه في إدارة الاقتصاد.
  • توجه الدولة نحو الجباية يشير إلى اتجاهها نحو النهاية.

اعتبر مختصون اقتصاديون سوريون أن النموذج الاقتصادي المعمول في سوريا "اقتصاد السوق الحر" هو نموذج "مشوّه واستنفد فرصه في تحقيق اقتصاد أقوى"، متسائلين عن مدى نجاح "النموذج الاشتراكي" في سوريا.

جاء ذلك خلال ورشة عمل أقيمت في جامعة دمشق، أمس الإثنين، تحت عنوان "الدور الأبوي للدولة"، تحدثت عن تخلي النظام السوري عن دوره في الدعم وإفساح المجال للقطاع الخاص، شارك فيها مختصون اقتصاديون، بما فيهم عميد كلية الاقتصاد والمدرسون في الكلية.

"نموذج مشوّه"

وقال الأستاذ في كلية الاقتصاد، عدنان سليمان، إن "تخلي حكومة النظام السوري عن فلسفة الدعم الاجتماعي يعد أمراً مكلفاً إذا ما قورن بالنتائج الاجتماعية التي ستظهر لاحقاً"، موضحاً أن "التجربة التاريخية أثبتت أن كلفة التنمية من خلال ضخ الاستثمارات في الاقتصاد والمجتمع تحقق منافع للدولة أكثر من كلفة محاربة الفقر".

واعتبر سليمان أن "تخلي الدولة عن دورها الاجتماعي سيترك المجتمع لاقتصاد السوق، وسوف يصبح أكثر فقراً وتحللاً، وتملؤه الجريمة والبطالة، لذا ستكون كلفة محاربة هذه الظواهر المجتمعية أكبر من كلفة التنمية"، مشيراً إلى أن "القضايا الاجتماعية يجب ألا يكون فيها ربح أو خسارة، لأن الدولة يجب أن تكون منحازة دائماً إلى الجانب الاجتماعي".

وأكد أنه "إذا تخلت الدولة عن دورها في الدعم، وسمحت للقطاع الخاص بقيادة المجتمع فسوق تفقد القدرة على ضبط التوازن"، مضيفاً أن "الخدمات العامة هي مجموعة خاسرة في كل دول العالم، ولكن الدولة لا تتخلى عنها لأن فيها قدرة على ضمان استقرارها وسيادتها وحفظ التوازن في المجتمع".

وأشار إلى أن "النموذج التنموي الاقتصادي المعمول به في سوريا (اقتصاد السوق الحر) قائم منذ ثلاثين عاماً، وهو مشوّه ولم ينضج، ولم يستطع تصحيح الاختلالات، ووصل إلى سقفه التاريخي، واستنفد فرصته في تحقيق اقتصاد أقوى وسياسات اجتماعية أقوى وفي إعطاء الدولة دوراً قيادياً أكثر في الاقتصاد والمجتمع".

ودعا سليمان إلى "تبني نموذج جديد ينسجم مع مرحلة ما بعد الحرب"، مؤكداً أن "الدولة المعاصرة هي الدولة القادرة على إدارة التناقض بين التيارات التي تعني باقتصاد الطلب الذي يحفز نمو الإنفاق الاستثماري، وبين التيارات المعنية باقتصاد السوق التي تدير العرض وتحرر أسعار الخدمات ورأس المال".

وذكر الأستاذ في كلية الاقتصاد أن "حجم الإنفاق الاستثماري كان يتراوح بين 40 و45 % تاريخياً، وتراجعت هذه النسبة خلال الحرب لتتراوح بين 12 و17 %"، مشيراً إلى أنه "كيف لدولة أن تسيطر على أدوات التدخل في الأسواق وأن تحقق نمواً واستمراراً من دون إنفاق استثماري؟".

"نمط متخلف"

من جهته، قال عميد المعهد العالي للبحوث السكانية، جمعة حجازي، إن النظام في سوريا "أقام استهلاكاً على نمط إنتاج متخلف نسبياً، لذا فإن الدور الاقتصادي الريعي فرض نوعاً من الخدمات الاجتماعية دون أن يكون هناك نمط إنتاج اقتصادي قوي يتيح نمط استهلاك مشابهاً للنمط المتبع في البلدان المتقدمة اقتصادياَ".

وأضاف أن "الخدمات الاجتماعية في سوريا أخذت تتآكل شيئاً فشيئاً بفعل بدء تراجع دور الدولة الاقتصادي، بسبب ضغط الخدمات بعوامل النمو السكاني الذي ازداد من 8 ملايين نسمة إلى 22 مليوناً، إضافة إلى تراجع إنتاج النفط وتراجع قدرة الدولة على تحفيز النمو والاستثمار، وبالتالي أصبحت الخدمات الاجتماعية على المحك".

الفريق الاقتصادي نفسه

من جانبه، أكد الأستاذ في كلية الاقتصاد، شفيق عربش، على "ضرورة السؤال عن مدى نجاح الدولة في النموذج الاشتراكي، وفي حال نجحت في ذلك فما مبررات الانتقال إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، وفي حال تم الانتقال بسبب عدم النجاح، ففي قرار المؤتمر القطري العاشر وردت عبارة الانتقال التدريجي".

وأشار إلى أنه "تم الإبقاء على الفريق نفسه الذي كان يدير الاقتصاد الاشتراكي ليدير الاقتصاد الاجتماعي"، متسائلاً أنه "هل ما تقوم به الحكومة في ملفات الصحة والتعليم وغير ذلك هو دعم أم أنها تؤدي واجبها؟".

ولفت إلى أن "أرقام الدعم التي يجري تسويقها مرعبة، وتغطي تقادم أدوات الإنتاج في العملية الإنتاجية والفساد والهدر"، معتبراً أن "آلية الدعم غير منطقية ولا سليمة، لأن حاجيات الأشخاص التي تحتاج إلى دعم تختلف من أسرة إلى أخرى، إضافة إلى عدم امتلاك قاعدة بيانات لإيصال الدعم إلى مستحقيه".

الدولة تسير نحو النهاية

واعتبر المدرس في كلية الاقتصاد بجامعة تشرين، حبيب محمود، أن "الانعكاس الحقيقي للدور الأبوي للدولة يتمثل في الوضع المعيشي الذي لا يعد مرضياً، ولا يمكن بقاؤه بهذا الشكل"، مشيراً إلى أنه "خلال عام واحد ارتفع سعر البنزين أكثر من أربع مرات، ما زاد الوضع سوءاً، كما هو الحال بالنسبة لسعر الدواء وغير ذلك من المواد الأخرى".

وقال المدرس في كلية الاقتصاد إن "هناك قاعدة اقتصادية تقول إنه عندما تسير الدولة نحو الجباية تكون قد بدأت السير باتجاه النهاية، فالدولة لم تترك مفصلاً إلا وسعت الحكومة إلى الجباية منه".