icon
التغطية الحية

رفع سعر الخبز.. خبر خلفه معاناة وأزمات يعوضها النظام من جيوب السوريين

2023.11.09 | 09:58 دمشق

hgof
رفع سعر الخبز في سوريا
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

لا ينتظر السوريون القاطنون في مناطق سيطرة النظام السوري أي خبر له علاقة برفع الأسعار، فهم يلمسون ذلك بالأسواق يومياً، جراء ما يصفونها ببورصة الخضراوات وبورصة الفواكه وبورصة المنتجات الغذائية وبورصة اللحوم في تهكم على أسعارها الصاعدة بنسب عالية والتي قد تنخفض بنسب قليلة جداً.

ومع رفع حكومة النظام السوري يوم الإثنين الماضي لسعر ربطة الخبز غير المدعوم بنسبة تتجاوز 100 في المئة، تخوف كثيرون من عدم قدرتهم على تأمين ثمنها الجديد، في ظل اعتماد معظم العائلات السورية على الخبز في أكلهم.

ولطالما كان سعر الخبز في سوريا رخيصاً مقارنة مع السلع الأخرى، إلا أن رفع النظام السوري الدعم عن فئات كثيرة من الشعب، أجبر الناس على الشراء من الخبز غير المدعوم أو السياحي بنحو 15 ضعفاً عن سعر الربطة المدعومة.

وأصبح سعر ربطة الخبز بوزن 1100 غرام 3000 ليرة سورية بعد أن كانت 1250 ليرة، وما زالت الربطة المدعومة بسعر 200 ليرة سورية للربطة إلا أنها تباع بأيام محددة لكل عائلة ومن المستحيل أن تكفي الحاجة.

وفي الأسواق تباع ربطة الخبز بأكثر من 3500 ليرة حالياً أي أعلى من السعر الرسمي، بحسب المنطقة، في حين يتجاوز سعر ربطة الخبز السياحي 11 ألف ليرة سورية، وكيلو غرام السمون أكثر من 12 ألف ليرة.

وتختلف أسعار الخبز في مناطق سيطرة النظام السوري من محافظة إلى أخرى وضمن المناطق الراقية والفقيرة، وكذلك بحسب التوقيت بين الليل والنهار وفي المحال والبسطات.

الراتب لا يكفي ثمن خبز

موقع "تلفزيون سوريا" رصد تأثير قرار رفع سعر الخبز على السوريين، بعد سلسلة من رفع أسعار السلع والمنتجات والخدمات، كان آخرها رفع سعر خدمات الاتصالات ورسوم الجامعات وأسعار السلع الاستهلاكية بما يعرف بالمؤسسات التعاونية أو السورية للتجارة.

وقال أحمد حسام، "مع دخول فصل الشتاء وزيادة الأعباء على السوريين بما يخص تأمين المونة ومازوت التدفئة ومصاريف دراسة الأولاد يأتي خبر زيادة سعر الخبز خبراً صادماً علينا".

وأضاف حسام الذي يعمل موظفاً حكومياً لموقع "تلفزيون سوريا" أن الوضع المعيشي يزداد سوءاً كل يوم في سوريا، يعني من غير المعقول أن تكون لقمة عيشنا مهددة إلى هذا الحد، من المستحيل أن يكفي الراتب ثمن خبز فقط الآن، يعني بدي ربطتين خبز كل يوم للعيلة فطور وغدا وعشا، بيطلع حقهم 180 ألف ليرة، يبقى من راتبي 20 ألف ليرة ما بيشترو كيلو لبنة".

وفي آب الماضي، رفع النظام السوري رواتب الموظفين بنسبة 100 في المئة حيث كانت متوسط الرواتب بنحو 100 ألف ليرة، فوصل المتوسط إلى 200 ألف ليرة سورية، تزامناً مع قرار آخر يقضي برفع أسعار المحروقات بنسبة تتجاوز 200 في المئة، ما أدى إلى تضخم هائل في أسعار المواصلات ومختلف السلع، الأمر الذي زاد من أعباء الناس المادية وضائقتهم المعيشية.

وأشار حسام إلى أن "زيادة ثمن الخبز تعد مشكلة كبيرة لأنها السلعة الأهم بالنسبة للسوريين، الجميع يعيش على الخبز، وهو قوت السوريين الأساسي تقريباً، الله يفرج عن الناس ولا يسامح يلي عم يحاربنا بلقمتنا".

زيادة الرواتب أفقرت الناس

من جانبه قال أبو عمر أحد بائعي الخبز، إن الناس عندما استيقظوا على خبر رفع سعر الخبز يوم الثلاثاء، صدموا كثيراً، والبعض لم يشتر، وتشعر أن هذا القرار أصعب عليهم من رفع سعر أي سلعة أخرى.

وأضاف أبو عمر لموقع "تلفزيون سوريا"، "أنا كمراقب لوضع الناس والزبائن أعرف إمكانياتهم، الناس مو متحملة أبداً هيك قرار، يعني متل يلي عم يسرق لقمة أولادهم، رفع السعر هو زيادة قلق وخوف من عدم القدرة على تأمين لقمة العيش، ولقمة العيش بسوريا هي الخبز".

وأشار أبو عمر إلى أن قرار الرفع ما خلاني بيع إلا 20 ربطة من أصل 60 ربطة، فوزعتهم على الفقراء، رغم إني دائماً بوزع خبز وما بخلي عندي يبيت أبداً حتى لو بدي أخسر، بس ولا مرة زاد أكتر من 3 أو 4 ربطات، ما يعني أنو رفع السعر صدم الناس.

وأكّد على أن "قدرة الناس الشرائية تراجعت إلى أدنى مستوياتها بعد رفع الرواتب الأخير، يعني رفع المعاشات خلا الناس أفقر وقدرتهم على شراء الحاجيات أقل".

الخبز غال وغير صالح للاستهلاك البشري

وفي تهكم على جودة الخبز المنتشر في سوريا، خصوصاً المدعوم منه، قالت أمية رجب، إن ربطات الخبز المدعومة يجب أن يكتب عليها غير صالحة للاستخدام البشري، كالتي تكتب على الأطعمة المخصصة للقطط.

وأردفت رجب التي تعمل متخصصة تغذية، في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" أن الخبز في سوريا من أسوأ المنتجات اليوم، فهو غير خاضع لأي رقابة ويخلط الطحين مع النشاء والخميرة ولا يعرف مصدرها، فتجد أرغفة خبز رقيقة جداً وغير متماسكة وتتفتت بسرعة، كما أنه أحياناً يكون غير ناضج بما يكفي.

واعتبرت أن الفساد في سوق الخبز المدعوم خصوصاً هو كبير جداً ولا يوجد أي متابعة له، خصوصاً بما يخص سوء نوعية الطحين والمواد الأخرى المستخدمة في عجينته.

وقالت رغم أنني أدعو في كل وصفاتي الغذائية للابتعاد عن الخبز قدر المستطاع، إلا أن السوريين اليوم ليسوا بصدد الحديث عن أي رفاهية أو طعام صحي، نحن أمام حالات جوع ونقص تغذية خصوصاً بما يتعلق بالأطفال.

ولفتت إلى أن الناس في مناطق سيطرة النظام السوري لا تهتم بما يجري الحديث عنه في السوشال ميديا، فلا أحد يلتفت لنسب الكربوهيدرات والدهون والبروتينات والخبز إن كان كامل الحبة أو أبيض أو فيه فيتامينات أو معادن، كل ذلك ترف كبير.

زيادة سعر الخبز تزيد أسعار كل شيء

ويرجح عبد الرحيم خولاني خريج جديد من كلية الاقتصاد بدمشق، أن رفع سعر الخبز مرتبط بالوضع الاقتصادي العام في سوريا والذي يشهد تراجعاً دراماتيكياً كبيراً، إلى جانب ما يجري عالمياً من ارتفاع في أسعار النفط.

وأضاف خولاني في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" أن نسب الفساد المرتفعة في سوريا تمنع من ترشيد أي شيء، يعني الفساد ينخر بأدنى مؤسسة في آخر نقطة يسيطر عليها النظام، فكيف هو الوضع بالمؤسسات الكبرى التي تنهب المدخرات القليلة أصلاً.

ولفت إلى أن هناك غياباً شبه كامل لقطاع السياحة وتراجعاً كبيراً في دخول القطع الأجنبي إلى سوريا، مع اقتراب نهاية العام الحكومة تريد تأمين موارد من أجل الموازنة العامة التي تراجعت أصلاً بنحو 2.5 مليار دولار.

وتابع موازنة العام الماضي تعادل 5.5 مليارات دولار، مقابل 3 مليارات فقط لعام 2024، أي إنها تعادل 55 في المئة من موازنة 2023، وبالتالي أنت أمام تراجع اقتصادي لا يقل عن 40 في المئة في عام واحد.

وأكّد أن حكومة النظام السوري أمام فشل استثنائي، فأنت أمام زيادة في قيمة الموازنة العامة بالنسبة لليرة بزيادة قدرها 114.5 في المئة وتراجع بنسبة 45 في المئة بالنسبة للدولار.

وكل قرارات رفع الدعم ورفع الرواتب وزياة أسعار المحروقات تدل على أن النظام السوري أمام واقع سيئ اقتصادياً، فسوريا عادت لنظام المقايضة على بعض الدول مثل لبنان والأردن لنمع نزيف الدولار وتحسين عجز الصادرات مع منع استيراد أو تصدير العشرات من المنتجات.

وبيّن أن مثل هذه القرارات قد تساعد على تقليل خسائر الحكومة لمدها بمصاريف الرواتب، ولكنها تزيد الأعباء على الناس بشكل كبير، فزيادة سعر الخبز، المنتج الأساسي والأكثر أولوية للسوريين يعني زيادة سعر كل شيء تقريباً، لأنها زيادة تشمل المطاعم ورواتب العاملين وكل ما يتصل بذلك.