icon
التغطية الحية

لعبة عض الأصابع.. كيف تؤثر أزمة سقف الدين الأميركي على اقتصاد العالم؟

2023.05.21 | 19:30 دمشق

آخر تحديث: 22.05.2023 | 13:05 دمشق

يتوقع الخبراء أن يتسبب تخلف واشنطن عن تسديد ديونها بكوارث للاقتصاد الأميركي (تعبيرية/الأناضول)
يتوقع الخبراء أن يتسبب تخلف واشنطن عن تسديد ديونها بكوارث للاقتصاد الأميركي (تعبيرية/الأناضول)
تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

وصلت المفاوضات حول رفع سقف الدين الأميركي بين البيت الأبيض والكونغرس إلى مرحلة حرجة من دون تسجيل أي اختراقات إيجابية، مع اقتراب موعد تسديد واشنطن لالتزاماتها في 1 حزيران المقبل، في ما يبدو أنه لعبة "عض أصابع" بين الرئيس الديمقراطي جو بايدن ومعارضيه الجمهوريين الذين يهيمنون على مجلس النواب برئاسة كيفن مكارثي.

ويتوقع الخبراء أن يتسبب تخلف واشنطن عن تسديد ديونها بكوارث للاقتصاد الأميركي، تنعكس آثارها الوخيمة على العالم بأسره، وقد تستمر إلى سنوات.

فما هو سقف الدين؟ ولماذا تحوّل إلى أزمة؟ وكيف يؤثر الخلاف حوله على اقتصاد الولايات المتحدة؟ وما الذي يعنيه ذلك للأسواق العالمية؟

ما هو سقف الدين الأميركي؟

سقف الدين هو الحد الأقصى الذي يُسمح للحكومة الأميركية باقتراضه، ويبلغ حالياً 31.4 ترليون دولار (الترليون يساوي مليون مليون)، ولا يُسمح للحكومة بتجاوزه ما لم يوافق الكونغرس الأميركي على رفع السقف.

وتحتاج الحكومة الأميركية للديون لتمويل مشاريعها، لأن الولايات المتحدة تنفق أكثر مما يدخل إلى ميزانيتها، التي تشكل الضرائب حصة الأسد فيها، وبهذه الطريقة تعوض الحكومة عجز الميزانية، عبر سلسلة غير منتهية من الاستدانة عبر بيع سندات للمستثمرين، ودفع فوائد شهرية عليها.

لماذا تحول رفع سقف الدين إلى أزمة؟

عادةً تجري التعديلات على سقف الدين بشكل روتيني حين يسيطر حزب واحد على البيت الأبيض وغالبية الكونغرس، لكن هذه المرة أتى رئيس الولايات المتحدة من الحزب الديمقراطي، بينما هيمن الحزب الجمهوري على غالبية مجلس النواب، ما أدى إلى تحول سقف الدين الأميركي إلى سلاح حزبي.

الشرير والبطل: بايدن في مواجهة مكارثي

يشترط مجلس النواب الأميركي برئاسة مكارثي تقليص الإنفاق على المشاريع التي أقرتها حكومة بايدن، بل وإلغاء بعضها أيضاً، وفرض قيود على ميزانية عام 2024، مقابل الموافقة على رفع سقف الدين بمقادر 1.5 ترليون دولار.

الحكومة الأميركية اعتبرت شروط الجمهوريين "ابتزازاً"، واتهمتهم بأخذ البلاد رهينة لتحقيق مصالح حزبية ضيقة، ورفض البيت الأبيض التفاوض على تقليص الإنفاق الحكومي، قبل أن يعدل عن قراره ويدخل في سلسلة مناقشات مع أعضاء الكونغرس لإقناعهم بالموافقة.

ويرى كريس لابتينا، مؤسس مجموعة "فوكس" للاستشارات السياسية، في مقابلة بثّتها "الجزيرة"، أن بايدن كان يريد الظهور كبطل من خلال رفض التفاوض، ما يجعل الجمهوريين الذين أتوا بشروط كهذه يبدون كالأشرار، ومن جانبه يخشى مكارثي من خسارة مجلس النواب إن تعاون مع الديمقراطيين.

ما الذي سيحدث إذا لم يرفع الكونغرس سقف الدين؟

تحتاج الحكومة الأميركية لرفع سقف الدين من أجل اقتراض مزيد من الأموال لتسديد الفوائد المترتبة على الديون السابقة، وإذا لم يتوصل الحزبان الأميركيان إلى تسوية، فإن واشنطن ستتخلف عن سداد ديونها.

في هذا السيناريو، سيتم تخفيض التصنيف الائتماني (درجة الثقة بقدرة شركة أو دولة أو جهة ما على تسديد ديونها)، ما سيعرقل الإنفاق الحكومي، وسيؤدي ذلك إلى انخفاض سعر الدولار وتراجع الثقة به كاحتياطي نقدي عالمي، وستدخل أميركا في حالة ركود اقتصادي ينعكس على العالم بأسره.

إذ نجحت السندات الأميركية باكتساب سمعة عالمية كوثائق خالية من المخاطر، ما دفع بالبنوك التجارية والصناديق السيادية والمصارف المركزية حول العالم بالاستثمار فيها، وبالتالي صار استقرار النظام المالي العالمي مرهون باستقرار الاقتصاد الأميركي.

وبحسب موقع "فوكس" (Vox) الأميركي، يُهدد هذا السيناريو مكانة الولايات المتحدة ونفوذها في العالم، إذ تتيح المجال لعملات منافسة أخرى مثل اليورو الأوروبي أو اليوان الصيني لتتقدم خطوة نحو مركز الهيمنة العالمية.

وفي حالة اليورو الذي تسيطر عليه عدة دول سيعني ذلك مزيداً من عدم اليقين السياسي والاقتصادي، وفي حالة اليوان الذي تسيطر عليه حكومة شمولية سيعني تراجع قدرة واشنطن وحلفائها الغربيين على مراقبة ومعاقبة دول ومنظمات إجرامية، مثل النظام السوري أو إيران أو روسيا.

عودة إلى البداية.. ما الذي يحدث الآن؟

ما زال أمام الولايات المتحدة نحو أسبوعين حتى حلول موعد سداد ديونها، وما زال أمامنا كثير من الوقت حتى نشهد أسوأ الآثار الكارثية لفشل الساسة الأميركيين في التوصل إلى اتفاق، إذ يؤكد الخبراء أن التغيرات العالمية التي يحذرون منها لن تحدث بين ليلة وضحاها.

وإلى ذلك الوقت، لا يزال في جعبة بايدن خيار طوارئ أخير يمكن استخدامه، وهو لجوء الرئيس إلى التعديل الدستوري الـ14، الذي يسمح لوزارة الخزانة الأميركية بالاقتراض بقدر حاجتها، من دون انتظار موافقة الكونغرس.

ورغم "تفاؤل" بايدن بالوصول إلى حل، إلا أن الجمهوريين والديمقراطيين انخرطوا في اتهامات على مدار الـ24 ساعة الماضية، تفترض أن الآخر دخل إلى المفاوضات بـ"سوء نية".