icon
التغطية الحية

لدغته أفعى ومستشفيات ترفض استقباله.. طفل ينجو في اللحظات الأخيرة بإدلب |فيديو

2023.11.01 | 05:40 دمشق

ءؤئر
طالبَ الوالد بمحاسبة المقصرين وفتح تحقيق مع كل من رفض استقبال طفله الذي تعرض للدغة أفعى شمال غربي سوريا
إدلب - أحمد رحال
+A
حجم الخط
-A

أكثر من أربع ساعات من البحث المتواصل كانت كفيلة بأن يصاب أحمد المغلاج بالانهيار، وهو يبحث عن مستشفى يستقبل حالة طفله المصاب بلدغة أفعى، شمالي غربي سوريا، قبل أن تتكفل إحدى المجموعات التطوعية بعلاجه، وإدخاله إلى مستشفى خاص لإنقاذه في اللحظات الأخيرة.

أفعى قاتلة

بدأت القصة عندما سمعت العائلة بكاء الطفل بشكل يدل على أنه تعرض لحدث مفاجئ، وبعد تفتيش المكان وجدوا أفعى بجانبه، وأرشدتهم نقطة دم في كف يده الأيسر إلى أنه تعرض للدغة من أنيابها.

يقول أحمد المغلاج، الذي يقيم في منطقة البردقلي الجبلية شمالي إدلب،  "حملت الطفل وانطلقت به على وجه السرعة إلى إحدى الصيدليات القريبة حيث وجهنا الصيدلي إلى مستشفى للحصول على الإسعافات الأولية والعلاج، فتوجهنا إلى مستشفى باب الهوى، ووصلنا إليه بعد ربع ساعة فقط من تعرض الطفل للدغة".

ويضيف المغلاج في حديثه مع "تلفزيون سوريا"  "كدت أفقد طفلي، بينما كان من المفترض أن يأخذ حقه في العلاج خلال اللحظات الأولى للإصابة".

رحلة الرفض في المستشفيات

ووفق المغلاج، لم يستقبل مستشفى باب الهوى حالة الطفل، بحجة أنه لا يوجد فيه اختصاص أطفال، فتوجه مباشرة إلى مستشفى شام للأطفال في مدينة سرمدا، إلا أنهم أخبروه بأن المستشفى متوقف عن العمل بسبب توقف الدعم.

بعد مضي ساعة، وإجراء عدة اتصالات، وجهه أحد الأشخاص إلى مستشفى باب الهوى مجدداً، يقول الوالد "أخبروني أن المصل المضاد للدغات الأفاعي غير متوفر في المستشفيات العامة، فاشتريت 5 حقن مصل من حسابي الشخصي بسعر 275 ليرة تركية للحقنة الواحدة حتى لا يتهربوا من استقباله".

محاولة المغلاج الجديدة مع مستشفى باب الهوى لم تنجح، حيث رفض المستشفى استقباله للمرة الثانية، حتى إنهم رفضوا تقديم الإسعافات الأولية للطفل بمنحه حقن المصل، فتوجه به إلى قسم العيادات في منطقة باب الهوى، وهناك رفض القائمون على المستشفى إسعاف الطفل وإعطاءه حقن المصل، بحجة عدم وجود مختصين بحالات الأطفال.

وحتى لا يضيع الكثير من الوقت، توجه الوالد بطفله إلى مستشفى "سامز للأمومة والأطفال" في مدينة الدانا ومعه حقن المصل، بعد مضي أكثر من ساعتين على تعرض الطفل للدغة.

يشير الوالد إلى أن عدداً من الممرضين والممرضات تفاعلوا مع الحالة بشكل إنساني، بداية الأمر، وبدؤوا بتجهيز مكان لإعطائه المصل اللازم، الذي كان بحوزته، وثبتوا له قثطرة الوريد، في حين كانت طبيبة ممسكة بهاتفها الجوال غير مكترثة بالأمر، كما أنها لم تُبدِ أي اهتمام، وفق وصفه.

في تلك الأثناء، وقبل أن يحصل الطفل على الإسعاف الأولي عبر حقن المصل، يقول المغلاج إن طبيباً دخل وأمر الممرضين بأن يتوقفوا فوراً، بسبب عدم توفر شاغر للطفل في المستشفى.

حاول المغلاج مناقشة الطبيب لإقناعه بالعدول عن قراره بعدم استقبال الطفل، وأن حالته الخطيرة لا تستوجب التأخير، وأنه "لا يوجد أخطر من حالة طفل عمره سنتان تعرض للدغة أفعى"، مستجدياً الطبيب ومتوسلاً إليه، وبعد إلحاح وجدال، قال الطبيب "وهل أنا الذي طلبت من الأفعى أن تلدغ طفلك".

يقول المغلاج إنه فوجئ بجواب الطبيب، ووصفه بأنه "كان بعيداً كل البعد عن أخلاقيات الطب والإنسانية"، مضيفاً أن الطبيب بقي متمسكاً بقراره، وأخبر الوالد بأنه يمكن له فقط أن يحوله إلى مكان آخر.

بعد ذلك حمل المغلاج طفله وانطلق به إلى مستشفى "الأندلس" المختص بالأطفال، والذي رفض استقباله أيضاً، على الرغم من توسله بأن يعطوه المصل فقط، دون فائدة، ليخبره أحد العاملين في المستشفى أنه بإمكانه نقل الطفل إلى أحد مستشفيات جسر الشغور، الأمر الذي رفضه الأب، بسبب ضيق الوقت، ومضي زمن طويل على اللدغة، والوصول إلى المستشفى المذكور يحتاج أكثر من ساعتين.

فريق تطوعي يتكفل بالحالة

وبعد مناشدات أطلقها الوالد في مجموعة "واتس اب" تجمع عدد  من إعلاميي إدلب، تكفل فريق تطوعي بنقل الطفل إلى مستشفى خاص في مدينة الدانا، على الفور، فنقله إلى مستشفى العيسى التخصصي ليدخل مباشرة إلى العناية المركزة.

حصل الطفل على المصل المضاد للدغة الأفعى بعد أكثر من 4 ساعات على تعرضه لها، وانتشار السم في جسده، وتورم يده بشكل كبير، وفق المغلاج، الذي أخبره الأطباء بأن الولد بحاجة إلى صفيحات دم نتيجة انخفاضها الكبير بسبب مفعول السم.

وتوفرت أكياس الصفيحات الدموية وأعطيت للطفل ليلاً، وفي صباح اليوم التالي بدأ الأطباء بعمل جراحي في اليد المصابة، بسبب تورمها.

 

ءؤئر

 

مطالبة بمحاسبة المقصرين

وعبر "تلفزيون سوريا"، طالب الوالد بـ "محاسبة المقصرين، وفتح تحقيق مع كل من رفض استقبال طفله وهو بين الحياة والموت، ومع من تعامل معه بفوقية واستعلاء وقلة إنسانية، بهدف وضع حد لمثل تلك التصرفات"، وفق تعبيره.

كما طالب والد الطفل بوجود "رقابة مشددة على عمل المستشفيات، ومعاملة المواطنين من قبل بعض الكوادر الطبية".

ودعا المغلاج إدارات المستشفيات في شمالي غربي سوريا والقائمين على القطاع الطبي في المنطقة إلى العمل على توفير مصول لازمة مضادة للدغات الأفاعي والعقارب، بسبب وجود أعداد كبيرة من النازحين في مناطق جبلية ضمن المخيمات والتجمعات السكنية.

رد المعنيين

للوقوف على حيثيات ما حصل مع والد الطفل، تواصل "تلفزيون سوريا" مع مسؤول تنسيق الإعلام في منظمة "سامز" في الداخل السوري، وهي المنظمة المسؤولة عن مستشفيي باب الهوى وسامز للأمومة والأطفال، وطرحنا عليهم الأسئلة، ولم نلقَ إجابة حتى لحظة إعداد التقرير.

من جانبه، قال مدير العلاقات العامة في وزارة الصحة التابعة لحكومة "الإنقاذ السورية"، شادي حاج حسين، إن الوزارة شكلت، على الفور، لجنة لمتابعة قصة الطفل، والوقوف على تفاصيلها الدقيقة لاتخاذ الإجراءات المناسبة بحق أي مقصر.

وأكد أن الوزارة ستتابع تأمين مصول لدغات الأفاعي والعقارب، مع المنظمات الصحية بحيث تصبح متوفرة بشكل أكبر، مضيفاً أن "القضية تحتاج إجراءات عديدة، وحالياً تعمل الوزارة على ترتيب مستودع دوائي مركزي للأدوية والمصول النادرة".

وأشار المسؤول في حكومة "الإنقاذ" إلى أن "ندرة تلك المصول تحدث في أغلب الدول الفقيرة، وبشكل خاص في مناطق الحروب، لأن الظروف الصحية تكون غير اعتيادية، مع ازدياد الحاجة لكثير من المصول واللقاحات والتي غالبا أسعارها مرتفعة، وطرق تأمينها صعبة"، مؤكداً أن ذلك "لا يعني أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه المشكلات بل نسعى بكل جهدنا لتأمينها".