icon
التغطية الحية

لا فرص عمل أمام شبان الساحل السوري.. سوى "متطوّع" أو "مهرّب"

2022.06.07 | 07:48 دمشق

dr6huujxcaalvqn.jpg
عناصر من الساحل السوري ضمن ميليشيا "صائدو الدواعش" - تويتر
تلفزيون سوريا - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

فرض تراجع النشاط الاقتصادي والدخل في الساحل السوري على الشبان التوجه نحو التجنيد والتطوع مع الميليشيات والعمل بالتهريب مع ما تؤمنه تلك الأعمال من دخل مادي يفوق الأعمال التقليدية وذلك وسط تغاضي حكومة النظام عن دعم النشاط الصناعي والزراعي في المنطقة.

تراجع خلال السنوات الأخيرة العمل بشكل لافت بالمهن التقليدية كالصيد والزراعة والصناعة نتيجة غلاء المحروقات وانقطاع الكهرباء بشكل متكرر، وبات شبان الساحل السوري أمام فرص ضيقة لإيجاد فرص عمل ملائمة تحقق لهم تأمين مستقبلهم وقوت يومهم.

ومقابل ذلك تفتح ميليشيات النظام وقوات النظام أبوابها بشكل دائم لـ "التطوع" للقتال في صفوفها، ومؤخراً بات التجنيد للقتال في أوكرانيا مقابل مبالغ مادية تصل إلى 1500 دولار شهرياً فرصةَ عملٍ مُغرية للشبان، في حين يشكل العمل بالممنوعات والتهريب سبيلا لكثيرٍ من الشبان اليوم لتحقيق مبالغ طائلة.

دخل اليوم الواحد يعادل أسبوع

تعلّم محمود 21 عاما منذ صغره مهنة النجارة وعمل بها قرابة أربعة أعوام لكنها لم تؤمن له دخلا مناسبا كما يروي لـ موقع تلفزيون سوريا مضيفا:" لم أعد أستطيع الصبر أكثر من ذلك، أصبحت عالة على عائلتي بدل أن أكون عونا لها لذلك فضلت بيع المازوت المهرب فهو يحقق دخلا يوميا يعادل ما أحصل عليه في أسبوع".

 

 

وحول مخاطر العمل الجديد أوضح محمود أنه تعرّف عبر أحد أصدقائه إلى شخص يقوم بتأمين المازوت المهرب وهو من يقوم بحمايتهم وضمان أمنهم بحسب قوله لافتا إلى أن الشخص "متنفذ" والبضاعة تعتبر له ونحن نقوم ببيعها فقط ونحصل على أجرتنا".

من جانبه قال الناشط الإعلامي في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي لـ"تلفزيون سوريا" إن تضاؤل فرص العمال وتراجع المصالح الرئيسية كالزراعة والصيد دفع العدد الأكبر من الشبان لا سيما في ريف الساحل الموالي للنظام للتطوع في الميليشيات بأجور تبدأ من 100 دولار وما فوق مع صلاحيات أمنية واستثمار ذلك في أعمال السرقة والتهريب".

ويضيف جبلاوي أن العمل في الميليشيات أصبح الخيار الأول لعدد كبير من شبان قرى اللاذقية خاصة مع التسهيلات التي تمنحها تلك الميليشيات لجهة العمل أسبوعاً في الجبهات ويقابله أسبوع إجازة.

 

 

"الفرقة الرابعة" و"صيادو الدواعش"

ومن أبرز تلك الميليشيات بحسب جبلاوي اليوم هي ميليشيات الغيث التابعة للفرقة الرابعة وأخرى تابعة للفرقة 25 مهام خاصة و"صيادو الدواعش" ومعظمهم يقاتلون في البادية بالإضافة إلى العروض الروسية للتطويع والقتال في أوكرانيا.

من جانب آخر تحدّث علاء (25 عاماً) من سكان مدينة اللاذقية عن الصعوبات التي يعانيها الشبان لتأمين فرص عمل، وقال في حديث لموقع "تلفزيون سوريا":" حقيقة معظم المصالح متوقفة والأسواق شبه جامدة بسبب الغلاء، لا توجد مصانع في اللاذقية والمزارعون يعانون من الخسائر بينما التجار يشتكون من ضعف البيع، أما أعمال الإنشاءات فالأجور بها لا تزال ضعيفة ولا تحقق للعامل دخلا يلائم الأسعار".

ويضيف:" هذا الواقع جعل الشبان بين خيارين السفر أو العمل بالتهريب والتجنيد شخصيا أبحث عن فرصة خارج البلاد في مصر أو الخليج وهناك كثير من أصدقائي ممن سبقوني لذلك، لا مستقبل لنا هنا أبدا الفرصة معدومة".

البطالة بين الشبان المتعلمين

بدوره لفت الناشط الإعلامي أحمد اللاذقاني في حديث لموقع تلفزيون سوريا إلى تراجع الاهتمام من شبان الساحل بالوظائف الحكومية التي كانت تشكل فيما سبق أحد أبرز توجهات الشبان للعمل.

وقال اللاذقاني إن البطالة في اللاذقية تفاقمت بين الشبان المتعلمين وغيرهم لأن الوظيفة الحكومية باتت لا تطعم خبزا مضيفا أن رواتب القطاع الحكومي باتت لا تكفي اليوم أجور المواصلات ولذلك بتنا نشهد توجها عاما للسفر أو العمل بقطاعات أخرى معظمها "غير قانوني".

ويضيف اللاذقاني:" اللافت أن هذا الأمر لا يحظى باهتمام النظام إذا نزلت إلى الأسواق تجد بسطات الدخان المهرب والبنزين والمازوت اليوم أكثر من الطعام، حتى الصيدليات باتت تتعامل مع مهربين، بينما الأسواق معظمها من تلك البضائع هذا الأمر ولّد فرص عمل إضافية لشبان المنطقة للعمل بنقل المهربات مقابل مبالغ مالية لا بأس لها".

إهمال الزراعة أثر في تغير النشاط التجاري

وحول تأثير تغير النشاط التجاري في الساحل السوري قال الخبير الاقتصادي مأمون بصيص المقيم في تركيا والمنحدر من الساحل السوري لموقع تلفزيون سوريا إن النظام طالما أهمل افتتاح مصانع وتوفير فرص عمل لأهالي المنطقة بقصد دفعهم للتطوع في الجيش لا سيما فئة مواليه في الريف,

وأضاف أن إهمال قطاع الزراعة وتحطيم الصيد اللذين يشكلان عصب الاقتصاد في المنطقة لم يكن شيئا غير مدروس وإنما أمر يراد منه دفع الشبان ليكونوا وقودا لحروب الأسد وهم اليوم بالفعل كذلك فهم الصف الأول للعمليات العسكرية في معظم الجبهات السورية ولو كان الأمر غير ذلك لرفض معظمهم حياة العسكرة".

ويرى بصيص أن الأمور ستتجه نحو الأسوأ مع انتشار المخدرات ونفوذ الميليشيات وتوجه الشبان نحو الأعمال غير القانونية لكسب الأموال بشكل أسرع لأن ذلك سيخلق على المستوى البعيد جيلا فاشلا وغير منتج ومجتمعا اتكاليا، في حين أن المصالح الرئيسية ستتعطل والإنتاج سيقل وهو ما بات أمرا محققا فعلا بالنظر إلى الإنتاج الزراعي والبحري اليوم للساحل السوري مقارنة مع السنوات السابقة.