أطلقت لاجئة سورية في هولندا، حملةً لـ مساعدة السوريين الذين يعانون في وطنهم الأم بسبب الظروف الاقتصادية والإنسانية الصعبة التي تعيشها سوريا.
وبحسب وسائل إعلام هولندية، فإنّ اللاجئة السورية ميرفت البلخي وزوجها رافع أحمد، رغم أنهما يعيشان بأمان في مدينة هاوتن بمقاطعة أوترخت وسط هولندا، لكن الوضع في سوريا يؤثر بهما بشدة، ولهذا السبب أرادا أن يفعلا شيئاً للسوريين هناك، لذلك بدأت ميرفت وزوجها حملةً لإرسال المساعدات الغذائية بالتنسيق مع صديقيهما الهولنديين: ياتسكه خاودسفارد وجيرارد إنجل، وهو عضو في كنيسة القيامة.
وتذكر الصحف الهولندية، أنّ ميرفت وزوجها وأطفالهما وصلوا إلى هولندا، بين عامي 2015 و2017، وإنهما جميعاً يشعرون بالألم على سوريا والأوضاع التي آلت إليها البلاد هناك، وتقول ميرفت: "ما نعيشه هنا نتمناه أيضاً لأهلنا في سوريا".
ويشرح رافع: "الحرب ليست المشكلة الأكبر.. عواقبها تؤثر على الناس بشدة، لقد دُمرت البنية التحتية للبلاد، ولم يعد الغاز والبنزين متوفرين وهناك نقص كبير في الغذاء".
ويضيف: "يأكل الناس من القمامة وينامون في الشارع من دون بطانيات، لم يذهب بعض الأطفال إلى المدرسة منذ أكثر من عشر سنوات، حتى لو فتحت المدرسة أبوابها، سيكون من المستحيل التدريس في الشتاء دون تدفئة، الجريمة والفساد آخذان بالازدياد، الناس مصدومون، الأشخاص المتعلمون يفرون من البلاد من أجل مستقبل أفضل في مكان آخر".
ورغم الأوضاع الصعبة في سوريا، تحلم ميرفت بمستقبل أفضل للبلاد وللسوريين هناك، على الرغم من أن الوقت المتوقّع لإعادة بناء البلد المُدمر قد يستغرق سنوات".
فكرة الحملة
في العام الفائت 2022، نشأت فكرة الحملة وبدأت بجمع أغذية لمساعدة الأهالي في بلدة جديدة عرطوز بريف دمشق، حيث كان يعيش رافع وميرفت، التي تقول: "قبل الحرب، كان يعيش هناك 75 ألف شخص، والآن هناك 300 ألف نتيجة النزوح، لأنّ كل شيء في المنطقة المحيطة بالبلدة تعرّض للقصف".
ودعمت "كنيسة القيامة" في هولندا، فكرة السلل الغذائية، إذ جمعت العام الفائت ما يكفي من المال مقابل 45 سلة، 50 يورو للسلّة الواحدة، كما دعت صحيفة "هاوتن نيوز" المحلية الهولندية، الراغبين في المساهمة بهذه الحملة للتبرع في (الحساب المصرفي: NL97 RABO 0373740182).
وتشرح ميرفت: "يمكن لثلاثة أشخاص تناول الطعام لمدة شهر من هذه السلل، التي تحتوي على منتجات غير قابلة للتلف مثل: الأرز والدقيق والزيت والمربى والعدس والسكر والتمر وصلصة الطماطم والمعكرونة وغيرها".
يقول جيرارد - عضو في "كنيسة القيامة" - "هذا العام نقوم بالعمل نفسه.. حتى الآن تم التبرع بمبلغ 3300 يورو.. سيذهب المال إلى سوريا، حيث يتم تجميع سلل الأغذية، لا يمكن ذكر عدد السلل التي يتم تجميعها معاً إلا بعد ذلك، لأن المحتوى يعتمد على التكاليف وتوافر المنتجات"، في حين تشير ميرفت إلى أنّ "كيلو اللحم يكلف حالياً راتب شهر كامل لمعلم في مدرسة ابتدائية بسوريا".
اقرأ أيضاً.. خبير اقتصادي: ارتفاع معدل الفقر في سوريا إلى 93 بالمئة
اقرأ أيضاً.. طعام وشراب فقط.. كلفة معيشة الأسرة في سوريا تتجاوز مليوني ليرة شهرياً
وتابعت ميرفت: "كان يمكنني أن أختار البقاء مع احتمالية كبيرة للموت أو البقاء على قيد الحياة والعثور على مكان تكون فيه عائلتي آمنة.. هربت وحدي لأن زوجي رافع أحمد وأولادي من فلسطين وليس معه جواز سفر، وبالتالي لا يستطيعون السفر إلى أي مكان".
غادرت ميرفت تركيا إلى هولندا، عام 2015، وفعلت كل ما في وسعها للم شمل عائلتها، حيث تمكّنت في العام 2017 من احتضان زوجها وطفليها (11 و16 سنة)، كما حصلت العائلة لاحقاً على الجنسية الهولندية واندمجوا في المجتمع.
وتروي ميرفت حياتها في هولندا خلال الفترة الماضية قائلةً: "عشت في ضغوط شديدة لمدة عام ونصف بسبب أسئلة مثل: هل يمكنني البقاء في هولندا؟ هل يُسمح لأفراد عائلتي بالحضور إلى هولندا؟ كيف حال عائلتي؟ في بعض الأحيان لم أتواصل معهم لعدة أيام.. لقد كنت أكل وأنام بشكل سيئ".
وتعلّمت ميرفت اللغة والثقافة الهولندية من صديقتها المتطوعة الهولندية ياتسكا خاودسفارد، التي تعرّفت عليها لاحقاً، وتقول ياتسكا: "ميرفت تتحدث العربية والإنجليزية.. إنها محبة للتعلم، ومن الجميل أن ترشدها وتعلمها".
كانت ميرفت صيدلانية في سوريا لكن لا يُسمح لها بالعمل بهذه الصفة دون تدريب إضافي في هولندا، وهذا التدريب مكلف للغاية وهو كتدريب "مساعد الصيدلي"، لكن لدى ميرفت حالياً عقد دائم مع عيادة أسنان في مدينة هاوتن، وتقول عن ذلك: "نحن سعداء جداً بالمساعدة والدعم والمساحة التي نتلقاها في هولندا.. أبقت هولندا الباب مفتوحاً لنا، وهذا أمر رائع".
وبحسب الصحيفة فإن ميرفت "سعت لرد الجميل لكنها لم تعرف كيف، لذلك عملت كمترجمة في مركز إيواء اللاجئين وساعدتهم على الاندماج في مدينة تلبورخ، وتطوّعت في مدرسة وشاركت في العديد من النشاطات".
على مدار الأعوام العشرة الأخيرة، وصل عشرات آلاف اللاجئين السوريين إلى هولندا، وحصل عدد كبير منهم على جنيستها، في حين ينتظر البقية الحصول عليها بعد استيفاء الشروط اللازمة وأبرزها امتحانات اللغة، ويقدّر عدد السوريين في هولندا بأكثر من 126 ألف شخص، وفقاً لـ تقارير رسمية.