icon
التغطية الحية

كيلو ونصف لحمة براتب شهر.. فشل النظام يحول السوريين إلى نباتيين بالإكراه؟

2023.02.04 | 07:17 دمشق

الخضرة
أسواق الخضرة في سوريا
دمشق - سارة هاشم
+A
حجم الخط
-A

عادة ما يكون قرار التحول إلى الغذاء على السلع النباتية قراراً شخصياً يتخذه الإنسان بناء على قناعات طبية أو صحية، ولكن في سوريا يجبر مئات الآلاف من الأشخاص على أن يكونوا نباتيين لأنهم حرموا من حقهم في شراء اللحوم لأطفالهم مع ارتفاع أسعارها إلى مستويات مرتفعة جداً.

ومع زيادة نسب التضخم في سوريا إلى أعلى المستويات، ارتفعت أسعار اللحوم بنسب تصل إلى 60 و70 في المئة، مع ارتفاع أسعار مختلف السلع والخضراوات والفواكه، وعدم توافر المحروقات ووقود التدفئة والغاز إلا في السوق السوداء وبأسعار خيالية.

ويبلغ متوسط سعر كيلو اللحم الأحمر بدمشق أكثر من ثلثي راتب الموظف الحكومي الذي لا يتجاوز المئة ألف ليرة سورية (15 دولاراً أميركياً)

كم بلغت أسعار اللحوم بدمشق؟

ورصد موقع تلفزيون سوريا أسعار اللحوم في بعض من أسواق دمشق وريفها، حيث بلغت أسعار لحوم الأغنام بين 60 و75 ألف ليرة، وبلغ سعر لحم العجل بين 50 و65 ألف ليرة.

وقال حسن عبد الهادي أحد اللحامين بدمشق إن سعر كيلو الخروف الواقف يتراوح بين 20 ألف و25 ألف ليرة سورية، مضيفاً أن سعر كيلو العجل الواقف بين 17 ألف و20 ألف ليرة.

وأضاف لموقع "تلفزيون سوريا"، أن سعر كيلو لحم الضأن (الخروف) من أرض المسلخ يبدأ من 55 ألف ليرة، في حين يبدأ سعر كيلو لحم العجل من المسلخ من 49 ألف ليرة سورية.

وأشار إلى أن هذه الأسعار الجديدة ستصبح رسمية قريباً، حتى أن جمعية اللحامين بدمشق أقرت بذلك، لأن هناك تكاليف كبيرة يتحملها اللحامون تصل بهم إلى الخسارة في ظل الوضع الراهن.

ولفت إلى أن "ارتفاع أسعار اللحوم مرتبط بفصل الشتاء وعدم توافر الكهرباء، يعني أن اللحام لا يستطيع جلب أكثر من خروف واحد في اليوم، لأنه إن بات خارج البارد انتزع، وإن كان يتحمل يوماً ونصفاً إلى يومين في هذه الأجواء الآن بدمشق، ولكن الناس تفضل شراء المذبوح اليوم.

وأكّد أن "الناس لا تشتري إلا بكميات قليلة تصل أحياناً إلى نصف أوقية تضاف كنكهة للطبخة، أما بالكيلو فذلك قليل جداً، وهو فقط لميسوري الحال ومن يأتيهم دعم من خارج سوريا".

وتابع أن أسعار اللحوم قد تقل بريف دمشق بسبب قلة تكاليف النقل خصوصاً مع ارتفاع أسعار الوقود بالسوق السوداء لدرجات غير معقولة، وتغير الأسعار بشكل دائم ويومي.

الدجاج ليس أفضل حالاً

ولم يكن حال الدجاج بأفضل حالياً من لحوم الأغنام والعجل، فقطاع الدواجن بوضع سيئ جداً، لأن تربيته بحاجة لتكاليف أعلى من تربية الأغنام والأبقار خاصة أن عدداً كبيراً من العاملين في تربية الدواجن توقفوا عن العمل خلال الشهر الماضي.

وقال علي حساني العامل في بيع لحوم الدجاج، إن كثيراً من المداجن أوقفت بيعنا إما بسبب الإغلاق أو بسبب النقل، ما رفع من الأسعار لقلة المعروض.

وأضاف حساني لموقع "تلفزيون سوريا" أن قطاع الدواجن بحاجة للدعم بالإعلاف والمحروقات ليتمكن المربون من إيقاف الخسائر بسبب شرائهم الأعلاف والمحروقات بأسعار السوق السوداء.

وأشار إلى أن سعر كيلو الفروج اليوم بـ 14 ألف ليرة سورية لكن كلفته الحقيقية تتجاوز 16 ألف ليرة، ما يعني الخسارة فيه، ويصل سعر الصوص إلى ما بين 3000 و 3500 ليرة.

وتوقع أن يصل كيلو الدجاج بعظمه إلى 20 ألف ليرة خلال الفترة المقبلة حتى أن بعض المناطق بدأت تبيعه هكذا، وهذا يجعل الأمر ضيقاً على الناس ولكن ليس باليد حيلة.

تحول السوريين إلى نباتيين!

ورغم أن أسعار الخضراوات والفواكه ليست بمتناول الجميع، فإنها أرخص بكثير من أسعار اللحوم، خصوصاً بالنسبة لكثير من العائلات الكبيرة التي يتجاوز عدد أفرادها الستة أو السبعة أشخاص.

وأصبحت كلمة "نباتي" أو "فيجان" محل تندر عند السوريين، خاصة أن نسبة النباتيين في سوريا قليلة جداً، خصوصاً أن أشهر الأكلات التقليدية السورية قائمة على اللحم، مثل الكبب والمحاشي والمشاوي التي أصبحت وجبات لا يمكن الحصول عليها إلا في الأعياد والمناسبات.

وقالت هناء البني في حديث لموقع "تلفزيون سوريا" إن "الوضع أصبح كارثياً بكل معنى الكلمة، فعلى المستوى الشخصي ورغم مساعدة أبنائي الذين يعيشون في الخارج لي بشكل شهري لا أتمكن حالياً من شراء أكثر من نصف كيلو لحمة كل حين ومين"

وأضافت البني أن "الناس فعلياً صاروا نباتيين يعني اسأل جارتنا عن طبخة اليوم نادراً ما تكون بلحمة أو دجاج، دائماً بطاطا ومعكرونة وإندومي ومجدرة وسبانخ ورز بلبن وهكذا".

وأكّدت أن الناس كانت تسخر من تحول أي فتاة أو شخص ليكون نباتياً من أجل اللياقة، باعتبار أن يحرم نفسه من أطيب الأكلات السورية، ولكن الآن بات من ليس نباتياً إنساناً غريباً في سوريا، يعني بإمكانه شراء اللحوم في الوقت الذي لا يستطيع الآلاف وربما الملايين الحصول على الخبز".

وأشارت إلى أن "الناس كانت تنتظر الفرج، لكن تدهور الحال المستمر دفعهم لعدم انتظاره والبحث عن أي مخرج للهروب من سوريا، إلى أي مكان بعيد عنها".

الانزلاق إلى الجوع

وتأتي هذه التحولات في سلوك السوريين الذين تقوم كثير من أكلاتهم اليومية على اللحوم والدجاج، في ظل صدور تحذيرات أممية من أن معدلات الجوع في سوريا بلغت مستويات قياسية.

وقال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إنه بعد نحو 12 عاماً على اندلاع النزاع "لا يعرف 12 مليون شخص من أين ستأتي وجبتهم التالية، في حين أن 2,9 مليون معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع"، ما يعني أن سبعين في المئة من السوريين "قد يكونون غير قادرين قريباً على وضع طعام على المائدة لعائلاتهم".

 وأضاف البرنامج أن "الجوع يرتفع إلى أعلى مستوياته" في ظل تلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة، باتت جميع المسلمات في سوريا أشبه بالحلم، فالطعام والكساء والكهرباء والغاز والمازوت، كل شيء أصبح الحصول عليه بشق الأنفس.

وأدى هذا التدهور إلى فقد السوريين لقدرتهم على إعالة أنفسهم وعائلاتهم مع فشل النظام السوري في تأمين الأساسيات واستمرار سياساته في تفشي الفساد بشكل أكبر من ذي قبل.