icon
التغطية الحية

كيف ترى المعارضة السوريّة قرار الجامعة العربية وما خياراتها؟

2023.05.10 | 17:12 دمشق

مقعد سوريا شاغر خلال إحدى جلسات الجامعة العربية (رويترز)
+A
حجم الخط
-A

منذ نهاية العام الفائت، أي منذ انعقاد أول لقاء ثلاثي في موسكو بين تركيا ونظام الأسد برعاية روسية، والخسائر السياسية تتالى تباعاً، فالتطبيع العربي تسارع منذ أن قرّرت السعودية إعادة علاقاتها مع النظام وحين سعت جاهدة لإعادة مقعد الجامعة العربية له، بعد سنوات من تجميد العضوية تمهيداً لدعوة رأس النظام لحضور القمة العربية في جدة، خلال هذا الشهر، وهذا ما كان، وإذا أردنا تشبيه حال المعارضة وقوى الثورة فلن نجد أبلغ من الحديث الشريف: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم".

بعيداً عن لغة التشاؤم وفي رحلة البحث عن إجابات لأسئلة متصارعة لما يمكن أن تفعله المعارضة وكيف ترى خطوة إعادة المقعد للنظام، قال السياسي والحقوقي محمد صبرا - شغل سابقاً منصب كبير المفاوضين - في تصريح لـ موقع تلفزيون سوريا: إنّ سبب القرارين السابقين واللذي تم اتخاذهما بسحب الصفة التمثيلية للنظام من مؤسسات الجامعة العربية ثم قرار قمة الكويت والذي منح الائتلاف حق شغل مقعد سوريا في الجامعة، هو رفض النظام لتطبيق خطة العمل العربية المشتركة، وبسبب رفضه احترام ميثاق الجامعة العربية ولفقدان نظام الأسد صفته التمثيليه للشعب السوري.

ما تزال هذه الأسباب والحيثيات سارية حتى اليوم، وبالتالي فإن إعلان قبول إعادة نظام الأسد إلى الجامعة العربية هو بمثابة إعلان وفاة الجامعة وما يُسمّى العمل العربي المشترك.

بدوره الباحث أحمد أبازيد يرى أن قرار إعادة النظام يدل على فشل السياسة العربية أكثر ممّا يدل على أنه إنجاز للنظام، لأنّ الأخير فاقد للسلطة والسيطرة على الأرض ولا يوجد له إنجاز يُذكر سوى تصنيع وتجارة المخدرات وإغراق العرب بها.

ويضيف أبازيد في تصريحه لـ موقع تلفزيون سوريا بأنّ حسابات العرب السياسية خاطئة وسيدركون لاحقاً فشل تعويلهم على العلاقة مع النظام السوري، وأن جامعة الدول العربية لن تمنحه شرعية بديلة بعد أن فقد شرعيته لدى الشعب السوري وبعد تجريمه دولياً.

محمد سرميني، السياسي ومدير مركز جسور للدراسات، يرى أن إعادة نظام الأسد إلى الجامعة لن تسهم في تحقيق أي تقدم بمسار الحل السياسي وهو يلبي مصالح بعض الدول العربية، التي قرّرت التطبيع معه، بعضها لأجل التهدئة مع إيران والبعض الأخر يريد مكافحة تهريب المخدرات وتسهيل عودة اللاجئين.

ويضيف سرميني في تصريحه لـ موقع تلفزيون سوريا باعتقاده أنّ الاشارة الخجولة للقرار 2254 هي إشارة شكلية وأن اهتمام الدول العربية مُنصب على تحقيق مكاسب لها أكثر من اكتراثها بإحراز تقدم بالحل السياسي.

الائتلاف الوطني بدوره رفض بشدة قرار الجامعة العربية بإعادة المقعد للنظام السوري، وعبّر عن استيائه من التطبيع الثنائي بين النظام وبعض الدول العربية، لأنّ هذا التطبيع العربي لا يصب في مصلحة الشعب السوري، بحسب عضو الهيئة السياسية في الائتلاف عبد المجيد بركات.

وأضاف بركات لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّ الاستراتيجية الأساسية التي يبني عليها الائتلاف سلوكه السياسي قائمة على تطبيق القرارات الدولية لتحقيق الانتقال السياسي، وأن خطوات التطبيع العربي لن تُسهم في تحقيق أي تقدّم بالمسار السياسي وستزيد من معاناة الشعب السوري، مشيراً إلى رفض الائتلاف بأن يكون الملف السوري عرضة للمساومات الإقليمية والدولية علي حساب مصالح الشعب السوري.

  • ما خيارات المعارضة وما الذي عليها فعله بعد أن صار التطبيع العربي أمراً واقعاً؟

يرى السياسي محمد سرميني بأنّ المطلوب من المعارضة اليوم هو المزيد من الالتحام بالمواقف الشعبية وإغلاق الفجوة الموجودة بينها وبين الشعب السوري، والتركيز على تحقيق مطالبه لأنها ثابتة، في حين إنّ مواقف الدول تتغيّر تبعاً لمصالحها، ويجب عليها إغلاق المجال أمام مَن يبحث عن استغلال التناقضات والتنافسية بين أطياف المعارضة.

الباحث أحمد أبازيد يقول إنّ خيار المعارضة الأول في عدم التنازل عن سقفها والمتمثل بالتغيير السياسي الكامل والذي سيؤدي بالضرورة إلى رحيل الأسد، لأنّ الواقعية السياسية علمتنا فشل استراتيجية التنازلات في تحقيق أي مكسب سياسي بعد تجارب كثيرة سابقة، في وقت حافظ نظام الأسد على سقفه السياسي ولن يتنازل عنه خاصة بعد التطبيع العربي.

ويضيف أبازيد يجب اعتماد الرفض كفعل سياسي ويجب عدم تمييع مفهوم المعارضة والانتقال السياسي، الرفض هو بداية لإعادة تمتين صفوف المعارضة وقوى الثورة، واعتماد نواة ومقولة صلبة تستند إليها لعدم التوقيع على تصفيتها سياسياً.

اقرأ أيضاً.. قطر: موقفنا من التطبيع مع النظام السوري لم يتغير

عضو الهيئة السياسية في الائتلاف عبد المجيد بركات يؤكّد على وجوب تحييد الملف السوري عن التجاذبات الدولية والإقليمية وعلى التأكيد على مسار الحل السياسي وفق القرارات الأممية، وعلى أن الملف السوري هو سياسي بالدرجة الأولى وله تبعات قانونية وإنسانية، ويجب عدم اختصار هذا الملف بالمسائل الإنسانية فقط.

وأضاف بركات أنهم خلال لقائهم مع المسؤولين الأتراك في أنقرة، أكّدوا على السردية الواضحة وعلى أن الشعب السوري لن يقبل بأقل من هذا السقف وعن أهمية تنسيق الجهود الدولية لدعم الملف السوري، وألايكون هناك تجاوزات لتخطي مسار الانتقال السياسي، مشيراً إلى وجود توافق بين الجانب التركي والمعارضة بهذا الخصوص.

استحقاقات كثيرة قادمة يمكن للمعارضة السوريّة الاستفادة منها للتقليل من تأثير التطبيع العربي مع نظام الأسد منها: اجتماع بروكسل بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن سوريا، يوم 12 من أيّار 2023، وخلال أسابيع سيتم تطبيق قانون الكبتاغون، الذي سبق أن أقره الرئيس الأميركي جو بايدن.