icon
التغطية الحية

فروقات كبيرة بالأسعار ما بين إدلب وريف حلب.. ما دور "الهيئة" ومعابرها؟

2021.08.04 | 06:34 دمشق

أسواق إدلب
أحد الأسواق في إدلب (إنترنت)
+A
حجم الخط
-A

بات الفرق الكبير في أسعار مختلف السلع الحياتية اليومية بين كل من إدلب وريف حلب سمة عامة، وسط تذمر كبير من أهالي إدلب الذين يعجزون عن جلب بعض المؤن من تلك المناطق بسبب وجود ما يُعرف بالمعابر، التي تفصل مناطق سيطرة "هيئة تحرير الشام" في إدلب عن مناطق سيطرة الجيش الوطني في ريفي حلب الشمالي والشرقي.

أبرز السلع وأسعارها

في استعراض بسيط أجراه مراسل موقع تلفزيون سوريا للأسعار بين المنطقتين يتوضح جلياً هذا الفرق الذي بات يثقل كاهل المواطنين في إدلب.

فمثلاً يزيد سعر أسطوانة الغاز المنزلي في إدلب عن مثيلتها في اعزاز شمالي حلب بـ١0 ليرات تركية، حيث وصل سعرها في إدلب إلى 97 ليرة تركية.

- كيلوغرام واحد من الخيار في إدلب 3 ليرات تركية بينما في عفرين 75 قرشاً تركياً.

- كيلوغرام واحد من البندورة في إدلب 4 ليرات تركية بينما في عفرين 90 قرشاً تركياً.

- كيلوغرام واحد من البطيخ الأحمر في إدلب 2,5 ليرة تركية بينما في عفرين ليرة تركية واحدة.

كذلك أسعار المحروقات تشهد ارتفاعاً في إدلب مقارنة بريف حلب، حيث يُباع هناك سعر الليتر الواحد من البنزين الأوروبي المستورد بـ6,80 ليرة تركية بينما في إدلب 7,13 ليرة، ويباع ليتر المازوت الأوروبي المستورد نوع أول في دير بلوط الملاصقة لمنطقة إدلب بـ5,95 بينما في إدلب بـ6,66 ليرة تركية.

وينطبق الارتفاع على الكهرباء أيضاً حيث تتراوح أسعار الكيلو واط الساعي في شمالي وشرقي حلب بين 68 و90 قرشاً بينما يباع في إدلب بـ120 قرشاً، رغم تسعيرة بـ90 قرشاً تركياً من قبل شركة الكهرباء التابعة للهيئة.

الأمر ذاته ينطبق على السُكر حيث يبلغ سعر كيس السكر في إدلب 30,5 دولار بينما في عفرين 26,75 دولاراً، ويُقاس ذلك على الكثير من السلع التموينية التي لا يمكن الاستغناء عنها من قبل المواطنين، لكن الأمر مؤخراً لم يعد يقتصر على تلك السلع والمحروقات وغيرها، بل بات يشمل أسعار الخضروات والفواكة أيضاً وحتى حليب الأطفال.

"معابر" تفصل بين منطقتين تسيطر عليهما المعارضة

في ربيع 2018 وإثر سيطرة فصائل الجيش الوطني بمشاركة تركية على مدينة عفرين ومحيطها ضمن ما عملية "غصن الزيتون"، حافظت "هيئة تحرير الشام" على خطوط رباطها في المنطقة الممتدة من محيط دارة عزة ودير سمعان غربي حلب إلى بلدة أطمة والحدود السورية التركية في ريف إدلب، وهي خطوط التماس ذاتها مع "وحدات حماية الشعب - YPG"، التي كانت تسيطر على منطقة عفرين.

ورغم أن الصدام المسلّح بين الجيش الوطني و"هيئة تحرير الشام" كان متوقعاً بعد الانتهاء من "YPG" في عفرين، إلّا أن الطرفين حافظا على مواقعهما والتزما بما وُصف بـ"حسن الجوار".

عقب ذلك بات التنقل بين المنطقتين ضرورياً للمدنيين مما استدعى افتتاح "تحرير الشام" معبرين بدل الحواجز التي شاع انتشارها في مناطق الشمال السوري وهو ما لاقى ويلاقي حتى الآن استهجان السكّان، على اعتبار  أنّ المنطقتين تخضعان لسيطرة فصائل المعارضة.

في البداية لم تأخذ هذه المعابر دورها الحالي فكانت أشبه بالحواجز وعلّلت "الهيئة" إقامتها بهدف "حماية منطقة إدلب من دخول عملاء النظام وتنظيم الدولة والوحدات الكردية، لحماية المدنيين من الأعمال الإرهابية، خاصةً التفجيرات التي تضرب ريفي حلب الشمالي والشرقي بشكل كبير".

المعبران اللذان أقامتهما "تحرير الشام" أحدهما يربط بلدة دير سمعان - تسيطر عليها "الهيئة" - ببلدة الغزاوية - يسيطر عليها الجيش الوطني - وبات يعرف بـ"معبر الغزاوية"، وقد خُصّص للتبادل التجاري ووضعت عليه "الهيئة" استثناءات لعبور العاملين في المنظمات وطلاب الجامعة وعسكريي الفصائل من حاملي مهمات عبور وانتقال بين الجانبين.

أمّا المعبر الثاني يربط بين بلدة أطمة - تسيطر عليها "تحرير الشام" - وبلدة دير بلوط  - يسيطر عليها الجيش الوطني - وبات يعرف بمعبر دير البلوط، وقد خصّصته "الهيئة" لعبور المدنيين.

معابر "الهيئة" تضيق الخناق على المواطنين ودعم المزارعين حجة لا أكثر

بدأت معابر "تحرير الشام" مؤخّراً تتحول إلى حبل يلتف حول عنق السكّان في إدلب، حيث باتت تُغلق بوجه مَن يحمل معه بعض المؤن لمنزله عند قدومه من ريف حلب باتجاه إدلب.

مؤخراً أرسل وزير الزراعة والري في "حكومة الإنقاذ" كتاباً - تداوله ناشطون - يخاطب فيه الإدارة العامة للمعابر ويطالب بتمديد منع إدخال البطاطا والبصل ومنع دخول محصول الملوخية إلى إدلب، من شهر آب وحتى منتصف أيلول المقبل، كما شمل الكتاب المطالبة بمنع إدخال الفليفلة أيضاً.

كتاب الوزير ذُيل بعبارة "وذلك حصراً على مصلحة الإخوة المزارعين في منطقة إدلب" وهي العبارة ذاتها التي كُتبت في قرارات منع إدخال كل من محاصيل الطماطم والبطيخ الأحمر والكوسا والخيار والثوم خلال الفترة الماضية.

وزير الزراعة والري تحدث لـ"وكالة أنباء الشام" عن أهمية الزراعة والإجراءات التي يقوم بها لحماية الزراعة، قائلاً: كان لزاماً على وزارة الزراعة والري إصدار ما يلزم لحماية المنتج المحلي، وخاصة منتجات النشاط الزراعي بالتعاون مع الجهات العامة الأخرى، بما يضمن استمرار النشاط الزراعي وتطويره.

العاملون في "هيئة تحرير الشام" و"حكومة الإنقاذ" يتحدثون عن خسائر كبيرة يتلقاها المزارعون في إدلب وعن إمكانية عزوف المزارعين عن العمل بالزراعة في العام المقبل وهو ما نفاه العديد من المزارعين في إدلب، والذين تحدثوا عن تحسّن مرابحهم هذا العام نتيجة اعتمادهم على الطاقة الشمسية في ري مشاريعهم الزراعية وتخليهم عن الديزل باهظ الثمن ومولدات الري كثيرة الأعطال، كذلك يتوقع المزارعون تحسن أرباحهم في العام المقبل، بعد دخول الكهرباء إلى إدلب.

على الجانب الآخر من معبر الغزاوية وفي منطقة الباسوطة تحدث محسن العلون عما وصفه كذبة خسائر المزارعين في إدلب فمحسن هو أحد المزارعين السابقين في إدلب ودفعته سيطرة "النظام" على منطقته قرب خان شيخون جنوبي إدلب للانتقال إلى ريف عفرين والعمل بالزراعة هناك.

ويقول "العلون": "في الباسوطة أزرع الخضار ذاتها التي تزرع في إدلب وأروي محصولي بالطاقة الشمسية كما يفعل مزارعو إدلب وأدفع علاوة عنهم إيجار الأرض فأنا لا أملكها، لماذا أنا أربح وهم يدّعون الخسارة؟".

وفي خضم المشكلات الحياتية اليومية التي يعاني منها السكّان في إدلب من ارتفاع جنوني في أسعار إيجارات المنازل والحوادث المرورية ومطالبة الجهات المعنية بإصدار القوانين وإيجاد الحلول، تغيب إجابات المعنيين على أسئلة ومطالب الناشطين إلا في مواضيع تمس اقتصاد "هيئة تحرير الشام" كالمحروقات والخضار حبث وصف أحد أفراد مكتب العلاقات العامة في "الهيئة" البطيخ الأحمر (الجبس) القادم من جنديرس بريف عفرين بـ"المهرب" وذلك في نقاش مع ناشطين عبر إحدى مجموعات "واتساب" حول سبب ارتفاع أسعار البطيخ الأحمر والتي ارتفعت من 80 قرشاً إلى ليرتين ونصف الليرة التركية في إدلب، بعد منع إدخاله من منطقة عفرين.

وأفادت مصادر خاصة لـ موقع تلفزيون سوريا باشتغال "هيئة تحرير الشام" بالزراعة إلى جانب التجارة والتي تحتكرها بجميع مفاصلها، مشيرةً إلى أنّ "الهيئة" زرعت 700 دونم من البطيخ الأحمر في أراضي منطقة الصواغية قرب بلدة الفوعة بريف إدلب، ومشاركتها للمزارعين في منطقة سهل الروج والتي تعدّ آخر ما تبقى من مناطق مناسبة للزراعة في مناطق سيطرة "الهيئة".

وحسب المصادر فإنّ المتنفّذين في "هيئة تحرير الشام" قدّموا الدعم للمشاريع الزراعية لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية واستخراج المياه مقابل نسبة من الإنتاج السنوي، واشتغلت "الهيئة" في زراعة معظم المحاصيل من البطاطا والبصل والكوسا والخيار والطماطم والبطيخ وربحت بها جميعاً ما عدا محصول الفاصولياء الذي خسرت فيه، رغم أن سعر الكيلوغرام منها 10 ليرات تركية في أسواق إدلب.

المصادر تحدّثت عن استخدام "هيئة تحرير الشام" للمعابر وإغلاقها أمام المنتجات الزراعية القادمة من تركيا أو ريف حلب، وذلك منذ نضوج محاصيل "الهيئة" وحتى الانتهاء من تصريفه في السوق المحلية.

بطيخ "الهيئة" والملوخية المهربة.. عبارات منتشرة في إدلب

لاقى رفع أسعار البطيخ الأحمر والملوخية صدى في الشارع الذي لم يعد يملك سوى التهكّم كأداة للتنفيس عن غضبه وسخطه، حيث عبّر رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن سخريتهم من منع إدخال الملوخية والتي بدأت أسعارها بالارتفاع يومياً بعدما كانت تباع بـ90 قرشاً تركياً.

وعمد الساخرون إلى تشبيهها بالمخدرات وتطبيق صور على برامج تعديل الصور تظهر قيام الجهات الأمنية بالعثور على عشرات الغرامات من مادة الملوخية المُهرّبة إلى إدلب ضمن جزدان صغير، وكما تسائل البعض هل يشمل القرار منع إدخالها مطهية مع الرز وعليها شرحات الليمون؟

ويتوقع أن يصل سعر الكيلوغرام الواحد من الملوخية إلى عتبة الـ4 ليرات تركية، كما اشتهرت أيضاً عبارة "بطيخ الهيئة" والتي ترمز للبطيخ الأحمر مرتفع السعر في إدلب.

"العيدان" وسيلة قياس منسوب الوقود في السيارات القادمة إلى إدلب

لا تقتصر عمليات تفتيش السيارات على معابر "هيئة تحرير الشام" بحثاً عن المتفجرات والمخدرات والمطلوبين، بل باتت تشمل البحث عن المؤن "المهربة" وهي التي يشتريها المدنيون خلال زياراتهم أو أعمالهم في ريف حلب وينقلونها إلى إدلب، بسبب الفرق الكبير في الأسعار، فتحظر "الهيئة" إدخال التبغ ومعسل النرجيلة والسكر وغيرها من المنتجات ولو بكميات قليلة.

التفتيش لا يقتصر على صندوق السيارة أو بين مقاعد الركاب بل بات يشمل خزّان الوقود في سيارات الشحن حيث يعمد العاملون في معابر "الهيئة" إلى قياس منسوب الوقود في خزانات سيارات الشحن ومنع دخول السيارات الممتلئة إلى إدلب، ويُطلب من سائقيها العودة وإفراغ قسم من الوقود في الخزان قبل دخول ادلب.

وتُجبر بذلك أصحاب السيارات على شراء الوقود من إدلب، حيث تحتكر "هيئة تحرير الشام" التجارة به عبر شركات تدّعي أنها خاصة لكنها للهيئة كشركة "وتد" وأخواتها "كاف والشهباء"، اللاتي ظهرن مؤخراً بعد انتقادات كبيرة بسبب احتكار "وتد" لملف المحروقات في إدلب.

اقرأ أيضاً.. ارتفاع أسعار المحروقات في إدلب يثير الجدل والاحتقان

وتأتي تلك الممارسات ضمن سياسات "تحرير الشام" في الإمساك بمختلف جوانب الحياة في إدلب، فهي باتت تتحكم بقوت المواطنين عبر العمل بالزراعة والتجارة بالخضار وغيرها من السلع الحياتية وهو ما يلاقي سخطاً كبيراً من قبل السكّان في إدلب، حيث يقول بعضهم "نعرفهم يحبون المال ولا مانع لدينا من أن يتاجروا بالسيارات والعقارات وغيرها من الأمور الكمالية، أما أن يتاجروا بقوت يومنا وبالسلع اليومية التي تبقينا على قيد الحياة؟ فهذا لا يطاق لا يطاق".