icon
التغطية الحية

فاينانشال تايمز: الأزمة الاقتصادية تدك الحاضنة الشعبية للأسد

2021.04.13 | 16:08 دمشق

https_d1e00ek4ebabms.cloudfront.net_production_45f4a4b3-f9cb-4e3e-9c16-04cbefb6eb0e.jpg
فاينانشال تايمز- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

قالت صحيفة فاينشل تايمز البريطانية إن الأزمة الاقصادية في مناطق سيطرة النظام بدأت تؤثر بشكل مباشر على الحاضنة الشعبية لبشار الأسد التي باتت تعاني تحت وطأة الفقر والعوز.

وذكرت الصحيفة في تقرير أعده كل من كلوي كورنيش وأسماء العمر أن الحاضنة الشعبية للأسد باتت تشعر بأن الأخير تخلى عنها، وأن حكومته تحولت  إلى آلة للجباية.

 

في الآتي ترجمة موقع تلفزيون سوريا لكامل التقرير:

في القرى الساحلية بسوريا، تشير النصب التذكارية التي شيدت تخليداً للجنود الذين قضوا في الحرب إلى حجم التضحيات التي قدمتها الطائفة العلوية للدفاع عن بشار الأسد الذي ينتمي للطائفة ذاتها، إلا أنه بعد مرور أكثر من عقد على اندلاع الحرب في سوريا، أصبح النظام يترنح وهو يحاول أن يبقي الكهرباء متوفرة على الدوام في معقله.

فقد دمرت الحرب معظم المناطق في سوريا، إلا أن الأسد المستبد عاد للسيطرة على ثلاثة أرباع البلاد، بيد أن أزمة اقتصادية غير مسبوقة باتت تهدد بتدمير ما تبقى من سوريا، ويشمل ذلك المناطق العلوية التي اعتمد النظام على رجالها الذين جندهم في استخباراته ناهيك عمن قاتلوا في جيشه.

واليوم، صار العلويون يعانون، كغيرهم من السوريين، بسبب الفقر، وانقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، والنقص في المواد التموينية وهبوط سعر العملة والبطالة المنتشرة في البلاد. وهذا الانهيار الاقتصادي الذي أتى نتيجة للحرب والعقوبات، زاد شدة بسبب كوفيد والأزمة المالية في دولة لبنان المجاورة التي تعتبر مصارفها عصب الحياة بالنسبة لسوريا.

وحول ذلك تخبرنا طالبة عمرها 22 سنة تنتمي للطائفة العلوية التي تعتبر أكثرية في مدينة اللاذقية الساحلية، فتقول: "لست أدري كيف أشرح الوضع المزري اليوم"، وذلك لأنها تحصل حوالي 10 دولار بالأسبوع من خلال التدريس ولهذا تعيش على ما يرسله لها شقيقها المقيم في ألمانيا من حوالات مصرفية. وتتابع بالقول: "كان الله بعون من ليس له أحد يرسل له المال من الخارج". لكنها رفضت أن يرد اسمها في المقالة خوفاً من العقاب.

هذا وتعتبر الطائفة العلوية التي همشت على مدار التاريخ والتي تشكل 15% من سكان سوريا البالغ عددهم 17 مليون نسمة الحاضنة الشعبية المؤيدة للنظام ضمن هذه الدولة ذات الغالبية السنية.

ولكن منذ أن استولى حافظ، والد بشار، على السلطة في عام 1970، عبر انقلاب دعمه فيه ضباط جيش علويون آخرون، أخذت عائلة الأسد تجند العلويين ضمن صفوف قوات الأمن والمخابرات، وبنسب غير متكافئة مع غيرهم من الطوائف. وبوجود البرجوازية التي تعتمد على التجار السنة والمسيحيين في البلاد، أصبحت الدولة المصدر الأساسي للوظائف التي تدر دخلاً كبيراً ومربحاً بالنسبة للعلويين.

وعندما عمد بشار الأسد إلى فتح اقتصاد سوريا، بعد عقود من السياسات الاقتصادية الانعزالية التي نفذها والده حافظ، "ظهر شيء من التحسن الشامل في مستوى المعيشة، بالنسبة لموظفي الدولة على وجه الخصوص، وكذلك بالنسبة للعلويين" كما ترى إليزابيث تسوركوف، وهي باحثة عضو لدى معهد نيولاينز.

ولهذا لم يستغرب أحد عندما سمع بأن المناطق الساحلية ذات الغالبية العلوية في اللاذقية وطرطوس لم تقم ضد الأسد في عام 2011، ونتيجة لذلك، ظلت تلك المناطق بعيدة عن أسوأ موجة عنف عاشها السوريون خلال الحرب. إذ بما أن الطائفة العلوية طائفة دينية، لذا كان لديها الكثير من المخاوف حيال ثورة بدأت باحتجاجات من أجل الديمقراطية، ثم سيطرت عليها القوى الإسلامية.

وعن ذلك يحدثنا كاتب عمره 70 عاماً ينتمي لعائلة علوية، فيقول: "لقد خذلنا كما خذل الثوار تحت تلك الراية السوداء" ويقصد بذلك الراية التي ترمز لتنظيم الدولة وغيرها من المتشددين الإسلاميين.

وهنا يبدو بأن الأسباب الاقتصادية، وليس الولاء الطائفي هو ما دفع الطائفة العلوية للوقوف إلى جانب عائلة الأسد، بحسب رأي أليكس سيمون، وهو مدير قسم سوريا لدى مركز أبحاث سينابس ومقره في بيروت، إذ يقول: "أصبحت الدولة... المطية الأساسية، ليس من أجل التحرك الاقتصادي فحسب، بل أيضاً وسيلة للعيش" بالنسبة للعلويين حسب رأيه.

غير أن الخناق قد ضاق على هذين المجالين اليوم، إذ تعتبر المنشورات التي تظهر على صفحات الفيس بوك المخصصة لمناطق وقرى ذات أغلبية علوية أسلوباً للتعبير عن المآسي والمظالم التي تعيشها تلك المجتمعات، بدءاً من الكهرباء التي لا تأتي سوى ساعات قليلة في اليوم، مروراً بالنقص الحاد بالوقود، وصولاً إلى طبقة المسؤوليين التي لا تحاسب على تقصيرها في معالجة المشكلات التي تتصل بالخدمات.

ومع وصول التضخم إلى مستويات مرتفعة، هبطت قيمة العملة السورية التي كانت تعادل أمام الدولار 50 ليرة قبل عام 2011، إلى 3.500 ليرة تقريباً وذلك بعد هبوط قيمتها بشكل حاد مؤخراً، ولهذا لم تعد رواتب الجنود والموظفين الحكوميين تساوي شيئاً مقارنة بما كانت عليه في السابق، وتعلق على ذلك السيدة تسوركوف بالقول: "الآن عاد الجميع ليتحدث عن الحياة التي تحولت إلى مذلة متواصلة"، بما أن الحياة كانت كذلك تحت حكم البعث الاشتراكي أيام حافظ الأسد.

وبالرغم من أنه لا أحد منهم يجرؤ على انتقاد الرئيس أمام الملأ، إلا أن الكثير من العلويين باتوا يشعرون بأن الأسد تخلى عنهم.

إذ يخبرنا مترجم ومتطوع في المبادرات الثقافية، عمره 38 عاماً، من اللاذقية، فيقول: "إن النظام بالكاد يتعامل مع المشكلات الاقتصادية... كما أن الدولة تحولت إلى آلة للجباية، خاصة خلال العامين الماضيين، بعدما وصلت الضرائب والغرامات إلى أرقام مهولة بسبب إفلاس الحكومة"، وفي الوقت الذي: "يدعم فيه البعض النظام... بدافع الجهل والخوف"، يرى هذا المتطوع بأن الوضع الاقتصادي قد أوهن ولاء هؤلاء، ولهذا يقول: "لقد كفر الناس".

ومع ذلك، مايزال قمع النظام يدفع العلويين إلى تأييده، حيث يخبرنا الكاتب العلوي فيقول: "يتم إرسال جثامين لمعتقلين قضوا تحت التعذيب إلى عائلاتهم كل فترة... أي أن الجيل الذي بقي في سوريا شهد الخوف والقمع، ولهذا لن يستيطيع القيام ضد النظام، كما أن القبضة الأمنية شديدة للغاية".

أما جير بيدرسون، كبير الدبلوماسيين الأمميين المختصين بالملف السوري فيقول: "لقد أصبحت الأغلبية الساحقة من السوريين تشكو الفاقة والعوز"، وذلك لأن أكثر من 60% من شعب سوريا لا يستطيع تأمين الغذاء بحسب ما ذكرته وكالة الأغذية التابعة للأمم المتحدة، كما أن 13 مليوناً من السوريين يعيشون على المساعدات.

وبالرغم من كل هذه المعاناة التي يعيشها العلويون والسوريون عموماً، تستبعد تسوركوف عودة الاحتجاجات للظهور على نطاق واسع، وذلك لأن: "النظام استطاع أن يثبت للسوريين بأن عليهم أن يستسلموا ويطيعوه... والجميع يعرف بأن هذا لا يطاق، إلا أحداً لم يحرك ساكناً".

وفي الوقت الذي انحسرت فيه مستويات العنف في سوريا، ظل الرعب يراود الجميع يوماً بعد يوم، إذ يخبرنا ذلك الكاتب العلوي الذي يقطن في منطقة قريبة من دمشق فيقول: "رأيت طفلاً ممدداً بجانب حاوية القمامة، فخلته ميتاً، ولذا حاولت نقله من مكانه، ولكن تبين لي أنه مايزال على قيد الحياة".

 

المصدر: فاينانشال تايمز