icon
التغطية الحية

"سندويشة المدرسة" وتفاحة.. عائلات سورية غير قادرة على تأمين وجبة لأطفالها

2023.11.16 | 10:38 دمشق

"سندويشة المدرسة" وتفاحة.. عائلات سورية غير قادرة على تأمين وجبة لأطفالها
تلاميذ في إحدى المدارس السورية ـ (إكس)
دمشق ـ فتحي أبو سهيل
+A
حجم الخط
-A

تزداد كلفة تأمين الغذاء شيئياً فشيئاً بوتيرة تصاعدية لا تتوقف، حتى بات تأمين وجبة الإفطار عبئاً على كثير من الأسر خاصةً في فترة المدارس، التي تتطلب وجبات إضافية ترسل مع الطلاب إلى المدارس صباحاً، ما جعل من شراء ما يسميه السوريون بـ"النواشف" مرهقاً لجيوبهم.

"من المفترض أن يتناول الطفل صباحاً تفاحة على الأقل أو سندويشة قبل ذهابه إلى المدرسة، وأن يحمل معه واحدة أخرى إلى المدرسة ليحافظ على تركيزه واتزانه"، تقول "أم عصام" (طلبت عدم ذكر اسمها)، ولديها طفلان أحدهما في الروضة والآخر في الصف الرابع.

وتضيف لموقع تلفزيون سوريا "أحتاج كل 4 أيام لكيلوغرامين تفاح على الأقل سعرهم يتراوح بين 15 – 20 ألف ليرة بحسب نوع التفاح، وأحتاج خلال الأيام الأربعة أيضاً إلى نصف كيلو لبنة على الأقل بسعر 20 ألف ليرة، أي أنني بحاجة إلى 10 آلاف ليرة تقريباً يومياً لفطور الأولاد فقط".

وسطياً، يحتاج الطفل الواحد لوجبة إفطار بـ5 آلاف ليرة يومياً وفقاً للوجبة التي تخصصها أم عصام لطفليها، لكن تلك الكلفة تختلف تبعاً لعدد الأطفال ونوعية الإفطار، "حتى سندويشة الزعتر باتت مكلفة جداً والتي كانت تعتبر من أرخص الوجبات المدرسية، حيث وصل سعر لتر زيت الزيتون إلى 85 ألف ليرة ونصف كيلو الزعتر إلى 40 ألف ليرة".

من جهتها، خفّضت أم ريان مخصصات طفليها بالصف الخامس والثامن، من السندويشات المدرسية، مشيرةً إلى أنها لم تعد قادرة على تحمل التكاليف "كل واحد منهم بحاجة إلى سندويشتين يومياً للمدرسة، والطفلان يحتاجان إلى وجبة صغيرة قبل الذهاب للمدرسة، وهذا إنفاق كبير لا نستطيع تأمينه، لذلك اختصرت المخصصات للنصف".

سرقة السندويش

وتابعت "يحدثني أبنائي عن حوادث سرقة السندويش في المدرسة من طلاب لا يستطيعون جلب وجبة طعام معهم، ففي غالب الأحيان تسرق السندويشة الثانية المخصصة للفرصة الثانية أو تسرق السندويشتان".

أكدت عدة أمهات لموقع تلفزيون سوريا، أن ظاهرة سرقة السندويش بين الطلاب في المدارس تزداد مع ازدياد تدهور الواقع المعيشي، حيث لا تقوى كثير من الأسر على تأمين وجبة مدرسية يومية لأبنائها، حتى بات البعض ينظر لمن يجلب وجبة يومية معه على أنه مقتدر مادياً.

مطالب بتأمين وجبات من منظمات دولية

طالبت أم ريان وغيرها من الأمهات اللواتي التقاهم الموقع، بأن تقوم المنظمات الدولية بتأمين وجبات طعام مدرسية داعمة وخاصة في المدارس التي تضم عدداً كبيراً من النازحين وذوي الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، منعاً من ازدياد ظاهرة سرقة الطعام بين الطلاب، ودعمهم من النقص الحاصل بالتغذية نتيجة ضعف القدرة المادية للأسر ما خفّض مسبقاً القيم الغذائية التي يحصلون عليها في المنزل.

تزيد كلفة الإفطار أيضاً عندما يضاف إليها شخصان آخران وهما الأب والأم. وبعيداً عن طلاب المدارس، العائلة السورية من 5 أشخاص، باتت بحاجة إلى موازنة أسبوعية لشراء النواشف الخاصة بالإفطار والعشاء، لا تقل عن 100 ألف ليرة سورية مع التقنين. يقول أبو العز (طلب عدم ذكر اسمه) وهو رب أسرة من 5 أشخاص منهم طالبا جامعة، إنه ينفق أسبوعياً 150 ألف ليرة على النواشف قد تزيد أحياناً رغم التقنين.

ويتابع "أشتري أسبوعياً كيلو جبنة مشللة مع علبة مرتديلا وسط ونصف كيلو زيتون ونصف كيلو مسبحة ونصف كيلو لبنة، يضاف إليها بعض المتطلبات غير الثابتة لأجل الإفطار مثل زيت الزيتون والحمص والفول".

ووصل سعر كيلو اللبنة البلدية نوع أول إلى 40 ألف ليرة، والجبنة المشللة إلى 75 ألف ليرة، والجبنة البقرية بـ40 - 50 ألف ليرة، والمسبحة الكيلو بـ25 ألف، والمرتديلا الوسط 12 - 15 ألف ليرة، ووصل سعر البيضة الواحدة إلى 2500 ليرة.

الأجبان والألبان الأكثر تأثيراً

تعتبر أسعار الأجبان والألبان الأكثر تأثيراً على وجبة الإفطار الخاصة بالسوريين، لكونها بارتفاع مستمر، متأثرةً بسعر كيلو الحليب الذي وصل إلى 7500 – 8 آلاف ليرة سورية مؤخراً، ما رفع أسعار جميع مشتقاته. وتوقع رئيس الجمعية الحرفية للألبان والأجبان بدمشق محي الدين الشعار في حديثه لموقع "غلوبال" نهاية الشهر الماضي، أن ترتفع أسعار مشتقات الحليب نحو 200 ليرة أسبوعياً لتصل إلى 700 ليرة مع نهاية الشهر.

وبدورهم، برر أصحاب ورش للألبان والأجبان ارتفاع أسعار منتجاتهم بارتفاع سعر الحليب بالجملة وانخفاض كمياته الواردة، إضافة إلى زيادة أجور النقل أكثر من 80% نتيجة ارتفاع سعر ليتر البنزين والمازوت الذي انعكس ليس فقط على الأجبان والألبان بل على كل أصناف الغذائيات، وزاد من التضخم.

يرى الشعار أنه رغم ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته من ألبان وأجبان، إلا أنها ما تزال منخفضة مقارنة بتكاليف الإنتاج المرتفعة سواء على المربي أم على الورش الصغيرة التي تقوم بتصنيع مشتقات الحليب، مستغرباً أن يباع ليتر الماء بسعر 12 ألف ليرة، وليتر الحليب بأقل منه.

وأشار الشعار إلى طبقية في استهلاك مشتقات الألبان والأجبان، قائلاً "المستهلكون انقسموا إلى شريحتين فقط، وانعدمت الطبقة الوسطى بينهما، فإما زبون يشتري بكميات كبيرة 2-3 كيلو لكل صنف من الألبان والأجبان، أو مستهلك من فئة الموظفين يشتري كميات قليلة جداً تكفي حاجته اليومية اليومية، ما أدى إلى تراجع معدلات الاستهلاك بشكل كبير".

ونتيجة ارتفاع أسعار "النواشف"، انتشرت في الأسواق أنواع رخيصة لكنها مغشوشة، وقد حذرت منها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مراراً، وغالباً ما تباع هذه المواد على البسطات في الشوارع دون أي رقابة، لكنها ملاذ لكثير من الأسر السورية غير القادرة على تأمين نفقات غذائيها اليومي.