icon
التغطية الحية

سعي لبناني لإعادة اللاجئين السوريين وأبواب القلمون والقصير موصدة

2022.08.18 | 14:11 دمشق

القصير
صورة أرشيفية لآليات وعناصر يتبعون "حزب الله" وسط مدينة القصير ـ إنترنت
بيروت ـ فاطمة حوحو
+A
حجم الخط
-A

حمل وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين إلى المسؤولين السوريين ملف اللاجئين السوريين في لبنان وخطة لإعادتهم إلى بلادهم في مبادرة وصفت بــ"الشخصية والارتجالية" مع أنه أطلع رئيس الجمهورية ميشيل عون عليها من دون أن يطلع عليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وقد استقبل شرف الدين في صالون الشرف مع الوفد المرافق قبل لقائه وزيري الداخليّة في حكومة النظام محمد خالد الرحمون والإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، حيث طرح معهما ورقة عمل تتضمن خارطة عودة اللاجئين السوريين، بالإضافة إلى اقتراح تأسيس لجنة عمل رباعية للمتابعة والتنسيق مع النظام أمنيا وسياسيا.

وأكد مخلوف بعد الاجتماع بشرف الدين والوفد اللبناني أن "الأبواب مفتوحة ومشرعة لعودة ​النازحين السوريين​ والدولة جاهزة لتقديم كل ما يحتاجونه، بدءا من النقل والطبابة والتعليم ومستعدة لتقديم مراكز إيواء لمن لم يتم إعمار بيوتهم".

وأوضح مخلوف أنه "فيما يتعلق بالخدمات فكل منطقة يحررها الجيش العربي السوري تعمل الجهات المعنية مباشرة على تأمين متطلبات العيش الكريم فيها من مدارس ومشافٍ ومستوصفات وشبكات مياه وكهرباء وخدمات بلدية، وهذا العمل أسفر عن عودة جزء كبير من النازحين". وشدد على أننا "نعمل بيد واحدة لتأمين عودة كل أبنائنا السوريين، وإن شاء الله تثمر جهودنا المشتركة في عودة جميع اللاجئين".

وبحسب المعلومات فإن شرف الدين قدم خارطة طريق للعودة "الكريمة الآمنة" للاجئين في لبنان، وبحث في إمكانية تشكيل لجان مشتركة لتنسيق ومتابعة العودة تدريجيا، بمعدل 15 ألف لاجىء شهريا، يتم نقلهم إلى مراكز إيواء تحوي بنى تحتية وطرقات وكهرباء ومياهاً نقية وصرفاً صحياً ومدارس ومستشفيات في أقرب مكان مع تأمين وسائل نقل عام، على أن تتم مساعدة المزارعين على العودة إلى أراضيهم في القرى التي هجّرهم نظام الأسد منها.

ومن اجتهادات الوزير اللبناني اعتباره أن "الدولة السورية" تعمل على تسوية الأوضاع الأمنية والشخصية للعائدين وإلغاء الحجز على أملاكهم، وأن السلطات اللبنانية تبلغت بتسوية أوضاع 271030 لاجئاً، ولبنان سيبلغ المنظمات الدولية ذلك لتسهيل العودة.

فشل لبناني في ملف اللاجئين السوريين

موقع "تلفزيون سوريا" سأل خبير السياسات العامة وشؤون اللاجئين زياد الصايغ عما إذا كانت محاولة إعادة اللاجئين السوريين من لبنان ستلقى النجاح في ضوء ما يتردد عن نتائج الزيارة، فأشار إلى أن "عودة اللاجئين السوريين أولوية، ونسمع تصريحات شعبوية في لبنان تتكلم عن ضرورة إعادتهم، لكن لم نلمس حتى الآن أي خطوة عملية بهذا الاتجاه، إذ إن عودة اللاجئين الطوعية والآمنة يجب أن تنسق مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، على أن يكون هناك مناطق آمنة داخل سوريا، والتواصل مع الدولة السورية دائما قائم باستمرار عبر سفارة لبنان في دمشق وسفارة سوريا في لبنان وهناك قناة موجودة بين المديرية العامة للأمن العام والنظام السوري وقد سهل الأمن العام في السابق عودة أعداد لا بأس بها من اللاجئين السوريين ولكن للأسف لبنان فشل حتى الآن في تحمل المسؤولية وإقرار سياسة عامة لتنظيم وجود اللاجئين السوريين في لبنان وبالتالي الإعداد لعودتهم".

 

وعن الشروط التي يجب أن تتوافر للعودة الآمنة برأيه يقول: "العودة تتطلب مسارا دبلوماسيا واتخاذ خطوات متعددة وليس تنسيق وبروتوكول تعاون مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين لتحديد المناطق الآمنة ومن يعود إليها، وأي مسارات تدريجية تتبع، لكن على لبنان أيضا أن يطلب من مجموعة الدعم الدولية الخاصة بلبنان أن تقوم بعمل جدي بهذا الاتجاه وأن يكون عضوا مراقبا في مسار جنيف لوضع قضية اللاجئين كأولوية وهذا لم يتم".

وكانت مخابرات النظام السوري قد اعتقلت في حزيران الماضي، 11 لاجئاً سورياً عادوا من لبنان بطريقة غير شرعية، وقال مصدر محلي لـ صحيفة المدن الإلكترونية، إن "السوريين خرجوا من لبنان صباح الثلاثاء 21 من حزيران، من معبر غير شرعي من منطقة وادي خالد الحدودية بين لبنان وسوريا من جهة حمص، بتعاون مع أحد المهربين المحليين، قبل أن يتم تسليمهم إلى آخر على الجانب السوري، الذي بدوره قام بنقلهم إلى داخل الأراضي السورية". 

وأضاف المصدر أن السوريين 11 تم اعتقالهم على حاجز جسر بغداد الواقع على أوتوستراد حمص-دمشق الدولي، الذي يشرف عليه فرعا المخابرات الجوية والأمن العسكري، اللذان بدورهما قاما بنقلهم إلى فرع الجوية بمدينة دمشق، موضحاً أن السوريين جميعهم ينحدرون من بلدة واحدة في الغوطة الغربية لريف دمشق، وقد عادوا بناء على قرار العفو الذي أصدره رئيس النظام بشار الأسد في نيسان الماضي.

ماذا عن القلمون والزبداني والقصير؟

كيف تقرأ المحاولات الحالية؟ يرد الصايغ: "ما نشهده اليوم هو محاولات متكررة ومشابهة لما حصل في المراحل السابقة، عبر زيارات العديد من الوزراء وفي تقديري أن هذا لا يعدو أكثر من إعلان نوايا، ومحاولة لوضع الرأي العام بصورة أن هناك مسعى جدياً لإعادة اللاجئين، ولذا أسأل سؤالا عملانيا بسيطا لماذا لم يسمح حتى الآن بعودة 350 ألف لاجىء سوري إلى منطقة القلمون والزبداني والقصير؟ عدا ذلك كل ما نشهده هو نوع من شراء للوقت ومن الارتجال وبث الشعارات، إضافة إلى أننا لم نسمع موقفا واضحا من الحكومة اللبنانية من هذا الاتجاه، بما يعني إقرار سياسة عامة كاملة، فالعودة التدريجية تتطلب الذهاب باتجاه إقرار مسارات متعددة".

ويؤكد أن "العودة الطوعية والآمنة بحسب المعايير الدولية أولوية ومسألة اللاجئين باتت تثقل كاهل الشعب اللبناني ولكن المنظومة الحاكمة للأسف هي متورطة أكثر في تعميق مأساة الشعب اللبناني وللأسف أيضا فإن المجتمع الدولي فشل في إنجاز حل سياسي في سوريا وهو يعمق مأساة الشعب السوري".

ويختم بالقول: "لم أفهم صراحة مصطلح الأبواب مفتوحة أمام عودة اللاجئين خصوصا أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين المعني بالعودة يجب أن توفر لهؤلاء اللاجئين العائدين ضمانات أمنية وقانونية واقتصادية واجتماعية وهذه ليست مسؤولية لبنان، بل مسؤوليتها مع الدولة السورية المسؤولة عنهم".

وكانت ميليشيا حزب الله اللبناني قد شاركت في تهجير أهالي الزبداني بعد سيطرتها على أكثر من ثمانين بالمئة من الحدود الإدارية لمنطقة الزبداني، والتي تضم إضافة لمدينة الزبداني، بلدات مضايا وبقين وحوش بجد وسرغايا والروضة ودير العشائر وقرى وبلدات وادي بردى.

وبحسب "الرابطة السورية لكرامة المواطن" فقد عمد حزب الله أيضا إلى انتهاج سياسات مستدامة تحرم المدنيين من العودة مستقبلاً إلى مناطقهم. فأنشأ أكثر من 250 نقطة عسكرية، وقام بعد التهجير بشق الطرقات الفرعية في السهل والجبل ثم تعبيدها لتسهيل عملية نقل السلاح والمخدرات بين سوريا ولبنان لصالحه.

وفي القصير مازال معظم سكانها مهجّرين عن ديارهم، في حين سُمح للموالين فقط بالعودة للمدينة، التي حوّلها "حزب الله" الى مقرٍّ أمنيٍّ له، ومكانٍ لزراعة المخدرات والاتجار بها، وممرٍّ للتهريب بين لبنان وسوريا.

وكانت منطقة القلمون ومدينة الزبداني قد شهدتا في آذار الماضي تنقلات عسكرية مكثّفة لعناصر "الحزب"، نقل خلالها مجموعات جديدة من العناصر إلى النقاط العسكرية المتمركزة على الشريط الحدودي.

اقرأ أيضا: "حزب الله" يعزز مواقعه ويحصن مقاره في ريف دمشق

وشملت التنقلات تعزيز النقاط العسكرية ومقار ميليشيا الحزب بأسلحة ثقيلة ومتوسطة، إلى جانب سحب جزء من العناصر المتمركزين في محيط مدينة النبك إلى النقاط الحدودية أيضاً.

وتزامن ذلك مع عمليات تحصين أطلقها "الحزب" على طول الشريط الحدودي، بدءاً من مدينة الزبداني ووصولاً إلى مدينة قارة في القلمون الغربي، وشملت أكثر من 20 مقراً عسكرياً ونقطة مراقبة تابعة للميليشيا.

هل عودة السوريين إلى بلادهم آمنة؟

يشار إلى أن منظمة العفو الدولية وثقت في أيلول عام 2021، انتهاكات بحق عدد من اللاجئين السوريين الذين عادوا إلى وطنهم حيث تعرضوا للاعتقال والاختفاء والتعذيب والاغتصاب على أيدي قوات النظام السوري، ما يثبت أنه لا يزال من غير الآمن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، وانتقد تقرير المنظمة الذي حمل عنوان "أنت ذاهب إلى الموت"، الدنمارك والسويد وتركيا، لتقييد الحماية والضغط على اللاجئين السوريين للعودة إلى ديارهم.