icon
التغطية الحية

خوفاً من الزلزال.. سوريون وأتراك يبيتون في خيم بين الأبنية في مرسين

2023.02.24 | 13:05 دمشق

سوريون يبيتون في خيام بمرسين
يبيت سوريون وأتراك في خيام قرب المجمعات السكنية خوفا من الزلزال ـ خاص
مرسين ـ بثينة الخليل
+A
حجم الخط
-A

منذ مساء يوم الإثنين 20 / 2 / 2023، أي منذ ما بات يعرف شعبياً بالزلزال الثاني، يعيش أهالي مدينة مرسين رعباً لم يعرفوه حتى يوم الزلزال الأول، الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال غربي سوريا في السادس من شباط الجاري.

فالزلزال الأول وإن كان أقوى على مقياس ريختر (7.7 درجة) من الزلزال الثاني (6.4 درجة) إلا أن سكان مرسين شعروا بأن الثاني كان أشد من الأول كثيراً، لأن مركزه أقرب إليهم جغرافياً، وربما لأن "طعنة ثانية في نفس المكان تؤلم أكثر من الأولى كما قال بعض أبناء المدينة".

أهالي مرسين يباتون في الخيام

في الساعة الثامنة مساءً إلا دقيقتين، لحظة وقوع الزلزال الثاني، نزل كل أهالي مدينة مرسين في أقصى شرق البحر الأبيض المتوسط، إلى الشوارع، وهم في حالة رعب وهلع. وعند توقف الزلزال (الذي كان أقصر زمنياً من الزلزال الأول) لم يفكر أحد بالعودة لبيته، وإنما بدأ الجميع بافتراش الأرض أو التوجه إلى الحدائق والساحات العامة والشواطئ، والفراغات بين البنايات، والمباني المؤلفة من دور واحد (صالات، ومساجد..) استعداداً للنوم خارج البيوت مرة أخرى.

حوالي الساعة الثامنة والنصف، بدأ السلطات وسيارات الشرطة، تحذر السكان من الاقتراب من البحر، لاحتمال وقوع تسونامي بسبب الزلازل. وبذلك خسر أهالي المدينة أكثر من نصف المساحات الفارغة المتاحة لهم للمبيت، فمرسين مدينة ساحلية مستطيلة على طول الشاطئ.

وفي الليل، بدأت تصل لأهالي مرسين إشاعات مرعبة منسوبة لخبير الزلازل الهولندي هوغر بيتس، تتحدث عن سلسلة زلازل قوية تستمر من يوم 20 إلى يوم 22، أي ثلاثة أيام، وقرر كثير من الأهالي عدم العودة لبيوتهم إلا بعد مضي الأيام الثلاثة استنادا على هذه الشائعات.

وطوال يومي الثلاثاء والأربعاء ورغم رفع التحذير من احتمال وقوع تسونامي، ورغم تفنيد إشاعات الخبير الهولندي، ورغم التأكيدات بأن مستوى البحر ليس منخفضاً كما قالت بعض الشائعات التي أثارت رعباً كبيراً، فضل غالبية أهالي مرسين الحذر، وتدافعوا لشراء الخيام، ونصبها بعيداً عن الشاطئ، في الحدائق والساحات العامة، وحتى ضمن الصالات والهنغارات والأبنية ذات الطابق الواحد. وبات الحطب والخشب سلعة مطلوبة بشدة لأنه لا سبيل للتدفئة في الشوارع والأماكن المفتوحة إلا بنار الحطب والخشب.

خيام متجاورة لسوريين وأتراك في مرسين

ثلاث ليال ويومين، وأهل مرسين خارج بيوتهم، ومعهم أطفالهم، الذي منحوا عطلة رسمية يوم الثلاثاء، وأعادتهم مدارسهم يوم الأربعاء، فباتوا يعيشون الخوف الدائم من سقوط جدران مدارسهم عليهم.

لم تتوقف الدوائر الرسمية عن العمل، ولم يسقط أي مبنى في مرسين، فقط اعتبرت خمس مبان غير صالحة للسكن بسبب التصدعات، ومع ذلك يتملك الرعب أهلها، أتراكاً وسوريين، ويخافون العودة لمنازلهم. وحتى من يعود منهم لمنزله، تدفعه الهزات الارتدادية التي عددها بالمئات للنزول للشارع من جديد.

اقرأ أيضا: زلزال سوريا وتركيا.. تسجيل أكثر من 6000 هزة ارتدادية

موقع تلفزيون سوريا تجول بين الناس، واستمع لمعاناتهم، ووصفهم لما يجري. السيدة مريم بيطار وعائلتها وقططها الذين افترشوا العراء في مدينة مرسين، تقول "نحن عائلة سورية مكونة من 11 شخص نجونا من زلزال أنطاكيا بأعجوبة. تهدم منزل ابنتي، ركضنا حفاة وبقينا في الشارع تحت المطر ثلاثة 3 أيام، اخترنا مدينة مرسين كونه لم يبقى لدينا أي خيار آخر. استضافتنا عائلة في مرسين لمدة أسبوع وبعدها غادرناها وحاليا نمكث هنا في العراء. قدم لنا أهل الخير ما يلزمنا من أغطية وطعام. معنا حيوانات أليفة (قطط) ونخاف عليهم، وحاليا نجلس في العراء، نشعر بالهزات، لكن التراب أكثر أمانا من المباني السكنية. لا نستطيع الحصول على بيت بالأجرة كون أجار البيوت غال جدا إن وجدت".

السيدة "آيجن" من سكان مدينة مرسين وتعمل معلمة، تجلس أمام خيمتها التي نصبتها في العراء وتقول "أنا مريضة ولدي خوف كبير من الزلزال.. قديما كانت هذه الأراضي التي نقيم بها الآن وما حولها زراعية. يزرع فيها الذرة والخس، والبيوت التي حولها ذات بناء ريفي بسيط، وهي ليست أبنية عالية كما الآن والتي بتنا نخاف منها. أنا أسكن في طابق أرضي لكن فوقه بناء مؤلف من 11 طابق، لذلك أنام في خيمة هذه الفترة ولن أعود للمنزل لحين شعوري بالأمان أن الأرض ثبتت تماما".  

الخيمة "نعمة" في مرسين

"بدي أبقى هون بالخيمة حتى يخلص الزلزال" هذا ما قاله الطفل السوري فاروق شمس الدين والبالغ من العمر 8 سنوات والذي لا يعرف من وطنه سوريا سوى "لغتها "بحسب تعبيره، ويقول "كنا نائمين، سمعنا صوت حارس البناية يصرخ.. زلزال اخرجوا.. جلسنا في صالة المجمع خايفين.. في اليوم الثاني اشترينا خيمة، وحاليا ننام بداخلها حتى إذا -لا سمح الله- انهار بيتنا نكون في الخيمة"، ويتابع "فرح بالخيمة أكثر من البيت، لأنني إذا كنا في البيت قد تنهدم البناية إثر الزلزال".

وقف الطفل السوري "علي طرابلسي" البالغ من العمر 9 سنوات أمام سيارة والده التي امتلأت بالأغطية والمخدات، وبيده هاتفه الجوال يراقب بخوف برنامج توقيت حدوث الهزات، ويقول “عم تابع برنامج الهزات لأعرف شو عم يصير وأي متى ممكن تصير الهزة حتى أهرب لمكان آمن.. من شوي حصلت هزة بكهرمان مرعش وأديامان وملاطيا وأضنة يلي هي قريبة من مرسين لكن ما وصلت الهزة لعنا. لم أذهب إلى مدرستي منذ يومين بسبب الخوف.. وهي خالية من الطلاب..".

ونصبت السيدة السورية "شهبا نجاري" وعائلتها خيمهم في العراء والبرد الشديد لعل أطفالها ينسون صدمتهم النفسية من الزلزال الذي ضرب ولاية مرسين، وتقول: "حدوث 3 زلازل في منطقة واحدة خلال 14 يوما سبب حالة رعب وهلع عند الآباء والأبناء، لدي طفلة عمرها 8 سنوات، تبكي ولا تريد النوم في المنزل.. لذلك اضطررت ووالدها لنصب خيمة بالعراء حتى تنام وتتعافى من الصدمة النفسية جراء الزلزال. من أسباب الرعب الذي أصابنا التنبيهات التي تأتينا بوجوب مراقبة هزات الولايات المجاورة، والتهويل الإعلامي الذي نسمعه بالدقائق عبر وسائل التواصل الاجتماعي..".

وتقول الشابة "هبة الله الراوي" وهي عراقية مقيمة في مدينة مرسين: "عندما وقعت الهزة القوية كنت أعمل في منظمة تعنى باحتياجات القادمين من المناطق المنكوبة.. ركضت برعب.. وصلت إلى منطقة منزلنا بصعوبة بسبب الازدحام الشديد.. المنازل كانت كلها فارغة من السكان المحتمين بالصالة التي تخص مجمعنا السكني.. قضينا ليلة كاملة ننتظر حدوث الزلزال كون الهزات الارتدادية لم تهدأ. وفي اليوم الثاني حملنا أغطيتنا ونمنا أنا وأخوتي مع الجيران في الصالة ولا نعرف إلى متى هذا الحال".

وتقول سيدة سورية مقيمة في الطابق 11 من بناية في مدينة مرسين: "أنا من الأشخاص الذين عاشوا أحداث الهزات المتتابعة الثلاث خلال الأسبوعين الماضيين، برعب مضاعف، كون منزلي مرتفع.. هي لحظات ولكنني كنت أحسها ساعات طويلة من الخوف الممزوج بالتسليم لقضاء الله بأنه لا مفر من الموت. ورغم مرورها بسلام لكن الإشاعات والتحليلات التي نتابعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لها دور كبير في التأثير على مشاعرنا وبقائنا في العراء، على الرغم من يقيننا المطلق أنه لا أحد قادر على التنبؤ بحدوث الزلازل"..

الهروب إلى المساجد وضواحي مرسين

البعض من أهالي مرسين سوريون وأتراك هرعوا إلى المساجد خوفا من الهزة الارتدادية القوية التي ضربت مدينة مرسين ومنهم الشاب السوري بشار فوز، الذي قال لموقع تلفزيون سوريا: "قضينا يومين بعد الهزة مع مجموعة من الأهالي الأتراك والسوريين في الجامع القريب من منزلنا والذي فتح لنا أبوابه لنحتمي من البرد والهزة، وما زلنا حتى الآن ننام به من بعد صلاة العشاء حتى صلاة الفجر.. ولا نعرف إلى متى..". 

ومن الذين احتموا بأطراف مدينة مرسين السيد "سمير قريطبي" وهو فنان سوري مقيم في مدينة مرسين، منذ سنوات. يقول: "فقدنا الكثير من الأهل والأصدقاء في الزلزالين الكبيرين الذين حدثا في ولاية أنطاكيا التركية وهذا ما جعلني ألجأ مع 8 عوائل قبل يومين إلى مشتلي الزراعي الذي أنشأته بعد نزوحي إلى مرسين، كوني أسكن وعائلتي في الطابق الخامس".

والتقى موقع تلفزيون سوريا بـأحد المواطنين الأتراك واسمه "روزييم" وهو صياد في مدينة مرسين التركية، وسأله حول ما إذا كان منسوب البحر منخفض أم لا فكان جوابه أن منسوب البحر بوضعه الطبيعي وما نشاهده الآن من انحسار خفيف هو أمر طبيعي يحدث في هذا التوقيت من السنة.