icon
التغطية الحية

حياتنا معلّقة.. اللاجئون يحبسون أنفاسهم بانتظار الانتخابات التركية

2023.04.27 | 07:02 دمشق

من أحد الأسواق التركية (رويترز)
من أحد الأسواق التركية (رويترز)
أنقرة - وضحى عثمان
+A
حجم الخط
-A

لا يجرؤ أحمد، لاجئ سوري يقيم في غازي عنتاب التركية، على الانتقال إلى بيت جديد رغم حاجته الملحة لتغيير مسكنه، ويقول كل شيء مؤجل إلى حين انجلاء الضباب الذي يلف وجوده في تركيا التي تستعد للانتخابات العامة.

أحمد لجأ إلى تركيا إليها قادما من حلب قبل نحو 7 سنوات، بعدما منحت هذه السنوات نوعاً من الاستقرار، الذي يراه اليوم مهدداً لأن المتنافسين على الانتخابات يضعون الوجود السوري في تركيا إحدى أهم البرامج الانتخابية.

يقول أحمد لموقع "تلفزيون سوريا"، وهو واحد من نحو 4 ملايين سوري في تركيا، "لا نعرف إلى الآن ماذا سيحل بنا مع اقتراب الانتخابات.. رح يخلونا ولا رح يرحلونا؟"

مرهونون بالتطورات

تسير الحياة في غازي عنتاب التركية، بشكلها المعتاد من أعمال وحركة أسواق ونشاط العمالة والمشاريع السورية، لكن وجوه الناس تتغير عندما تتجه نحو نشرة الأخبار التي لا تخلو محاورها من قضية وجود السوريين في تركيا.

يقول محمد عبد المجيد (55 عاماً)، لاجئ سوري يملك ورشة صغيرة لتصنيع إكسسوارات الأحذية: "لدي ماكينتان ويعمل معي ثلاثة شبان سوريين، والأمور جيدة إلى الآن".

ويضيف محمد، في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، قبل فترة كنت أخطط لتوسيع عملي، كان من المقرر أن أشتري ماكينة جديدة، وأستأجر مستودعا أكبر".

ويتابع اللاجئ السوري قوله، اليوم علّقت الفكرة، لأني أخاف أن أتكلّف أموالاً طائلة فوق قدرتي، ومن ثم يقولون لنا: غيت (اذهبوا) إلى سوريا".

وأوضح الرجل الخمسيني أن السوريين لا يعلمون ما الذي تخبؤه لهم الأيام المقبلة، وتحديدا تلك التي ستلي الانتخابات المزمع إجراؤها في 14 من الشهر المقبل.

نتيجة هذه الحالة، قرر محمد العدول عن تطوير عمله، مفضلاً الحفاظ على ما لديه من الأموال لتكون سندا له في حال وجد نفسه مضطرا للبحث عن "بلد بديل".

ويختم اللاجئ الخمسيني قوله، "للأسف، حياتنا كسوريين في تركيا شئنا أم أبينا مرهونة بالوضع السياسي".

خطط لا تتعدى الشهر

في رصد عام طاول أكثر من مدينة في عدد من الولايات التركية الجنوبية، أعرب سوريون عن خوفهم من الأيام القادمة، وسخطهم على الواقع الذي جعل منهم ورقة تقذفها رياح السياسية.

عبد الرحمن المبارك، يعيش يومه وهو لا يعلم ما الذي يخبؤه له الغد، ويصف أن مستقبله في تركيا "غامض".

يعبر عبد الرحمن عن هواجسه، قائلا: "بدأت أخشى شراء كميات كبيرة من المواد أو أن أخزن منها أكثر من احتياجي لمدة شهر".

ويوضح عبد الرحمن بالقول: "لا أعلم ماذا سيحل بنا نحن السوريين في تركيا بعد الانتخابات لذلك بدأت اشتري كميات قليلة وأخاف أن أطور أي شيء خوفاً مما سيحدث بعد الانتخابات.

ويضيف اللاجئ السوري، نحن (السوريين) في هذا البلد من خضم صراع سياسي قد ينتهي في أي وقت ضدنا لذلك أصبحنا نعيش من دون أن نخطط لأكثر من شهر أو شهرين.

ترحيل السوريين.. قصة متجددة

بدأ الحديث عن ترحيل السوريين من تركيا، منذ سنوات، عندما راحت المعارضة التركية تنتقد الوجود السوري المتزايد في البلاد.

كما عملت العديد من حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي التركية على التحريض ضد السوريين، ونشرت العديد من المقاطع والصور لمحالّ سورية أو عائلات تشرب النرجيلة، وأخرى تأكل الموز، وتنشرها بسياق تحريضي.

وشهد العام الماضي أحداثاً عنصرية راح ضحيتها العديد من السوريين، وهو ما يراه مراقبون حصادا داميا لحملات التحريض.

لكن الوضع اليوم أخذ منحنى آخر تماما، فالقصة تطورت إلى تحركات حكومية سياسية لإعادة العلاقات مع النظام في سوريا.

وبينما تقدم المعارضة مشروعها منذ زمن، والمتضمن إعادة العلاقات مع النظام وعودة اللاجئين إلى مناطقهم في سوريا، عرضت الحكومة خارطة طريق مع النظام تتضمن العودة الطوعية لمليون لاجئ إلى الشمال السوري.

ما يزيد من مخاوف السوريين الاجتماعات الرباعية التي تستضيفها موسكو لتطبيع العلاقات بين أنقرة والأسد على الرغم من فشلها إلى الآن.

وتقول منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن الحكومة التركية رحلت خلال العام المنصرم مئات اللاجئين السوريين إلى شمالي سوريا، في حين تنفي إدارة الهجرة التركية هذه التقارير وتقول إنها "مزاعم عارية عن الصحة"، وتنشر أرقاماً عن العائدين "طوعاً".

قلق مشروع

المدير المشارك بمركز الكواكبي للعدالة الانتقالية، فاطمة عبد العزيز، تقول في حديثها لموقع "تلفزيون سوريا": "لم يعد بقاء السوريين أو ترحليهم رهيناً بنتائج الانتخابات باعتبار أن كل القوى السياسية سواء في السلطة أو المعارضة عبرت عن موقفها الرافض لاستمرار بقاء السوريين في تركيا وكلا الطرفين طرحا رؤيتها لحسم هذا الملف والإصرار على الترحيل".

وترى عبد العزيز، أن "عمليات ترحيل السوريين ستبقى مستمرة سواء حصلت صفقة مع نظام الأسد أو لم تحصل وسواء ربح حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات أو خسرها".

وتؤكد الحقوقية السورية في قوله على أن هناك منهجية واضحة لإنهاء موضوع بقاء السوريين، وترى أنها ستستمر حتى إلى ما بعد الانتخابات وصولاً إلى عدم بقاء أكثر من نصف مليون سوري في أحسن الحالات بمن فيهم المجنسون.

بحسب عبد العزيز، فإن من حق السوريين أن يشعروا بالقلق وعدم اليقين بشأن مستقبلهم في تركيا.