icon
التغطية الحية

حوادث إصابات العمال السوريين في الأردن بين هضم الحقوق ومظلة الضمان الاجتماعي

2021.12.20 | 04:27 دمشق

almwsst_alamt_lldman_alajtmay.jpg
عمان - خالد عواد الأحمد
+A
حجم الخط
-A

يتعرض اللاجئون السوريون في الأردن باستمرار لإصابات عمل قد تكون مميتة في بعض الأحيان في ظل ظروف العمل الصعبة والافتقار إلى أدنى وسائل السلامة العامة في العديد من المصانع والمنشآت والورش الصناعية مثلهم مثل غيرهم من نظرائهم من العمالة الوافدة والمحلية، وتتمثل هذه الإصابات في السقوط من أماكن مرتفعة، وسقوط المعدات الثقيلة في مواقع العمل أو الصعقات الكهربائية والتعرض للبتر بالأدوات الكهربائية كالفرامات والمناشير الكهربائية أو صواريخ الجلخ أو "بواكر الحفر" بالنسبة لعمال الإنشاءات، أو الحوادث المرورية أثناء العمل بعض الأحيان، وكلها أسباب أدت في أحيان كثيرة إلى حالات وفاة أو عجز جزئي أو تام، وفيما كشفت إحصائيات المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي عن أنها استقبلت 16020 إصابة عمل منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية شهر أيلول الماضي، إلا أن هذه الإحصائيات تغيب بالنسبة للعمال السوريين بسبب تكتم أصحاب العمل أو الضحايا وبخاصة في حالات العمل دون ترخيص. ويشكل هؤلاء العمال وأصحاب المهن الحرة والمؤسسات الصغيرة نحو 1.4 مليون عامل، وبما نسبته 48% من القوى العاملة في الأردن المقدرة بـ2.5 مليون عامل، وفق خبراء.

العمل دون برامج حماية أو تأمين

ويعمل اللاجئون السوريون في الأردن في قطاعات الإنشاءات والزراعة والتحميل والتنزيل والمطاعم والمصانع، والعمل بالمياومة أو لحسابهم الخاص، لكن بعد حصولهم على تصاريح عمل وبحدود واضحة، وغالباً لا تتاح لهم فرص عمل لائقة، علاوة على أن معظم العمال السوريين يعملون بصورة غير نظامية، ويفتقد غالبيتهم لبرامج الحماية الاجتماعية، كما أنهم غير مشتركين في الضمان الاجتماعي. ولا يحصلون على حقوقهم في حالة الإصابة أو الوفاة.

ومن هؤلاء "ممدوح الخضير" وهو لاجئ سوري في الأردن كان يعمل في مصنع للأخشاب في أحد ضواحي عمان  ليعيل أسرته الصغيرة وذات يوم كان يقف على سلم بارتفاع ٣.٥م ليسحب لوحاً خشبياً في المستودع كما يروي لـ "موقع تلفزيون سوريا" مضيفاً أن الستاند الذي كان يقف فوقه اهتز فوراً فاضطر للقفز إلى الوراء والسقوط من هذا العلو على الأرض وتهاوى الستاند فوقه ولكنه لم يقع عليه لأنه اصطدم بطاولة حديدية بارتفاع 50 سم كانت على الأرض.

 

_20171025_112141.jpg

 

وأضاف الخضير أن عمال المستودع أسعفوه حينها إلى مستشفى "الحمايدة" وسط لا مبالاة صاحب العمل بعد معرفته بالحادثة وهو مستثمر سوري، وبعد إسعافه اتضحت إصابته بكسر في كعب القدم اليمنى وتفتت في العظم، وأجرى - كما يقول - عملية تم فيها غرس 4 صفائح و8 براغٍ.

وكشف العامل المصاب أن أصحاب المصنع قطعوا عنه الراتب وقال له مديره "إذا بتشتغل بتقبض وإذا ما بتشتغل ما بتقبض" فاضطر للعمل في مكان يحتاج للوقوف داخل المستودع، وبعد ساعة تغير لون قدمه إلى الأزرق وأصيبت بالتنميل ولم يستطع إكمال يومه وعاد إلى منزله ليبقى ثلاثة أشهر دون راتب وضاع حقه في التعويض عن إصابته لأنه لم يكن مسجلاً في الضمان الاجتماعي وهو الأمر الذي استغله أصحاب العمل في هضم حقه ظلماً وعدواناً حسب قوله.

ألمنيوم مصهور

أما "عبد الغني" فهو لاجئ أربعيني عمل لخمس سنوات في مهنة سكب المعادن وهي المهنة التي تعلمها وعمل بها في مدينة حمص السورية قبل لجوئه إلى الأردن وعمل في إحدى الورشات بمدينة إربد وذات يوم تعرض لحادث أثناء صب الألمنيوم المصهور أدى إلى بتر يده اليمنى وأجرى عملية جراحية ليده وإزالة للطحال المتفتت جراء الحادث، وبات غير قادر على العمل، وساعده صاحب الورشة في بعض تكاليف العلاج ولكنه تخلى عنه فيما بعد ليتركه نهباً للآلام والحاجة والعجز عن العمل. ومما زاد من قسوة ظروفه المعيشية قطع مفوضية اللاجئين الإعانة المادية والغذائية عنه.

 

 

وقال مصدر فضّل عدم ذكر اسمه لـ"موقع تلفزيون سوريا" من "جمعية تمكين للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان" وهي جمعية متخصصة في قضايا العمل بالأردن إنَّ الضمان الاجتماعي في الأردن يغطي كل تكاليف الإصابات وتأمين التعطل عن العمل وتأمين الشيخوخة والعجز والوفاة بالإضافة إلى تأمين الأمومة وذلك بصرف النظر عن الجنس أو الجنسية أو العرق أو الدين، والشمول في الضمان الاجتماعي يُعتبر إلزامياً لجميع العاملين لدى المنشآت وتقع مسؤولية شمول العامل على عاتق صاحب العمل، ويجب أن يكون لدى العامل –كما يقول- الوعي الكافي بأن لا يعمل دون أن يكون مشمولاً بالضمان الإلزامي الاجتماعي، وأوضح محدثنا أن الشمول المذكور موحد بالنسبة للجنسيات كلها في الأردن بالنسبة للشروط والعمر بأن يكون عمر العامل 16 سنة وما فوق ويجب أن يكون مسجلاً تحت مظلة الحماية بالضمان الاجتماعي والاشتراك عبارة عن دفع مستحقات شهرية بنسبة 21،75 % من الراتب المسجل عليه العامل 14 ، 25 % تقع على عاتق صاحب العمل و7،5 %  تقتطع من راتب العامل المشمول بالضمان الاجتماعي، ونوّه المصدر إلى أن الشمول الاختياري هو حصراً للأردنيين  ولا يشمل غيرهم من الجنسيات وهناك –حسب قوله- شمول تم الإعلان عنه مؤخراً وهو ميزة مفيدة للسوريين أي شمولهم وفق العمل الحر (المرن) وتم شمول القطاع الزراعي مؤخراً وإصدار نظام للعاملين في الزراعة وصدور قرار يقضي بإلزام العاملين في هذا المجال بالضمان الاجتماعي وحتى من يعملون في المياومة يجب أن يكونوا ملزمين بنظام الضمان الاجتماعي ويغطي هذا الشمول عدة منافع تأمينية وكذلك إصابات العمل، علماً أن أكثر الذين يتعرضون لإصابات هم العاملون في ميدان  العمل الحر كالزراعة والإنشاءات والصناعات التحويلية وغيرها من المهن.

 

Ayoob-2-e1454492464555.jpg

 

وأوضح محدثنا أن إصابة العامل إذا كانت كبيرة ونتج عنها عجز وتم تحويله إلى لجان طبية يمكنه الحصول على تعويضات الدفعة الواحدة لأنه أصبح عاملاً غير قادر على متابعة العمل كما يمكنه الحصول على رواتب اعتلال العجز بشقيها الكلي والجزئي (الإصابة أو الوفاة نتيجة الإصابة) ويمكنه الحصول على رواتب بدل تعطله وبنسبة تقدر بـ 75 %  من راتبه وفقًا لتعليمات ومعايير نظام الضمان الاجتماعي .

الأطفال خارج التأمين

وتتنوع إصابات العمل التي يتعرض لها العمال السوريون في الأردن وحسب عمل تمكين واحتكاكها مع بيئات العمل لدى السوريين لاحظت –كما يقول محدثنا- الكثير من الإصابات التي قد تختلف بحسب العمر وظروف وطبيعة العمل، ومنها إصابات بمكنات المطاعم وغالباً ما يتعرض لها العاملون تحت السن القانوني مضيفاً أن هناك انتشاراً للعمالة السورية دون السن المصرح به في قانون العمل للأسف، وقد يتعرضون لإصابات بتر أصابع وغالباً ما تكون الأسباب عدم توفير وسائل الوقاية المهنية أو عدم استخدامها وهم غير مشمولين بالضمان الاجتماعي نظراً لمخالفتهم، وتقوم جمعية تمكين –حسب قوله- بتقديم الاستشارة المهنية والقانونية للعاملين في حال حدوث نزاعات عمالية أو انتهاكات لحقوقهم وتوجيههم إلى الجهات المختصة في حال عدم نجاح حالات الوساطة مع أصحاب العمل، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات في حال إصابات العمل وتوجيه العاملين واصطحابهم الى مؤسسة الضمان والجهات ذات الصلة لمتابعة الإجراءات اللازمة.

 

 

واستدرك محدثنا أن القانون الأردني يلزم أصحاب العمل بمعالجة المصابين أثناء عملهم بصرف النظر عن توفر ضمان اجتماعي، وتبقى المسؤولية مشتركة -كما يقول- بين صاحب العمل ومؤسسة الضمان، ولفت إلى أن العامل السوري كي يعمل بشكل "مقونن" عليه أن يتقدم بطلب للحصول على ترخيص العمل الذي من شأنه حمايته ومساعدته في الحصول على حقوقه في حال انتهاكها أو تعرضه للاستغلال.

وكان تقرير بعنوان "حقائق عن العمل الآمن" لمنظمة العمل الدولية أشار إلى أن هناك مليوني شخص من الرجال والنساء يتوفون سنوياً حول العالم نتيجة للحوادث المهنية والأمراض المرتبطة بالعمل،  وبحسب المصدر فإن أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم يرجع إلى  حوادث وأمراض مرتبطة بالعمل.