icon
التغطية الحية

حرب النظام وغارات روسيا ثم الزلزال.. كارثة داخل أخرى تمر على شمالي سوريا

2024.02.04 | 17:48 دمشق

بينما كان السوريون يحاولون التعافي من آثار الزلزال كانت الكارثة الأولى المتمثلة بحرب النظام وروسيا مستمرة (الدفاع المدني السوري)
بينما كان السوريون يحاولون التعافي من آثار الزلزال كانت الكارثة الأولى المتمثلة بحرب النظام وروسيا مستمرة (الدفاع المدني السوري)
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

مرّ عام على الزلزال المدمر في شمال غربي سوريا، لكنها كانت سنة ثقيلة على السوريين، حيث تضاعفت مأساتهم لتجتمع عليهم كارثتا الحرب والزلزال، وكان له أثر مدمر بعد أكثر من 12 عاماً من حرب النظام وروسيا.

في تمام الساعة 4:17 ضرب زلزال مدمر بلغت قوته 7.8 درجات، مناطق شمالي سوريا وجنوبي تركيا، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات، وعشرات الهزات الارتدادية ولم يقتصر أثر الكارثة على الخسائر الكبيرة في الأرواح والممتلكات فحسب، بل شكلت أيضاً تحديات طويلة الأجل أمام التعافي والصمود، في ظل البنية التحتية الهشة وتشريد آلاف العائلات وضعف الاستجابة ومشاريع التعافي، واستمرار الهجمات العسكرية، والاستنفاد الكبير للقطاع الطبي وتحديات انتشار الأمراض والأوبئة.

"الكارثة أعادت تعريف الاستجابة الإنسانية بوصفها انتصاراً لرغبة الحياة"

وقال الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، في تقرير، اليوم الأحد، إن كارثة الزلزال التي أعادت تعريف الاستجابة الإنسانية بوصفها انتصاراً لرغبة الحياة رغم الصعوبات والتحديات الكبيرة، خلال 365 يوماً، حيث تضاعفت مأساة السوريين في كل يوم لكن الرغبة في الحياة تبقى هي الأقوى.

وكان فجر السادس من شباط فجراً قاتلاً، وتجلى التحدي الأكبر في الرقعة الجغرافية الواسعة في شمال غربي سوريا وهي الأكثر تأثراً من باقي المناطق السورية، والتي تطلبت استجابة سريعة وطارئة، في ظل واقع صعب تعيشه، حيث أعلن الدفاع المدني حالة الطوارئ القصوى لإنقاذ العالقين تحت الأنقاض في 182 موقعاً ضمن 60 مجتمعاً، فيه أكثر من 580 مبنى مهدماً كلياً وأكثر من 1578 مبنى تهدم جزئياً.

واستطاع متطوعو الدفاع المدني السوري إنقاذ 2950 شخصاً من تحت الأنقاض بينما انتشلوا 2172 ضحية للزلزال، (وتمثل هذا الأرقام استجابة الدفاع المدني السوري للكارثة، ولا تعبر عن جميع الضحايا والمصابين بسبب الكارثة)، وشارك في هذه العمليات أكثر من 3000 من كوادر (الخوذ البيضاء) منهم 2500 متطوع و300 متطوعة و200 موظف إداري، مع تعبئة كاملة للآليات الثقيلة والمعدات اللازمة، بالإضافة إلى استئجار عدد من الآليات الثقيلة من الأسواق المحلية.

72 ساعة ذهبية في مواجهة الكارثة

رغم أن عدد الضحايا وحجم الأضرار في شمال غربي سوريا كان الأكبر على مستوى الجغرافية السورية، لم يكن هناك أي تحرك مباشر دولي أو أممي لمساعدة المنطقة المنكوبة، وواجه متطوعو الدفاع المدني السوري، والسكان في شمال غربي سوريا آثار الزلزال المدمر وتمكنوا من الاستجابة وإنقاذ الأرواح رغم ضعف الإمكانيات.

ورغم الازدياد المتواصل في الحاجات الإنسانية في شمال غربي سوريا، فقد توقف دخول المساعدات الإنسانية من معبر باب الهوى في الـ 10 من تموز بعد انتهاء التفويض الأممي، بل وأعطت الفرصة لروسيا كي تلعب بالمساعدات الإنسانية كورقة سياسية تبتز بها المجتمع الدولي في أروقة مجلس الأمن، رغم وجود النص القانوني الذي يسمح بمرور المساعدات دون الحاجة لقرار من المجلس.

وبدلاً من توسيع المساعدات وإدخالها دون أي عوائق لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان، سيطر النظام السوري على ورقة المساعدات عبر الحدود شريان الحياة الباقي للسوريين بعد أن تسبب في مآسيهم كلها خلال مدة الـ 12 سنة الماضية.

معاناة المتضررين في مراكز الإيواء المؤقتة

وانتهج النظام السوري وروسيا سياسة التهجير القسري للسوريين خلال السنوات الـ 12 سنة التي سبقت الزلزال، الأمر الذي ترك نحو مليوني سوري يعيشون في مخيمات تغيب عنها أدنى مقومات الحياة، ثم جاء الزلزال ليترك 40 ألف عائلة أخرى دون مأوى، ليتخذوا من مراكز إيواء بنيت على عجل مسكناً لهم، منها ما بٌني إلى جانب أنقاض منازل الناجين والمنكوبين من الزلزال، وهو ما جعلهم مثلهم مثل أكثر من مليوني مهجّر عرضة لظروف قاسية.

وخلال عام من الزلزال، تعاقب الصيف والشتاء، الحر والبرد على مراكز إيواء منكوبي الزلزال، فغمرتها مياه السيول واقتلعت رياح العواصف خيمها، وضربها الحر، وحاصرتها الحرائق، التي سلبت أرواحاً لناجين من الزلزال، والتهمت خيامهم.

ويعاني المنكوبون من كارثة الزلزال من فقدان لسبل العيش وغياب مقومات الحياة في مراكز الإيواء وتهديدات انتشار الأمراض وتسرب الأطفال من التعليم.

هجمات النظام السوري وروسيا تتواصل

وبينما كان السوريون يحاولون التعافي من أثار الكارثة الثانية والمتمثلة بزلزال شباط المدمر، كانت الكارثة الأولى المتمثلة بحرب النظام السوري وروسيا والميليشيات الموالية لهم مستمرة، ولم تتوقف آلة الحرب عن سلب أرواح السوريين، حيث وثق الدفاع المدني 1,322 اعتداءً عسكرياً ضمن 189 تجمعاً سكانياً خلال عام 2023.

وازدادت وتيرة الاعتداءات العسكرية اعتباراً من شهر آب، كما شهد شهرا أيلول وتشرين الأول الماضي العدد الأكبر من الاعتداءات، كان النظام السوري مسؤولاً عن أكثر من 84 في المئة من الاعتداءات، كما كانت القوات الروسية مسؤولة عن 6 في المئة من الاعتداءات، كما كان مصدر 4 في المئة من الاعتداءات مناطق خاضعة لسيطرة النظام السوري و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، إضافة إلى عدد من الهجمات المجهولة المصدر.

استهدفت الاعتداءات مختلف المرافق المدنية بغية إيقاع العدد الأكبر من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، حيث طالت النسبة الأكبر من الاعتداءات (53 في المئة) الحقول الزراعية، تلتها منازل المدنيين (32 في المئة) ثم الطرق (5 في المئة)، كما طالت الاعتداءات كذلك المدارس، والمخيمات، والمباني العامة، والأسواق، والمشافي، والمساجد.

173 ضحية و720 مصاباً خلال 2023

وانتشل متطوعو الدفاع المدني خلال استجابتهم للاعتداءات العسكرية خلال عام 2023 جثامين 173 قتيلاً، من بينهم 24 امرأة و51 طفلاً، كما أنقذوا 720 مصاباً، من ضمنهم 97 امرأة و233 طفلاً، وعانى المتطوعون في أثناء عملهم من صعوبات كبيرة في الحركة بسبب رصد الأماكن المستهدفة بطيران الاستطلاع، والخشية من تجدد القصف أو الغارات المزدوجة خصوصاً في حال وجود مصابين تحت الأنقاض.

واستهدفت قوات النظام السوري خلال حملتها العسكرية، في شهر تشرين الأول، أربعة من مراكز الدفاع المدني السوري، إذ استهدفت مركزاً في أريحا بتاريخ 5 من تشرين الأول، ومركزين في دارة عزة ومدينة إدلب ومركز النساء والأسرة في بلدة سرمين بتاريخ 8 من تشرين الأول، دون وقوع إصابات بين المتطوعين.