icon
التغطية الحية

عام على الزلزال.. معاناة سكان شمال غربي سوريا مستمرة مع تراجع المساعدات

2024.02.04 | 15:52 دمشق

الزلزال في شمالي سوريا تسبب بأضرار تقدر بأكثر من 5 مليارات دولار (الدفاع المدني السوري)
الزلزال في شمالي سوريا تسبب بأضرار تقدر بأكثر من 5 مليارات دولار (الدفاع المدني السوري)
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

قبل عام استيقظ ناجي على اهتزاز منزله الواقع شمال غربي سوريا، بعدما اعتاد دوي القصف والغارات الجوية عقب أكثر من عقد على الحرب التي يشنها نظام الأسد وحفائه على قطاعات واسعة من الشعب السوري، ولكن هذه المرة جاء الهجوم من قوى الطبيعة، فقد كان زلزالاً هائلاً.

تمكن ناجي البالغ من العمر 16 عاماً ووالده من الفرار قبل انهيار منزلهما، وبينما كانا يهيمان على وجهيهما في شارع في جنديرس بمحافظة حلب، انهار عليهما جدار، ما أسفر عن تهشم ساق الفتى وكسر ذراعه، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس الأميركية.

وفي 6 من شباط 2023، ضرب زلزال جنوبي تركيا وشمالي سوريا بلغت قوته 7.7 درجات، أعقبه آخر بعد ساعات بقوة 7.6 درجات ومئات الهزات الارتدادية العنيفة، ما أدى إلى مقتل أكثر من 59 ألف شخص في البلدين.

تفاقم أوضاع الأسر السورية من جراء الزلزال

بالنسبة للناجين في سوريا، أدى الزلزال الهائل إلى تفاقم الفقر المتفشي بالفعل، وتدمير المستشفيات وأنظمة الكهرباء والماء، وأجبر العديد من السوريين الذين نزحوا بالفعل بسبب الحرب على الانتقال إلى مخيمات.

في جنديرس، كما هو الحال في العديد من المناطق المتضررة بالزلزال في سوريا، لم تجر أي عملية إعادة إعمار تقريباً، كما لا تزال مبان سكنية كاملة مجرد أنقاض.

أما ناجي، الذي اضطر الأطباء إلى بتر ساقه، فبات يعيش في خيمة، وقال لـ"أسوشيتد برس": "الجو بارد في الليل ولا يوجد خشب للتدفئة أو أي وسيلة أخرى".

وأدى القصف وغارات النظام السوري وروسيا إلى مقتل عشرات المدنيين، ونزوح أكثر من 100 ألف آخرين هناك منذ آب الماضي.

أسفر الزلزال عن مقتل ما لا يقل عن 6000 شخص في سوريا، خاصة في شمال غربي البلاد، حيث يعتمد معظم السكان، البالغ عددهم 4.5 ملايين نسمة، على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، ويحتاج نحو 800 ألف شخص يعيشون في خيام إلى إعادة إسكان.

تراجع المساعدات الدولية في شمال غربي سوريا

ويقدر البنك الدولي، أن يكون الزلزال قد تسبب في أضرار بأكثر من 5 مليارات دولار في شمالي سوريا.

ورغم كل ذلك تراجع التدفق الأولي للمساعدات الدولية. وتكافح وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية للحصول على تمويل من أجل برامج توفر شريان حياة في سوريا.

يلقى باللوم في هذا التراجع على كثرة أعباء المانحين، وجائحة كوفيد-19، وصراعات اندلعت في مناطق أخرى من العالم في السنوات الأخيرة.

وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، الذي يقدر أن أكثر من 12 مليون سوري لا يتحقق لهم الوصول المنتظم إلى الغذاء، أعلن في كانون الأول الماضي أنه سيوقف برنامج المساعدات الرئيسي في سوريا عام 2024.

وقالت المديرة القطرية للجنة الإنقاذ الدولية في سوريا، تانيا إيفانز، إن الاحتياجات على جانبي خط المواجهة في سوريا في أعلى مستوياتها، أكثر من أي وقت مضى.

وأضافت إيفانز، لوكالة أسوشيتد برس، أن الأسر السورية تواجه تضخماً هائلاً، يرافقه فقدان وظائف، في ظل أوضاع مؤلمة للحصول على الطعام أو الجوع.

الشتاء ضيف ثقيل يمر على متضرري الزلزال

ويرتعد جسد ياسمين العلي في مخيم صلاح الدين بريف إدلب وهي تحاول ربط خيمتها الممزقة وحفر خندق في الوحل لمنع المياه من غمر خيمتها.

وتضرب بساطاً مبللاً داخل خيمتها، قائلة: "انظروا، إنه ماء وطين فقط نحن بحاجة إلى خيام جديدة".

ياسين الأحمد، مدير المخيم الذي يضم أكثر من 500 أسرة، أوضح لـ"أسوشيتد برس" أن الحطب المستخدم للتدفئة باهظ الثمن للغاية، لذلك يحرق معظم سكان المخيم أغراضاً بلاستيكية بدلاً من الحطب، ضمن محاولاتهم للتغلب على فصل الشتاء، فينتشر الدخان السام في الجو.

"لا يمكننا أن نفعل المزيد بموارد أقل"

وقال المنسق الإقليمي الأممي للشؤون الإنسانية لأزمة سوريا، ديفيد كاردن، خلال زيارة إلى شمال غربي سوريا، أواخر كانون الثاني الماضي: "ظهرت أيضاً صعوبات في دعم محطات المياه والخدمات التعليمية والدعم الطبي في المستشفيات"، وبينما تتزايد الاحتياجات "لا يمكننا أن نفعل المزيد بموارد أقل".

لم تتمكن الأمم المتحدة من تأمين سوى 37 في المئة من 5.3 مليارات دولار لازمة لاستجابتها الإنسانية عام 2023 في سوريا، والتي قال كاردين، إنه كان أحد أصغر أهداف التمويل منذ بدء الصراع. ولأنه لا يلوح في الأفق أي حل سياسي، بات الصراع في سوريا يمثل أزمة للمنظمات الإنسانية.

وذكرت روزا كريستاني، رئيسة مكتب منظمة الصحة العالمية في غازي عنتاب بتركيا: "من الصعب إقناع الجهات المانحة بالبناء على الأمد الطويل، من أجل التنمية. ما زلنا في وضع إنساني صعب بسبب استمرار الصراع، وهو السبب الرئيسي لعدم وجود خطط طويلة الأمد".

وقال أحمد قطيش، وهو عامل بناء، إن الناس توقفوا عن انتظار المساعدات، ويحاولون حشد ما في وسعهم من الموارد لاستئناف تشغيل متاجرهم ومزارعهم، وإعادة تزويدها بالبضائع.

وأضاف: "قال المجتمع الدولي إنه يقف إلى جانب السكان، بالأفكار والخطب لكن هذا الحديث لن يساعد الناس هنا".