icon
التغطية الحية

سوريون يقارعون البرد القارس بعد مرور عام على الزلزال المدمر

2024.02.03 | 05:35 دمشق

مخيم غارق بمياه الأمطار في شمال غربي سوريا - المصدر: الإنترنت
مخيم غارق بمياه الأمطار في شمال غربي سوريا - المصدر: الإنترنت
The New Humanitarian- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

بعد مرور قرابة عام على زلزالي 6 شباط المدمرين اللذين قتلا أكثر من 55 ألف إنسان في مختلف أنحاء الجنوب التركي والشمال السوري، أضحى الوضع أسوأ بكثير من أيام الزلزال اليوم.

فقد انقطعت المساعدات وزاد العنف، وماتزال آثار الزلزال الباقية تزيد من صعوبة الوضع، لاسيما في شمال غربي سوريا حيث يسيطر الثوار المعارضون لبشار الأسد، وذلك لأن هذه المنطقة تشهد أزمة من قبل الكارثة، وفيها أكثر من 4.5 ملايين نسمة، بينهم 2.9 مهجر قسرياً.

mustapha-akoush.jpg

الصحفي والمصور السوري عبد الماجد الكرح

 

تحدث الصحفي والمصور السوري عبد الماجد الكرح من إدلب إلى أهالي شمال غربي سوريا عن ما يعنيه لهم البرد في هذا الوقت من السنة فأجابوا بالآتي:

"ليس لدي مال يكفي للتدفئة"

بالنسبة لمصطفى عكوش، 38 عاماً من مدينة الأتارب الواقعة غربي محافظة حلب، حملت السنة الماضية كثيرا من الحزن والمعاناة، فقد دمر الزلزال بيته وقتل ثلاثة من أولاده الثمانية، وبعد تلقيهم للعلاج من الإصابات، بما أن عكوش دخل المشفى بسبب كسور في أضلاعه، أصبحت أسرته تتألف منه ومن زوجه ومن بقي على قيد الحياة من أولاده، ثم أمضوا 11 شهراً وهم يتنقلون من مخيم لآخر، ومن عربة متنقلة إلى مأوى مؤقت.

انتقل الجميع خلال شهر كانون الثاني الحالي إلى بناء جديد في شمالي إدلب، بنته منظمة غير حكومية لمن فقدوا بيوتهم في الزلزال، بيد أن الحياة اليومية ماتزال تمثل مشقة كبيرة، إذ لم يعثر عكوش على عمل، وأصبحت أسعار الطعام والشراب والتدفئة عالية، ومايزال بعض أفراد أسرته بحاجة لأمور طبية ليس بوسعه تأمينها لهم، ولهذا يقول إنه لم يحصل على أي مساعدة مهمة من أي منظمة إغاثية باستثناء الشقة، كما أن أكبر همومه اليوم تأمين التدفئة لبيته الجديد، وعن ذلك يقول: "إن الشتاء قارس للغاية خلال هذا العالم، وليس لدي ما يكفي من المال للتدفئة، وقد مد بعض الطيبين يد العون لي، ولكني لا أستطيع أن أقدم معظم ما يحتاجه أولادي من غذاء ودواء وغيره، أي أن الوضع تعيس في هذا العام".

"الأطفال أول المتضررين"

children-flooded-camps.jpg

في الوقت الذي يعيش فيه معظم الناس برفقة عائلاتهم أو في مساكن مستأجرة، تقدر الأمم المتحدة بأن 79% من النازحين في شمال غربي سوريا يعيشون في أماكن مكتظة للغاية بشكل يعرض صحتهم للخطر، كما أن هنالك نحو 800 ألف شخص يعيشون في الخيام.

في أواخر كانون الثاني، غمرت مياه الأمطار الشديدة بعض المخيمات، فدمرت 233 خيمة وألحقت أضراراً بـ1800 خيمة أخرى، بحسب ما أورده الدفاع المدني (الخوذ البيضاء). فيما ذكرت منظمات إغاثية بأن الظروف أصبحت أسوأ بسبب نقص التمويل، فقد طلبت الأمم المتحدة 5.41 مليارات دولار من أجل المساعدات التي تنسق وصولها إلى سوريا في عام 2023، فلم يصلها سوى 37.8% من المبلغ، بالإضافة إلى 389 مليون دولار وصلت عبر الاستجابة المباشرة عقب الزلزالين.

هذا ولقد خفض برنامج الغذاء العالمي وبنسبة كبيرة مساعداته المقدمة إلى سوريا بسبب نقص التمويل، إذ يخبرنا أحمد الهاشم وهو منسق مشاريع اجتماعية لدى منظمة عطاء الإغاثية وهي منظمة غير حكومية تعمل في الشمال السوري بأنه قلق جداً بسبب الأثر الذي ستخلفه عمليات التخفيض هذه على معظم الفئات المستضعفة والهشة في ذلك المجتمع، وقال: "سيكون الأطفال أول المتضررين من نقص الأغذية، وبعدهم الكبار"، وذكر بأن معظم وظائف الناس وأعمالهم قد تأثرت بتخفيض المساعدات، وفي ذلك ضربة كبيرة للاقتصاد المحلي الذي يعاني من تعثر كبير بالأصل، وعن ذلك يقول هاشم: "سيتضرر الاقتصاد، بسبب وجود وظائف في مجال التحميل والنقل وتوزيع المساعدات، أي أن هؤلاء الأشخاص سيفقدون مصدر رزقهم أيضاً".

"القصف الذي يحصد المستقبل"

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً في قصف النظام والحليف الروسي، إذ تشير أرقام الأمم المتحدة إلى مقتل 99 مدنياً على أقل تقدير منذ مطلع تشرين الأول، وتخبرنا ندى الراشد وهي عضو إداري في الخوذ البيضاء بأن الغارات استهدفت المدارس والمشافي والأسواق والمناطق المأهولة بالمدنيين، وقالت بإن هذه الفترة كانت الأعنف منذ أن وقع الثوار مع النظام اتفاقية لوقف إطلاق النار قبل أربع سنوات في آذار من عام 2020.

سجلت الخوذ البيضاء 1322 هجمة متفرقة في شمال غربي سوريا خلال عام 2023، وقد استمرت الهجمات خلال هذا العام، إذ تقول الراشد: "إن القصف لا يحصد أرواح الناس فحسب، بل أيضاً مستقبل السوريين، فهو يستهدف الأمن الغذائي والمدارس والصناعات التي تؤمن فرص عمل للآلاف من المدنيين في شمال غربي سوريا".

"الخوف الدائم من القصف"

Ahmed-al-Shami.jpg

أحمد الشامي، 32 عاماً، أب لطفلين تعود أصوله لداريا القريبة من دمشق، لكنه صار يعيش اليوم كنازح في إدلب، ويخبرنا بأن جولة القصف هذه تبدو مختلفة عن سابقاتها من حالات التصعيد، ويضيف: "لقد تغيرت الحياة كثيراً، فالخوف من القصف دائم، كما لم يعد الناس يشعرون بالأمان عند سيرهم في الأسواق، ولهذا لم تعد المحال تأتي ببضاعة جديدة.. كما أن كثيرين رحلوا".

يخبرنا الشامي بأنه لم يعد لديه مكان ليلجأ إليه بسبب البرد القارس ولهذا يمضي معظم أوقاته في البيت، ويقول: "سقطت قذيفة بالقرب من بيتنا خارج باب الدار منذ مدة قريبة، وكان الوضع مريعاً وصعباً علي عندما سمعت ابنتي أصوات الانفجار، فقد خافت كثيراً وجرت مسرعة إلي، فاختبأنا بالحمام في أثناء القصف".

"حالة الطوارئ"

مع كل شتاء، يزيد الطقس البارد من حالات الإصابة بالأمراض التنفسية، التي قد تفتك بالمرء لاسيما عندما يكون عمره صغيراً، في حال كانت الحالة شديدة وبقيت بلا معالجة.

وخلال هذا العام، ذكر الأطباء في إدلب بأنهم يكافحون حتى يعالجوا أشد الحالات بسبب النقص الدائم في المعدات مثل الحاضنات وأجهزة التنفس والأسرة في وحدة العناية المركزة.

يقيم محمد الموسى في مدينة سلقين التابعة لإدلب، ويخبرنا بأنه تعذب كثيراً في تأمين سرير لابنه البالغ من العمر ستة أشهر بسبب إصابته بنزلة صدرية حادة، ولكن تم إدخال ابنه إلى المشفى في نهاية المطاف وأمضى هناك بضعة أيام في وحدة العناية المركزة.

أما زهير القراط وهو رئيس مديرية الصحة بإدلب فيخبرنا بأن زملاءه خلال السنوات الماضية تمكنوا من معالجة الحالات التي وصلتهم عبر إحالة المرضى إلى المشافي التركية التي لابد من قطع الحدود للوصول إليها، ولكن بسبب تدمر عدد كبير من تلك المشافي من جراء الزلزالين، تم إغلاق عمليات الإحالة.

ولهذا يخبرنا بأن إدلب تشهد حالة طوارئ بالنسبة لمعالجة الأمراض التنفسية.

ويعتقد القراط بأن الزيادة في حالات الإصابة بالأمراض التنفسية قد تكون مرتبطة بضعف الظروف المعيشية في المخيمات، وذكر بأن الناس لا يستطيعون تأمين ظروف أخرى، فهم يحرقون الفحم والبلاستيك والأحذية وغيرها من المواد حتى يتدفؤوا عليها.

"نطالب بالدعم"

قد تؤدي الأمراض التنفسية إلى الوفاة في حال لم تتم معالجتها عند الأطفال الصغار، ولذلك يخبرنا الدكتور محمد عبيديان رئيس قسم طب الأطفال بمشفى إدلب الجامعي بأن الاحتياجات فاقت قدرة المرافق الطبية في شمال غربي سوريا، ويضيف: "نطالب المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بتقديم الدعم الطبي، وتأمين مزيد من المشافي والأسرة وأجهزة التنفس ووحدات العناية المركزة، وذلك لأنها تمثل الأمور الأساسية التي نحتاجها لمعالجة تلك الحالات".

المصدر: The New Humanitarian