icon
التغطية الحية

بعد حربها على غزة.. هل قرّرت إسرائيل إبقاء مطاري دمشق وحلب خارج الخدمة؟

2023.10.26 | 16:54 دمشق

آخر تحديث: 26.10.2023 | 16:54 دمشق

مطارا دمشق وحلب
غارات إسرائيلية تستهدف مطاري دمشق وحلب الدوليين
تلفزيون سوريا - سعيد اليوسف
+A
حجم الخط
-A

منذ سنوات وإسرائيل تشن غاراتها على مطارات وقطع أمنيّة وعسكريّة تابعة لـ قوات النظام السوري ومواقع انتشار الميليشيات الإيرانية في مناطق متفرّقة من سوريا، لكنّها، منذ السابع من شهر تشرين الأوّل الجاري، بدأت تكثيف غاراتها -وبشكل خاص- على مطاري حلب ودمشق الدوليين.

مطارا حلب ودمشق تعرّضا، خلال السنوات الماضية، لضربات إسرائيلية متكرّرة وغير متزامنة، كانت تستهدف شحنات إيرانية محدّدة، باعتبار أنّها من الممكن أن تهدّد الأمن الإسرائيلي في حال استخدمتها الميليشيات الإيرانية أو وكلاء طهران في المنطقة وعلى رأسهم "حزب الله" اللبناني، وكانت قليلاً ما تُعلن إسرائيل مسؤوليتها عن تلك الضربات.

لكنّ ضربات إسرائيل الأخيرة على مطاري دمشق وحلب، كانت متزامنة ومكثّفة وسريعة بشكل كبير، فما إن يُعلن النظام السوري إصلاح المطارين وعودتهما إلى الخدمة، حتّى تُخرجهما الغارات الإسرائيلية مجدّداً وبعد ساعات.

الاستهدافات المكثّفة والتي تزامنت مع بدء الاحتلال الإسرائيلي حرباً شبه شاملة على قطاع غزّة المُحاصر، في السابع من شهر تشرين الأوّل الجاري، ردّاً على عملية "طوفان الأقصى"، تُشير إلى أن إسرائيل تتعمّد، هذه المرّة، بقاء مطاري حلب ودمشق الدوليين خارج الخدمة، وإن مؤقّتاً، ولكن لفترة طويلة قد تكون مرتبطة باستمرار الحرب على غزّة.

وهذه الاستراتيجية الإسرائيلية لتجميد المطارين الدوليين في سوريا نابعة عن مخاوف من تكثيف "الحرس الثوري" الإيراني شحناته العسكرية واللوجستية لإمداد "حزب الله"، الذي ينفّذ هجمات متقطعة ومحدودة ضد جيش الاحتلال على حدود جنوب لبنان.

إذ تستند الفرضية الأمنية الجديدة بعد "طوفان الأقصى" على أن حركة حماس بجناحها العسكري "كتائب القسّام"، شنّت العملية التاريخية من دون إخطار مسبق للحزب وطهران، لذلك قد تضطر الأخيرة لتزويد "حزب الله" وميليشياتها في سوريا بأدوات تتناسب مع المرحلة الحرجة القائمة في المنطقة، منذ السابع من تشرين الأوّل الجاري، ويبدو أن مهمة تجميد مطاري دمشق وحلب ليست بالمهمة الشاقة على إسرائيل، نظراً لغياب الرد من النظام أو "الحرس الثوري".

وفي حال إبقاء المطارين خارج الخدمة، سيضطر "الحرس الثوري" الإيراني للاعتماد على الطريق البرّي من العراق إلى سوريا عبر معبر السكك في البوكمال شرقي دير الزور، وهو معبر صغير في أرض مكشوفة سبق وأن استهدفت إسرائيل والولايات المتحدة قوافل عسكرية وهي تدخل عبر الأراضي السوريّة، أما استهداف شحنات عسكرية في مطارين مدنيين دوليين، فهي مهمة أصعب للمخابرات الإسرائيلية.

منذ 2023.. نصف الهجمات الإسرائيلية على مطاري دمشق وحلب

منذ بداية العام الجاري 2023، نفّذ الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 25 هجوماً على مواقع قوات النظام والميليشيات الإيرانية، أكثرها تأثيراً كان خلال شهر تشرين الأوّل الجاري، وحصة الاستهداف الأكبر كانت لـ مطاري حلب ودمشق الدوليين.

ومطارا دمشق وحلب الدوليين كانا الأكثر استهدافاً، إذ حدثت 10 هجمات على المطارين، في أقل من أسبوعين، ما يمثّل نسبته 50% من إجمالي الهجمات الإسرائيلية الحاصلة خلال العام الجاري.

اقرأ أيضاً.. طائرة وزير خارجية إيران تغيّر مسارها بعد تعذر هبوطها في مطار دمشق

وأوّل استهداف لـ مطاري حلب ودمشق (المطارين الرئيسيين في سوريا)، خلال هذه الفترة، كان في 12 من تشرين الأوّل، أي بعد خمسة أيام من بدء عملية "طوفان الأقصى"، قبل أن يعيد الاحتلال الإسرائيلي استهدافهما مجدّداً بعدة غارات، في 15 و22 من الشهر ذاته، وإخراج المطارين عن الخدمة بعد عودتهما.

رد النظام السوري

طبعاً، ردُّ النظام السوري على هذه الاستهدافات المكثّفة والمتكرّرة، لم يخرج عن سياق البيانات الصادرة عن وزارتي الدفاع والخارجية في حكومة النظام وشكوى مندوب الأسد في الأمم المتحدة من "الاعتداءات الإسرائيلية السافرة".

وملخّص تلك البيانات أنّ "استهداف إسرائيل للمطارات، هو إثبات بأنّها أكبر الداعمين للتنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط، خاصةً سوريا"، وأنّه "محاولة يائسة من العدو الإسرائيلي المجرم لتحويل الأنظار عن جرائمه التي يرتكبها في غزة"، متغابياً عن جرائمه المستمرة بحق الشعب السوري والفلسطيني معاً، منذ 12 عاماً.

"مخاوف إسرائيل"

لم تُعلن إسرائيل -بشكل واضح- أسباب استهدافها الأخير والمكثّف لـ مطاري حلب ودمشق، لكن يُمكن اعتبارها بأنّها "أعمال استباقية" هدفها مواجهة تهديدات إيران و"حزب الله" اللبناني، في حال محاولتهما فتح جبهة الشمال مع إسرائيل، تزامناً مع الجبهة المشتعلة في الجنوب (قطاع غزة).

وبحسب وكالة "رويترز"، فإنّ إسرائيل "تتخوّف" من حقيقة أنّ سوريا ولبنان يتشاركان الحدود نفسها معها من الجبهة الشمالية"، وهي الجبهة التي دخل فيها "الحزب" بعمليات إطلاق نار متبادل مع إسرائيل، مؤخّراً، إلا أنّها ما تزال مجرّد "مناوشات" لا أكثر، إذ لم يعلن "حزب الله" الحرب رسمياً، وسط تحذيرات إسرائيلية وتهديدات بعواقبها "الوخيمة" على لبنان.

هل قرّرت إسرائيل إبقاء مطاري دمشق وحلب خارج الخدمة؟

وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إنّ "كمية المتفجرات الإسرائيلية التي استُخدمت في الاستهداف الثاني لـ مطاري دمشق وحلب، أكبر من الكمية التي استُخدمت ضد 100 هدف لـ حركة حماس في غزة".

وأضافت الصحيفة أنّ "استهداف المطارين للمرة الثانية جاء تحسّباً لوصول قوات وأسلحة متطورة من إيران والعراق إلى سوريا ولبنان"، وهذا يشير إلى أنّ إسرائيل قرّرت "رسمياً" إبقاء مطاري دمشق وحلب خارج الخدمة، على الأقل إلى حين الانتهاء من حربها على غزّة.

كذلك، تزامن الاستهداف الإسرائيلي للمطارين مع ورود أنباء غير رسمية، تفيد بوصول إسماعيل قاآني -قائد "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني- إلى سوريا، وسط استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

ومع دخول العدوان أسبوعه الثالث، وتزايد احتمالية الاجتياح البرّي لـ غزة، الذي هدّدت به إسرائيل أكثر مرة، وأنّه في حال تنفيذه، يُمكن -وفق تقرير إخباري- أن تتوسّع أعمال إيران بمشاركة "حزب الله"، على جبهتي الجنوب اللبناني والجولان السوري.

بناء على الاعتقاد السائد "المؤكّد غالباً" بأنّ إيران تسيطر على مطاري حلب ودمشق بشكل كامل، وتستخدمهما أيضاً كخطوط إمداد عسكرية وإرسال الأسلحة والذخائر إلى ميليشياتها المنتشرة في سوريا، التي تحرّكت مؤخّراً على تخوم الجولان السوري، فإنّه من المتوقّع لجوء إسرائيل إلى ضرب المطارين وإخراجهما عن الخدمة، في ظل حربها المستمرة على غزة، وذلك "تحسّباً" لأي تحرّك إيراني على جبهتي الجنوب اللبناني والجولان، وما يزيد من سهولة هذه المهمة: الغياب التام لردّ النظام.