icon
التغطية الحية

بعد الزلزال.. متطوعون يسابقون الوقت لإنقاذ آلاف الحيوانات من تحت الردم

2023.02.22 | 13:28 دمشق

فريق منظمة دار إرنيستو للقطط وهو ينقذ قطة عالقة بين الأنقاض في سوريا
فريق منظمة بيت إرنيستو للقطط وهو ينقذ قطة عالقة بين الأنقاض في سوريا
ABC.NET - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

في مقطع فيديو وصل من ولاية هاتاي التركية ظهر منقذ وهو يبتسم ابتسامة عريضة في أثناء سحبه لهرة من بين ذراعي صاحبها العالق بين الأنقاض، وهو طالب جامعي اسمه كريم جيتين.

كانت يد واحدة من يدي جيتين ظاهرة من تحت الركام حيث بقي حبيساً بعد انهيار بيته بعد زلزالين مدمرين ضربا تركيا وسوريا قبل أسبوعين.

ذكر فريق الإنقاذ بأن جيتين طلب منهم بكل أدب إنقاذ هرته ستروبيري قبله، وهكذا احتضن المنقذ الهرة مبتهجاً ونقلها إلى مكان آمن قبل أن يحرر صاحبها جيتين، في لحظة أمل نادرة وسط الدمار الذي حصد حتى الآن أرواح أكثر من 47 ألف إنسان.

في الوقت الذي تعمل فيه فرق الإنقاذ على مدار الساعة لإنقاذ الناس، أنقذ المتطوعون الذين قدموا من مراكز إيواء للحيوانات في تركيا وسوريا آلاف الحيوانات الأليفة من قطط وكلاب وطيور وأرانب وأحواض أسماك وسلاحف.

Goat rescue Syria

إصابة حيوانات مزرعة بجراح من جراء انهيار الحظيرة فوقهم

تعرضت خيول وحمير وخراف ودجاج وغيرها من المواشي والدواجن لإصابات أو علقت بين الأنقاض بعد انهيار حظائرها فوقها.

ففي مناطق المعارضة بسوريا، أنقذ الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) الحيوانات والبشر العالقين تحت الركام.

وحول ذلك يحدثنا المتطوع إسماعيل العبد الله الذي أنقذ جميع تلك الحيوانات، من قطط وأبقار، بأن كلاً منها يتطلب طريقة مختلفة للإنقاذ.

People work to rescue a white fluffy dog from under rubble.

متطوعون ومنقذون أنقذوا آلاف الحيوانات

إذ مع القطط عليك أن تجهز سلة أو وعاء لتنقلها فيه، أما في الأبقار فتحتاج إلى مساندة قوية حتى ترفع البقرة، وعن ذلك يقول إسماعيل: "يختلف الأمر هنا تمام الاختلاف".

من الأخبار التي انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي قصة قطة تبناها رجل إطفاء عقب إنقاذها في تركيا، حيث أطلق رجل الإطفاء علي جاكاس على تلك القطة اسم أنقاض، حيث تم إنقاذ تلك القطة بعد مرور 129 ساعة على الزلزال.

وفي مدن أخرى، قام عاملون لدى منظمات أهلية منها منظمة بيت إرنستو للقطط في حلب ومنظمة هايتاب وهي اتحاد لحقوق الحيوان في تركيا، بتسلق جبال الركام لإنقاذ الحيوانات العالقة بين الأنقاض، مع تأمين الرعاية البيطرية لها وإيواء من تشرد منها كغيرهم من البشر والعائلات.

يقول أحمد كمال شانبولات مدير منظمة هايتاب: "إنه عمل خطر نوعاً ما لعدم توافر فريق إنقاذ مخصص للحيوانات لدينا".

تقدر المنظمة بأنها أنقذت نحو 700 كلب وقطة، بالإضافة إلى ما لا يحصى من الحيوانات الأليفة الأخرى والمواشي والدواجن.

بيد أن زلزالاً آخر بلغت شدته 6.4 درجات ضرب المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا يوم الإثنين الماضي.

ولهذا، وبعد مرور أكثر من أسبوعين على أكبر زلزال مدمر، ما تزال تلك المنظمة تتلقى أكثر من 30 بلاغاً باليوم حول وجود حيوانات بحاجة لمساعدتها بحسب ما يقول شانبولات، الذي يضيف: "لدى الحيوانات قدرة أكبر على البقاء مقارنة بالبشر، ولهذا نأمل أن نتمكن من العثور على مزيد من الحيوانات الحية تحت الأنقاض، إذ حتى البارحة، أنقذنا كثيراً من الحيوانات التي كسرت سيقانها أو تعرضت لتمزقات منها كلاب وقطط كثيرة، بعضها بحالة جيدة، بيد أنها كانت جائعة، بل كادت أن تموت جوعاً".

حيوانات بطلة أنقذت أرواحاً بشرية

A French rescue dog searches in rubbles in the town of Osmaniye, Turkey.

كلب إنقاذ مدرب أتى إلى تركيا للمساعدة

لعبت الحيوانات دوراً في إنقاذ البشر أيضاً، حيث أرشدت فرق الإنقاذ إلى أماكن أصحابها العالقين بين الأنقاض.

فقد أرشد هر المنقذين إلى بيت تم العثور فيه على طفلين وامرأة عجوز، في حين دل مواء قطة أخرى رجال الإنقاذ على أم وولديها وطفلها الرضيع.

كما تم إرسال كلاب إنقاذ مدربة لتقوم بتحديد أماكن الجرحى من الناجين.

ولعل ستروبيري قد لعبت دورها في إنقاذ جيتين، حيث بقيت تمده بالدفء في ظل درجات حرارة هبطت إلى ما دون الصفر.

يخبرنا شانبولات بأن كثيراً من الكلاب والقطط زحفت تحت الأنقاض لتصل إلى من تحبهم من أصحابها حيث بقيت بحالة عناق معهم ومنحتهم دفء جسدها.

وهنالك مشاهد أخرى تقطع نياط القلب ظهرت فيها قطط وكلاب وهي تنبش عبثاً بين ركام بيوتها القديمة بحثاً عن أصحابها، وحول ذلك يقول شانبولات: "في بعض الأحيان كان من الصعب إبعاد الحيوانات عن أصحابها المتوفين، لأنها بقيت بجانب جثثهم، إلى أن تم انتشال الجثة، وحينئذ رفضت تلك الحيوانات أن تتخلى عن أصحابها".

A woman holds a cat next to the site of a tent as a man sleeps on the ground.

لم شمل الناجين مع حيوانات أليفة يساعد على شفاء من خسروا كل شيء

بيد أن لم شمل الناجين مع حيواناتهم الأليفة يساعدهم على الشفاء إلى حد بعيد، ولهذا يقول شانبولات: "عندما تعطي الحيوان الأليف للأسرة الناجية يقوم الحيوان بإصدار صوت، فتحتضنه الأسرة الناجية، وذلك لأن الطرفين قد خسروا كل شيء، ولم يعد لديهم بيت، بعد انهيار البيت الذي اعتادوا رؤيته كل يوم، لذا فإن البقاء على قيد الحياة بالنسبة لأي قط أو كلب أو حتى سمكة أو عصفور، ومشاهدة أصحابها لها من جديد بعد مرور يومين مثلاً، يخفف من وطأة ما تعرضوا له من مشاعر".

A woman holding a dog watches, the emergency teams as they search for survivors in the rubble of a destroyed building.

جمعت منظمة  هايتاب شمل 60% من الحيوانات الأليفة مع أصحابها

يخبرنا شانبولات بأن نحو 60% من الحيوانات الأليفة التي تم إنقاذها قد لم شملها مع أصحابها، حيث قام العاملون في تلك المنظمة بمناداة أصحابها إما عبر مكبرات الصوت أو من خلال الاتصال بهم.

وفي الحالة التي لا يتم فيها العثور على صاحب الحيوان الأليف، يتم إيواؤه، وهذا ما حدث مع نسبة كبيرة منها، بيد أن القطط والكلاب الشاردة لم تسلم هي أيضاً.

اشتهرت إسطنبول وغيرها من مدن المنطقة بقطط الشوارع الأليفة التي يقدم الجميع لها الطعام، وذلك ضمن ما وصفه شانبولات بالتاريخ الثقافي للحيوانات الاجتماعية.

Three men check a rescued cat for injuries amid flooding.

ما يزال الفيضان الذي حدث عقب الزلزال يشكل خطراً على حياة الناس والحيوانات

فالناس بالعادة يتركون الطعام والماء خارج بيوتهم ومكاتبهم من أجل تلك الحيوانات الودودة الشاردة.

ويضيف شانبولات: "إننا نعتبر ذلك ميزة، إذ عندما تأتي إلى إسطنبول من الطبيعي أن تشاهد حيواناً ضالاً في العبارة أو في الميترو، فهذا أمر لطيف، ولكن بصراحة، أعترف بأن الناس لم تعد لديهم تلك الحماسة لتبني تلك الحيوانات الشاردة".

House of Cats Ernesto team prepare an injection during emergency veterinary care to a dog.

فريق جمعية بيت إرنستو للقطط يقدم الرعاية البيطرية الأولية لكلب أصيب بسبب الزلزال في سوريا

معاناة من أجل تقديم الدعم

بوجود عدد كبير من الإصابات البشرية، أضحت منظمات مثل منظمة هايتاب تعاني حتى تحصل على تمويل، ويفسر شانبولات ذلك بقوله: "إننا لا نعيش في دولة غربية"، ويضيف بأن التركيز في تركيا منصب على إنقاذ حياة البشر لا سيما الأطفال.

Three puppies sit on a table as two men check them for injuries.

الصندوق الدولي للعناية بالحيوان يدعم دور إيواء الحيوانات المحلية وفرق إنقاذها في كل من تركيا وسوريا

يدعم الصندوق الدولي للعناية بالحيوان ما تقوم به منظمة هايتاب ومنظمة بيت إرنستو للقطط من خلال تبرعات تجمع من مختلف الدول.

إذ تخبرنا جينيفر غاردنر وهي مديرة التأقلم مع الكوارث لدى الصندوق الدولي للعناية بالحيوان بأن المنظمات التي تعنى بالحيوانات عانت وهي تقدم العلاج والمأوى لكثير من الحيوانات التي فقدت أصحابها أو تعرضت لجراح، إلى جانب مساعدة الأسر التي خسرت كل شيء على الاعتناء بحيوان أليف محبب لديهم.

Jennifer Gardner smiles at the camera from the scene of a rescue.

جينيفر غاردنر

وتضيف: "تحاول الأسر أن تتمسك بحيواناتها، وقد تحتاج إلى مزيد من المساعدة بعدما خسرت كل ما لديها".

وفي هذه الأثناء، تخبرنا غاردنر بأن الحياة البرية أبلت بشكل أفضل، فقد كان أول مؤشر على وقوع هزة ارتدادية هو تحليق الطيور بعيداً عن أسطح الأبنية، وتقول: "إن الحيوانات البرية تحس بذلك أفضل من غيرها، كما أنها تتصرف بشكل أفضل من القطط والكلاب والحيوانات المدجنة عند وقوع أي زلزال".

Dozens of cats are fed in a large court yard.

إيواء الحيوانات يمثل التحدي الثاني بعد وصول القدرة الاستيعابية لدى دور إيواء الحيوانات إلى أقصى حدودها

تخبرنا غاردنر بأن إيواء الحيوانات التي تم إنقاذها كان تحدياً بما أن دور الإيواء قد بلغت حدها، كما أن العثور على بيت جديد لإيواء الحيوانات الأليفة بعد الكارثة أمر صعب لأن وضع الناس في تلك الأوقات لا يخولهم للاعتناء بأي من تلك الحيوانات، وتضيف: "لقد حدثت الكارثة المباشرة اليوم، بيد أن عملية تعافي تلك المجتمعات ستسغرق شهوراً بل سنوات طويلة" وتقول إن الدعم على المدى الطويل مهم لبقاء تلك الحيوانات التي تم إنقاذها، وتتابع: "إن استمرار تدفق التبرعات سيساعد الحيوانات على المدى البعيد في تركيا وسوريا، فنحن لا نريد للأسر أن تتفرق لأنها لا تطيق دفع تكاليف كيس طعام للكلاب، بل نحن نريد لها أن تبقى مع بعضها".

المصدر: ABC.NET