icon
التغطية الحية

بحجة الفشل الاقتصادي.. كيف يروج النظام السوري للتخلي عن جميع سياسات الدعم؟

2024.01.30 | 07:38 دمشق

آخر تحديث: 30.01.2024 | 10:32 دمشق

بحجة الفشل الاقتصادي.. كيف يروج النظام السوري للتخلي عن جميع سياسات الدعم؟
الاقتصاد السوري
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

ذكر موقع مقرب من النظام السوري، أن هناك نقاشات في كليات الاقتصاد بالجامعات السورية، لاستطلاع آراء الخبراء بما يخص الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعيشها مناطق سيطرة النظام.

وقال موقع "أثر برس" إنه تم استطلاع آراء أعضاء الهيئة التدريسية في كليات الاقتصاد بجامعات دمشق وحلب وتشرين شملت رأي 72 مدرسا وأستاذا جامعيا وخمسة طلاب دراسات عليا.

تقييم الوضع بين سيئ إلى سيئ جداً

وفي إجابتهم على السؤال الأول المتعلق بتقييم للوضع الاقتصادي السائد في البلاد حالياً، اعتبر 41.5% من الذين استُطلعت آراؤهم في كليات الاقتصاد المذكورة أن الوضع سيئ جداً، و38.9% وصفوه بالسيئ، في حين قال 11.6% إنه مقبول، لكن اللافت في الإجابات أن هناك 2.5% وصفوا الوضع بالجيد مقابل 1.2% لم يجيبوا على هذا السؤال.

ولفت الموقع إلى أن النسب ليست مفاجئة، لا سيما أن هناك اعترافا رسميا صريحا بصعوبة الوضع الاقتصادي، إنما عندما تصف النسبة الأكبر من أساتذة كليات الاقتصاد الوضع بالسيئ جداً فهذا يعني أن البلاد مجبرة على اتخاذ قرار بالتغيير على ثلاثة مستويات رئيسية: عقلية التفكير في مقاربة صناعة القرار الاقتصادي، والسياسات المتبعة في إدارة الشأن الاقتصادي، وتلقائياً الشخصيات الفاعلة.

وتتضح أهمية هذا التغيير مع الإجابات التي خلص إليها الاستبيان من السؤال الثاني، والذي حاول تحديد نسبة مساهمة العوامل الداخلية في الوضع الاقتصادي الحالي، فكان رأي النسبة الأكبر 45.4% أن نسبة مساهمة تلك العوامل تتراوح بين 50-75%، أما النسبة الثانية والتي بلغت نحو 33.7% فهي تعتقد أن مساهمة العوامل الداخلية تتراوح بين 25-50%، وثالثاً جاءت شريحة نسبتها 11.6% وترى أن تلك المساهمة تتراوح ما بين 10-25%، لكن هناك من قال إن العوامل الداخلية أثرت بين 75-100% على الوضع الاقتصادي الحالي، وهؤلاء كانت نسبتهم نحو 5.1%، في حين أن 1.2% لم يجيبوا على هذا السؤال.

اختراع مسببات

وأشار الموقع إلى أنه في السؤال الثالث حاول الاستطلاع الوقوف على الأسباب الحقيقية لتدهور الوضع الاقتصادي خلال السنوات الماضية ونسبة مساهمة كل منها مع ترتيبها، وخلصت النتائج إلى أن السبب الأول يكمن في تدمير القاعدة الإنتاجية بفعل الحرب، ونسبة من وضع هذا السبب في المرتبة الأولى كانت نحو 41.5% من المستطلعة آراؤهم ، في حين أن 22% اعتبروا أن السبب الأول يكمن في شيوع أشكال جديدة من الفساد.

وزعمت نسبة أقل من 15.5% أن العقوبات الغربية على النظام (لوقف العنف ضد السوريين) وتداعياتها المختلفة المسؤولية الأولى، مقابل 11.6% كانت قناعتهم أن السياسات والإجراءات الاقتصادية الحكومية هي المسبب الأول لما حصل من تدهور اقتصادي، وفقط هناك 6.4% ردوا الأمر إلى تأثيرات الحروب والنزاعات الدولية.

التخلي عن الدعم عبر الالتفاف على المصطلح

هل التوجه إلى معالجة الأسباب الداخلية تلك سيكون كفيلاً بتحسن الأوضاع الاقتصادية؟

مثل هذا السؤال قد تبدو إجابته محسومة، خاصة أننا استخدمنا كلمة تحسين وليس تجاوز أو إنهاء، لكن يبقى من المهم الوقوف على نسبة المؤيدين لذلك، تخلص النتائج المستخلصة من الاستبيان إلى أن 59.1% من الذين استطلعت آراؤهم يؤيدون فرضية أن معالجة الأسباب الداخلية من شأنه تحسين الأوضاع الاقتصادية، لا بل إن 18.1% وافقوا بشدة على ذلك.

وأشارت النتائج أيضاً إلى أن 11.6% اختاروا الموقف الوسط، في حين أن نسبة من لم يوافقوا على ذلك لم تتجاوز 1.2% ومن لم يوافقوا بشدة 2.5%، إضافة إلى أن نحو 6.4% لم يجيبوا على هذا السؤال.

يلاحظ أنه رغم اختلاف ترتيب مسؤولية الأسباب المذكورة عن التدهور الاقتصادي، إلا أن الجميع متفق على أن تلك الأسباب هي التي تتحمل المسؤولية مجتمعة، وتالياً فإن البدء بمعالجة الأسباب الداخلية يجب أن يشمل كل ما سبق، وإن كان من استطلعت آراؤهم لديهم أولويات، فالخطوة الأولى يجب أن تبدأ بنظر 36.3% من توسيع دائرة مكافحة الفساد والمحاسبة.

لكن هناك من قال بأولوية اعتماد سياسات اقتصادية جديدة تهدف فعلاً إلى زيادة الإنتاج، وهؤلاء شكلت نسبتهم نحو 28.5% ، بينما أولوية 11.6% هي لضبط سعر الصرف، أما 7.7% فقد اعتبروا أن الخطوة الأولى تتمثل في ضرورة إعادة النظر في دور الدولة في جميع المجالات بما فيها الدعم، و 5.1% طالبوا بالتشدد في اختيار شاغلي المناصب الحكومية معتبرين ذلك أولوية تسهم في تحقيق ما سبق.

ومن الأولويات الأخرى في معالجة الأسباب الداخلية للوضع الاقتصادي اتخاذ قرارات جريئة حيال إصلاح القطاع العام، ونسبة مؤيدي هذا الطرح كأولوية تتقدم على ما سواها بلغت نحو 3.8%، وكذلك ضرورة العمل على وقف الإجراءات الداخلية التي تنشر الخوف والقلق في قطاع الأعمال ونسبة من اختاروا ذلك 2.5%.

ترويج تخلي الدولة عن دورها

بغض النظر عن رأي البعض بمصطلح "الدور الأبوي" ودقته العلمية - بحسب الموقع نفسه - إلا أن الحديث الطاغي اليوم يتعلق بمدى صلاحية استمرار الدولة في القيام بدور يجعلها معنية بالتدخل المباشر في جميع القطاعات والمجالات، وبالصورة نفسها التي رافقت نشأة ذلك الدور قبل ستة عقود من الزمن.

وبحسب نتائج الاستطلاع فإن 46.7% لا يزالون يعتقدون أن الدور الأبوي للدولة لا يزال صالحاً، في حين أن النسبة الأكبر، والبالغة نحو 50.6% هم على قناعة بأن هذا الدور لم يعد صالحاً.

وبرأي 58.4% من مؤيدي فرضية انتفاء صلاحية الدور الأبوي فإن الدولة مطالبة في المقام الأول، وعوضاً عن الدور التقليدي، بوضع تشريعات وقوانين تضمن حرية العمل والاستثمار، تقديم الدعم المباشر للقطاعات الإنتاجية ونسبة مؤيدي هذا الطرح 24.6% ، في حين صوت 5.1%  لخيار حصر حضور الدولة في بعض الميادين الاستراتيجية (القمح- الطاقة- النفط..) مقابل 3.8% لا يزالون متمسكين بالإبقاء على حضور الدولة الاستثماري في كل القطاعات الاقتصادية.

وتشير النتائج بحسب ما يقول الموقع إلى أن "النسبة الأكبر تؤكد استحالة استمرار الدولة في القيام بالدور نفسه (الذي كانت تقوم به بالسابق)، فعوضاً عن تدخل الدولة عبر الشكل المعتاد والمتمثل في امتلاكها لمؤسسات ولشركات لتقديم خدمة وإنتاج سلعة، ويتبين لاحقاً أنها بكلفة مرتفعة وخاسرة ومصدرا للهدر والفساد، فإن الأفضل والأوفر أن تحصر الدولة تدخلها بالتنظيم والإشراف وتوفير ظروف المنافسة والعمل العادلة واللائقة.

ويبدو أن لدى النظام السوري ووسائل إعلامه توجها لترويج التخلي عن سياسة الدعم إذ أخرج منها عشرات الفئات والقطاعات بحجة توجيه الدعم للفئات الأكثر فقراً في مناطق سيطرته.