icon
التغطية الحية

بالتواطؤ مع بلديات النظام.. دمشق تفقد 50 بالمئة من غطائها الشجري

2024.02.22 | 13:07 دمشق

آخر تحديث: 22.02.2024 | 13:07 دمشق

دمشق تخلع ثوبها الأخضر بسبب التحطيب .. صور خاصة من داخل العاصمة
قطع الأشجار في دمشق يصل إلى الحدائق العامة والمنصِّفات
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

تشهد العاصمة دمشق انتشاراً كبيراً لتجارة الحطب بقصد التدفئة، وصلت إلى درجة تحطيب أشجار الحدائق والمنصّفات، بالتواطؤ بين التجّار وبلديات النظام السوري.

وبحسب مصادر لـ موقع تلفزيون سوريا، فإنّ تجارة الحطب وبيعه تنتشر بشكل كبير في دمشق، سواء على البسطات أو ضمن محال البقالة أو حتى بائعي الخضر.

وارتفاع سعر الحطب الجيد الذي وصل إلى حدود 4.5 ملايين ليرة للطن (4500 ليرة للكيلو)، دفع البائعين والتجار إلى البحث عن بدائل أرخص، وغالباً ما تكون تلك البدائل قليلة الجودة، لكن الطلب عليها كبير.

الطلب على النوعيات الرخيصة غير معروفة الهوية، دفع باتجاه قطع أشجار وأغصان الحدائق العامة والمنصّفات بالتعاون مع عمّال البلديات والمسؤولين عن حراسة بعض الحدائق (إن وجدوا).

"كله ماشي"

أبو حمزة -صاحب محل خضر وبائع حطب في دمشق- يقول لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ "أحد عمال البلدية عرض عليه شراء الحطب، ولأنّ الطلب عليه كبير قبِل ذلك وبدأ يبيعه ضمن محلّه"، مردفاً: "عامل البلدية يؤمّن لي كميات متفاوتة من الحطب يومياً، وأنا أبيعها".

وأضاف: "لا توجد كميات ثابتة يومياً، ولا أنواع محددة، كل يوم أشتري ما يحصل عليه بغض النظر عن الجودة أو النوع (كلّه ماشي)"، مشيراً إلى أن سعر الكيلو يختلف بحسب جودة الحطب لكن بالعموم يتراوح بين 800 و1800 ليرة سوريّة فقط (سعر الأغصان الصغيرة يختلف عن السميكة وعن الجذوع).

يقلّب أحد الزبائن الحطب المعروض لدى "أبو حمزة" ويقول له: "هذه الأغصان الناعمة طرية وفيها روح، وهي صعبة الاشتعال، بكم الكيلو؟"، يرد عليه: "بـ800 ليرة إذا بدك تشتريهم كلهم".

الحطب الذي بيع في أثناء وجودنا عبارة عن أغصان كُسرت من أشجار يتضح أنها بدأت تستعيد دورة حياتها، بعد مرحلة السبات الشتوي مع مرور بضعة أيام دافئة مؤخّراً، واقتراب فصل الربيع، أي أنها حيّة.

يؤكّد أبو حمزة أن نوعية الحطب التي بدأت تأتيه من عامل البلدية تتجه حالياً نحو الأغصان الناعمة، وكأنّ "عمّال البلديات بدؤوا هذا الشهر بتقليم الأشجار وبيعها، بينما كانت سابقاً عبارة عن قطع سميكة من الخشب جذوع أو فروع شجر وليست أغصان ناعمة".

لا يهتم فيصل -رب أسرة مؤلّفة من 3 أشخاص- بمصدر الحطب الذي يحصل عليه، والمهم بالنسبة إليه هو حصول أطفاله على الدفء يومياً، قائلاً لـ موقع تلفزيون سوريا: "أشتري كيلو الأغصان بـ800 ليرة، وإن كانت طرية أرشّ بضع قطرات من المازوت عليها لتشتعل، ولا يهمني مصدرها، لأنني قطعت في بداية فصل الشتاء كثيراً من أغصان شجر الحدائق، لكنني تعرضت لكسر في الساق، لذلك أشتريها الآن".

تعويضها يحتاج إلى سنوات

مصدر في "مديرية الحدائق" التابعة للنظام السوري بمحافظة دمشق، قال إنَّ "الحدائق العامة تتعرض للسرقة حتّى قبل بدء فصل الشتاء، وقد خسرت الحدائق كثيراً من غطائها الشجري"، مضيفاً أنّ "ضبط هذه التجاوزات أمر صعب للغاية لعدم وجود حرّاس تكفي جميع الحدائق، إضافةً إلى عدم قدرة الحارس على إيقاف السارقين وخشيته من تعرضه للإيذاء".

ولم ينفِ المصدر احتمال وجود تعاون في بعض الحالات بين الحرّاس وعمّال الحدائق والبلديات بقطع الأشجار وأغصانها لبيعها، مضيفاً أنّ الحاجة المادية أسهمت بانتشار ظاهرة السرقة من الممتلكات العامة، حيث تعرضت الحدائق لسرقة أكبال الكهرباء وأسوار الحديد وصنابير المياه، وكأن هناك عصابات لديها فائض من الوقت وحيّز من الأمان خلال السرقة، لأنّ هذه السرقات بحاجة إلى وقت ولا يمكن أن تتم بسرعة".

وأضاف أنّ "أشجار كاملة قُطعت، وأشجار أخرى تعرّضت للضرر نتيجة القطع الجائر لأغصانها، وهذا يتطلب عملاً وجهداً وسنوات طويلة حتى تعود الحدائق العامة خضراء كما كانت"، معرباً عن مخاوفه من "استمرار تدهور الوضع الاقتصادي، الذي يدفع ضعاف النفوس إلى قطع الأشجار وبيعها".

دمشق تفقد 50 بالمئة من غطائها الشجري

وسبق أن أفاد مدير "مديرية الحدائق" في محافظة دمشق سومر فرفور، نهاية العام الفائت، بـ"تنظيم أكثر من 100 ضبط مخالفة لقطع أشجار مختلفة الأحجام خلال الشتاء، وضبط 4 مستودعات للأخشاب غير النظامية على طريق مناطق برزة وأوتوستراد الفيحاء".

وأضاف -بحسب ما نقلت صحيفة "الثورة" التابعة للنظام- أنّه "تم توقيف 15 شخصاً يقطعون الأشجار والأغصان من الأماكن العامة والشوارع، وإحالتهم إلى القضاء المختص"، مشيراً إلى أنّ عقوبة مَن يقطع الأشـجار الحراجية في الطرقات والأماكن العامة وحتى الخاصة تصل إلى السجن من 6 أشهر إلى سنتين، وغرامة مالية بين 500 ألف ليرة إلى مليوني ليرة".

ورغم أنّ  "فرفور" أكّد سابقاً وجود حملات يومية للعديد من المناطق في دمشق لمتابعة وضبط قاطعي الأشجار الحراجية للمتاجرة بها، فإنّ ذلك غير ملموس على أرض الواقع، حيث تبدو حدائق دمشق وكأنها خسرت أكثر من 50% من غطائها الشجري السابق (وفق المصادر)، كما أنّ معظم الأشجار المتبقّية من دون أغصان.

يشار إلى أنّ معاناة الأهالي في مناطق سيطرة النظام السوري تتجدّد مع قدوم فصل الشتاء من كل عام، بسبب أزمة المحروقات وانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 23 ساعة في اليوم، الأمر الذي يحرم الأهالي من التدفئة على الكهرباء وكذلك على الغاز، ما يدفع كثيراً منهم إلى البحث عن بدائل من أجل التدفئة، ومن أبرزها الحطب.