icon
التغطية الحية

الهجمات على القوات الأميركية في سوريا والعراق.. هل تفتح "طريق الحرير" الإيراني؟

2023.12.12 | 09:13 دمشق

عربة قطار مهجورة على جانب السكة في صحراء الأنبار، بعدما تعرض القطار لهجوم شنه داعش.
عربة قطار مهجورة على جانب السكة في صحراء الأنبار - AFP
تلفزيون سوريا ـ سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

تبدو إيران على عجلة من أمرها لتنفيذ الاتفاقيات التي أبرمتها مع النظام السوري لتحصيل ديونها المتراكة خلال 13 عاما الماضية، وترغب إيران بنقل ما ستحصل عليه من سوريا إلى طهران على متن سكة الحديد الواصلة من ميناء الخميني في خوزستان جنوب غربي إيران إلى البحر المتوسط، إلا أن تتويج السياسة الإيرانية في سوريا بخط الترانزيت ما يزال بعيدا.

وتسعى إيران عبر خط الترانزيت إلى توسيع وتأكيد نفوذها على طول طريق النقل، وتحويل محورها السياسي مع العراق وسوريا ولبنان إلى "محور جغرافي". يظهر ذلك جليا من خلال مطالبة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بتسريع التنفيذ الكامل للاتفاقيات والتفاهمات بين البلدين والتي تصب بالنهاية في "طريق الحرير الإيراني".

طريق غير مكتمل

عام 2011، أكملت إيران خط سكة حديد خرمشهر-الشلامجة بطول 17 كيلومترا، والذي يهدف إلى ربط السكك الحديدية الإيرانية بمدينة البصرة. وفي وقت لاحق، في عام 2014، تم توقيع مذكرة تفاهم بين طهران وبغداد لإنشاء خط الشلامجة-البصرة.

وبموجب الاتفاقية، تتولى إيران تصميم وبناء جسر فوق نهر أروند، فيما تعهد الجانب العراقي ببناء خط سكة حديد بطول 32 كيلومترا من حدود الشلامجة إلى محطة سكك حديد البصرة داخل الأراضي العراقية.

ومن الشلامجة على الحدود العراقية، يمر خط السكة الحديدي عبر البصرة، ويعبر مدينة البوكمال على الحدود مع سوريا وينتهي عند ميناء اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط، لكن نقص التمويل لدى الحكومة العراقية قطع الطريق المنشود، لأن الاتفاق يوضح أن بغداد سيكمل الطريق ضمن أراضيه على حسابه الشخصي.

وقالت مصادر رسمية إيرانية في عدة مناسبات، إن خط الترانزيت سيساهم في جهود إعادة الإعمار في سوريا، ويعزز قطاع النقل، ويسهل السياحة الدينية بين إيران والعراق وسوريا. وهذا ما تم بحثه والتوقيع عليه خلال زيارة رئيس حكومة النظام السوري حسين عرنوس إلى طهران الأسبوع الماضي.

وعلى غرار العراق، فإن النظام السوري غير قادر على إكمال المشروع الإيراني، فهو غارق في الديون ويعاني من أزمة اقتصادية ومالية، إضافة إلى أن خريطة السيطرة شمال شرقي سوريا ووجود القوات الأميركية وحلفائها يقطع الطريق مجددا أمام إيران، التي تسعى إلى ربط خطوط مبادرة الحزام والطريق الصينية بالعراق عبر أراضيها.

الهجمات على القوات الأميركية.. هل تفتح الطريق أمام إيران؟

تزيد إيران من ضغوطها على النظام السوري لتحصيل الديون المستحقة، وتفعيل خط ترانزيت النقل البري عبر العراق إلى سوريا، المقدّرة بخمسين مليار دولار، بحسب وثائق سُربت في وقت سابق لمحاضر من اجتماع المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

وكشفت مصادر اقتصادية في دمشق لـ صحيفة الشرق الأوسط أن إيران "تبذل مساعي حثيثة لتفعيل خط ترانزيت نقل بري عبر العراق إلى سوريا، إلى جانب خط ملاحي منظم وغير منظم بين إيران والموانئ السورية، بهدف تنشيط خط تجاري معزول لتجنب العقوبات الاقتصادية الدولية، ويطلق على هذا المشروع في إيران ممر الشرق ـ غرب".

ووفق المصادر الاقتصادية المتابعة، فإن "الاتفاقيات والمشروعات الإيرانية في سوريا لا تزال تواجه صعوبات وعراقيل كثيرة في سوريا، تتصل بالقوانين والتشريعات الناظمة للنشاط الاقتصادي في سوريا، بما يشوب تنفيذها من فساد إداري مستفحل، بالإضافة إلى العراقيل السياسية المتعلقة بالوجود الأميركي في سوريا، وعراقيل أخرى تتعلق بعدائية السوريين للوجود الإيراني على أراضيهم".

بناء على ذلك وتحت ستار "نصرة غزة"، تشن الميليشيات الإيرانية هجمات تزداد وتيرتها على القوات الأميركية في سوريا والعراق، حيث توعد مسؤول أمني من كتائب "حزب الله" العراقية بشن مزيد من الهجمات على القوات الأميركية في المنطقة ولافتا أن الهجمات التي استهدفت المصالح الأميركية الجمعة الماضية كانت مجرد بداية لقواعد جديدة للاشتباك، وفق وكالة رويترز.

وأعلنت ميليشيا "حركة المقاومة الإسلامية في العراق"، مسؤوليتها عن 11 هجوما على القوات الأميركية، الجمعة، وهو أكبر عدد من الهجمات في يوم واحد منذ أن بدأت في منتصف تشرين الأول الفائت.

وقال مسؤولون أميركيون إن المصالح الأميركية في العراق وسوريا تعرضت لأكثر من 80 هجوما منذ منتصف تشرين الأول، ومن الواضح أن وشنطن لا تنوي سحب قواتها من سوريا والعراق بسبب الإزعاج الإيراني، حيث رفض الكونغرس الأميركي سحب قوات بلاده من سوريا، واستند المشروع الذي تم تقديمه في 15 من تشرين الثاني الجاري، إلى قرار سلطات الحرب، الذي ينص على أن إدارة الرئيس جو بايدن مطالبة بإخراج الجيش الأميركي من الأعمال العدائية من دون إعلان الحرب من الكونغرس، في حين قال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل: إن "تمرير مثل هذا القرار سيكون بمنزلة هدية لإيران وشبكتها الإرهابية"، مضيفاً أن إخراج القوات الأميركية من الشرق الأوسط هو "بالضبط ما يرغبون برؤيته".

لقاء مع علي أكبر أحمديان

الخميس الماضي، التقى رئيس حكومة النظام حسين عرنوس في طهران، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أكبر أحمديان، و"يحدد مجلس الأمن القومي الإيراني سياسات الدفاع والأمن القومي للبلاد، في إطار السياسات العامة التي يحدّدها القائد، فضلاً عن تنسيق الأنشطة السياسية، والمخابراتية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية المتعلقة بالسياسات العامة للدفاع والأمن القومي للبلاد".

ووقع عرنوس، والنائب الأول للرئيس الإيراني محمد مخبر، السبت، 6 اتفاقيات متعلقة بالتعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري، وفتح سبل جديدة للتعاون بين مصارف الجانبين، وإعطاء الشركات الإيرانية الأولوية في إعادة الإعمار مع التشديد على ضرورة تسريع إجراءات تنفيذ التفاهمات وفق جداول زمنية محددة.

وتأتي اجتماعات اللجنة المشتركة بعد توقفها منذ عام 2019، حيث أشار عرنوس إلى أن اجتماعات هذه الدورة ستتضمن أمورا تترقبها القطاعات الصناعية والتجارية.

وتضمنت الاتفاقيات "تطوير اتفاقية التجارة الحرة الموقّعة بين البلدين عام 2011 وتأسيس شركتي التأمين، والاتفاق على وضع خريطة طريق للتعاون المشترك في مجال الطاقة الكهربائية، وتسهيل التعاون في المجال السياحي، والاتفاق على آليات لتطوير التعاون بين البلدين في الصناعة والزراعة والإسكان والضرائب والرسوم والصحة والتعليم وتوطين التقنيات الحديثة وتدريب الكوادر".

حسين عرنوس أكد للطرف الإيراني أنه تم إيجاد حلول ووضع قوانين تزيل أي عائق أمام تنفيذ مذكرات التفاهم الموقعة.

ماذا يملك النظام لتنفيذ المشروع الإيراني؟

في خاتم زيارته قال عرنوس في رسالة للداخل السوري الذي يكاد يعيش مجاعة، عقب سياسات النظام الذي أصبح اقتصاده الحقيقي قائما على تجارة الكبتاغون "سيشهد المواطنون في سوريا وإيران نتائج هذه الزيارة خلال وقت قريب، لأنها قامت بإنشاء بنية اقتصادية تساعد الشعب السوري على مبدأ (رابح رابح) لكلا الطرفين".

وتزامنا مع زخم الاجتماعات في طهران وحديث عرنوس عن "الربح" وتزامنا مع هجمات الميليشيات، تحدث وزير النقل في حكومة النظام زهير خزّيم عن خسائر القطاع والأضرار، خلال اجتماع مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الحديدية السـورية.

وبحسب بيان صادر عن الوزارة فقد "ناقش الاجتماع الموازنة الختامية لعام 2022 وأولويات صيانة وتأهيل العملية التشغيلية، والصعوبات والتحديات التي تواجهها بالنظر إلى الخسائر والأضرار الكبيرة وإمكانية استمرار العمل في ضوء كلف التشغيل العالية وارتفاع مستلزماتها من ناحية نقل الركاب والبضائع، ومتابعة إيجاد صيغ متابعة التعاون مع الدول الصديقة، والبحث عن موارد تدعم المؤسسة ووضع رؤى بث روح النشاط والحيوية في شريان النقل السككي واستثماره..".

وتبعا لذلك، تشير المعطيات الاقتصادية والعسكرية التي يقدمها النظام السوري، إلى أن انتظار ظهران لتحقيق حلمها بمد خط "الحرير" إلى البحر الأبيض المتوسط، سيكون طويلا، ورهنا بتطورات الأوضاع الإقليمية في المنطقة، إضافة إلى أن المشروع الأميركي لربط جنوبي آسيا بأوروبا عبر الخليج العربي والشرق الأوسط، يدفع واشنطن إلى مراقبة الخطوات الإيرانية في المنطقة باعتبارها جزءا من الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.